(الصفحة 302)مسألة 7 : الأب والجدّ مستقلاّن في الولاية ، فينفذ تصرّف السابق منهما ولغا اللاّحق ، ولو اقترنا ففي تقديم الجدّ ، أو الأب ، أو عدم الترجيح وبطلان تصرّف كليهما وجوه ، بل أقوال ، فلا يترك الاحتياط1.
كون القرابة النسبية بهذا المقدار يوجب عادةً رعاية المصلحة للمولّى عليه ، فالأب لا يقدم غالباً على ابنه أو بنته وكذلك الجدّ ، لكن لو شوهد الخلاف ولو بقرائن الأحوال تصل النوبة إلى الحاكم الذي تمنع عدالته عن ذلك ويجب عليه العزل والمنع.
الثالث : أنّه لا يجب على الحاكم الذي يحتمل ذلك ـ ولكن لم يظهر له ـ الفحص عن عملهما وتتبّع سلوكهما ليظهر له كيفيّة عملهما; وذلك لحمل فعل المسلم على الصحّة ، وفي المقام هي عبارة عن عدم كون تصرّفهما بنحو يكون فيه ضرر على الطفل المولّى عليه ، فإنّ الصحّة في المقامات يختلف معناها ويتفاوت مصاديقها ، فإنّ الصحّة في المعاملات في مقابل فسادها الشرعي ، وفي التصرّفات غير المعامليّة في المقام بمعنى عدم اشتمالها على الضرر ، فتدبّر .
1 ـ قد نفى وجدان الخلاف في اشتراكهما في الولاية ـ على معنى نفوذ تصرّف السابق ـ في الجواهر(1) ، بل حكي عن ظاهر نكاح المسالك الإجماع عليه(2) ; لأنّه مقتضى ثبوت الولاية لكلّ منهما . نعم ، في صورة الاقتران وانعدام السابق واللاحق ربما يقال بترجيج الجدّ لثبوت ولايته على الأب في بعض الأحوال ، وللنصوص المستفيضة في باب النكاح(3) الثابتة في المقام بالأولوية ، وربما يقال بتقديم ولاية
- (1) جواهر الكلام: 26/102 .
- (2) مسالك الأفهام: 7/117 ـ 119 ، والحاكي هو صاحب مفتاح الكرامة: 5/256 .
- (3) وسائل الشيعة: 20/289 ـ 291 ، كتاب النكاح ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب11 .
(الصفحة 303)مسألة 8 : الظاهر أنّه لا فرق بين الجدّ القريب والبعيد ، فلو كان له أب وجدّ وأب الجدّ وجدّ الجدّ فلكلّ منهم الولاية1.
مسألة 9 : يجوز للوليّ بيع عقار الصبي مع الحاجة واقتضاء المصلحة ، فإن كان البائع هو الأب والجدّ جاز للحاكم تسجيله وإن لم يثبت عنده أنّه مصلحة . وأمّا غيرهما كالوصي فلا يسجّله إلاّ بعد ثبوتها عنده على الأحوط وإن كان الأقرب جواز تسجيله مع وثاقته عنده2.
الأب لشدّة اتّصاله وكون ولاية الجدّ بواسطته ، كما أنّ الوجه في بطلان تصرّف كليهما الاقتران وعدم الترجيح وعدم إمكان الجمع .
ولكن في المتن نهى عن ترك الاحتياط لعدم تماميّة شيء من الأدلّة المتقدِّمة حتّى الأولويّة المذكورة ; لعدم قطعيّتها وعدم حجّية الظنّية وهو الظاهر ، لكن الاحتياط يحصل بما فيه النفع الأكثر والغبطة الكاملة ، كما لايخفى .
