(الصفحة 170)لأحدهما أشجاراً معلومة وللآخر اُخرى .
نعم ، لا يبعد جواز أن يشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة والاشتراك في البقيّة ، أو يشترط لأحدهما مقدار معيّن مع الاشتراك في البقيّة إذا علم كون الثمر أزيد منه وأنّه تبقى بقيّة1.
1 ـ الشرائط المعتبرة في هذا العقد كالشرائط المذكورة المتقدِّمة في كتاب المزارعة(1) ، ولكن حيث تكون المعاقدة على سقي اُصول بحصّة من ثمرها يعتبر فيه شرائط اُخرى أيضاً :
1 : أن تكون الاُصول مملوكة عيناً أو منفعة للمتعامل ، أو يكون نافذ التصرّف بولاية شرعية أو وكالة عرفية أو غيرهما ، والوجه في اعتباره واضح .
2 : أن تكون الاُصول مغروسة ثابتة ، فلا تصحّ في الفسيل قبل الغرس ولا في الاُصول غير الثابتة ، كالبطّيخ والخيار ونحوهما من الباذنجان والقطن وقصب السكّر ، ولكن ذكر السيّد في العروة أنّه لا يبعد الجواز للعمومات وإن لم يكن من المساقاة المصطلحة ، بل لا يبعد الجواز في مطلق الزرع كذلك ، فإنّ مقتضى العمومات الصحّة بعد كونه من المعاملات العقلائية ، ولا يكون من المعاملات الغررية عندهم ، غاية الأمر أنّها ليست من المساقاة المصطلحة(2) .
هذا، والظاهر عدم كونهامن المعاملات غيرالغرريّة عندالعقلاء بعدعدم معلوميّة الثمر ومقداره ، وتعيين الكسر المشاع لا يجدي في ذلك ، ومن الممكن عدم حصول الثمرة في عام مثلاً ولو بسبب غير اختياري ، فالقدر الثابت من المساقاة التي لا شبهة في مشروعيّتها هي الاُصول الثابتة الموجودة في مثل البساتين المشتملة
- (1) في ص141 ـ 145 .
- (2) العروة الوثقى: 2/617 ـ 618 .
(الصفحة 171)مسألة 1 : لا إشكال في صحّة المساقاة قبل ظهور الثمر ، وفي صحّتها بعد الظهور وقبل البلوغ قولان ، أقواهما الصحّة إذا كانت الأشجار محتاجة إلى السقي أو عمل آخر ممّا تستزاد به الثمرة ولو كيفيّة ، وفي غيره محلّ إشكال ، كما أنّ الصحّة بعد البلوغ والإدراك ـ بحيث لا يحتاج إلى عمل غير الحفظ والاقتطاف ـ محلّ إشكال1.
على أشجار مختلفة .
3 : كون المدّة معلومة معيّنة بما لا يحتمل الزيادة والنقصان ، ولو جعلت المدّة بلوغ الثمرة في هذا العام فالظاهر كفايتها بشرط تعيين الشروع والمبدأ ; لأنّ التعيّن حينئذ معلوم عند العرف والعقلاء .
4 : أن تكون الحصّة معلومة بنحو الإشاعة كالنصف أو الثلث مثلاً ، فلا يصحّ أن يجعل لأحدهما مقداراً معيّناً والبقيّة للآخر ، وإن قلنا بصحّة مثله في باب المضاربة(1) خلافاً للمشهور ، إلاّ أنّه لا يجوز في المقام; لاحتمال عدم الثمرة رأساً ، والمفروض تعيّن الثمرة في ذلك . وكذا لا يصحّ أن يجعل لأحدهما أشجاراً معيّنة وللآخر الاُخرى ، ونفى في المتن البُعد عن جواز اختصاص أحدهما بأشجار معلومة والاشتراك في الاُخرى ; لأنّه بمنزلة خلوّ البستان عن تلك الأشجار المعلومة ، والمفروض ثبوت الاشتراك في البقيّة ، أو يشترط مقداراً معيّناً زائداً لأحدهما بعد الاشتراك في البقيّة إذا علم بزيادة ذلك المقدار زائداً على الحصّة المشتركة .
1 ـ والصحّة قبل ظهور الثمر هو المتيقّن من المساقاة المصطلحة المشروعة ، وأمّا
- (1) في ص 21 ـ 23 ، الشرط الثامن .
(الصفحة 172)
صحّتها بعد الظهور وقبل البلوغ ، فقد قوّى في المتن فيه الصحّة إذا كانت الأشجار محتاجة إلى السقي أو عمل آخر تستزاد به الثمرة ولو من حيث الكيفيّة ، وقد استشكل في غير هذه الصورة ، والوجه في الصحّة في الصورة الاُولى واضح; لصدق عنوان المساقاة عليه ، خصوصاً فيما إذا كانت الأشجار محتاجة إلى السقي ، وأمّا الاستشكال في الصورة الاُخرى ، فلأنّ المفروض عدم الافتقار إلى عمل العامل فيما يتعلّق بالأثمار .
ولكن السيّد في العروة قوّى صحّتها مطلقاً; سواء كان العمل ممّا يوجب الاستزادة أم لا ، خصوصاً إذا كان في جملتها بعض الأشجار التي بعد لم يظهر ثمرها(1) .
