(الصفحة 389)مسألة 7 : الحوالة لازمة بالنسبة إلى كلّ من الثلاثة إلاّ على المحتال مع إعسار المحال عليه وجهله بالحال ، كما أشرنا إليه . والمراد بالإعسار أن لا يكون عنده ما يوفي به الدَّين زائداً على مستثنياته ، ويجوز اشتراط خيار الفسخ لكلّ منهم1.
يكون المحال عليه غنيّاً غير مماطل ، أو فقيراً معدماً ، أو غيرهما .
الثاني : أنّ الحوالة مع قبول المحتال لازمة ، كما هو مقتضى أصالة اللزوم الجارية في كلّ عقد شكّ في لزومه وعدمه .
الثالث : لو كان المحتال جاهلاًبإعسار المحال عليه ـ وسيأتي معنى الإعسار في المسألة اللاحقة ـ فبان إعساره وفقره وقت الحوالة ، وأنّه لا يكون قادراً على الأداء فله الفسخ والعود على المحيل; لأنّه مع عدم ثبوت حقّ الفسخ لا يتحقّق الغرض من الحوالة .
الرابع : أنّه لا فسخ مع الفقر الطارئ على الحوالة لاستصحاب اللزوم ، كما أنّه لا يزول الخيار باليسار الطارئ للاستصحاب أيضاً .
1 ـ قد عرفت حكم الحوالة من حيث اللزوم وعدمه ، والتفصيل بين صورة الإعسار وصورة عدمه ، والغرض من هذه المسألة بيان المراد من الإعسار ، وفي المتن : أنّ المراد به أن لا يكون عنده ما يوفي به الدَّين زائداً على مستثنيات الدَّين ، كما أنّها حيث تكون لازمة في نفسها يجوز اشتراط الخيار لكلّ من الثلاثة الذين هم أركان الحوالة على ما عرفت; لما مرّ في كتاب الضمان من جواز اشتراط الخيار لعموم «المؤمنون عند شروطهم »(1) .
(الصفحة 390)مسألة 8 : يجوز الترامي في الحوالة بتعدّد المحال عليه واتّحاد المحتال ، كما لو أحال المديون زيداً على عمرو ، ثمّ أحاله عمرو على بكر ، وهو على خالد وهكذا ، أو بتعدّد المحتال مع اتّحاد المحال عليه ، كما لو أحال المحتال من له عليه دين على المحال عليه ، ثمّ أحال هو من عليه دين على ذلك المحال عليه ، وهكذا1.
مسألة 9 : لو قضى المحيل الدَّين بعد الحوالة برئت ذمّة المحال عليه ، فإن كان ذلك بمسألته رجع المُحيل عليه ، وإن تبرّع لم يرجع2.
1 ـ يجوز الترامي في الحوالة بأحد وجهين :
أحدهما : تعدّد المحال عليه واتّحاد المحتال ، كما لو أحال المديون الأصلي زيداً المحتال على عمرو ، ثمّ أحاله عمرو على بكر ، ثمّ أحاله بكر على خالد ، والسرّ في الجواز في هذا الوجه صيرورة ذمّة المحال عليه مشغولة بالدَّين بسبب قبول الحوالة وإن لم تكن مشغولة بدونه ، وعليه فلا يبقى فرق بينه وبين المديون الأصلي ، فكما أنّه تجوز الحوالة للثاني ، كذلك تجوز للأوّل ; لعدم الفرق أصلاً .
ثانيهما : تعدّد المحتال مع اتّحاد المحال عليه ، كما لو أحال المحتال من له عليه دين على المحال عليه ثمّ أحال هو من عليه دين على ذلك المحال عليه وهكذا ، والوجه في الجواز في هذه الصورة أيضاً اشتغال ذمّة المحيل في جميع المراحل وتحقّق القبول من المحال عليه ، فلا يكون في البين فقد شرط أو وجود مانع ، كما هو ظاهر .
2 ـ لو قضى شخص المحيل الدَّين الذي كان للمحتال عليه ، وأدّاه بعد تحقّق الحوالة ، يصير ذلك سبباً لحصول البراءة للمحال عليه ; لأنّه كان مديوناً بسبب الحوالة ، وقد أدّى دينه المديون الأصلي ، فتتحقّق براءة الذمّة له ولا مجال لبقاء
(الصفحة 391)مسألة 10 : لو أحال على بري وقبل المحال عليه ، هل له الرجوع على المحيل بمجرّده ، أو ليس له إلاّ بعد أداء الدَّين للمحتال؟ الأقرب الثاني1.
مسألة 11 : لو أحال البائع من له عليه دين على المشتري ، أو أحال المشتري
الاشتغال ، وقد فرّع عليه في المتن قوله : فإن كان ذلك بمسألته رجع المحيل عليه ، وإن تبرّع لم يرجع ، والظاهر أنّ مراده أنّ قضاء المحيل وأداءه الدَّين إلى المحتال إن كان إجابة لمسألة المحال عليه ذلك وقبولاً لاستدعائه ، يرجع المحيل إلى المحال عليه الذي صارت ذمّته مشغولة بعد تحقّق الحوالة ولوكان ديناً بالذات . وإن كان المحيل متبرّعاً في قضاء الدَّين لا مجال له حينئذ للرجوع; لأنّه أبرأ ذمّة المحال عليه من دون مسألته واستدعائه ، ومن المعلوم عدم اعتبار قيد المباشرة في أداء الدَّين ، كما في سائر الموارد .