1 ـ إذا اجتمع الأب مع الجدّ الأعلى أي أب الجدّ أو جدّه فالظاهر ثبوت الولاية لهما; لصدق الأبوّة الحقيقيّة التي كانت له شدّة الاتّصال وصدق الجدّ معاً . وأمّا لو لم يكن هناك أب ، بل كان جدّ وأب الجدّ مثلاً ، ففي ثبوت الولاية لهما إشكال ; لأنّ الجدّ وإن كان موجوداً إلاّ أنّ أب الجدّ لا يصدق عليه الأب عرفاً ، فلا دليل على ثبوت الولاية له ، خصوصاً في فرض كون الجدّ قد تصرّف لاحقاً ، فإنّ إبطال تصرّفه لأجل لحوقه بتصرّف أبيه مشكل بل ممنوع ، كما لا يخفى ، فالظاهر خلاف ما استظهره في المتن .
2 ـ لا إشكال في أنّه يجوز للولي أن يبيع عقار الصبي كلاًّ أو بعضاً مع الحاجة واقتضاء المصلحة ذلك ، غاية الأمر أنّه إن كان الوليّ البائع هو الأب أو الجدّ ،
(الصفحة 304)مسألة 10 : يجوز للوليّ المضاربة بمال الطفل وإبضاعه بشرط وثاقة العامل وأمانته ، فإن دفعه إلى غيره ضمن1.
فحيث إنّ ولايتهما تكون في الدرجة الاُولى من الأولياء ولا يعتبر فيهما العدالة ، بل ولا الوثاقة كما تقدّم ، يجوز للحاكم الشرعي تسجيل هذا البيع وإن لم يثبت عنده أنّه مصلحة . وإن كان غيرهما ، فإن كان حاكماً آخر فمقتضى اعتبار العدالة في الحاكم رعاية المصلحة ، فيجوز بل يجب لحاكم آخر التسجيل ، وإن كان وصيّاً من ناحية الأب أو الجدّ فقد استقرب في المتن جواز التسجيل مع الوثاقة عنده وإن احتاط بعدم التسجيل إلاّ بعد ثبوتها .
ولعلّ السرّ فيه أنّ رعاية مصلحة الطفل سيّما إذا كان صغيراً جدّاً مع الالتفات إلى عدم تشخيص مصالحه ومفاسده حينئذ غالباً لابدّ وأن تكون منظورة ، غاية الأمر أنّ الأب والجدّ للأب لشدّة اتّصالهما بالطفل وشدّة علاقتهما به يراعيان المصلحة نوعاً ، ولذا لا يعتبر فيهما العدالة ، بل ولا الوثاقة ، ومع ذلك فقد مرّ أنّه لو ظهر للحاكم عدم رعايتهما ذلك ولو بقرائن الأحوال عزلهما ومنعهما من التصرّف ، وأمّا غير الأب والجدّ فقد عرفت أنّه إن وصلت النوبة مستقيماً إلى الحاكم فلا مانع منه ; لاتّصافه بالعدالة ، كما أنّه إذا بلغت إلى عدول المؤمنين فكذلك ، وأمّا الوصي من الأب أو الجدّ فمع عدم ثبوت وثاقته عند الحاكم فلا يجوز له تسجيله مع عدم العلم بالحال . نعم ، في صورة ثبوت الوثاقة لا مانع من التسجيل .
1 ـ يجوز للوليّ الشرعي المضاربة بمال الطفل وإبضاعه بشرط ترتّب الربح على المضاربة نوعاً ، أو محفوظيّة المال عنده لأجل بعض الخصوصيّات الثابتة له بحيث لو لم يجعل مضاربة يكون في معرض السرقة ونحوها ، كلّ ذلك إذا كان العامل أميناً
(الصفحة 305)مسألة 11 : يجوز للوليّ تسليم الصبي إلى أمين يعلّمه الصنعة ، أو إلى من يعلّمه القراءة والخطّ والحساب والعلوم العربية وغيرها من العلوم النافعة لدينه ودنياه ، ويلزم عليه أن يصونه عمّا يفسد أخلاقه ، فضلاً عمّا يضرّ بعقائده1.
