(الصفحة 315)مسألة 7 : لو كان للسفيه حقّ القصاص جاز أن يعفو عنه ، بخلاف الدية وأرش الجناية1.
مسألة 8 : لو اطّلع الولي على بيع أو شراء مثلاً من السفيه ولم يرَ المصلحة في إجازته ، فإن لم يقع إلاّ مجرّد العقد ألغاه . وإن وقع تسليم وتسلّم للعوضين ، فما سلّمه إلى الطرف الآخر يستردّه ويحفظه ، وما تسلّمه وكان موجوداً يردّه إلى مالكه ، وإن كان تالفاً ضمنه السفيه ، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير إذن من مالكه ، وإن كان بإذن منه لم يضمنه إلاّ في صورة الإتلاف منه ، فإنّه لا يبعد فيها الضمان . كما أنّ الأقوى الضمان لو كان المالك الذي سلّمه الثمن أو المبيع جاهلاً بحاله أو بحكم الواقعة ، خصوصاً إذا كان التلف بإتلاف منه . وكذا الحال لو
لأنّ الكفّارة تخفيف للعذاب الاُخروي ولا يكون تصرّفاً ماليّاً ، كما لو لم يتمكّن من الصوم في كفّارة الإفطار في شهر رمضان ، فإنّ الالتزام بعدم الكفّارة المالية يوجب التجرّي على الإفطار الموجب للعذاب ، فالإنصاف عدم كون الكفّارة من مصاديق التصرّف المالي ، كوجوب الخمس والزكاة عليه مع تحقّق موجبهما عنده ، فإذا اتّجر بإذن الولي وفضل من مؤونة السنة شيء يجب عليه خمس الأرباح ، وهكذا بالنسبة إلى الزكاة كما لايخفى .
1 ـ أمّا العفو عن حقّ القصاص فلعدم كونه تصرّفاً ماليّاً محتاجاً إلى موافقة الوليّ ، وهذا بخلاف العفو عن الدية وأرش الجناية ، فهو تصرّف مالي وعفو عن المال ، وهو محجور عليه بالإضافة إليه كما مرّ(1) .
(الصفحة 316)اقترض السفيه وأتلف المال1.
مسألة 9 : لو أودع شخص وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى; سواء علم المودع بحاله أو لا ، ولو تلفت عنده لم يضمنها إلاّ مع تفريطه في
1 ـ لو تحقّق البيع أو الشراء من السفيه واطّلع الولي عليه ولم يكن موافقاً لمصلحة السفيه ولأجله لم يجزه ، فإن لم يقع إلاّ مجرّد العقد ففي المتن أنّه ألغاه ، ومراده منه إعلام اللغوية ، وإلاّ فهو ملغى بنفسه في هذه الصورة ، وإن وقع بعد العقد التسليم من الطرفين فسلّم السفيه المبيع مثلاً إلى المشتري وتسلّم الثمن منه فالسفيه يستردّ المبيع ويحفظه; لعدم وقوع تسليمه على النحو المجاز ، وما تسلّمه من الثمن إن كان موجوداً عنده يردّه إلى المشتري المالك إيّاه كما هو المفروض . وإن كان تالفاً ، فإن قبضه بغير إذن من مالكه فمقتضى قاعدة الإتلاف ضمان السفيه له مثلاً أو قيمةً ، والضمان في هذه الصورة كالكفّارة في المسألة السابقة ، ولا يكون السفيه بمستثنى وإن كان الإتلاف اختيارياً .
وإن كان قبضه بإذن من مالكه ، فقد نفى البُعد عن الضمان فيه إذا كان التلف مستنداً إلى الإتلاف ، كما أنّه قد قوّى فيه الضمان لو كان المالك جاهلاً بحاله من حيث السفاهة ، أو جاهلاً بحكم الواقعة من عدم تحقّق المعاملة الصحيحة غير المتوقّفة على إذن الولي أو إجازته ، خصوصاً إذا كان التلف مستنداً إلى إتلافه; لما عرفت من عدم كونه مستثنى من تلك القاعدة بوجه ، ضرورة أنّ لازم الاستثناء التجرّي على إتلاف مال الغير لعدم ترتّب الضمان عليه . وفي المتن : «وكذا الحال لو اقترض السفيه وأتلف المال» ، فإنّ الأقوى فيه الضمان لو كان المقرض جاهلاً بحاله ، أو بحكم الواقعة من عدم صحّة اقتراضه بنفسه بوجه ، فتدبّر .
(الصفحة 317)حفظها على الأشبه1.
مسألة 10 : لا يسلّم إلى السفيه ماله ما لم يحرز رشده ، وإذا اشتبه حاله يختبر; بأن يفوّض إليه مدّة معتدّاً بها بعض الاُمور ممّا يناسب شأنه; كالبيع والشراء والإجارة والاستئجار لمن يناسبه مثل هذه الاُمور ، والرتق والفتق في بعض الاُمور; مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه ومصالح الوليّ ونحو ذلك فيمن يناسبه ذلك . وفي السفيهة يفوّض إليها ما يناسب النساء; من إدارة بعض مصالح البيت ، والمعاملة مع النساء; من الإجارة والاستئجار للخياطة أو الغزل أو النساجة وأمثال ذلك ، فإن آنس منه الرشد; بأن رأى منه المداقّة والمكايسة ، والتحفّظ عن المغابنة في معاملاته ، وصيانة المال من التضييع وصرفه في موضعه وجريه مجرى العقلاء ، دفع إليه ماله ، وإلاّ فلا2.
