(الصفحة 417)مسألة 5 : لو جوّزنا للصبي بعض التصرّفات في ماله ـ كالوصية بالمعروف لمن بلغ عشر سنين ـ جاز له التوكيل فيما جاز له1.
مسألة 6 : ما كان شرطاً في الموكّل والوكيل ابتداءً شرط فيهما استدامة ، فلو جنّا أو اُغمي عليهما أو حجر على الموكّل فيما وكّل فيه بطلت الوكالة على الأحوط ، ولو زال المانع احتاج عودها إلى توكيل جديد2.
1 ـ لو جوّز للصبي بعض التصرّفات في أموال نفسه ، كالوصية بالمعروف لمن بلغ عشر سنين كما في بعض النصوص(1) والفتاوى(2) ، ففي المتن : جاز له التوكيل فيما جاز له ، ويمكن المناقشة بأنّ جواز التصرّف المذكور إنّما هو لقيام الدليل عليه فرضاً ، وهو لا يلازم جواز التوكيل مع اعتبار البلوغ في الموكّل ، ومع ما يترتّب على مثل التوكيل المذكور من المفسدة أحياناً ، فاللازم إذن الولي ، ومع ملاحظة إذنه يجوز التوكيل المزبور، ولوكان أصل التصرّف غيرجائز للصغيرمباشرة، فتدبّر.
2 ـ الشروط المعتبرة في الموكّل والوكيل ابتداءً معتبرة فيهما استدامة بعد كون عقد الوكالة جائزاً ، ولازمه عدم انقطاع الارتباط بمجرّد العقد; لجواز الفسخ لكلّ منهما ، فلو جنّا أو اُغمي عليهما أو حجر على الموكّل فيما وكّل فيه ، ففي المتن : بطلت الوكالة على الأحوط ، والوجه فيه أنّ ما ذكرنا إن لم يقتض الفتوى بالبطلان فلا أقلّ من الاحتياط الوجوبي ، ومنه يظهر أنّه لو زال المانع يحتاج عود الوكالة إلى توكيل جديد مع حفظ الشروط المعتبرة .
- (1 ، 2) يلاحظ كتاب الوصيّة من تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة : 144 ـ 149 .
(الصفحة 418)مسألة 7 : يشترط فيما وكّل فيه أن يكون سائغاً في نفسه ، وأن يكون للموكّل سلطنة شرعاً على إيقاعه ، فلا توكيل في المعاصي كالغصب والسرقة والقمار ونحوها ، ولا على بيع مال الغير من دون ولاية عليه . ولا تعتبر القدرة عليه خارجاً مع كونه ممّا يصحّ وقوعه منه شرعاً ، فيجوز لمن لم يقدر على أخذ ماله من غاصب أن يوكّل فيه من يقدر عليه1.
مسألة 8 : لو لم يتمكّن شرعاً أو عقلاً من إيقاع أمر إلاّ بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل ـ كتطليق امرأة لم تكن في حبالته ، وتزويج من كانت مزوّجة أو معتدّة ونحو ذلك ـ فلا إشكال في جواز التوكيل فيه تبعاً لما تمكّن منه; بأن يوكّله في إيقاع المرتّب عليه ثمّ إيقاع ما رتّب عليه; بأن يوكّله مثلاً في تزويج امرأة له ثمّ طلاقها ، أو شراء مال ثمّ بيعه ونحو ذلك . كما أنّ الظاهر جوازه لو وقعت الوكالة على كلّي يكون هو من مصاديقه; كما لو وكّله على جميع اُموره فيكون وكيلاً في المتجدّد في ملكه بهبة أو إرث بيعاً ورهناً وغيرهما .