ويدلّ على الإطلاق صحيحة يعقوب بن شعيب(2) ، فإنّ مقتضى ترك الاستفصال فيها عدم الفرق بين كون احتياجه للعمل بعد ظهور الثمر أو قبله ، وأمّا الاستشكال في الصحّة بعد البلوغ والإدراك بحيث لا يحتاج إلى عمل غير الحفظ والاقتطاف ، فلأنّ الظاهر أنّ المساقاة المشروعة إنّما هي بمنظور التأثير في الثمرة كمّاً أو كيفاً ، وأمّا الحفظ والاقتطاف فهما أمران مترتّبان على الثمرة ، وقد ادّعى السيّد (قدس سره)في العروة عدم الخلاف في بطلان المساقاة في هذه الصورة ، ولكنّه استشكل في الصحّة في بعض المسائل الآتية ، وكيف كان فالحقّ مع ما في المتن لما ذكرنا .
- (1) العروة الوثقى: 2/617 مسألة 3531 .
- (2) الكافي: 5/268 ح2 ، تهذيب الأحكام: 7/198 ح876 ، الفقيه: 3/154 ح678 ، وعنها الوسائل: 19/44 ، كتاب المزارعة والمساقاة ب9 ح2 .
(الصفحة 173)مسألة 2 : لا تجوز المساقاة على الأشجار غير المثمرة كالخلاف ونحوه . نعم ، لا يبعد جوازها على ما ينتفع بورقه أو ورده منها ، كالتوت الذَّكر والحنّاء وبعض أقسام الخلاف ذي الورد ونحوها1.
1 ـ لا تجوز المساقاة على أشجار غير المثمرة التي لا ينتفع بورقها أو وردها ; لأنّ هذه المساقاة لا تترتّب عليها نتيجة بعد فرض كون الاُصول الثابتة لمالكها الأوّلي ، وعدم وصول نتيجة إلى الساقي والعامل ; لعدم ثبوت الثمرة ولا الانتفاع بالورق أو الورد . نعم ، في الأشجار التي تترتّب عليها الثمرة الأخيرة لايبعد القول بالجواز; لعدم انحصار الثمرة بالثمرة المأكولة للإنسان ، لكن اُورد عليه بأنّ العمومات والإطلاقات لا تشمل مثل هذه المعاوضة; لتضمّنها تمليك المعدوم بالفعل ، والأدلّة الخاصّة قاصرة الشمول عن مثل المقام ، فإنّ صحيحة يعقوب بن شعيب وكذا أخبار خيبر(1) واردة في الأشجار المثمرة; لاشتمالهما على النخيل والأشجار الاُخر مثله .
هذا ، ولكن دعوى الاختصاص بذلك ـ بعد تعلّق الغرض بورق بعض الأشجار ، أو ورده كالتوت التي ينتفع منها دود القزّ ، وكذا الحنّاء الذي ينتفع الإنسان به ، وكذا بعض أقسام الخلاف ذي الورد مع احتياجهما إلى السقي ، وبعض الأعمال الاُخر كالأشجار المثمرة المتعارفة فيها ـ ما لا يخفى ، خصوصاً بعد ملاحظة ما ذكرنا من الحكمة في مشروعيّة المساقاة ومدخليّتها في النظام الاقتصادي للمجتمع الإسلامي .
- (1) الوسائل: 19/40 و 42 ، كتاب المزارعة والمساقاة ب8 ح1 و2 و8 .
(الصفحة 174)مسألة 3 : تجوز المساقاة على فسلان مغروسة قبل أن تصير مثمرة بشرط أن تجعل المدّة بمقدار تصير مثمرة فيها ، كخمس سنين أو ستّ أو أزيد1.
مسألة 4 : لو كانت الأشجار لا تحتاج إلى السّقي ـ لاستغنائها بماء السماء ، أو لمصّها من رطوبات الأرض ـ ولكن احتاجت إلى أعمال اُخر ، فالأقرب الصحّة إذا كانت الأعمال يستزاد بها الثمر; كانت الزيادة عينيّة أو كيفيّة ، وفي غيرها تشكل الصحّة ، فلا يترك الاحتياط2.
1 ـ تجوز المساقاة على فسلان مغروسة غير مثمرة بالفعل بشرط أن تجعل المدّة بمقدار تصير مثمرة فيها ، كخمس سنين أو ستّ أو أزيد ، وقد استدلّ لذلك بإطلاق صحيحة يعقوب بن شعيب ، حيث لم يقع التعرّض فيها لكون الثمر في نفس سنة العقد ، وكذا أخبار خيبر ، حيث لا يحتمل عادةً أن تكون بساتينه بأجمعها مثمرة في سنة الإعطاء ، فإنّها لا تخلو من الفسلان; وهي لا تثمر إلاّ بعد مرور سنين ، ولكنّ الظاهر التفصيل بين البساتين التي يوجد في ضمن أشجارها المثمرة بعض الفسلان التي لاتثمر إلاّ بعد مرور سنين ، وبين البساتين المشتملة على الفسلان فقط ولو كانت مغروسة ، بثبوت الجواز في الأوّل وكون الفسلان في ضمن الأشجار المثمرة واقعة بنحو التبع ، والاستشكال في الثاني ; لعدم ظهور شمول الإطلاق لها وإن كانت حكمة المساقاة جارية في كلتا الصورتين ، كما لايخفى .
2 ـ المساقاة وإن كانت مأخوذة من السّقي ، إلاّ أنّه لو كانت هناك أشجار لا تحتاج إلى السقي ـ لاستغنائها بماء السماء ، أو لمصّها من رطوبات الأرض ـ لكن احتاجت إلى أعمال اُخر لازدياد الثمرة عينيّة أو كيفيّة ، فالظاهر صحّتها ومشروعيّتها ، لمدخلية العمل في زيادة الثمرة ، لكن لو فرض أنّ الثمرة