(الصفحة 67)مسألة 30 : لو حصل فسخ أو انفساخ في المضاربة ، فإن كان قبل الشروع في العمل ومقدّماته فلا إشكال ، ولا شيء للعامل ولا عليه . وكذا إن كان بعد تمام العمل والإنضاض; إذ مع حصول الربح يقتسمانه ، ومع عدمه يأخذ المالك رأس ماله ، ولا شيء للعامل ولا عليه . وإن كان في الأثناء بعد التشاغل بالعمل ، فإن كان قبل حصول الربح ليس للعامل شيء ، ولا اُجرة له لما مضى من عمله; سواء كان الفسخ منه أو من المالك ، أو حصل الانفساخ قهراً ، كما أنّه ليس عليه شيء حتّى فيما إذا حصل الفسخ منه في السفر المأذون فيه من المالك ، فلا يضمن ما صرفه في نفقته من رأس المال ، ولو كان في المال عروض لا يجوز للعامل التصرّف فيه بدون إذن المالك ، كما أنّه ليس للمالك إلزامه بالبيع والإنضاض .
وإن كان بعد حصول الربح ، فإن كان بعد الإنضاض فقد تمّ العمل ، فيقتسمان ويأخذ كلّ منهما حقّه ، وإن كان قبل الإنضاض فعلى ما مرّ; من تملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره شارك المالك في العين ، فإن رضيا بالقسمة على هذا الحال ، أو انتظرا إلى أن تُباع العروض ويحصل الإنضاض كان لهما ولا إشكال ، وإن طلب العامل بيعها لم يجب على المالك إجابته ، وكذا إن طلبه المالك لم يجب على العامل إجابته ، وإن قلنا بعدم استقرار مكيّته للربح إلاّ بعد الإنضاض . غاية الأمر حينئذ لو حصلت خسارة بعد ذلك قبل القسمة يجب جبرها بالربح ، لكن قد مرّ المناط في استقرار ملك العامل1.
أتلفه أجنبيّ وأدّى عوضه تكون المضاربة باقية ، وكذا إذا أتلفه العامل(1) ، انتهى .
1 ـ إذا حصل فسخ المضاربة من المالك أو العامل لأجل كونها من العقود
- (1) العروة الوثقى: 2/553 مسألة 3427 .
(الصفحة 68)
الجائزة كما عرفت ، أو حصل انفساخها قهراً بتلف رأس المال كلاًّ مثلاً أو بموت أحد المتعاقدين ، ففي المسألة صور تالية :
الاُولى : أن يكون ذلك قبل الشروع في العمل ومقدّماته ، ولا ينبغي الإشكال في هذه الصورة في أنّه لا شيء للعامل ولا عليه بوجه ، ووجهه واضح .
الثانية : ما إذا كان بعد تمام العمل والإنضاض; بمعنى جعل الجنس نقداً ، فإنّه لا ينبغي الإشكال أيضاً في أنّه مع حصول الربح يقتسمانه ويأخذ المالك رأس ماله ، ولا شيء للعامل بعد حصّته من الربح ولا عليه .
الثالثة : ما إذا كان في الأثناء بعد التشاغل بالعمل وقبل حصول الربح بوجه ، فإنّه ليس للعامل شيء ولا اُجرة له لما مضى من عمله مطلقاً لا من الربح ; لأنّ المفروض عدم حصوله ، ولا من شيء آخر; لكونه خارجاً عن المعاقدة، من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو من المالك ، أو حصل الانفساخ قهراً ، وليس على العامل شيء حتّى فيما إذا حصل الفسخ في السفر المأذون فيه من المالك ، فلا يضمن ما صرفه في نفقة السفر من رأس المال من النفقات التي كان يجوز لها صرفه في السفر على ما عرفت(1).
الرابعة : الصورة المفروضة المتقدِّمة مع ثبوت العروض في المال ، فإنّه لا يجوز للعامل التصرّف فيه بدون إذن المالك ، كما أنّه ليس للمالك إلزامه بالبيع والإنضاض. أمّا عدم جواز التصرّف بدون إذن المالك ، فلأنّ المفروض فسخ المضاربة أو انفساخها ، فيحتاج التصرّف بإذن المالك ، خصوصاً مع دلالة الرواية
(الصفحة 69)
الصحيحة المتقدِّمة على وقوع الشراء في ذمّة المالك كما تقدّم(1) ، كما أنّه ليس للمالك الإلزام بالبيع والإنضاض ; لأنّه متفرّع على بقاء المضاربة والمفروض ارتفاعها بالفسخ أو الانفساخ .
نعم ، في المسألة قولان آخران ، أحدهما : وجوب الإجابة مطلقاً ، وثانيهما : التفصيل بين كون مقدار رأس المال نقداً فلا يجب ، وبين عدمه فيجب ; لأنّ اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان ، عملاً بقوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .»(2) ، ولكن الحقّ ما ذكرناه من أنّه مع انتفاء المضاربة وارتفاعها لا مجال للوجوب عليه ، كما لايخفى ، فيبقى إلزام الحاكم إيّاه بالبيع والإنضاض ورفع رأس المال إلى المالك لو طلب رأس المال .