1 ـ يشترط فيما وكّل فيه أن يكون سائغاً شرعاً في نفسه ، فلا يصحّ التوكيل في المعاصي كالغصب وأمثاله ; لأنّ عقد الوكالة وإن كان جائزاً ، إلاّ أنّه لازم الوفاء ما لم يتحقّق الفسخ ، ولا معنى للزوم الوفاء بالمعاصي . كما أنّه يشترط في الموكّل أن يكون له سلطنة شرعاً وإن لم يقدر عليه خارجاً لبعض الجهات ، فيجوز صدور الوكالة من مالك العين المغصوبة لأخذها أو بيعها ـ وإن لم يكن قادراً بنفسه على ذلك ـ لو فرض قدرة الوكيل وتمكّنه من ذلك على خلاف المالك ، والوجه فيه واضح .
(الصفحة 419)وأمّا التوكيل استقلالاً في خصوصه من دون التوكيل في المرتّب عليه ففيه إشكال ، بل الظاهر عدم الصحّة ، من غير فرق بين ما كان المرتّب عليه غير قابل للتوكيل ـ كانقضاء العدّة ـ أو قابلاً ، فلا يجوز أن يوكّل في تزويج المعتدّة بعد انقضاء عدّتها ، والمزوّجة بعد طلاقها ، وكذا في طلاق زوجة سينكحها ، أو بيع متاع سيشتريه ، ونحو ذلك1.
1 ـ لو لم يتمكّن شرعاً أو عقلاً من إيقاع أمر إلاّ بعد حصول أمر غير حاصل حين التوكيل ، فقد فصّل في المسألة بين التوكيل فيه تبعاً لما تمكّن منه; بأن يوكّله في إيقاع الأمر المرتّب عليه ثمّ إيقاع ما رتّب عليه; بأن يوكّله مثلاً في تزويج امرأة له ثمّ تطليقها ، أو شراء مال لغيره ثمّ بيعه له ، ونحو ذلك من الموارد ، فنفى الإشكال في جواز التوكيل فيه كذلك ، وبين ما إذا كان التوكيل استقلالاً في خصوص الأمر المرتّب دون ما رتّب عليه ، فقد استشكل فيه في الصحّة ، بل استظهر عدمها ، من غير فرق بين ما كان الأمر المرتّب عليه غير قابل للتوكيل ـ كانقضاء العدّة ـ أو قابلاً له ، وفرّع عليه أنّه لا يجوز أن يوكل في تزويج المعتدّة بعد انقضاء عدّتها ، والمزوّجة بعد طلاقها ، وكذا في طلاق زوجة سينكحها ، أو بيع متاع يشتريه ، ونحو ذلك .
ويمكن أن يقال بالفرق بين صورة العلم بتحقّق المرتّب عليه ولو بعد مدّة ، وبين صورة الشكّ في ثبوت المرتّب عليه كالأمثلة الاُخرى ، فإنّه في صورة العلم يكون مرجع التوكيل المزبور إلى حصول الوكالة في ظرف حصول المعلّق عليه المتحقّق قطعاً . وأمّا في غير صورة العلم فلا يرجع إلى ذلك ، ومرجع الفرق إلى الفرق بين الواجب المعلّق والواجب المشروط ، فتدبّر .
ثمّ إنّه استظهر في ذيل الشقّ الأوّل من التفصيل جواز التوكيل فيما لو وقعت
(الصفحة 420)مسألة 9 : يشترط في الموكّل فيه أن يكون قابلاً للتفويض إلى الغير; بأن لم يعتبر فيه المباشرة من الموكّل ، فلو تقبّل عملاً بقيد المباشرة لا يصحّ التوكيل فيه . وأمّا العبادات البدنية ـ كالصلاة والصيام والحجّ وغيرها ـ فلا يصحّ فيها التوكيل وإن فرض صحّة النيابة فيها عن الحيّ كالحجّ عن العاجز ، أو عن الميّت كالصلاة وغيرها ، فإنّ النيابة غير الوكالة اعتباراً . نعم ، تصحّ الوكالة في العبادات المالية ـ كالزكاة والخمس والكفّارات ـ إخراجاً وإيصالاً إلى المستحقّ1.
