(الصفحة 422)صحّته في الرجوع إلى المطلّقة الرجعيّة إذا أوقعه على وجه لم يكن صرف التوكيل تمسّكاً بالزوجيّة حتّى يرتفع به متعلّق الوكالة . ولا يبعد صحّته في النذر والعهد والظهار ، ولا يصحّ في اليمين واللعان والإيلاء والشهادة والإقرار على إشكال في الأخير1.
1 ـ يصحّ التوكيل في جميع العقود كالأمثلة المذكورة في المتن ، وكذا في مثل أصل الوصية والوقف والطلاق والإبراء ، والأخذ بالشفعة وإسقاطها ، والأخذ بالخيار وإسقاطه; لعدم وجود شيء يمنع عن جريان الوكالة في الاُمور المذكورة ، واستظهر صحّة التوكيل في الرجوع إلى المطلّقة الرجعيّة إذا لم يقع على وجه يكون نفس التوكيل في ذلك معدوداً رجوعاً شرعاً ، وإلاّ يرتفع بنفس التوكيل متعلّق الوكالة ويتحقّق الرجوع وتصير زوجة برجوع نفسه ، مثل أن تكون دائرة الوكالة عامّة شاملة للرجوع إلى المطلّقة ، كقوله : «أنت وكيلي في جميع ما يتعلّق بي ويرتبط» كما مرّ في بعض المسائل المتقدِّمة .
ونفى البُعد عن صحّته في النذر والعهد والظهار ، وأمّا اليمين واللعان والإيلاء والشهادة فحيث إنّ وجوب الوفاء ، والصيغة المخصوصة في اللعان ، وكذا الإيلاء الذي هي يمين خاصّة ، والشهادة المتقوّمة بشهادة الشاهد يرتبط بمن صدر منه اليمين ، وكذا اللعان المترتّب على رمي الزوجة بالزنا من غير شاهد ، والكيفيّة فيه مخصوصة ، والصدق والكذب منسوبان إلى الزوج الرامي ، كما تقدّم في كتابه(1) ، فلا يجري فيها الوكالة ، وأمّا الإقرار فقد استشكل في جريان الوكالة فيه ، منشؤه أنّ النافذ هو إقرار المقرّ ، وأنّه بعد التوكيل يصير كإقراره .
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب اللعان المطبوع مع كتاب الطلاق: 289 ـ 291 .
(الصفحة 423)مسألة 11 : يصحّ التوكيل في القبض والإقباض في موارد لزومهما ، كما في الرهن والقرض والصرف بالنسبة إلى العوضين ، والسلم بالنسبة إلى الثمن ، وفي إيفاء الديون واستيفائها وغيرها1.
مسألة 12 : يجوز التوكيل في الطلاق غائباً كان الزوج أم حاضراً ، بل يجوز توكيل الزوجة في أن تطلّق نفسها بنفسها ، أو بأن توكّل الغير عن الزوج أو عن نفسها2.
1 ـ يصحّ التوكيل في القبض في موارد لزومهما فضلاً عن موارد عدم اللزوم ، والأوّل كالأمثلة المذكورة في المتن ، وكذا يصحّ التوكيل في أداء الدَّين واستيفائه; لما عرفت من عدم وجود ما يدلّ على المنع ، فتدبّر .
2 ـ قد مرّ جواز التوكيل في الطلاق ، والمقصود هنا عدم الفرق بين كون الزوج غائباً ، أو حاضراً متمكِّناً من أن يطلّق نفسه ، كما أنّه يجوز توكيل الزوجة في أن تطلّق نفسها بنفسها ، أو بأن توكّل الغير عن الزوج أو عن نفسها ، وينبغي أن يعلم أنّ أحد المواد المندرجة في سند الزواج الرسمي الحكومي من جواز أن تطلّق الزوجة نفسها ، فإنّما هو على تقدير بعض الاُمور ، أو حصول بعض الموانع الاحتمالية; كترك النفقة ، أو صيرورته محبوساً ، أو معتاداً بالأفيون ونحوه ، وهو ينافي اعتبار التنجيز في الوكالة ، ولو كان اعتباره على سبيل الاحتياط الوجوبي كما مرّ (1) ، إلاّ أن يقال: إنّه على سبيل الواجب المعلّق ، فتدبّر .
(الصفحة 424)مسألة 13 : تجوز الوكالة في حيازة المباح ، كالاستقاء والاحتطاب وغيرهما ، فإذا وكّل شخصاً فيها وقد حاز بعنوان الوكالة عنه صار ملكاً له1.
مسألة 14 : يشترط في الموكّل فيه التعيين; بأن لا يكون مجهولاً أو مبهماً ، فلو قال : «وكَّلتك على أمر من الاُمور» لم يصحّ . نعم ، لا بأس بالتعميم والإطلاق كما يأتي2.
1 ـ تجوز الوكالة في حيازة المباح; كالاستقاء والاحتطاب ونحوهما ، وقد عرفت(1) أنّه لو استؤجر بقيد المباشرة فوكّل وكيلاً في ذلك لا يمنع قيد المباشرة عن تحقّق الحيازة المذكورة ; لعدم استلزام القيد المذكور لزوال الإباحة العامّة ، بخلاف مثل خياطة الثوب ، وقد فرّع على عنوان أصل المسألة بأنّه لو حاز الوكيل بعنوان الوكالة عنه صار ملكاً للموكّل .