1 ـ لو أتلف السفيه ما أُودع عنده يكون ضامناً له على الأقوى; سواء علم المودع بحاله أو لا; لما عرفت من عدم استثنائه عن قاعدة ضمان الإتلاف ، وإلاّ يلزم تجرّيه على إتلاف أموال الناس; للعلم بعدم ترتّب الضمان عليه ، ولا يكفي في ذلك مجرّد ثبوت الحكم التكليفي ، وسواء كان الإتلاف عن عمد واختيار أو عن جهل واشتباه ، كسائر الموارد التي لا فرق فيها بين هذه الصور . وأمّا إذا تلفت عنده من غير تعدٍّ وتفريط فحكمه حكم سائر الاُمناء في ذلك; لعدم اقتضاء السفاهة عقوبة زائدة من هذه الجهة . نعم ، في صورة التفريط في الحفظ يجري حكم الإتلاف لما مرّ .
2 ـ إذا كان حال الشخص معلوماً من حيث السفاهة فلا يدفع إليه ماله قبل إيناس الرشد بعد البلوغ ، وإذا كان حاله مشتبهاً وتردّد أمره بين السفاهة وعدمها فاللازم الاختبار; بأن يفوّض إليه مدّة معتدّاً بها بعض الاُمور المناسبة لشأنه ،
(الصفحة 318)مسألة 11 : لو احتمل حصول الرشد للصبي قبل بلوغه يجب اختباره قبله ليسلّم إليه ماله بمجرّد بلوغه لو آنس منه الرشد ، وإلاّ ففي كلّ زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده . وأمّا غيره فإن ادّعى حصول الرشد له واحتمله الوليّ يجب اختباره ، وإن لم يدّع حصوله ففي وجوب الاختبار بمجرّد الاحتمال إشكال ، لا يخلو عدمه من قوّة1.
كالمعاملات اللائقة بحاله ، ويحوّل إليه مباشرة الإنفاق في مصالحه ومصالح الولي فيمن يناسبه ذلك ، فإن آنس منه الرشد; بأن رأى منه المداقّة والمكايسة ، والتحفّظ عن المغابنة في المعاملة ، وملاحظة عدم تحقّق الإسراف في الإنفاق ، وعلى الجملة جريه مجرى العقلاء وسيره في مسيرهم في هذه الاُمور ، دفع إليه ماله وإلاّ فلا .
وهكذا في السفيهة بالإضافة إلى ما يرتبط بالنساء العاقلات من إدارة بعض مصالح البيت ، والمعاملة مع النساء من الإجارة والاستئجار للخياطة أو الغزل والنساجة ، ومعاملة الحليّ المعمولة عندهم ، فإن آنس منها الرشد في ذلك بعدم خروجها عن مجرى العقلاء دفع إليها مالها لتفعل فيه ما تشاء ، وإلاّ فلا .
1 ـ لو احتمل حصول الرشد للصبي قبل بلوغه يجب عليه اختباره قبله ، فإن آنس منه الرشد دفع إليه ماله بمجرّد البلوغ; لئلاّ يلزم الفصل بين دفع المال وبين البلوغ مع إيناس الرشد ، وظاهر الآية الشريفة(1) الملازمة بين الأمرين ، وإن لم يحتمل الرشد قبل البلوغ ففي كلّ زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده يجب عليه الاختبار ليدفع المال إليه في صورة إيناس الرشد ، هذا بالإضافة إلى الصبيّ .
وأمّا بالإضافة إلى السفيه ، فإن ادّعى حصول الرشد له واحتمل الوليّ صدقه
(الصفحة 319)
القول في الفلس
المفلّس من حجر عليه عن ماله لقصوره عن ديونه .
مسألة 1 : من كثرت عليه الديون ولو كانت أضعاف أمواله يجوز له التصرّف فيها بأنواعه ، ونفذ أمره فيها بأصنافه ولو بإخراجها جميعاً عن ملكه مجّاناً أو بعوض ما لم يحجر عليه الحاكم الشرعي . نعم ، لو كان صلحه عنها أو هبتها مثلاً لأجل الفرار من أداء الديون يشكل الصحّة ، خصوصاً فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب ونحوه1.
يجب عليه اختباره; لاحتمال زوال وصف السفاهة كما يدّعيه ، وأمّا إذا لم يدّع بنفسه حصول صفة الرشد ، ولكن الولي في نفسه يحتمل الزوال ، ففي المتن : «ففي وجوب الاختبار بمجرّد الاحتمال إشكال لا يخلو عدمه من قوّة» ، ولعلّ الوجه فيه جريان استصحاب السفاهة وعدم زوالها بعروض الرشد ، ومجرّد الاحتمال مع جريان استصحاب العدم لا يكفي في لزوم الاختبار . نعم ، لا مانع منه ولكن البحث في لزومه وعدمه ، كما هو واضح .
1 ـ قد عرفت في أوّل كتاب الحجر أنّ المحقّق في الشرائع جعل كتاب المفلّس كتاباً مستقلاًّ في عرض كتاب الحجر ، مع أنّ الفلس أحد الأسباب الموجبة للحكم بحجره ، وعرّف المفلس بالفقير الذي ذهب خيار ماله وبقي فلوسه .
قال في الجواهر : ولعلّ العرف الآن على كون المفلس بالكسر أعمّ من الذاهب خيار ماله ، بل هو شامل لمن لم يكن له مال من أوّل أمره إلاّ الفلوس ـ إلى أن قال : ـ والأصل أنّ المفلس في عرف اللغة هو الذي لا مال له ، ولا ما يدفع به حاجته ، ولهذا لمّـا قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : أتدرون ما المفلس؟ قالوا : يارسول الله (صلى الله عليه وآله) المفلس فينا من