الوكالة على كلّي يكون هو من مصاديقه ، كما لو وكّله على جميع اُموره التي منها ما يتجدّد في ملكه بهبة أو إرث أو نحوهما ; لأنّه لا مانع من إطلاق دائرة الوكالة وسعتها ، كما لا يخفى .
1 ـ يشترط في الموكّل فيه أن يكون قابلاً للتفويض إلى الغير; بأن لم يعتبر فيه المباشرة من الموكّل ، فلو تقبّل عملاً في الإجارة على الأعمال بقيد المباشرة فلا يصحّ التوكيل فيه لفرض لزوم المباشرة ، كما إذا استؤجر لخياطة ثوب بنفسه ، ويمكن أن يقال بأنّ البحث إنّما هو في صحّة الوكالة وعدمها ، ولزوم الإتيان بالعمل بنفسه لا يرتبط بذلك ، بل غايته عدم الوفاء بعقد الإجارة وهذا لا ينافي صحّة الوكالة .
نعم ، تصرّف الغير في الثوب بالخياطة ربما يكون غير جائز; لأجل عدم إذن صاحب الثوب بذلك ، فالبطلان يستند إلى هذه الجهة الراجعة إلى عدم جواز ذلك ، وإلاّ فلو فرض عدم الإشكال من هذه الناحية ، كما إذا استؤجر لحيازة الماء من البحر كذلك ، فلا يكون التقييد بالمباشرة منافياً لصحّة التوكيل ، فتدبّر .
وأمّا العبادات ، فما كانت منها بدنية كالصلاة والصيام والحجّ ، ففي المتن : لا يصحّ
(الصفحة 421)مسألة 10 : يصحّ التوكيل في جميع العقود ، كالبيع ، والصلح ، والإجارة ، والهبة ، والعارية ، والوديعة ، والمضاربة ، والمزارعة ، والمساقاة ، والقرض ، والرهن ، والشركة ، والضمان ، والحوالة ، والكفالة ، والوكالة ، والنكاح إيجاباً وقبولاً في الجميع ، وكذا في الوصية والوقف والطلاق والإبراء ، والأخذ بالشفعة وإسقاطها ، وفسخ العقد في موارد ثبوت الخيار وإسقاطه . والظاهر
فيها التوكيل وإن فرض صحّة النيابة فيها عن الحيّ كالحجّ عن العاجز الذي لا يرجى زوال عذره ، أو عن الميّت كالصلاة وغيرها ، فإنّ النيابة غير الوكالة اعتباراً .
قلت : إنّ النيابة وإن كانت قد تتحقّق مع عدم الوكالة; كالنيابة التبرّعية في الموارد التي يجوز فيها ذلك ، إلاّ أنّ هذا الأمر لا يقتضي أن تكون الوكالة غير النيابة ، خصوصاً على قول من يفسّر الوكالة بأنّها استنابة في التصرّف ، كالسيّد في الملحقات (1) ، بل لعلّه المشهور .
وما كانت منها ماليّة كالزكاة والخمس والكفّارات ، فقد حكم في المتن بصحّة الوكالة فيها إخراجاً وإيصالاً إلى المستحقّ ، وقصد القربة المعتبر في كثيرها إنّما يتحقّق من الموكّل مع حياته والتفاته ، ومن الوكيل بمعنى قصد قربة الموكّل كما في غير الحيّ ، وقد فصّلنا القول في هذا المجال في مسألة صحّة العبادات الاستئجارية(2) ، خلافاً لما يظهر من بعض من صيرورة الأمر بالوفاء بعقد الإجارة حينئذ تعبّدياً(3) ، مع أنّه من الواضح خلافه ، كما لا يخفى .
- (1) ملحقات العروة الوثقى: 2 / 119 .
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الإجارة: 512 .
- (3) حاشية السيّد اليزدي على المكاسب: 23 .