1 ـ إذا كان المحال عليه بريئاً وقد قبل الحوالة مع هذا الوصف واشتغلت ذمّته للمحتال لأجل قبوله ، فهل له الرجوع على المحيل بمجرّد الحوالة وقبولها ، أو ليس له ذلك إلاّ بعد أداء الدَّين للمحتال؟ قد جعل في المتن الأقرب الثاني ، والوجه فيه ما أشرنا إليه في بعض المسائل المتقدِّمة(1) من أنّ قبول البريء الحوالة لا يرجع إلى أداء دين المحيل تبرّعاً ومجّاناً ، بل يمكن أن يكون لأجل حفظ ماء وجهه أو لبعض الجهات الاُخر ، وعليه فجواز رجوعه إلى المحيل يتوقّف على قضاء دينه وأدائه إلى المحتال .
(الصفحة 392)البائع بالثمن على شخص آخر ، ثمّ تبيّن بطلان البيع بطلت الحوالة ، بخلاف ما إذا انفسخ البيع بخيار أو بالإقالة ، فإنّه تبقى الحوالة ولم تتبع البيع فيه1.
مسألة 12 : إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معيّن خارجيّ ، فأحال دائنه عليه ليدفع إليه وقبل المحتال ، وجب عليه دفعه إليه ، ولو لم يدفع فله الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمّته2.
1 ـ لو أحال البائع من له عليه دين على المشتري ، فقبل المشتري الحوالة بتخيّل صحّة البيع واشتغال ذمّته للبائع بالثمن ، أو أحال المشتري البائع بالثمن على شخص آخر ، ثمّ تبيّن أنّ البيع كان باطلاً من أصله ولم يتحقّق فيه النقل والانتقال بالإضافة إلى المبيع والثمن ، بطلت الحوالة ; لأنّ قبولها كان لأجل تخيّل الصحّة وتحقّق النقل والانتقال ، وقد إنكشف الخلاف ، وهذا بخلاف ما إذا عرض للبيع الفسخ بالخيار أو بالإقالة ، فإنّه لا يكشف عن بطلان الحوالة بعد كون الفسخ من الحين لا من الأصل ، والحوالة متفرّعة على الأصل كما لا يخفى .
2 ـ إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معيّن خارجي ، كما إذا كان ماله عنده أمانة فأحال دائنه عليه وقبل الدائن المحتال الحوالة ، وجب على ذلك الشخص دفعه إليه لفرض كونه مالاً له وهو أمينه ، والدائن قابل للحوالة ، فلو لم يعمل الأمين ما وجب عليه ، ولم يدفع المال المعيّن إلى المحتال تبقى ذمّة المحيل على حالها; لفرض عدم تحقّق العمل الرافع للاشتغال ، ولم ينتقل الدَّين حينئذ إلى المحال عليه كما في الموارد الاُخر ; لأنّ المفروض أنّ المحال عليه ، أمينه والمال المحال به مال معيّن
(الصفحة 393)
القول في الكفالة
وهي التعهّد والالتزام لشخص بإحضار نفس له عليها حقّ; وهي عقد واقع بين الكفيل والمكفول له; وهو صاحب الحقّ ، والإيجاب من الأوّل ، ويكفي فيه كلّ لفظ دالّ على المقصود ، نحو «كفلت لك نفس فلان» ، أو «أنا كفيل لك بإحضاره» ونحو ذلك ، والقبول من الثاني ممّا دلّ على الرضا بذلك1.
مسألة 1 : يعتبر في الكفيل البلوغ والعقل والاختيار والتمكّن من الإحضار ، ولا يشترط في المكفول له البلوغ والعقل ، فيصحّ الكفالة للصبيّ والمجنون إذا قبلها الوليّ2.
خارجيّ ، فالدَّين باق على ذمّة المحيل من دون انتقال .
1 ـ الكفالة عبارة عن التعهّد والالتزام للدائن بإحضار نفس له عليها حقّ حتّى يمكن له قضاء دينه منه والوصول إلى الحقّ الذي عليه ، ويعبّر عن صاحب الحقّ بالمكفول له ، وعن الملتزم بالإحضار الكفيل . وهي عقد وإنشاء واقع بينهما ، غاية الأمر أنّ الإيجاب من المتعهّد بالإحضار ، والقبول من صاحب الحقّ ، ولا مدخلية للفظ خاصّ وصيغة مخصوصة لهذا العقد ، بل يكفي في الإيجاب كلّ لفظ دالّ على المقصود; نحو «كفلت لك نفس فلان» ، أو «أنا كفيل لك بإحضاره» أو نحو ذلك ، وفي القبول ما يدلّ على الرضا بذلك أيّ لفظ كان ، ولا مدخلية لرضا المكفول وموافقته لذلك ، كما في المثال على ما مرّ من اعتبار قوله .
2 ـ يشترط في الكفيل ما اشترطناه في المحيل من البلوغ والعقل والاختيار وأمر زائد على ما ذكر; وهو التمكّن من الإحضار والقدرة عليه ; لأنّه الغرض من الكفالة ، وأمّا المكفول له فلا يعتبر فيه البلوغ والعقل وإن كان طرفاً للعقد قطعاً ،