(الصفحة 131)مسألة 16 : لو طلب بعض الشركاء المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة ، إمّا بحسب الزمان; بأن يسكن هذا في شهر وذاك في شهر مثلاً ، وإمّا بحسب الأجزاء; بأن يسكن هذا في الفوقاني وذلك في التحتاني مثلاً ، لم يلزم على شريكه القبول ولم يجبر إذا امتنع . نعم ، يصحّ مع التراضي لكن ليس بلازم ، فيجوز لكلّ منهما الرجوع . هذا في شركة الأعيان . وأمّا في شركة المنافع ، فينحصر إفرازها بالمهاياة ، لكنّها فيها أيضاً غير لازمة . نعم ، لو حكم الحاكم الشرعي بها في مورد ـ لأجل حسم النزاع ـ يجبر الممتنع وتلزم1.
فتدبّر لكي لا يختلط عليك الأمر إن شاء الله .
1 ـ لو طلب بعض الشركاء في شركة الأعيان المهاياة في الانتفاع بالعين المشتركة بأحد النحوين المذكورين في المتن لم يلزم على شريكه القبول ولم يجبر إذا امتنع; لعدم كون المهاياة قسمة في باب الأعيان ، ولا يصدق عليها شيء من الأقسام المتقدِّمة للقسمة . نعم ، يصحّ مع التراضي لكن ليس بلازم حتّى لا يجوز لهما الرجوع ، فيمكن الرجوع بعد التراضي ، وقد عرفت(1) أنّ القسمة لا تكون بيعاً ولا معاوضة فضلاً عن المهاياة . وأمّا في شركة المنافع; كأن استأجرا معاً داراً مثلاً من مؤجر واحد ، فالظاهر أنّه لا يمكن إفراز المنافع إلاّ بالمهاياة بأحد النحوين ، لكن لا دليل على لزومها إلاّ في صورة التخاصم والتنازع وحكم الحاكم الشرعي بذلك ، فإنّه ينفذ حكمه ولا تجوز مخالفته ، كما تقرّر في كتاب القضاء(2) .
- (1) في ص 116 .
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 36 ـ 37 .
(الصفحة 132)مسألة 17 : القسمة في الأعيان بعد التماميّة والإقراع لازمة ، وليس لأحد من الشركاء إبطالها وفسخها ، بل الظاهر أنّه ليس لهم فسخها وإبطالها بالتراضي; لأنّ الظاهر عدم مشروعيّة الإقالة فيها . وأمّا بغير القرعة فلزومها محلّ إشكال1.
مسألة 18 : لا تشرع القسمة في الديون المشتركة ، فإذا كان لزيد وعمرو معاً ديون على الناس بسبب يوجب الشركة كالإرث ، فأرادا تقسيمها قبل استيفائها فعدّلا بينها وجعلا ما على الحاضر مثلاً لأحدهما ، وما على البادي للآخر لم تفرز ، بل تبقى على إشاعتها . نعم ، لو اشتركا في دين على أحد واستوفى
1 ـ القسمة بعد التمامية ، فتارةً تكون بالإقراع واُخرى بغيره ، أمّا في الصورة الاُولى : فالظاهر أنّها لازمة ليس لأحد من الشركاء فسخها وإبطالها ; لأنّ ظاهر أدلّة القرعة أنّه مع جريانها ـ الذي قد عرفت أنّها في الحقيقة إيكال الأمر إلى الله تعالى والتفويض إليه ـ يلزم الأمر وينقطع مادّة التنازع والتخاصم ، مضافاً إلى أنّ الاعتبار أيضاً يساعد ذلك; لأنّه مع عدم اللزوم وجواز الفسخ يتحقّق نقض الغرض ، وإذا انتهى الأمر إلى الحاكم الشرعي فلا سبيل له أيضاً إلاّ التوصّل بالقرعة; لعدم كون المورد مجرى البيِّنة والحلف كما لا يخفى .
وأمّا في الصورة الثانية : فقد استشكل الماتن قدّس سرّه الشريف في لزوم القسمة; لعدم الدليل عليه خصوصاً بعد عدم كونها بيعاً ولا شيئاً من المعاوضات اللازمة . نعم ، الأمر الاعتباري المذكور يساعد اللزوم هنا أيضاً .
ثمّ ليعلم أنّ الإقالة التي مرجعها إلى تراضي الطرفين عن العدول عمّا مضى لا دليل على مشروعيّتها في القسمة ، بل الدليل عليها إنّما هو بالإضافة إلى البيع ونحوه .
(الصفحة 133)أحدهما حصّته; بأن قصد كلّ من الدائن والمديون أن يكون ما يأخذه وفاءً وأداءً لحصّته ، فالظاهر تعيّنه وبقاء حصّة الشريك في ذمّة المديون1.
1 ـ قد عرفت صحّة القسمة في الأعيان المشتركة ، و كذلك في المنافع المشتركة كالمثال الذي ذكرناه ، وأمّا القسمة في الديون المشتركة فلا دليل على مشروعيّتها ، ففي المثال المذكور في المتن ـ وهو ما إذا كان المديون متعدّداً كالدائن بسبب يوجب الشركة ، كالإرث أو بيع دارهما المشتركة من مشتريين كذلك ، فأرادا التقسيم قبل الاستيفاء ـ لا تتحقّق الإفراز بحيث كان كلّ مديون مديوناً لواحد من الشركاء مثلاً دون الآخر ، بل الديون باقية على الإشاعة . نعم ، إذا كان المديون واحداً وأراد واحد من الشريكين مثلاً استيفاء حصّته ، فحيث إنّ أداء الدَّين متقوّم بالقصد ، وقد حقّقنا في كتاب القضاء(1) عدم ثبوت التهاتر القهري .
