(الصفحة 231)الأزمنة إذا سقطت عن الاعتبار ، فالظاهر الاشتغال بالدراهم والدنانير الرائجة .نعم ، لو فرض وقوع القرض على الصكّ الخاصّ بنفسه ـ بأن قال : «أقرضتك هذا الكاغذ المسمّى بالنوت» ـ كان حاله حال الدراهم ، وهكذا الحال في المعاملات والمهور الواقعة على الصكوك1.
1 ـ ربما يُقال : إنّ إسقاط الدراهم والدنانير على أقسام :
الأوّل : إسقاط الرواج الفعلي مع بقاء أصل المالية من كلّ جهة ، بلا فرق في هذه الجهة بين السابقة واللاحقة ، بل ربما تكون القيمة في السابقة أكثر ، كالسكوك التي كانت من الفضّة الواقعية في الزمن السابق ، فإنّها وإن لم تكن رائجة فعلاً لكن قيمتها تكون أكثر من السابقة .
الثاني : إسقاط أصل المالية رأساً ، فلا تكون للسابقة قيمة أصلاً ، كالسكوك التي كانت في زمن الطاغوت والآن لا قيمة لها أصلاً; لخلوّها عن الفضّة الواقعيّة .
الثالث : تغيير السعر في الجملة بين السابقة واللاحقة مع بقاء الرواج وسائر الجهات ، ومقتضى قاعدة ضمان المثلي بالمثل هو اشتغال الذمّة بالمثل في القسم الأوّل والأخير ، كما أنّ مقتضى بناء القرض وسائر الضمانات على تحفّظ المالية مهما أمكن ذلك ، هو اشتغال الذمّة بالقيمة في الوسط بناءً على متعارف الناس في هذا الموضوع .
هذا مع قطع النظر عن الروايات ، وأمّا بملاحظتها ، فقد وردت فيه روايتان :
إحداهما : رواية يونس قال : كتبت إلى الرضا (عليه السلام) : إنّ لي على رجل ثلاثة آلاف درهم ، وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيّام ، وليست تنفق اليوم ، فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها ، أو ما ينفق اليوم بين الناس ؟
قال: فكتب (عليه السلام) إليّ : لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين
(الصفحة 232)
الناس(1) . ولابدّ من حمله على ما مرّ من القسم الثاني ، جمعاً بينه وبين ما يأتي .
ثانيتهما : رواية عبّاس عن صفوان قال : سأله معاوية بن سعيد عن رجل استقرض دراهم من رجل ، وسقطت تلك الدراهم أو تغيّرت ، ولا يباع بها شيء ، ألصاحب الدراهم الدراهم الاُولى ، أو الجائزة التي تجوز بين الناس؟ فقال : لصاحب الدراهم الدراهم الاُولى(2) . ولابدّ من حمله على سقوط الرواج الفعلي لا سقوط أصل المالية جمعاً بينه وبين ما مرّ .
هذا كلّه في الدراهم والدنانير ، وأمّا الأوراق الرائجة كالورقة النقديّة بعد الثورة الإسلامية ، وقد استدرك منه ما لو فرض وقوع القرض على الصك الخاص بنفسه; بأن قال : «أقرضتك هذا القرطاس المسمّى بالنوت» كان حاله حال الدراهم ، وكذا الحال في المعاملات والمهور الواقعة على الصكوك; بأن يكون لنفس الورق من حيث هو موضوعيّة خاصّة ، كما في الطوابع الرائجة في البريد في جميع الدول ، فالحكم في الجميع حكم الدراهم على ما مرّ من تصوير الأقسام الثلاثة فيه ، فتدبّر .
- (1) الكافي: 5/252 ح1 ، تهذيب الأحكام: 7/116 ح505 ، الاستبصار: 3/100 ح345 ، وعنها الوسائل: 18/206 ، كتاب التجارة ، أبواب الصرف ب20 ح1 .
- (2) تهذيب الأحكام: 7/117 ح508 ، الاستبصار: 3/99 ح344 ، وعنهما الوسائل: 18/207 ، كتاب التجارة ، أبواب الصرف ب20 ح4 .
(الصفحة 233)
كــتاب الـرَّهن
(الصفحة 234)
(الصفحة 235)
[مسائل الرهن]
وهو عقد شرّع للاستيثاق على الدَّين ، ويقال للعين: الرهن والمرهون ، ولدافعها: الراهن ، ولآخذها المرتهن ، ويحتاج إلى الإيجاب من الراهن; وهو كلّ لفظ أفاد المقصود في متفاهم أهل المحاورة ، كقوله : «رهنتك» أو «أرهنتك» أو «هذا وثيقة عندك على مالك» ونحو ذلك ، والقبول من المرتهن ، وهو كلّ لفظ دالّ على الرضا بالإيجاب. ولايعتبر فيه العربيّة، بل الظاهروقوعه بالمعاطاة1.
1 ـ هذه المادّة ـ أي مادّة رهن ـ المستعملة في الكتاب العزيز ، وفي الروايات الكثيرة ، وفي الاستعمالات العرفية بمعنى الاستيثاق والثبات والتأكيد ونحوه ، قال الله تعالى :
{كُلُّ امْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}(1) ، وقال أيضاً :
{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}(2) .
وفي كلام عليّ (عليه السلام) مخاطباً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ على ما هو المحكي ـ في نهج البلاغة عند دفن فاطمة الشهيدة (عليها السلام) : فلقد استرجعت الوديعة وأُخذت الرهينة(3) .
- (1) سورة الطور : 52/21 .
- (2) سورة البقرة : 2/283 .
- (3) نهج البلاغة خطبة 202 .