(الصفحة 69)
الصحيحة المتقدِّمة على وقوع الشراء في ذمّة المالك كما تقدّم(1) ، كما أنّه ليس للمالك الإلزام بالبيع والإنضاض ; لأنّه متفرّع على بقاء المضاربة والمفروض ارتفاعها بالفسخ أو الانفساخ .
نعم ، في المسألة قولان آخران ، أحدهما : وجوب الإجابة مطلقاً ، وثانيهما : التفصيل بين كون مقدار رأس المال نقداً فلا يجب ، وبين عدمه فيجب ; لأنّ اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان ، عملاً بقوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .»(2) ، ولكن الحقّ ما ذكرناه من أنّه مع انتفاء المضاربة وارتفاعها لا مجال للوجوب عليه ، كما لايخفى ، فيبقى إلزام الحاكم إيّاه بالبيع والإنضاض ورفع رأس المال إلى المالك لو طلب رأس المال .
الخامسة : ما إذا كان بعد حصول الربح والإنضاض ، فعند ذلك قد تمّ العمل فيقتسمان الربح ويأخذ كلّ منهما حصّته .
السادسة : الصورة المفروضة قبل تحقّق الإنضاض ، فعلى ما مرّ من تملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره شارك المالك في العين ، فإن رضيا بالقسمة على هذا الحال أو انتظرا إلى أن تباع العروض ويحصل الإنضاض كان لهما ولا إشكال ، وإن طلب العامل بيعها لم يجب على المالك إجابته ، وكذا إن طلبه المالك لم يجب على العامل إجابته ، فاللازم كما قلنا الرجوع إلى الحاكم وإلزامه العامل بالبيع ، ضرورة إمكان البقاء كذلك سنوات عديدة موجبة لتعيّب العروض أو
- (1) في ص 61 .
- (2) المسند لابن حنبل: 7/248 ح 20107 ، سنن ابن ماجة: 3/147 ح 2400 ، سنن الترمذي: 3/566 ح 1269 ، السنن الكبرى للبيهقي: 8/495 ح 11713 ، عوالي اللئالي: 2/345 ح 10 ، مستدرك الوسائل: 17/88 ، كتاب الغصب ب 1 ح 4. و يراجع القواعد الفقهيّة للمؤلّف دام ظلّه: 1/83 ـ 165 .
(الصفحة 70)مسألة 31 : لو كان في المال ديون على الناس ، فهل يجب على العامل أخذها وجمعها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟ الأشبه عدمه ، خصوصاً إذا استند الفسخ إلى غير العامل ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ، خصوصاً مع فسخه وطلب المالك منه1.
نقصان القيمة ، كما لايخفى .
هذا ، وأمّا لو لم نقل بتملّك العامل حصّته من الربح بمجرّد ظهوره ، بل باستقرار الملكيّة بعد الانضاض . غاية الأمر أنّه حينئذ لو حصلت خسارة بعد ذلك قبل القسمة يجب جبرها بالربح ، فاللازم الالتزام بعدم الاستقرار في المقام ; لأنّ المفروض ارتفاع المضاربة قبل تحقّق الإنضاض ، وقد مرّ(1) مفصّلاً الملاك في استقرار ملك العامل ، فراجع .
1 ـ المشهور هو الوجوب ، وتبعهم بعض الأعلام (قدس سره)(2); لابتناء عقد المضاربة من الأوّل على تسليم العامل لما أخذه من المالك ، فإنّه أمرٌ مفروغ عنه في عقدها ، ومن هنا فيكون من الشرط في ضمن العقد ، فيجب عليه الوفاء به ، وليس له إرجاع المالك على المدينين .
وبالجملة: فتسليم العامل المال إلى المالك أمرٌ مفروغ عنه في عقد المضاربة ، فيجب عليه الوفاء به وردّ ما أخذه منه ، ومع ثبوت الربح يكون مشتركاً بينهما ، ونزيد عليه أنّه ربما لا يعرف المالك المدينين أو لا يقدر على الأخذ منهم بخلاف العامل ، وفي زماننا هذا يكون الصك الصادر من المديون باسم العامل نوعاً ،
- (1) في ص 64 ـ 65 .
- (2) المباني في شرح العروة الوثقى ، كتاب المضاربة: 113 .
(الصفحة 71)مسألة 32 : لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه حتّى لو أرسل المال إلى بلد آخر غير بلد المالك وكان ذلك بإذنه ، ولو كان بدون إذنه يجب عليه الردّ إليه حتّى أنّه لو احتاج إلى اُجرة كانت عليه1.
مسألة 33 : لو كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك إن لم يكن فلا مجال لرجوع المالك إليه والأخذ منه وإن عرّفه العامل ، كما لايخفى .
1 ـ لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله ، فلا يجب عليه الإيصال إليه . نعم ، ذكر السيّد في العروة أنّه لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك ـ ولو كان بإذنه ـ يمكن دعوى وجوب الردّ إلى بلده ، ثمّ قال : ولكنّه مع ذلك مشكل ، وقوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .» لا يدلّ على أزيد من التخلية ، وإذا احتاج الردّ إليه إلى الاُجرة فالاُجرة على المالك ، كما في سائر الأموال .