نعم ، لا شبهة في جواز المقاصّة في موردها المذكور في مبحثها(2) ، فإذا دفع المديون خصوص حصّة واحد من الشريكين بعنوان الدَّين ، وقصد الدائن ذلك أي استيفاء خصوص حصّته ، فقد استظهر في المتن التعيّن وبقاء حصّة الشريك في ذمّة المديون ، ولكن يمكن الإيراد عليه بعدم التعيّن في هذه الصورة أيضاً بعد كون سبب الدَّين بنحو الاشتراك ، والتقوّم بالقصد إنّما هو بالإضافة إلى أصل أداء الدَّين في مقابل الدفع بعنوان آخر ، وأمّا إذا كان الدَّين مشتركاً فتعيّن دين أحدهما بالقصد غير معلوم .
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 202 ـ 203 و 373 .
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 351 ـ 354 و 358 ـ 359 .
(الصفحة 134)مسألة 19 : لو ادّعى أحد الشريكين الغلط في القسمة أو عدم التعديل فيها وأنكر الآخر لا تسمع دعواه إلاّ بالبيِّنة ، فإن أقامت نقضت واحتاجت إلى قسمة جديدة ، وإن لم تكن بيّنة كان له إحلاف الشريك1.
مسألة 20 : لو قسّم الشريكان فصار في كلّ حصّة بيت ، وقد كان يجري ماء أحدهما على الآخر ، لم يكن للثاني منعه إلاّ إذا اشترطا حين القسمة ردّه عنه . ومثله ما لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الآخر من الدّار2.
1 ـ لو ادّعى أحد الشريكين الغلط في القسمة ، أو عدم التعديل فيها وأنكره الآخر ، فالمدّعي مَنْ يدّعي الغلط أو عدم التعديل ، والمنكر من ينكر ذلك; سواء فسّرنا المدّعي والمنكر بالمعنى العرفي; لأنّهما موضوعان عرفيان كما اخترناه في كتاب القضاء على ما تقدّم(1) ، أو فسّرناهما بمن يخالف قوله الأصل أو الظاهر ومن يوافقه ، أو بمن لو ترك ترك وضدّه ، فإذا كان للمدّعي البيِّنة الشرعيّة فالمقدّم قوله ، ومع عدم البيِّنة كان للمنكر الحلف ، أو إحلاف الطرف المقابل كما في سائر الموارد .
2 ـ لو قسّم الشريكان في دار مشتملة على بيتين فصار في كلّ حصّة بيت ، وقد كان يجري ماء أحدهما على الآخر ، لم يكن للثاني منعه لملاحظة هذه الجهة في القسمة المتقوّمة بتعديل السّهام أوّلاً ، ومن الواضح مدخليّة هذه الجهة في التعديل بنظر العرف والعقلاء; مثل أن يكون هذا البيت أصغر من البيت الآخر ، ومثله ما لو كان مسلك البيت الواقع لأحدهما في نصيب الآخر من الدار ، وكذا وقوع البيت في الجهة الشرقية أوالغربية أوغيرهما من الجهات التي يختلف باختلافهاالغرض والماليّة.
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء: 75 ـ 77 .
(الصفحة 135)مسألة 21 : لا تجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم إلاّ إذا وقع تشاحّ بينهم مؤدّ إلى خرابه ، ولا ترتفع غائلته إلاّ بالقسمة ، فيقسّم بين الطبقة الموجودة ، ولا ينفذ التقسيم بالنسبة إلى الطبقة اللاّحقة إذا كان مخالفاً لمقتضى الوقف بسبب اختلاف البطون قلّةً وكثرة . نعم ، يصحّ إفراز الوقف عن الطلق وتقسيمهما; بأن كان ملك نصفه المشاع وقفاً ونصفه ملكاً ، بل الظاهر جواز إفراز وقف عن وقف ، وهو فيما إذا كان ملك لأحد فوقف نصفه على زيد وذريّته ونصفه على عمرو كذلك ، أو كان ملك بين اثنين فوقف أحدهما حصّته على ذريّته مثلاً ، والآخر حصّته على ذرّيته ، فيجوز إفراز أحدهما عن الآخر بالقسمة . والمتصدّي لها الموجودون من الموقوف عليهم ووليّ البطون اللاّحقة1.
1 ـ لا تجوز قسمة الوقف بين الموقوف عليهم; لعدم كونه ملكاً طلقاً لهم ، ولذا لايجوز لهم معاملة الملك معه وإيقاع التصرّفات المتوقّفة على الملك ـ كالبيع ونحوه ـ إلاّ إذا وقع بينهم التشاحّ والتشاجر ، ويتوقّف رفعه على القسمة فقط ، وفي مثل هذا المورد يجوز بيعه أيضاً كما قرّر في محلّه(1) ، ففي المقام يقسّم بين الطبقة الموجودة ، ولكن لا ينفذ هذا التقسيم بالإضافة إلى الطبقة اللاّحقة إذا كان مخالفاً لمقتضى الوقف بسبب اختلاف البطون قلّةً وكثرة ; لأنّ كلّ بطن له أن ينتفع من جميع العين الموقوفة على حسب ما قرّره الواقف .
نعم ، لو كان هناك ملك بين وقف وطلق; بأن كان نصفه المشاع وقفاً لصحّة وقف المشاع ونصفه طلقاً ، فاُريد إفراز الطلق عن الوقف يصحّ ذلك ، كما أنّه يصحّ إفراز وقف عن وقف آخر كما في المثال المذكور في المتن ، لكن لا يجوز أن يتصدّى للإفراز
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الوقف : 82 ـ 87 .