(الصفحة 423)مسألة 11 : يصحّ التوكيل في القبض والإقباض في موارد لزومهما ، كما في الرهن والقرض والصرف بالنسبة إلى العوضين ، والسلم بالنسبة إلى الثمن ، وفي إيفاء الديون واستيفائها وغيرها1.
مسألة 12 : يجوز التوكيل في الطلاق غائباً كان الزوج أم حاضراً ، بل يجوز توكيل الزوجة في أن تطلّق نفسها بنفسها ، أو بأن توكّل الغير عن الزوج أو عن نفسها2.
1 ـ يصحّ التوكيل في القبض في موارد لزومهما فضلاً عن موارد عدم اللزوم ، والأوّل كالأمثلة المذكورة في المتن ، وكذا يصحّ التوكيل في أداء الدَّين واستيفائه; لما عرفت من عدم وجود ما يدلّ على المنع ، فتدبّر .
2 ـ قد مرّ جواز التوكيل في الطلاق ، والمقصود هنا عدم الفرق بين كون الزوج غائباً ، أو حاضراً متمكِّناً من أن يطلّق نفسه ، كما أنّه يجوز توكيل الزوجة في أن تطلّق نفسها بنفسها ، أو بأن توكّل الغير عن الزوج أو عن نفسها ، وينبغي أن يعلم أنّ أحد المواد المندرجة في سند الزواج الرسمي الحكومي من جواز أن تطلّق الزوجة نفسها ، فإنّما هو على تقدير بعض الاُمور ، أو حصول بعض الموانع الاحتمالية; كترك النفقة ، أو صيرورته محبوساً ، أو معتاداً بالأفيون ونحوه ، وهو ينافي اعتبار التنجيز في الوكالة ، ولو كان اعتباره على سبيل الاحتياط الوجوبي كما مرّ (1) ، إلاّ أن يقال: إنّه على سبيل الواجب المعلّق ، فتدبّر .
(الصفحة 424)مسألة 13 : تجوز الوكالة في حيازة المباح ، كالاستقاء والاحتطاب وغيرهما ، فإذا وكّل شخصاً فيها وقد حاز بعنوان الوكالة عنه صار ملكاً له1.
مسألة 14 : يشترط في الموكّل فيه التعيين; بأن لا يكون مجهولاً أو مبهماً ، فلو قال : «وكَّلتك على أمر من الاُمور» لم يصحّ . نعم ، لا بأس بالتعميم والإطلاق كما يأتي2.
1 ـ تجوز الوكالة في حيازة المباح; كالاستقاء والاحتطاب ونحوهما ، وقد عرفت(1) أنّه لو استؤجر بقيد المباشرة فوكّل وكيلاً في ذلك لا يمنع قيد المباشرة عن تحقّق الحيازة المذكورة ; لعدم استلزام القيد المذكور لزوال الإباحة العامّة ، بخلاف مثل خياطة الثوب ، وقد فرّع على عنوان أصل المسألة بأنّه لو حاز الوكيل بعنوان الوكالة عنه صار ملكاً للموكّل .
2 ـ يشترط في الموكّل فيه التعيين; بأن لا يكون مجهولاً أو مبهماً ، فلو قال : «وكّلتك على أمر من الاُمور» لم يصحّ بلا إشكال ، وأمّا لو قال : «وكّلتك في تزويج إحدى هاتين المرأتين» فلا دليل على بطلانه ، وقد ورد في قصّة شعيب خطاباً لموسى
{إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَانِىَ حِجَج فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ}(2) . نعم ، لا بأس بالتعميم والإطلاق كما مرّ(3)ويأتي إن شاء الله تعالى .
- (1) في ص420 .
- (2) سورة القصص : 28 / 27 .
- (3) في ص419 ـ 420 .
(الصفحة 425)مسألة 15 : الوكالة إمّا خاصّة ، وإمّا عامّة ، وإمّا مطلقة .
فالأولى: ما تعلّقت بتصرّف معيّن في شيء معيّن ، كما إذا وكّله في شراء بيت معيّن . وهذا ممّا لا إشكال في صحّته .
والثانية: إمّا عامّة من جهة التصرّف وخاصّة من جهة المتعلّق ، كما إذا وكّله في جميع التصرّفات الممكنة في داره المعيّنة . وإمّا بالعكس ، كما إذا وكّله في بيع جميع ما يملكه . وإمّا عامّة من الجهتين ، كما إذا وكّله في جميع التصرّفات الممكنة في جميع ما يملكه ، أو في إيقاع جميع ما كان له فيما يتعلّق به بجميع أنواعه; بحيث يشمل التزويج له وطلاق زوجته .
وكذا الثالثة: قد تكون مطلقة من جهة التصرّف خاصّة من جهة متعلّقه ، كما لو قال : «أنت وكيلي في أمر داري» وكذا لو قال : «أنت وكيلي في بيع داري» مقابل المقيّد بثمن معيّن أو شخص معيّن . وقد يكون بالعكس ، كما لو قال : «أنت وكيلي في بيع أحد أملاكي» أو «في بيع ملكي » . وقد تكون مطلقة من الجهتين ، كما لو قال : «أنت وكيلي في التصرّف في مالي » . وربما يكون التوكيل بنحو التخيير بين اُمور: إمّا في التصرّف دون المتعلّق ، كما لو قال : «أنت وكيلي في بيع داري ، أو صلحها أو هبتها أو إجارتها » ، وإمّا في المتعلّق فقط ، كما لو قال : «أنت وكيلي في بيع هذه الدار ، أو هذه الدابّة ، أو هذه الفرش» مثلاً ، والظاهر صحّة الجميع1.