نعم ، لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر وحصل الفسخ فيه يكون حاله حال الغاصب في وجوب الردّ والاُجرة ، وإن كان ذلك للجهل بالحكم الشرعي من عدم جواز السفر بدون إذنه(1) .
أقول : لعدم الفرق في وجوب الردّ والاُجرة في الفرض المزبور بين صورتي الجهل والعلم ، كما في مورد الغصب ، وقد انقدح ممّا ذكرنا صحّة التفصيل المذكور في المتن ، فتدبّر جيّداً .
- (1) العروة الوثقى: 2/563 مسألة 3443 .
(الصفحة 72)إذنه في التجارة متقيّداً بالمضاربة ، وإلاّ تتوقّف على إجازته ، وبعد الإجازة يكون الربح له; سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين ، وللعامل اُجرة مثل عمله لو كان جاهلاً بالفساد; سواء كان المالك عالماً به أو جاهلاً ، بل لو كان عالماً بالفساد فاستحقاقه لاُجرة المثل أيضاً لا يخلو عن وجه; إذا حصل ربح بمقدار كان سهمه على فرض الصحّة مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد .
وأمّا مع عدم الربح أو نقصان سهمه عنها ، فمع علمه بالفساد لا يبعد عدم استحقاقه على الأوّل ، وعدم استحقاق الزيادة عن مقدار سهمه على الثاني ، ومع جهله به فالأحوط التصالح ، بل لا يترك الاحتياط به مطلقاً ، وعلى كلّ حال لا يضمن العامل التلف والنقص الواردين على المال . نعم ، يضمن على الأقوى ما أنفقه في السفر على نفسه وإن كان جاهلاً بالفساد1.
1 ـ لو كانت المضاربة فاسدة كان الربح بتمامه للمالك إن لم يكن إذنه في التجارة متقيّدة بالمضاربة ، وإلاّ تصير معاملات العامل فضوليّة تتوقّف على إجازته ، وبعد الإجازة يكون الربح للمالك; سواء كانا جاهلين بالفساد أو عالمين أو مختلفين; لعدم مدخلية الجهل في الخروج عن الفضوليّة . وأمّا العامل فإن كان جاهلاً بفساد المضاربة رأساً فله اُجرة مثل عمله ولا نصيب له من الربح; سواء كان المالك عالماً بالفساد أو جاهلاً ، وإن لم يكن جاهلاً بالفساد بل عالماً به ، فقد نفى في المتن الخلوّ عن الوجه في الاستحقاق لاُجرة المثل; إذا حصل ربح بمقدار كان سهمه على فرض الصحّة مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد; لأنّ استحقاق اُجرة المثل متيقّن على كلّ حال ; لأنّ المفروض أنّ سهمه من الربح مساوياً لاُجرة المثل أو أزيد .
نعم، لو لم يكن هناك ربح أصلاً ، أو كان سهمه ناقصاً عن اُجرة المثل ، ففي صورة علمه بالفساد كما هو المفروض نفى البُعد عن عدم استحقاقه مع عدم حصول ربح
(الصفحة 73)مسألة 34 : لو ضارب بمال الغير من دون وكالة ولا ولاية وقع فضوليّاً ، فإن أجازه المالك وقع له وكان الخسران عليه ، والربح بينه وبين العامل على ما شرطاه . وإن ردّه فإن كان قبل أن يعامل بماله طالبه ويجب على العامل ردّه إليه ، وإن تلف أو تعيّب كان له الرجوع على كلّ من المضارب والعامل ، فإن رجع على الأوّل لم يرجع هو على الثاني ، وإن رجع على الثاني رجع هو على الأوّل . هذا إذا لم يعلم العامل بالحال ، وإلاّ يكون قرار الضمان على من تلف أو تعيّب عنده ، فينعكس الأمر في المفروض . وإن كان بعد أن عومل به كانت المعاملة فضوليّة ، فإن أمضاها وقعت له ، وكان تمام الربح له وتمام الخسران عليه ، وإن ردّها رجع بماله إلى كلّ من شاء من المضارب والعامل كما في صورة
على الأوّل ، وعدم استحقاق الزيادة عن مقدار سهمه على الثاني ، وذلك للإقدام مع انكشاف الحال عنده والعلم بالفساد ، وفي صورة الجهل احتاط وجوباً بالتصالح ; لأنّ المفروض ثبوت الجهل بالفساد مطلقاً من ناحية ، وكون عمله محترماً من ناحية اُخرى ، فالأحوط التصالح ، بل نهى عن ترك الاحتياط بالتصالح مطلقاً ، وعلى كلّ حال لا يضمن العامل التلف والنقص الواردين على المال ; لأنّ كلّ عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده .
نعم ، يضمن ما أنفقه في السفر على نفسه وإن كان جاهلاً بالفساد; لأنّ الجهل لا يؤثّر في الحكم الوضعي بالضمان أوّلاً ، وخروج النفقة في المضاربة الصحيحة إنّما هي كانت مستندة إلى الإذن من المالك على ما هو المتعارف ، والمفروض بطلان المضاربة وإن كان المالك أيضاً جاهلاً بالفساد ، كما لايخفى . وإن شئت قلت : إنّ عدم الضمان في المضاربة الصحيحة ليس لأجل اقتضاء المضاربة ذلك ، بل إنّما هو لأجل الإذن العرفي غير الموجود في المضاربة الفاسدة ، كما هو ظاهر .