مسألة 12 : يجوز لوليّ اليتيم إفراده بالمأكول والملبوس من ماله ، وأن يخلطه بعائلته ويحسبه كأحدهم ، فيوزّع المصارف عليهم على الرؤوس في المأكول والمشروب . وأمّا الكسوة فيحسب على كلّ على حدة . وكذا الحال في اليتامى المتعدّدين ، فيجوز لمن يتولّى الإنفاق عليهم إفراد كلّ ، واختلاطهم
ومحلّ وثوق يؤمن معه من أكل مال اليتيم ، أو الصرف في التجارات غير العقلائيّة، ومع عدم الوثاقة والأمانة يتحقّق الضمان; لأنّه لم يكن للولي الدفع إليه والحال هذه ، فمع الدفع المقرون بعدم الجواز يتحقّق الضمان لا محالة ، كما هو غير خفيّ .
1 ـ يجوز للوليّ مطلقاً أن يسلّم الطفل الصغير ويجعله تحت اختيار أمين يعلّمه الصنعة ، أو معلِّم أمين يعلّمه القراءة والخطّ والحساب والعلوم العربية وغيرها من العلوم النافعة لدينه ودنياه ، التي يكون المعمول تعلّمها في حال الطفولية ، وفي زماننا هذا يرسله إلى المدارس التي لها مراتب مختلفة ، أو إلى إحدى الحوزات العلمية مع رعاية ما هو أنفع له ، ويكون طبعه ملائماً له بحيث يسهل عليه الوصول إليه والرشد والتكامل فيه ، ويلزم على الوليّ أن يصونه عمّا يفسد أخلاقه ، فضلاً عمّا يضرّ بعقائده ويوجب الانحراف له من هذه الجهة .
وبالجملة : حيث إنّ بنيان الاُمور إنّما يتحقّق في حالة الطفوليّة ، فاللازم على الولي تهيئة مقدّمات الرشد والتكامل ، وملاحظة حفظه عن فساد الأخلاق فضلاً عن العقيدة ; لعدم قدرته على تشخيص هذه الاُمور بنفسه .
(الصفحة 306)في المأكول والمشروب والتوزيع عليهم دون الملبوس1.
مسألة 13 : لو كان للصغير مال على غيره جاز للوليّ أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة، لكن لا يحلّ على المتصالح باقي المال، وليس للوليّ إسقاطه بحال2.
1 ـ يجوز لوليّ الطفل الذي لا يكون له أب لمخالطته معه في هذه الحالة نوعاً إفراده بالمأكول والملبوس من مال الطفل بالكيفيّة التي هي من شؤونه ، ولا يكون زائداً عليها أو ناقصاً عنها ، كما أنّه في خصوص المأكول والمشروب يجوز له أن يخلطه بعائلته واُسرته ويحسبه كأحدهم ، فيوزّع المصارف عليهم بنسبة الرؤوس ويأخذ سهم اليتيم من ماله ، بل لعلّ هذا يكون أنفع بحاله من الإفراد والاستقلال ; لأنّ التوزيع موجب لقلّة مصارف اليتيم نوعاً ، وكذا الحال في اليتامى المتعدِّدين ، هذا بالإضافة إلى المأكول والمشروب .
وأمّا الملبوس ، فحيث إنّه لا معنى للتوزيع فيه غالباً فالحساب على كلّ على حدة . وأمّا المسكن لو لم يكن اليتيم واجداً له بالإرث ونحوه ، فاللازم فيه أيضاً رعاية ما هو صلاح له من الاشتراء والاستئجار والإفراد والمخالطة ، حتّى يمكن أن يكون الأصلح له ما هو المسمّى في زماننا هذا بـ «الرهن والإجارة» التي تكون صحّتها باستئجار الدار مثلاً بأقلّ من مال الإجارة ، ويشترط المؤجر على المستأجر أن يقرضه مالاً; بشرط أن يكون المؤجر أميناً في أداء القرض وردّه في زمانه ، كما لا يخفى .
2 ـ المفروض وجود مال للصغير على غيره ، يجب عليه فيما بينه وبين الله إيصال الجميع إلى وليّه ، لكن يرى الوصيّ امتناع ذلك الغير عن الإيصال لإنكاره إيّاه مثلاً ، لكن لو صالحه عنه ببعضه يمكن له الوصول إلى ذلك البعض ، ففي هذه