2 ـ يشترط في الموكّل فيه التعيين; بأن لا يكون مجهولاً أو مبهماً ، فلو قال : «وكّلتك على أمر من الاُمور» لم يصحّ بلا إشكال ، وأمّا لو قال : «وكّلتك في تزويج إحدى هاتين المرأتين» فلا دليل على بطلانه ، وقد ورد في قصّة شعيب خطاباً لموسى
{إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِى ثَمَانِىَ حِجَج فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ}(2) . نعم ، لا بأس بالتعميم والإطلاق كما مرّ(3)ويأتي إن شاء الله تعالى .
- (1) في ص420 .
- (2) سورة القصص : 28 / 27 .
- (3) في ص419 ـ 420 .
(الصفحة 425)مسألة 15 : الوكالة إمّا خاصّة ، وإمّا عامّة ، وإمّا مطلقة .
فالأولى: ما تعلّقت بتصرّف معيّن في شيء معيّن ، كما إذا وكّله في شراء بيت معيّن . وهذا ممّا لا إشكال في صحّته .
والثانية: إمّا عامّة من جهة التصرّف وخاصّة من جهة المتعلّق ، كما إذا وكّله في جميع التصرّفات الممكنة في داره المعيّنة . وإمّا بالعكس ، كما إذا وكّله في بيع جميع ما يملكه . وإمّا عامّة من الجهتين ، كما إذا وكّله في جميع التصرّفات الممكنة في جميع ما يملكه ، أو في إيقاع جميع ما كان له فيما يتعلّق به بجميع أنواعه; بحيث يشمل التزويج له وطلاق زوجته .
وكذا الثالثة: قد تكون مطلقة من جهة التصرّف خاصّة من جهة متعلّقه ، كما لو قال : «أنت وكيلي في أمر داري» وكذا لو قال : «أنت وكيلي في بيع داري» مقابل المقيّد بثمن معيّن أو شخص معيّن . وقد يكون بالعكس ، كما لو قال : «أنت وكيلي في بيع أحد أملاكي» أو «في بيع ملكي » . وقد تكون مطلقة من الجهتين ، كما لو قال : «أنت وكيلي في التصرّف في مالي » . وربما يكون التوكيل بنحو التخيير بين اُمور: إمّا في التصرّف دون المتعلّق ، كما لو قال : «أنت وكيلي في بيع داري ، أو صلحها أو هبتها أو إجارتها » ، وإمّا في المتعلّق فقط ، كما لو قال : «أنت وكيلي في بيع هذه الدار ، أو هذه الدابّة ، أو هذه الفرش» مثلاً ، والظاهر صحّة الجميع1.
1 ـ هذه المسألة متعرّضة لبيان صور الوكالة الممكنة الصحيحة; وهي عبارة عن :
الاُولى : ما إذا تعلّقت بتصرّف خاصّ في شيء خاصّ ، كما إذا وكّله في شراء بيت معيّن له ، وهذا هو الفرد البارز والمصداق الظاهر من الوكالة .
(الصفحة 426)مسألة 16 : لابدّ أن يقتصر الوكيل في التصرّف في الموكّل فيه على ما شمله عقد الوكالة صريحاً أو ظاهراً ولو بمعونة قرائن حاليّة أو مقاليّة ، ولو كانت هي العادة الجارية على أنّ التوكيل في أمر لازمه التوكيل في أمر آخر; كما لو سلّم إليه المبيع ووكّله في بيعه ، أو سلّم إليه الثمن ووكّله في الشراء . وبالجملة: لابدّ في صحّة التصرّف من شمول الوكالة له1.
الثانية : ما إذا كانت بنحو العموم ، إمّا من جهة التصرّف دون المتعلّق ، أو بالعكس ، أو من كلتا الجهتين ، كالأمثلة المذكورة في المتن .
الثالثة : ما إذا كانت بنحو الإطلاق ، تارةً من جهة التصرّف دون المتعلّق ، واُخرى بالعكس ، وثالثة من كلتا الجهتين كالأمثلة المذكورة في المتن ، ولا إشكال في صحّة هاتين الصورتين أيضاً .
الرابعة : ما إذا كان التوكيل بنحو التخيير بين اُمور ; إمّا في التصرّف دون المتعلّق ، وإمّا في المتعلّق فقط ، وفي المتن إشعار بعدم جواز التخيير من كلتا الجهتين: التصرّف والمتعلّق ، والظاهر أنّه لا مانع من صحّته أيضاً ; لأنّه لا مانع من أن يوكّله بنحو التخيير في التصرّف في إحدى هاتين الدارين بأيّ نحو من التصرّف ، أو التصرّف في الدار الاُخرى كذلك ، والفرق بينه وبين صورة العموم أو الإطلاق واضح ، ولأجله لا يرجع هذا الفرض إلى الصور الاُخرى ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لا شبهة في لزوم اقتصار الوكيل في التصرّف في الموكّل فيه على ما يشمله عقد الوكالة ، إمّا بالصراحة أو بالظهور ، ولو كان منشؤه القرائن; لأنّ أصالة الظهور المعتمد عليها عند العقلاء أعمّ من أصالة الحقيقة كما قرّر في محلّه ، وهذه القرائن أعمّ من أن تكون مقالية أو حاليّة ، ولو كانت هي العادة الجارية على أنّ