(الصفحة 233)
كــتاب الـرَّهن
(الصفحة 234)
(الصفحة 235)
[مسائل الرهن]
وهو عقد شرّع للاستيثاق على الدَّين ، ويقال للعين: الرهن والمرهون ، ولدافعها: الراهن ، ولآخذها المرتهن ، ويحتاج إلى الإيجاب من الراهن; وهو كلّ لفظ أفاد المقصود في متفاهم أهل المحاورة ، كقوله : «رهنتك» أو «أرهنتك» أو «هذا وثيقة عندك على مالك» ونحو ذلك ، والقبول من المرتهن ، وهو كلّ لفظ دالّ على الرضا بالإيجاب. ولايعتبر فيه العربيّة، بل الظاهروقوعه بالمعاطاة1.
1 ـ هذه المادّة ـ أي مادّة رهن ـ المستعملة في الكتاب العزيز ، وفي الروايات الكثيرة ، وفي الاستعمالات العرفية بمعنى الاستيثاق والثبات والتأكيد ونحوه ، قال الله تعالى :
{كُلُّ امْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}(1) ، وقال أيضاً :
{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}(2) .
وفي كلام عليّ (عليه السلام) مخاطباً لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ على ما هو المحكي ـ في نهج البلاغة عند دفن فاطمة الشهيدة (عليها السلام) : فلقد استرجعت الوديعة وأُخذت الرهينة(3) .
- (1) سورة الطور : 52/21 .
- (2) سورة البقرة : 2/283 .
- (3) نهج البلاغة خطبة 202 .
(الصفحة 236)مسألة 1 : يشترط في الراهن والمرتهن البلوغ والعقل والقصد والاختيار ، وفي خصوص الأوّل عدم الحجر بالسفه والفلس ، ويجوز لوليّ الطفل والمجنون رهن مالهما مع المصلحة والغبطة ، والارتهان لهما كذلك1.
ولا يبعد أن يقال بثبوت اصطلاح خاصّ للفقهاء في ذلك يغاير العرف واللغة بالإطلاق والتقييد ; لأنّ معنى الرهن هي الوثيقة على الدَّين ، ولا يشمل مثل الوثيقة في مقابل العارية أو الاُمور الاُخر ، وفي الحقيقة هو عقد يكون الغرض من مشروعيّته الاستيثاق على الدَّين . ويقال للعين: الرهن والمرهون ، ولصاحبها الدافع : الراهن ، ولآخذها: المرتهن .
وحيث إنّه عقد من العقود يحتاج إلى الإيجاب والقبول ، فالإيجاب يتحقّق من الراهن صاحب العين; وهو كلّ لفظ أفاد المقصود في متفاهم أهل المحاورة ، كالأقوال المذكورة في المتن ، والقبول يتحقّق من المرتهن; وهو كلّ لفظ دالّ على الرضا بالإيجاب وقبوله ، ولا يعتبر فيه العربية ، بل يتحقّق بكلّ لغة دالّة على هذا المقصود ، بل لعلّ تعبير غير العارف باللغة العربية بلغته ولسانه يكون أولى; لأنّه أقرب إلى الإنشاء وما يراد منها .
والظاهر عدم اختصاص الإيجاب والقبول والإنشاء بهما باللفظ ، بل يصحّ بالمعاطاة مع ظهور المعنى المقصود; لأنّه لم ينهض دليل على عدم جريان المعاطاة فيه كالنكاح مثلاً ، كما لايخفى .
1 ـ يشترط في المتعاقدين في الرهن ـ أي الراهن والمرتهن ـ البلوغ والعقل والقصد والاختيار ، وفي خصوص الراهن ـ الذي يدفع العين المرهونة ـ عدم الحجر بالسفه والفلس . نعم ، يجوز لولي الطفل والمجنون في صورة الغبطةوالمصلحة
(الصفحة 237)مسألة 2 : يشترط في صحّة الرهن القبض من المرتهن بإقباض من الراهن أو بإذن منه ، ولو كان في يده شيء وديعة أو عارية ـ بل ولو غصباً ـ فأوقعا عقد الرهن عليه كفى ، ولا يحتاج إلى قبض جديد ، ولو رهن المشاع لا يجوز تسليمه إلى المرتهن إلاّ برضا شريكه ، ولكن لو سلّمه إليه فالظاهر كفايته في تحقّق القبض الذي هو شرط لصحّته وإن تحقّق العدوان بالنسبة إلى حصّة شريكه1.
الارتهان لهما كذلك بمقتضى الولاية وثبوت المصلحة .
1 ـ يشترط في صحّة الرهن ، القبض من المرتهن بإقباض من شخص الراهن أو بإذن منه ; لأنّ الغرض من الرهن ـ وهو الاستيثاق على ما عرفت ـ لا يتحقّق بدون القبض ، مضافاً إلى الإجماع المدّعى على ذلك(1) ، وإلى قول أبي جعفر (عليه السلام) : لا رهن إلاّ مقبوضاً(2) .
وأمّا قوله تعالى :
{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}(3) فقد نوقش في دلالته تارةً بأنّه إرشاد إلى بيان ما هو واقع في الخارج ولا يكون في مقام التشريع .
واُخرى بأنّ وقوعه في سياق الشهادة قرينة على أنّه من المندوبات .
وثالثة بأنّ القيد يحتمل أن يكون لبيان الكمال لا أصل الصحّة ، ولكن الكلّ مدفوع بظهور الآية في كونها في مقام التشريع لا الإرشاد ، وظهور بطلان الثاني
- (1) المؤتلف من المختلف: 1/529 و 540 .
- (2) تهذيب الأحكام: 7/176 ح779 ، تفسير العيّاشى: 1/156 ح525 ، وعنهما الوسائل: 18/383 ، كتاب الرهن ب3 ح1 ، وفي تفسير كنز الدقائق: 1/685 عن العيّاشي .
- (3) سورة البقرة : 2/283 .