(الصفحة 258)مسألة 21 : منافع الرهن كالسكنى والركوب ، وكذا نماءاته المنفصلة كالنتاج والثمر والصوف والشعر والوبر ، والمتّصلة كالسمن والزيادة في الطول والعرض ، كلّها للراهن; سواء كانت موجودة حال الارتهان أو وجدت بعده ، ولا يتبعه في الرّهانة إلاّنماءاته المتّصلة ، وكذا ما تعارف دخوله فيه بنحو يوجب التقييد1.
لا يكون مالكاً له ، بل إنّما هي وثيقة للدَّين يتبعها الأحكام الآتية إن شاء الله تعالى . نعم ، لا مانع من التصرّف إذا كان مسبوقاً بإذن الراهن ، فلو تصرّف فيه بأيّ نحو من التصرّف ولو بمثل الركوب يصير متعدّياً وعليه الضمان لو تلفت العين المرهونة بسببه ، كما أنّ عليه اُجرة المثل لما استوفاه من المنفعة بدون الإذن ، ولو كان تصرّف المرتهن بمثل البيع والإجارة تكون المعاملة فضولية تحتاج إلى إجازة الراهن ; لأنّه المالك ، فإن كان التصرّف المذكور بيعاً أو إجارة أو نحوهما يكون الثمن والاُجرة المسمّـاة للراهن المالك ، والفرق بين البيع والإجارة أنّه في البيع يصير الثمن رهناً فلا يجوز لكلّ منهما التصرّف فيه كما في أصل الرّهن ، وفي الإجارة تبقى العين بعنوان الرهن وإن كان مال الإجارة للراهن ، والمفروض عروض الإجازة لها ، وممّا ذكرنا ظهر أنّه مع عدم تحقّق الإجازة من الراهن المالك يكون البيع أو الإجارة فاسداً .
1 ـ منافع الرهن إنّما هي مثل الرهن في كونه ملكاً للراهن ، من دون فرق بين مثل السكنى والركوب ، وبين نماءاته المنفصلة كالنتاج والثمر والصوف والشعر والوبر ، وبين نماءاته المتّصلة كالسمن في الحيوان والزيادة في الطول والعرض في مثل الشجر ، وكذا لا فرق بين المنافع الموجودة حال الارتهان والمتجدّدة بعده ،
(الصفحة 259)مسألة 22 : لو رهن الأصل والثمرة أو الثمرة منفردة صحّ ، فلو كان الدَّين مؤجّلاً وأدركت الثمرة قبل حلول الأجل ، فإن كانت تجفّف ويمكن إبقاؤها بالتجفيف جفّفت وبقيت على الرهن ، وإلاّ بيعت وكان الثمن رهناً إذا استُفيد من شرط أو قرينة أنّها رهن بماليّتها1.
مسألة 23 : لو كان الدَّين حالاًّ ، أو حلّ وأراد المرتهن استيفاء حقّه ، فإن
ضرورة أنّ كلّها تابع لملكيّة العين الثابتة للراهن ، وأمّا التبعيّة في الرهن فتختصّ بالنماءات المتّصلة غير المنفصلة عنها ، وكذا بما تعارف دخوله فيه بنحو يكون مثل الاشتراط ، كالحمل على ما عرفت في بعض المسائل السابقة(1) ، فراجع .
1 ـ يجوز رهن الثمرة على الشجرة; سواء كانت مستقلّة أو مع أصلها منضمّة ، وحينئذ فلو كان الدَّين مؤجّلاً ولكن أدركت الثمرة قبل حلول الأجل ، ولا محالة تفسد مع البقاء إلى حلول الأجل ، فإن أمكن إبقاء الثمرة بالتجفيف جفّفت وبقيت الثمرة مجفّفة على الرهن ، ويمكن الاستشكال في إطلاق الحكم بالإضافة إلى صورة قلّة القيمة بالتجفيف ، إلاّ أن يُقال : إنّ علم الراهن بإدراك الثمرة قبل حلول الأجل ، وبناءه على عدم الأداء قبله لازم للإذن بالبيع مع الجفاف ولو مع قلّة القيمة ، وإن لم يمكن الإبقاء مع التجفيف تباع الثمرة ويكون الثمن رهناً ، لكن قيّده في المتن بما إذا استُفيد من شرط أو قرينة أنّ الثمرة رهن بماليّتها ، ولعلّ مفهومه بطلان الرهن مع العلم بحصول الجفاف قبل حلول الأجل وعدم إمكان التجفيف وعدم كون الثمرة رهناً بماليّتها .
