(الصفحة 313)ونحو ذلك ، ولو أقرّ بالنسب يقبل في غير لوازمه الماليّة كالنفقة ، وأمّا فيها فلا يخلو من إشكال وإن كان الثبوت لا يخلو من قرب . ولو أقرّ بالسرقة يقبل في القطع دون المال1.
مسألة 5 : لو وكّله غيره في بيع أو هبة أو إجارة مثلاً جاز ولو كان وكيلاً في أصل المعاملة لا مجرّد إجراء الصيغة2.
1 ـ لا يصحّ زواج السفيه بدون إذن الولي أو إجازته; لأنّ النكاح المنقطع لابدّ فيه من المهر وهو تصرّف ماليّ ، والنكاح الدائم وإن كان لا يلزم فيه ذكر المهر وتسميته ، إلاّ أنّ لزوم مهر المثل باق على حاله ، وهو أيضاً تصرّف ماليّ ، وفي المتن : «لكن يصحّ طلاقه وظهاره وخلعه» ، ويمكن الاستشكال في الأخير من جهة الاحتياج إلى قبول المال المبذول من الزوجة عوضاً عن الطلاق ، وهو تصرّف ماليّ يمكن أن يقع فيه الانخداع .
وأمّا الإقرار ، ففي المتن أنّه يقبل إن لم يتعلّق بالمال حتّى بما يوجب القصاص ، ولو أقرّ بالنسب فلا إشكال في قبول إقراره بالإضافة إلى غير لوازمه المالية ، كحرمة الزواج وجواز النظر ومثلهما . وأمّا بالنسبة إليها ، فقد نفى الخلوّ عن الإشكال ، وإن نفى الخلوّ عن القرب في الثبوت ، ولعلّ الوجه فيه أنّ اللوازم الماليّة من الاُمور التبعيّة في باب النسب وإن كانت لازمة له ، ولكن الظاهر بقاء الإشكال بحاله .
ولو أقرّ بالسرقة فبالإضافة إلى حقّ الله الذي هو القطع يقبل ، وبالإضافة إلى حقّ الناس الذي هو المال المسروق منه لا يقبل .
2 ـ لو صار السفيه وكيلاً عن الغير في بيع أو هبة أو إجارة مثلاً جاز مطلقاً ; لعدم استلزام ذلك للتصرّف المالي ، من دون فرق بين أن يكون وكيلاً في مجرّد
(الصفحة 314)مسألة 6 : لو حلف السفيه أو نذر على فعل شيء أو تركه ممّا لا يتعلّق بماله انعقد ، ولو حنث كفّر كسائر ما يوجب الكفّارة; كقتل الخطأ والإفطار في شهر رمضان . وهل يتعيّن عليه الصوم لوتمكّن منه ، أو يتخيّر بينه وبين الكفّارة الماليّة كغيره ؟ وجهان ، أحوطهما الأوّل . نعم ، لو لم يتمكّن من الصوم تعيّن غيره ، كما إذا فعل ما يوجب الكفّارة الماليّة على التعيين ، كما في كفّارات الإحرام كلّها أو جلّها1.
إجراء الصيغة أو وكيلاً في أصل المعاملة ، ولو استؤجر على ذلك يقع الإشكال فيه ; لأنّه من مصاديق الإجارة على الأعمال ، وقد عرفت محجوريّة السفيه بالإضافة إليها ، ومن هنا يمكن الاستشكال فيه من حيث إنّ الوكالة المجّانية فاقدة للإشكال ومتّصفة بالجواز ، والاستئجار على الوكالة غير جائز .
