(الصفحة 323)مسألة 4 : إنّما يمنع عن التصرّف في أمواله الموجودة في زمان الحجر عليه ، وأمّا الأموال المتجدّدة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث ، أو باختياره كالاحتطاب والاصطياد وقبول الوصية والهبة ونحو ذلك ، ففي شمول الحجر لها ، بل في نفوذه ـ على فرض شموله ـ إشكال . نعم ، لا إشكال في جواز الحجر عليها أيضاً1.
المرهونة التي هي باقية على ملك الراهن ، فلا يجوز له التصرّف في الأموال المعاوضي وغيره بدون إذنهم وإجازتهم .
الثاني : الممنوع بسبب حجر الحاكم إنّما هو التصرّف الابتدائي مطلقاً . وأمّا التصرّف الذي هو من شؤون التصرّف السابق على الحجر ، كما إذا اشترى شيئاً سابقاً بخيار ثمّ حجره الحاكم فلا مانع من جواز إعمال الخيار فسخاً أو إجازةً ; لأنّ الحجر لا يؤثّر فيما هو من شؤون التصرّف السابق ، ولا دليل على تأثير الحجر بالإضافة إليه أيضاً وإن كان التصرّف فعليّاً كما هو ظاهر .
الثالث : لو كان له حقّ ماليّ سابقاً على الغير ليس له إسقاطه بعد الحجر عليه وإبراؤه كلاًّ أو بعضاً ; لأنّ هذا الحقّ من جملة أمواله المحجور عنها; لما عرفت من عدم الفرق بين الأموال بوجه .
1 ـ لا شبهة في شمول دائرة الحجر للأموال الموجودة في زمان الحجر عليه ، بل هي الملاك في ثبوت الحجر لقصورها عن الديون . وأمّا الأموال المتجدّدة الحاصلة له بغير اختياره كالإرث ، أو باختياره كالاحتطاب والاصطياد وقبول الوصيّة ونحو ذلك ممّا لا يكون تصرّفاً في ماله ، بل يوجب الزيادة عليه ، فقد استشكل في المتن في شمول الحجر لها ، بل في نفوذه على فرض الشمول ; لأنّ الثابت من الحجر
(الصفحة 324)مسألة 5 : لو أقرّ بعد الحجر بدين صحّ ونفذ ، لكن لا يشارك المقرّ له مع الغرماء على الأقوى; سواء كان الإقرار بدين سابق أو بدين لاحق ، وسواء أسنده إلى سبب لا يحتاج إلى رضا الطرفين; مثل الإتلاف والجناية ونحوهما ، أو أسنده إلى سبب يحتاج إلى ذلك; كالاقتراض والشراء بما في الذمّة ونحو ذلك1.
مسألة 6 : لو أقرّ بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص لا إشكال في نفوذ إقراره في حقّه ، فلو سقط حقّ الغرماء وانفكّ الحجر لزمه تسليمها إلى المقرّ له أخذاً بإقراره . وأمّا نفوذه في حقّ الغرماء بحيث تدفع إلى المقرّ له في الحال ففيه إشكال ، والأقوى عدمه2.
هو تعلّقه بالأموال القاصرة حال الحجر لا غيرها . نعم ، نفى الإشكال عن جواز الحجر بالإضافة إليها أيضاً ، مع أنّه أيضاً مشكل .
1 ـ لو أقرّ بعد الحجر عليه بدين صحّ ونفذ بمقتضى قاعدة الإقرار ، لكن لا يشارك المقرّ له مع الغرماء; سواء كان الإقرار بدين سابق على الحجر أو لاحق عليه ـ أمّا بالإضافة إلى الدَّين اللاحق فالأمر واضح ; لأنّ نفوذه يوجب نقص سهم الغرماء . وأمّا بالإضافة إلى الدَّين السابق فربما يشكل فيما إذا لم يكن للمقرّ له طريق إلى إثبات الدَّين غير الإقرار ، فإن قلنا بعدم نفوذه يلزم تضييع حقّ الغير ، والمفروض أنّ زمانه كان سابقاً على الحجر ـ وسواء أسنده إلى سبب لا يحتاج إلى رضا الطرفين مثل الإتلاف والجناية ونحوهما ، أو أسنده إلى سبب يحتاج إلى ذلك كالاقتراض والشراء نسيئة .
2 ـ لو أقرّ بعين من الأعيان التي تحت يده لشخص خاصّ ، فمقتضى قاعدة الإقرار المشار إليها صحّة الإقرار ونفوذه ، لكن بمعنى أنّه لو سقط حقّ الغرماء
(الصفحة 325)مسألة 7 : بعدما حكم الحاكم بحجر المفلّس ومنعه عن التصرّف في أمواله يشرع في بيعها وقسمتها بين الغرماء بالحصص وعلى نسبة ديونهم ، مستثنياً منها مستثنيات الدَّين ، وقد مرّت في كتاب الدَّين . وكذا أمواله المرهونة عند الديّان ، فإنّ المرتهن أحقّ باستيفاء حقّه من الرهن الذي عنده ، ولا يحاصّه فيه سائر الغرماء ، كما مرّ في كتاب الرهن1.