- (1) في ص253 ـ 254 مسألة 17 .
(الصفحة 260)كان وكيلاً عن الراهن في بيع الرهن واستيفاء دينه منه ، فله ذلك من دون مراجعة إليه ، وإلاّ ليس له أن يبيعه ، بل يراجعه ويطالبه بالوفاء ولو ببيع الرهن أو توكيله فيه ، فإن امتنع رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع ، فإن امتنع على الحاكم إلزامه باعه عليه بنفسه أو بتوكيل الغير ، وإن لم يمكن ذلك لعدم بسط يده استأذن المرتهن منه للبيع . ومع فقد الحاكم أو عدم إمكان الإذن منه باعه المرتهن واستوفى حقّه من ثمنه إن ساواه ، أو بعضه إن كان أقلّ ، وإن كان أزيد فهو أمانة شرعيّة يوصله إلى صاحبه1.
مسألة 24 : لو لم يكن عند المرتهن بيِّنة مقبولة لإثبات دينه ، وخاف من أنّه
1 ـ لو كان الدَّين حالاًّ ، أو حلّ ولم يؤدّ الراهن الدَّين وأراد المرتهن استيفاء حقّه ، فإن كان وكيلاً عن الراهن في بيع الرهن واستيفاء دينه عنه ; بمعنى كونه وكيلاً عنه في صورة عدم الأداء من دون مراجعة إلى الراهن ، فللمرتهن ذلك بمقتضى الوكالة ، وإن لم يكن وكيلاً عنه كذلك لا يكون له حقّ البيع لأنّه بيع مال الغير ، بل يراجع الراهن ويطالبه بالوفاء ، ولو بأن يبيع بنفسه الرهن أو يوكّل غيره في ذلك ، فإن امتنع الراهن من ذلك يرفع لا محالة أمره إلى الحاكم ، وهو يلزمه بالوفاء أو البيع ثمّ الأداء ، فإن امتنع على الحاكم الإلزام به باعه الحاكم بنفسه أو بتوكيل الغير ولو كان هو المرتهن ، وإن لم يمكن للحاكم ذلك لعدم بسط يده استأذن المرتهن منه البيع ، وفي صورة فقد الحاكم أو عدم إمكان الإذن منه باعه المرتهن واستوفى حقّه من الثمن لو كان مساوياً للدَّين أو أقلّ ، ولو كان الدَّين أقلّ من الثمن يبقى الزائد عن الدَّين في يده أمانة من طرف الشارع يجب عليه الإيصال إلى صاحبه الذي هو الراهن ، والوجه في جميع ذلك واضح .
(الصفحة 261)لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن الدَّين فأخذ منه الرهن بموجب اعترافه وطولب منه البيّنة على حقّه ، جاز له بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم . وكذا لو مات الراهن وخاف المرتهن جحود الوارث1.