1 ـ لو حلف السفيه أو نذر على فعل شيء راجح أو تركه كذلك ممّا لا يتعلّق بماله انعقد ، إنّما الكلام في وجوب الكفّارة في صورة الحنث ، فإن كان مثل قتل الخطأ ممّا لا تأثير للإرادة في ذلك فلا شبهة في الوجوب ، وإن كان مثل الإفطار في شهر رمضان من الكفّارة المخيّر فيها بين الأمر المالي والأمر غير المالي كالصوم وإطعام الستّين مسكيناً ، فإن لم يتمكّن من الصوم فالظاهر تعيّن غيره ، كما أنّه في صورة الإفطار عمداً بالمحرّم يجب عليه الجمع ، وفي الكفّارة المالية على التعيين ، كما في كفّارات الإحرام كلّها أو جلّها ، كما إذا لبس الرجل المخيط في إحرام الحجّ ولو مع الاضطرار يوجب الثبوت على السفيه ، وهكذا في الاُمور الاختيارية الموجبة للكفّارة ، ولكنّه ربما يختلج بالبال أنّ الأمر الاختياري الموجب للكفّارة تصرّف مالي اختياري ، فاللازم القول بعدم إيجابه الكفّارة بوجه ، ولكن الظاهر عدمه;
(الصفحة 315)مسألة 7 : لو كان للسفيه حقّ القصاص جاز أن يعفو عنه ، بخلاف الدية وأرش الجناية1.
مسألة 8 : لو اطّلع الولي على بيع أو شراء مثلاً من السفيه ولم يرَ المصلحة في إجازته ، فإن لم يقع إلاّ مجرّد العقد ألغاه . وإن وقع تسليم وتسلّم للعوضين ، فما سلّمه إلى الطرف الآخر يستردّه ويحفظه ، وما تسلّمه وكان موجوداً يردّه إلى مالكه ، وإن كان تالفاً ضمنه السفيه ، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير إذن من مالكه ، وإن كان بإذن منه لم يضمنه إلاّ في صورة الإتلاف منه ، فإنّه لا يبعد فيها الضمان . كما أنّ الأقوى الضمان لو كان المالك الذي سلّمه الثمن أو المبيع جاهلاً بحاله أو بحكم الواقعة ، خصوصاً إذا كان التلف بإتلاف منه . وكذا الحال لو
لأنّ الكفّارة تخفيف للعذاب الاُخروي ولا يكون تصرّفاً ماليّاً ، كما لو لم يتمكّن من الصوم في كفّارة الإفطار في شهر رمضان ، فإنّ الالتزام بعدم الكفّارة المالية يوجب التجرّي على الإفطار الموجب للعذاب ، فالإنصاف عدم كون الكفّارة من مصاديق التصرّف المالي ، كوجوب الخمس والزكاة عليه مع تحقّق موجبهما عنده ، فإذا اتّجر بإذن الولي وفضل من مؤونة السنة شيء يجب عليه خمس الأرباح ، وهكذا بالنسبة إلى الزكاة كما لايخفى .
1 ـ أمّا العفو عن حقّ القصاص فلعدم كونه تصرّفاً ماليّاً محتاجاً إلى موافقة الوليّ ، وهذا بخلاف العفو عن الدية وأرش الجناية ، فهو تصرّف مالي وعفو عن المال ، وهو محجور عليه بالإضافة إليه كما مرّ(1) .
(الصفحة 316)اقترض السفيه وأتلف المال1.
مسألة 9 : لو أودع شخص وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى; سواء علم المودع بحاله أو لا ، ولو تلفت عنده لم يضمنها إلاّ مع تفريطه في
1 ـ لو تحقّق البيع أو الشراء من السفيه واطّلع الولي عليه ولم يكن موافقاً لمصلحة السفيه ولأجله لم يجزه ، فإن لم يقع إلاّ مجرّد العقد ففي المتن أنّه ألغاه ، ومراده منه إعلام اللغوية ، وإلاّ فهو ملغى بنفسه في هذه الصورة ، وإن وقع بعد العقد التسليم من الطرفين فسلّم السفيه المبيع مثلاً إلى المشتري وتسلّم الثمن منه فالسفيه يستردّ المبيع ويحفظه; لعدم وقوع تسليمه على النحو المجاز ، وما تسلّمه من الثمن إن كان موجوداً عنده يردّه إلى المشتري المالك إيّاه كما هو المفروض . وإن كان تالفاً ، فإن قبضه بغير إذن من مالكه فمقتضى قاعدة الإتلاف ضمان السفيه له مثلاً أو قيمةً ، والضمان في هذه الصورة كالكفّارة في المسألة السابقة ، ولا يكون السفيه بمستثنى وإن كان الإتلاف اختيارياً .
