(الصفحة 71)مسألة 32 : لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه حتّى لو أرسل المال إلى بلد آخر غير بلد المالك وكان ذلك بإذنه ، ولو كان بدون إذنه يجب عليه الردّ إليه حتّى أنّه لو احتاج إلى اُجرة كانت عليه1.
مسألة 33 : لو كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك إن لم يكن فلا مجال لرجوع المالك إليه والأخذ منه وإن عرّفه العامل ، كما لايخفى .
1 ـ لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه . نعم ، ذكر السيّد في العروة أنّه لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك ـ ولو كان بإذنه ـ يمكن دعوى وجوب الردّ إلى بلده ، ثمّ قال : ولكنّه مع ذلك مشكل ، وقوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .» لا يدلّ على أزيد من التخلية ، وإذا احتاج الردّ إليه إلى الاُجرة فالاُجرة على المالك ، كما في سائر الأموال .
نعم ، لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر وحصل الفسخ فيه يكون حاله حال الغاصب في وجوب الردّ والاُجرة ، وإن كان ذلك للجهل بالحكم الشرعي من عدم جواز السفر بدون إذنه(1) .
أقول : لعدم الفرق في وجوب الردّ والاُجرة في الفرض المزبور بين صورتي الجهل والعلم ، كما في مورد الغصب ، وقد انقدح ممّا ذكرنا صحّة التفصيل المذكور في المتن ، فتدبّر جيّداً .
- (1) العروة الوثقى: 2/563 مسألة 3443 .
(الصفحة 72)إذنه في التجارة متقيّداً بالمضاربة ، وإلاّ تتوقّف على إجازته ، وبعد الإجازة يكون الربح له; سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين ، وللعامل اُجرة مثل عمله لو كان جاهلاً بالفساد; سواء كان المالك عالماً به أو جاهلاً ، بل لو كان عالماً بالفساد فاستحقاقه لاُجرة المثل أيضاً لا يخلو عن وجه; إذا حصل ربح بمقدار كان سهمه على فرض الصحّة مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد .
وأمّا مع عدم الربح أو نقصان سهمه عنها ، فمع علمه بالفساد لا يبعد عدم استحقاقه على الأوّل ، وعدم استحقاق الزيادة عن مقدار سهمه على الثاني ، ومع جهله به فالأحوط التصالح ، بل لا يترك الاحتياط به مطلقاً ، وعلى كلّ حال لا يضمن العامل التلف والنقص الواردين على المال . نعم ، يضمن على الأقوى ما أنفقه في السفر على نفسه وإن كان جاهلاً بالفساد1.
1 ـ لو كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك إن لم يكن إذنه في التجارة متقيّدة بالمضاربة ، وإلاّ تصير معاملات العامل فضوليّة تتوقّف على إجازته ، وبعد الإجازة يكون الربح للمالك; سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين; لعدم مدخلية الجهل في الخروج عن الفضوليّة . وأمّا العامل فإن كان جاهلاً بفساد المضاربة رأساً فله اُجرة مثل عمله ولا نصيب له من الربح; سواء كان المالك عالماً بالفساد أو جاهلاً ، وإن لم يكن جاهلاً بالفساد بل عالماً به ، فقد نفى في المتن الخلوّ عن الوجه في الاستحقاق لاُجرة المثل; إذا حصل ربح بمقدار كان سهمه على فرض الصحّة مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد; لأنّ استحقاق اُجرة المثل متيقّن على كلّ حال ; لأنّ المفروض أنّ سهمه من الربح مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد .
نعم، لو لم يكن هناك ربح أصلاً ، أو كان سهمه ناقصاً عن اُجرة المثل ، ففي صورة علمه بالفساد كما هو المفروض نفى البُعد عن عدم استحقاقه مع عدم حصول ربح
(الصفحة 73)مسألة 34 : لو ضارب بمال الغير من دون وكالة ولا ولاية وقع فضوليّاً ، فإن أجازه المالك وقع له وكان الخسران عليه ، والربح بينه وبين العامل على ما شرطاه . وإن ردّه فإن كان قبل أن يعامل بماله طالبه ويجب على العامل ردّه إليه ، وإن تلف أو تعيّب كان له الرجوع على كلّ من المضارب والعامل ، فإن رجع على الأوّل لم يرجع هو على الثاني ، وإن رجع على الثاني رجع هو على الأوّل . هذا إذا لم يعلم العامل بالحال ، وإلاّ يكون قرار الضمان على من تلف أو تعيّب عنده ، فينعكس الأمر في المفروض . وإن كان بعد أن عومل به كانت المعاملة فضوليّة ، فإن أمضاها وقعت له ، وكان تمام الربح له وتمام الخسران عليه ، وإن ردّها رجع بماله إلى كلّ من شاء من المضارب والعامل كما في صورة
على الأوّل ، وعدم استحقاق الزيادة عن مقدار سهمه على الثاني ، وذلك للإقدام مع انكشاف الحال عنده والعلم بالفساد ، وفي صورة الجهل احتاط وجوباً بالتصالح ; لأنّ المفروض ثبوت الجهل بالفساد مطلقاً من ناحية ، وكون عمله محترماً من ناحية اُخرى ، فالأحوط التصالح ، بل نهى عن ترك الاحتياط بالتصالح مطلقاً ، وعلى كلّ حال لا يضمن العامل التلف والنقص الواردين على المال ; لأنّ كلّ عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده .
نعم ، يضمن ما أنفقه في السفر على نفسه وإن كان جاهلاً بالفساد; لأنّ الجهل لا يؤثّر في الحكم الوضعي بالضمان أوّلاً ، وخروج النفقة في المضاربة الصحيحة إنّما هي كانت مستندة إلى الإذن من المالك على ما هو المتعارف ، والمفروض بطلان المضاربة وإن كان المالك أيضاً جاهلاً بالفساد ، كما لايخفى . وإن شئت قلت : إنّ عدم الضمان في المضاربة الصحيحة ليس لأجل اقتضاء المضاربة ذلك ، بل إنّما هو لأجل الإذن العرفي غير الموجود في المضاربة الفاسدة ، كما هو ظاهر .
(الصفحة 74)التلف ، ويجوز له أن يجيزها على تقدير حصول الربح ، ويردّها على تقدير الخسران; بأن يلاحظ مصلحته ، فإن رآها رابحة أجازها وإلاّ ردّها .
هذا حال المالك مع كلّ من المضارب والعامل . وأمّا معاملة العامل مع المضارب ، فإن لم يعمل عملاً لم يستحقّ شيئاً ، وكذا إذا عمل وكان عالماً بكون المال لغير المضارب . وأمّا لو عمل ولم يعلم بكونه لغيره استحقّ اُجرة مثل عمله ورجع بها على المضارب1.
1 ـ لو ضارب بمال الغير من دون وكالة ولا ولاية ، فهنا عناوين خمسة : المالك ، والمضارب ، والعامل ، وعقد المضاربة ، والمعاملة الواقعة بعده على تقدير الوقوع ، ولذا يترتّب هنا أحكام كثيرة تالية :
الأوّل : أنّ عقد المضاربة وقع فضوليّاً ; لأنّ المفروض عدم إذن المالك ولا الشارع ، ولا ثبوت الوكالة ولا الولاية; لجريان الفضوليّة في جميع العقود إلاّ ما قام فيه الدليل على الخلاف ، كالنكاح ونحوه .
الثاني : أنّ العقد الفضولي يتوقّف على إجازة المالك الحقيقي ، وفي المقام إن أجاز المالك عقد المضاربة الواقع فضولاً وقع له ، وكان الخسران عليه والربح بينه وبين العامل على ما شرطاه ، من دون أن يكون للمضارب شيء ; لأنّ مرجع الإجازة ليس إلاّ إلى وقوع عقد المضاربة للمالك ، والتصرّف في ماله بهذا العنوان وترتّب أحكام المضاربة عليه ، التي منها اشتراك الربح بين المالك والعامل ، كما عرفت .
الثالث : إن ردّ المالك العقد الفضولي المذكور ، فإن كان ذلك قبل تحقّق التجارة والمعاملة من العامل يجوز له مطالبة العامل استرداد ماله ، ويجب عليه ردّه إليه ; لأنّه ماله وقع في يده بغير إذن ولا إجازة وإن كان الغير جاهلاً بذلك . هذا في صورة
(الصفحة 75)
بقاء المال وعدم تعيّبه ، وأمّا في صورة التلف أو التعيّب كان له الرجوع على كلّ من المضارب والعامل ، كما في سائر موارد تعاقب الأيادي ، فإن رجع إلى الأوّل ـ أي المضارب ـ لم يرجع هو على الثاني أي العامل ، وإن رجع إلى الثاني يرجع هو على الأوّل .
هذا إذا لم يعلم العامل الحال ، وإلاّ يكون قرار الضمان واستقراره على من تلف أو تعيّب عنده ، فينعكس الأمر في المفروض . وإن كان ردّ المضاربة الفضولية بعد أن عومل بماله من قبل العامل كانت التجارة الواقعة من العامل فضوليّة ; لأنّها تجارة بمال الغير ، فإن أمضاها المالك الأصلي فالمعاملة تقع له ، ويترتّب عليه كون تمام الربح له وتمام الخسران عليه كسائر المعاملات الفضوليّة ، وإن ردّها تجوز له المراجعة إلى كلّ من شاء من المضارب والعامل كما في صورة التلف ، ولا فرق في ذلك بين صورتي العلم والجهل ، ويجوز للمالك مراعاة مصلحته في هذه التجارة ، فإن رآها رابحة أجازها وتمام الربح له ، وإن رآها غير رابحة ردّها .
هذا حال المالك مع كلّ من المضارب والعامل . وأمّا حال العامل مع المضارب ، فإن لم يعمل عملاً بعد أو عمل ولكن كان عالماً بكون المال لغير المضارب ، فلا يستحقّ شيئاً لا من الربح ولا اُجرة المثل ، أمّا الأوّل: فواضح ، وأمّا الثاني: فلعدم الأمر به من المالك ، وصدور الإذن من المضارب غير المالك أو الوكيل عنه أو الولي غير مجد أصلاً . هذا فيما لو لم يعمل عملاً أصلاً ، وأمّا مع تحقّق العمل منه خارجاً فالظاهر استحقاق اُجرة المثل على المضارب في صورة الجهل; لكونه مغروراً من قبله ، والمغرور يرجع إلى الغارّ كما لايخفى .