1 ـ لو لم يكن عند المرتهن بيِّنة مقبولة لإثبات الدَّين وكون ما عنده رهناً عليه مع رضا المالك ، وخاف من أنّه لو اعترف عند الحاكم بالرهن جحد الراهن أصل الدَّين الذي يكون مقتضى الأصل عدمه ، وفي هذه الصورة يثبت الحكم بنفعه; لعدم وجود البيِّنة المقبولة للمرتهن الذي هو المدّعي ; لأنّ مرجع الاعتراف بالرهن إلى كونه ملكاً للراهن دونه ، ومع هذا الاعتراف لا مجال لليد التي هي أمارة على الملكيّة ، فيكون قوله مخالفاً للأصل ، والعنوان المنطبق عليه عنوان المدّعي الذي عليه إقامة البيِّنة والمفروض عدمها ، وحينئذ يجوز للمرتهن بيع الرهن من دون مراجعة إلى الحاكم فيما إذا كان معتقداً في مقام الثبوت بثبوت الدين ، وكون ملك الغير عنده رهناً في مقابل الدين ، ضرورة أنّ البحث إنّما هو في صورة تماميّة الأمر من جهة مقام الثبوت . غاية الأمر عدم القدرة على الإثبات عند الحاكم; لعدم البيِّنة المقبولة على الدعوى كما هو المفروض .
وكذا لو لم يكن الراهن منكراً للدَّين والرهن ، ولكنّه عرض له الموت وخاف المرتهن جحود الوارث ، فيجوز له بيع الرهن من دون مراجعة الحاكم ; لأنّه لا دليل له على إثبات دعواه .
وممّا ذكرنا ظهر الحكم فيما إذا لم يكن الراهن منكراً للدَّين ، بل منكراً لكون المال عنده رهناً ولا يكون للمرتهن دليل على ذلك ، فإنّه في هذه الصورة يجوز له مراجعة الحاكم حتّى يلزمه بالوفاء ولو بأن يبيع مال الراهن الذي ينكر كونه رهناً ، كما لايخفى .
(الصفحة 262)مسألة 25 : لو وفى بيع بعض الرهن بالدَّين اقتصر عليه على الأحوط لو لم يكن الأقوى ، وبقي الباقي أمانة عنده ، إلاّ إذا لم يمكن التبعيض ولو من جهة عدم الراغب ، أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكلّ1.
مسألة 26 : لو كان الرهن من مستثنيات الدَّين ـ كدار سكناه ودابّة ركوبه ـ جاز للمرتهن بيعه واستيفاء طلبه منه كسائر الرهون ، لكن الأولى الأحوط عدم إخراجه من ظلّ رأسه2.
1 ـ لو فرض أنّ بيع بعض الرهن يفي بالدَّين ويساويه ، ففي المتن أنّ الأحوط لو لم يكن الأقوى الاقتصار على بيع البعض; لأنّ الغرض من الرهن هو وفاء الدَّين منه لئلاّ يذهب دين المرتهن بحيث لا يكون في مقابله شيء ، فإذا كان بيع البعض وافياً بهذا الغرض فلا مجال لبيع الجميع مع كونه ملكاً للغير الرّاهن ، لكن هذا فيما إذا أمكن التبعيض في البيع من جهة الراغب وعدم توجّه ضرر على المالك ، كما إذا كان عنده رهن صبرة من حنطة مثلاً ، ويفي بيع النصف بالدَّين ويساويه ، وأمّا إذا لم يمكن التبعيض إمّا من جهة عدم الراغب ، أو من جهة توجّه ضرر على المالك مع بيع البعض ، كما لو فرض أنّ عنده رهن دار محقّرة تكون قيمتها ضعف الدَّين ، لكن التبعيض في بيع الدار الكذائيّة إمّا لا راغب فيها ، وإمّا أن يكون موجباً لضرر المالك ، فإنّه يجوز في هذه الصورة أداء الزائد عن الدَّين إلى الراهن ، والوجه فيه واضح .
2 ـ لو كان الرهن من مستثنيات الدَّين; كدار سكناه أو دابّة ركوبه أو مثل ذلك ، فهل يجوز للمرتهن بيعه واستيفاء دينه منه كسائر الرهون غير المستثناة من الدَّين ، أم لا يجوز؟ ربما يتوهّم عدم الجواز ; لأنّ المفروض كونه من المستثنيات ، فلا يجوز