(الصفحة 267)مسألة 32 : لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن ، وديناراً آخر منه بلا رهن ، ثمّ دفع إليه ديناراً بنيّة الوفاء ، فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط وانفكّ رهنه ، وإن نوى كونه عن الآخر لم ينفكّ وبقي دينه ، وإن لم يقصد إلاّ أداء دينار من الدينارين ، من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره ، فهل يحسب ما دفعه لغير ذي الرهن فيبقى الرهن ، أو لذي الرهن فينفكّ ، أو يوزّع عليهما فيبقى الرهن أو ينفكّ بمقداره؟ وجوه ، أوجهها بقاء الرهن إلى الفكّ اليقيني1.
الصندوق وأوصله إلى مالكه ، أو باعه واستوفى ثمنه ، أو تلف بغير تفريط منه ، وقد قوّى في المتن جريان حكم الفرض الأوّل فيه أيضاً ، والسرّ فيه ما عرفت من جريان قاعدة اليد المقتضية للملكيّة .
الثالث : ما لم يقع التعرّض له في المتن وإن وقع التعرّض لمثله في موارد مختلفة; وهو العلم الإجمالي بوجوده في أمواله إلى ما بعد الموت ، كوجوده في صندوقه مثلاً ، غاية الأمر عدم العلم به تفصيلاً ، والظاهر أنّه إن وقع توافق بين ورثة المرتهن ، وبين الراهن على كون عين مخصوصة رهناً فلا مانع من ذلك ، وإن لم يقع بينهما توافق من هذه الجهة ، بل يدّعي كلّ غير ما يدّعي الآخر ، فاللازم الرجوع إلى القرعة التي هي لكلّ أمر مشكل في حقوق الناس . نعم ، إذا كان للراهن بيِّنة على ارتهان شيء مخصوص ، أو للمرتهن بيِّنة على عدمه ، فاللازم الأخذ بالبيِّنة التي هي رأس الأمارات في الموضوعات ، فتدبّر .
وهنا فرض رابع; وهو العلم بوجود التلف في يد المرتهن ، غاية الأمر أنّه لا يعلم كون تلفه بتعدٍّ أو تفريط أو بدونهما ، فالحقّ مع مَن يدّعي عدم الضمان; لأنّ الأصل البراءة منه كما لا يخفى .
1 ـ لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن ، وديناراً آخر منه بعد ذلك
(الصفحة 268)
بلا رهن ، ثمّ دفع إلى المرتهن ديناراً بنيّة الوفاء وأداء الدّين ، ففيه صور :
الاُولى : أن ينوي في مقام الأداء كونه عن ذي الرهن ، كما لعلّه المتعارف ، والمرتهن يعلم بذلك ، ففي هذه الصورة سقط رهنه وانفكّ; لأنّ المفروض الوفاء بدينه .
الثانية : أن ينوي في ذلك المقام كونه عن الآخر ، والمرتهن أيضاً يعلم بذلك ، ففي هذه الصورة لا يتغيّر الرهن عمّا هو عليه ولم ينفكّ ، وبقي الدَّين في مقابل الرهن .
الثالثة : أن ينوي ديناراً من مجموع الدينارين ، من دون تعيين ولو في النيّة كونه من ذي الرهن أو غيره ، فقد احتمل فيها في المتن وجوهاً :
الأوّل : أنّه يحسب ما دفعه لغير ذي الرهن وإن كان بنيّة أداء الدَّين ، فيبقى الرهن على حاله من البقاء وعدم الفكّ; لأنّ الأداء الموجب للفكّ يقيناً هو الأداء في مقابل الرهن ، والمفروض عدم تحقّقه .
الثاني : أنّه يقع لذي الرهن ويوجب سقوط الرهن وفكّه ، ولعلّ وجهه هي الغلبة التي اُشير إليها .
الثالث : التوزيع عليهما ; لأنّ المفروض عدم تعيين أحدهما ، فلا ترجيح في البين ، فاللازم التوزيع عليهما ، وفي هذا الفرض إن كان الرهن في مقابل مجموع الدينار فحيث لم يتحقّق أداء المجموع يكون الرهن باقياً بحاله بأجمعه ، أو ينفكّ الرهن بالمقدار الواقع من الدينار في مقابله ، وقد أفاد في المتن أنّ في هذا الفرض وجوهاً ، أوجهها بقاء الرهن إلى الفكّ اليقيني ، وهو يتحقّق بنيّة كون الأداء في مقابل الرهن ، وفي غير هذا الفرض لا يتحقّق الفكّ اليقيني بالإضافة إلى المجموع ، ومقتضى الاستصحاب أيضاً ذلك ، فتدبّر .
(الصفحة 269)
كتاب الحَجر
(الصفحة 270)
(الصفحة 271)
[تعريف الحَجر]
وهو في الأصل: بمعنى المنع ، وشرعاً: كون الشخص ممنوعاً في الشرع عن التصرّف في ماله بسبب من الأسباب ، وهي كثيرة نذكر منها ما هو العمدة; وهي الصغر ، والسفه ، والفلس ، ومرض الموت1.
1 ـ الحجر لغةً بمعنى المنع ، والظاهر أنّ إطلاق الحجر والحجارة على الحجر من هذا القبيل; لأنّ صلاحيّته تمنع عن النفوذ فيه ، وشرعاً عبارة عن كون إنسان ممنوعاً عن التصرّف في ماله أو ما يتعلّق به ، كالذمّة والشراء نسيئة بسبب من الأسباب ، وهي كثيرة قد تعرّض الماتن (قدس سره) لأربعة منها لكونها العمدة; وهي الصغر والسفه ، والفلس ، ومرض الموت .
ثمّ إنّ المحقّق في الشرائع ذكر بعد كتاب الرهن كتاب المفلّس ثمّ اتبعه بكتاب الحجر(1) ، مع أنّ الفلس كما عرفت أحد أسباب الحجر في عرض الأسباب الاُخر ، ولعلّ جعله كتاباً مستقلاًّ إنّما هو لأجل كثرة مسائله وفروعه دون الأسباب الاُخر .
- (1) شرائع الإسلام: 2/89 ـ 97 .