1 ـ هذه المسألة متعرّضة لبيان صور الوكالة الممكنة الصحيحة; وهي عبارة عن :
الاُولى : ما إذا تعلّقت بتصرّف خاصّ في شيء خاصّ ، كما إذا وكّله في شراء بيت معيّن له ، وهذا هو الفرد البارز والمصداق الظاهر من الوكالة .
(الصفحة 426)مسألة 16 : لابدّ أن يقتصر الوكيل في التصرّف في الموكّل فيه على ما شمله عقد الوكالة صريحاً أو ظاهراً ولو بمعونة قرائن حاليّة أو مقاليّة ، ولو كانت هي العادة الجارية على أنّ التوكيل في أمر لازمه التوكيل في أمر آخر; كما لو سلّم إليه المبيع ووكّله في بيعه ، أو سلّم إليه الثمن ووكّله في الشراء . وبالجملة: لابدّ في صحّة التصرّف من شمول الوكالة له1.
الثانية : ما إذا كانت بنحو العموم ، إمّا من جهة التصرّف دون المتعلّق ، أو بالعكس ، أو من كلتا الجهتين ، كالأمثلة المذكورة في المتن .
الثالثة : ما إذا كانت بنحو الإطلاق ، تارةً من جهة التصرّف دون المتعلّق ، واُخرى بالعكس ، وثالثة من كلتا الجهتين كالأمثلة المذكورة في المتن ، ولا إشكال في صحّة هاتين الصورتين أيضاً .
الرابعة : ما إذا كان التوكيل بنحو التخيير بين اُمور ; إمّا في التصرّف دون المتعلّق ، وإمّا في المتعلّق فقط ، وفي المتن إشعار بعدم جواز التخيير من كلتا الجهتين: التصرّف والمتعلّق ، والظاهر أنّه لا مانع من صحّته أيضاً ; لأنّه لا مانع من أن يوكّله بنحو التخيير في التصرّف في إحدى هاتين الدارين بأيّ نحو من التصرّف ، أو التصرّف في الدار الاُخرى كذلك ، والفرق بينه وبين صورة العموم أو الإطلاق واضح ، ولأجله لا يرجع هذا الفرض إلى الصور الاُخرى ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لا شبهة في لزوم اقتصار الوكيل في التصرّف في الموكّل فيه على ما يشمله عقد الوكالة ، إمّا بالصراحة أو بالظهور ، ولو كان منشؤه القرائن; لأنّ أصالة الظهور المعتمد عليها عند العقلاء أعمّ من أصالة الحقيقة كما قرّر في محلّه ، وهذه القرائن أعمّ من أن تكون مقالية أو حاليّة ، ولو كانت هي العادة الجارية على أنّ
(الصفحة 427)مسألة 17 : لو خالف الوكيل وأتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة ، فإن كان ممّا يجري فيه الفضولية كالعقود توقّفت صحّته على إجازة الموكّل ، ولا فرق في التخالف بين أن يكون بالمباينة ، كما إذا وكّله في بيع داره فآجرها ، أو ببعض الخصوصيّات ، كما إذا وكّله في بيعها نقداً فباع نسيئة ، أو بخيار فباع بدونه . نعم ، لو علم شموله لفاقد الخصوصيّة أيضاً صحّ في الظاهر ، كما إذا وكّله في أن يبيع السلعة بدينار فباع بدينارين ، فإنّ الظاهر بل المعلوم من حال الموكّل أنّ تحديده من طرف النقيصة لا الزيادة . ومن هذا القبيل ما إذا وكّله في البيع في سوق معيّن بثمن معيّن ، فباعها في غيره بذلك الثمن ، فإنّ الظاهر أنّ مراده تحصيل الثمن . هذا بحسب الظاهر .
وأمّا الصحّة الواقعيّة فتابعة للواقع ، ولو فرض احتمال وجود غرض عقلائي في التحديد لم يجز التعدّي ، ومعه فضوليّ في الظاهر ، والواقع تابع للواقع1.
التوكيل في أمر لازمه التوكيل في أمر آخر ، كالمثالين المذكورين في المتن ، فإنّ الوكالة في البيع في الصورة المفروضة مستلزمة للوكالة في تسليم المبيع ، وكذا العكس ، والدليل على هذا الأمر واضح .
1 ـ لو خالف الوكيل وأتى بالعمل على نحو لم يشمله عقد الوكالة بالنحو المذكور في المسألة السابقة ، فإن كان ممّا يجري فيه الفضولية كالعقود ، توقّفت صحّته على إجازة الموكّل كما في سائر الموارد ، من دون فرق في التخالف بين أن يكون بالمباينة; كما إذا وكّله في البيع فتحقّق الإيجار من الوكيل ، وبين أن يكون ببعض الخصوصيّات التي يتعلّق بها غرض العقلاء نوعاً ، كما إذا وكّله في بيع داره نقداً فباع نسيئة ، أو في المبيع مع الخيار فباع بدونه .