الخامسة : ما إذا كان بعد حصول الربح والإنضاض ، فعند ذلك قد تمّ العمل فيقتسمان الربح ويأخذ كلّ منهما حصّته .
السادسة : الصورة المفروضة قبل تحقّق الإنضاض ، فعلى ما مرّ من تملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره شارك المالك في العين ، فإن رضيا بالقسمة على هذا الحال أو انتظرا إلى أن تباع العروض ويحصل الإنضاض كان لهما ولا إشكال ، وإن طلب العامل بيعها لم يجب على المالك إجابته ، وكذا إن طلبه المالك لم يجب على العامل إجابته ، فاللازم كما قلنا الرجوع إلى الحاكم وإلزامه العامل بالبيع ، ضرورة إمكان البقاء كذلك سنوات عديدة موجبة لتعيّب العروض أو
- (1) في ص 61 .
- (2) المسند لابن حنبل: 7/248 ح 20107 ، سنن ابن ماجة: 3/147 ح 2400 ، سنن الترمذي: 3/566 ح 1269 ، السنن الكبرى للبيهقي: 8/495 ح 11713 ، عوالي اللئالي: 2/345 ح 10 ، مستدرك الوسائل: 17/88 ، كتاب الغصب ب 1 ح 4. و يراجع القواعد الفقهيّة للمؤلّف دام ظلّه: 1/83 ـ 165 .
(الصفحة 70)مسألة 31 : لو كان في المال ديون على الناس ، فهل يجب على العامل أخذها وجمعها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟ الأشبه عدمه ، خصوصاً إذا استند الفسخ إلى غير العامل ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ، خصوصاً مع فسخه وطلب المالك منه1.
نقصان القيمة ، كما لايخفى .
هذا ، وأمّا لو لم نقل بتملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره ، بل باستقرار الملكيّة بعد الانضاض . غاية الأمر أنّه حينئذ لو حصلت خسارة بعد ذلك قبل القسمة يجب جبرها بالربح ، فاللازم الالتزام بعدم الاستقرار في المقام ; لأنّ المفروض ارتفاع المضاربة قبل تحقّق الإنضاض ، وقد مرّ(1) مفصّلاً الملاك في استقرار ملك العامل ، فراجع .
1 ـ المشهور هو الوجوب ، وتبعهم بعض الأعلام (قدس سره)(2); لابتناء عقد المضاربة من الأوّل على تسليم العامل لما أخذه من المالك ، فإنّه أمرٌ مفروغ عنه في عقدها ، ومن هنا فيكون من الشرط في ضمن العقد ، فيجب عليه الوفاء به ، وليس له إرجاع المالك على المدينين .
وبالجملة: فتسليم العامل المال إلى المالك أمرٌ مفروغ عنه في عقد المضاربة ، فيجب عليه الوفاء به وردّ ما أخذه منه ، ومع ثبوت الربح يكون مشتركاً بينهما ، ونزيد عليه أنّه ربما لا يعرف المالك المدينين أو لا يقدر على الأخذ منهم بخلاف العامل ، وفي زماننا هذا يكون الصك الصادر من المديون باسم العامل نوعاً ،
- (1) في ص 64 ـ 65 .
- (2) المباني في شرح العروة الوثقى ، كتاب المضاربة: 113 .
(الصفحة 71)مسألة 32 : لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه حتّى لو أرسل المال إلى بلد آخر غير بلد المالك وكان ذلك بإذنه ، ولو كان بدون إذنه يجب عليه الردّ إليه حتّى أنّه لو احتاج إلى اُجرة كانت عليه1.
مسألة 33 : لو كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك إن لم يكن فلا مجال لرجوع المالك إليه والأخذ منه وإن عرّفه العامل ، كما لايخفى .
1 ـ لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه . نعم ، ذكر السيّد في العروة أنّه لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك ـ ولو كان بإذنه ـ يمكن دعوى وجوب الردّ إلى بلده ، ثمّ قال : ولكنّه مع ذلك مشكل ، وقوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .» لا يدلّ على أزيد من التخلية ، وإذا احتاج الردّ إليه إلى الاُجرة فالاُجرة على المالك ، كما في سائر الأموال .
نعم ، لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر وحصل الفسخ فيه يكون حاله حال الغاصب في وجوب الردّ والاُجرة ، وإن كان ذلك للجهل بالحكم الشرعي من عدم جواز السفر بدون إذنه(1) .
أقول : لعدم الفرق في وجوب الردّ والاُجرة في الفرض المزبور بين صورتي الجهل والعلم ، كما في مورد الغصب ، وقد انقدح ممّا ذكرنا صحّة التفصيل المذكور في المتن ، فتدبّر جيّداً .
- (1) العروة الوثقى: 2/563 مسألة 3443 .