وإن كان قبضه بإذن من مالكه ، فقد نفى البُعد عن الضمان فيه إذا كان التلف مستنداً إلى الإتلاف ، كما أنّه قد قوّى فيه الضمان لو كان المالك جاهلاً بحاله من حيث السفاهة ، أو جاهلاً بحكم الواقعة من عدم تحقّق المعاملة الصحيحة غير المتوقّفة على إذن الولي أو إجازته ، خصوصاً إذا كان التلف مستنداً إلى إتلافه; لما عرفت من عدم كونه مستثنى من تلك القاعدة بوجه ، ضرورة أنّ لازم الاستثناء التجرّي على إتلاف مال الغير لعدم ترتّب الضمان عليه . وفي المتن : «وكذا الحال لو اقترض السفيه وأتلف المال» ، فإنّ الأقوى فيه الضمان لو كان المقرض جاهلاً بحاله ، أو بحكم الواقعة من عدم صحّة اقتراضه بنفسه بوجه ، فتدبّر .
(الصفحة 317)حفظها على الأشبه1.
مسألة 10 : لا يسلّم إلى السفيه ماله ما لم يحرز رشده ، وإذا اشتبه حاله يختبر; بأن يفوّض إليه مدّة معتدّاً بها بعض الاُمور ممّا يناسب شأنه; كالبيع والشراء والإجارة والاستئجار لمن يناسبه مثل هذه الاُمور ، والرتق والفتق في بعض الاُمور; مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه ومصالح الوليّ ونحو ذلك فيمن يناسبه ذلك . وفي السفيهة يفوّض إليها ما يناسب النساء; من إدارة بعض مصالح البيت ، والمعاملة مع النساء; من الإجارة والاستئجار للخياطة أو الغزل أو النساجة وأمثال ذلك ، فإن آنس منه الرشد; بأن رأى منه المداقّة والمكايسة ، والتحفّظ عن المغابنة في معاملاته ، وصيانة المال من التضييع وصرفه في موضعه وجريه مجرى العقلاء ، دفع إليه ماله ، وإلاّ فلا2.
1 ـ لو أتلف السفيه ما أُودع عنده يكون ضامناً له على الأقوى; سواء علم المودع بحاله أو لا; لما عرفت من عدم استثنائه عن قاعدة ضمان الإتلاف ، وإلاّ يلزم تجرّيه على إتلاف أموال الناس; للعلم بعدم ترتّب الضمان عليه ، ولا يكفي في ذلك مجرّد ثبوت الحكم التكليفي ، وسواء كان الإتلاف عن عمد واختيار أو عن جهل واشتباه ، كسائر الموارد التي لا فرق فيها بين هذه الصور . وأمّا إذا تلفت عنده من غير تعدٍّ وتفريط فحكمه حكم سائر الاُمناء في ذلك; لعدم اقتضاء السفاهة عقوبة زائدة من هذه الجهة . نعم ، في صورة التفريط في الحفظ يجري حكم الإتلاف لما مرّ .
2 ـ إذا كان حال الشخص معلوماً من حيث السفاهة فلا يدفع إليه ماله قبل إيناس الرشد بعد البلوغ ، وإذا كان حاله مشتبهاً وتردّد أمره بين السفاهة وعدمها فاللازم الاختبار; بأن يفوّض إليه مدّة معتدّاً بها بعض الاُمور المناسبة لشأنه ،