وانفكّ الرهن ـ كما إذا أبرؤوا جميعاً مثلاً ـ لزمه تسليم العين المقرّ بها إلى المقرّ له ، أخذاً بإقراره الذي يكون قوام نفوذه كون المقرّ من العقلاء . وأمّا نفوذه في حقّ الغرماء بحيث تدفع العين المقرّ بها إلى المقرّ له في الحال مع قطع النظر عن الحجر المحكوم عليه ، فقد استشكل فيه في المتن أوّلاً ثمّ قوّى العدم ، والظاهر أنّ منشأ الإشكال ما أشرنا إليه من أنّه يمكن أن تكون العين للشخص المقرّ له ، غاية الأمر أنّه لا طريق له إلى إثباته غير إقرار من هي في يده ، ومن أنّ ترتيب الأثر على هذا الإقرار يوجب خسران الغرماء ، فهو في الحقيقة تصرّف ماليّ غير مأذون فيه من ناحية الغرماء كما لا يخفى ، وهذا هو الأقوى ، وإلاّ يمكن عدم وصول شيء من الغرماء إلى طلبه ولو بعضاً بهذه الطريقة ، فتدبّر .
1 ـ بعد حكم الحاكم بالحجر ومنع المفلّس عن التصرّف في أمواله بالنحو المذكور سابقاً يشرع الحاكم في بيع أمواله القاصرة عن الديون ، ثمّ يقسم ثمنها بين الغرماء بالحصص وبنسبة ديونهم مع رعاية مستثنيات الدّين المذكورة في كتاب الدَّين وقد تقدّمت(1) . نعم ، لو كانت له أموال مرهونة عند بعض الديّان ، فالظاهر أولويّة المرتهن بذلك المال المرهون عنده ، ولا حصّة لسائر الغرماء بالإضافة إلى
(الصفحة 326)مسألة 8 : إن كان من جملة مال المفلّس عين اشتراها وكان ثمنها في ذمّته كان البائع بالخيار بين أن يفسخ البيع ويأخذ عين ماله ، وبين الضرب مع الغرماء بالثمن ولو لم يكن له مال سواها1.
مسألة 9 : الظاهر أنّ هذا الخيار ليس على الفور ، فله أن لا يبادر بالفسخ والرجوع بالعين . نعم ، ليس له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث تعطّل أمر التقسيم على الغرماء ، ولو وقع منه ذلك خيّره الحاكم بين الأمرين ، فإن امتنع ضربه مع الغرماء بالثمن2.
هذا المال إلاّ بالنسبة إلى الزيادة على الدّين الذي للمرتهن ، وقد مرّت هذه الجهة في كتاب الرهن(1) .
1 ـ لو كان من جملة مال المفلّس عين اشتراها نسيئة وكان ثمنها في ذمّته وقد حلّ وقت أدائه في حال كونه محجوراً بحكم الحاكم ، فالبائع بالخيار بين أن يفسخ البيع ويأخذ عين ماله ، وبين الضرب مع الغرماء بالثمن ، وذلك لأجل تعذّر تسليم الثمن ، من دون فرق بين أن يكون له مال سواها ، وبين أن لم يكن .
2 ـ الظاهر أنّ الخيار المذكور في المسألة السابقة لا يكون على الفور ولو عرفاً; لعدم الدليل على الفورية ، فله أن لا يبادر بالفسخ والرجوع بالعين التي باعها منه . نعم ، لا يجوز له الإفراط في تأخير الاختيار بحيث صار موجباً لتعطّل أمر التقسيم على الغرماء حتّى يتوجّه إليهم ضرر من هذه الحيثيّة أيضاً ، بل لو وقع منه التأخير الكذائي خيّره الحاكم بين الأمرين في الفور; فإن لم يختر الفسخ ضربه مع الغرماء
(الصفحة 327)مسألة 10 : يعتبر في جواز رجوع البائع بالعين حلول الدَّين ، فلا رجوع مع تأجيله . نعم ، لو حلّ المؤجّل قبل فكّ الحجر فالأصحّ الرجوع فيها1.
مسألة 11 : لو كانت العين من مستثنيات الدَّين ليس للبائع أن يرجع إليها على الأظهر2.
بالثمن ; لأنّ عدم اختياره للفسخ كاشف عن رضاه بالمعاملة ولو مع هذه الخصوصيّة ، كما لايخفى .
1 ـ قد مرّت الإشارة إلى أنّه يعتبر في جواز رجوع البائع بالمبيع حلول وقت أداء الثمن; لأنّه مع عدم حلوله لا وجه لرجوعه ، خصوصاً بعدما ذكرنا من أنّه يعتبر في الفلس قصور مال المديون عن الديون الحالّة . نعم ، جعل في المتن أنّه لو حلّ المؤجّل قبل فكّ الحجر فالأصحّ جواز الرجوع فيها; لاشتراكه حينئذ مع الديون الحالّة ، وقد عرفت جواز الرجوع فيها بعد الحكم بالحجر .
2 ـ قد عرفت أنّه لو كانت العين من مستثنيات الدَّين لا يكون للبائع الرجوع فيها كما في غير صورة عروض الفلس ، فإنّ كونه من مستثنيات الدَّين يرجع إلى أنّ وجوده كالعدم ، واللازم بقاؤه في ملك المديون وعدم صرفه في الدَّين ، فلا وجه للرجوع إليها .
إن قلت : إنّ لازم ذلك عدم جواز الرجوع في سائر الموارد ولو لم يكن ماله قاصراً عن ديونه ولم يتحقّق هناك فلس حتّى يتحقّق موضوع الحجر .
قلت : لا بأس من الالتزام بهذا اللازم والحكم بعدم جواز الرجوع في سائر الموارد أيضاً ، فتدبّر .