(الصفحة 89)
الثالثة : ما لو علم المال جنساً وقدراً واشتبه بين أموال الناس من جنسه له أو لغيره ، من دون أن يتحقّق فيه امتزاج أصلاً ، فإن كانت الأجناس مختلفة في الجودة والرداءة ـ وإن كانت متّحدة جنساً وقدراً ـ فالحقّ فيه الرجوع إلى القرعة ، ولا مجال لدعوى الشركة بعد عدم حصول الامتزاج ، وإلاّ فمع عدم تحقّق الامتزاج لا سبيل إلى الشركة ، بل يتشخّص بالقرعة ، ومع تحقّق الامتزاج كان المجموع مشتركاً بين أربابه بالنسبة .
الرابعة : ما لو علم بعدم وجود مال المضاربة في التركة ، واحتمل أنّه قد ردّه في زمن حياته إلى مالكه ، أو تلف بتفريط منه أو بغيره ، وفي هذه الصورة لا يحكم على العامل الميّت بالضمان ، بل يكون جميع الأموال للورثة ، وكذا لو احتمل بقاؤه فيها .
ويظهر من صاحب العروة ثبوت الضمان في غير الفرض الأخير ، نظراً إلى عموم قوله (صلى الله عليه وآله) : «على اليد ما أخذت . . .»(1) حيث إنّ الأظهر باعتقاده شموله للأمانات أيضاً ، قال : ودعوى خروجها لأنّ المفروض عدم الضمان فيها ، مدفوعة بأنّ غاية ما يكون خروج بعض الصور منها ، كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادّعى تلفها كذلك إذا حلف . وأمّا صورة التفريط والإتلاف ، ودعوى الردّ في غير الوديعة ، ودعوى التلف والنكول عن الحلف ، فهي باقية تحت العموم الخ(2) .
ولكن الظاهر عدم ثبوت الضمان ; لأنّه مضافاً إلى كون على اليد مخدوشاً من حيث السند تكون دلالته أيضاً ممنوعة ، نظراً إلى عدم شمولها للمقام; لأنّ يد الأمين خارجة عنها تخصّصاً قطعاً ، وقد مرّ(3) أنّ العامل أمين لا يكون ضامناً ، فالأصل في
- (1) تقدّم في ص 69 .
- (2) العروة الوثقى: 2/572 قطعة من مسألة 3460 .
- (3) في ص 38 .
(الصفحة 90)
المقام عدم الضمان .
الخامسة : ما لو علم بأنّ مقداراً من مال المضاربة قد كان قبل موته داخلاً في هذه الأجناس الباقية التي قد تركها ، ولم يعلم بأنّه هل بقي فيها ، أو ردّه إلى المالك ، أو تلف؟ فقد استشكل فيه في المتن ثمّ قال : «وإن كانت مورّثيّة الأموال لا تخلو عن قوّة ، والأحوط الإخراج منها مع عدم قاصر في الورثة» ولعلّ الوجه في الاستشكال حجّية قاعدة اليد وأماريتها هنا ، ولا مجال معها لاستصحاب عدم الردّ إلى المالك ومثله كما في سائر الموارد ، حيث إنّه مع وجود اليد الشرعيّة لا تصل النوبة إلى استصحاب عدم الانتقال إليه ومثله .
وقد عرفت خروج مثل الأمانات عن عموم «على اليد» وإلاّ فاللازم أن يُقال بأنّ المال إذا تلف في يد الأمين ، ولم يعلم أنّه بتعدٍّ منه أو تفريط ، يكون ضمانه ثابتاً على من تلف في يده ; لأنّ ضمانه بالأخذ قد صار ثابتاً ، والتفريط أو التعدّي يكونان مشكوكين ، فيجب أن يحكم بالضمان استصحاباً له وعدم ثبوت التعدّي والتفريط ، وأصالة عدمها لا تثبت الضمان كما لايخفى .
نعم ، مقتضى الاحتياط غير اللازم ـ أنّه لو لم يكن في الورثة قاصر ـ إخراج المشكوك عن دائرة الإرث; والله العالم بحقيقة الحال . هذا بحمد الله تمام الكلام في شرح كتاب المضاربة من تحرير الوسيلة للإمام الراحل المحقّق الاُستاذ الخميني قدّس سرّه الشريف .
(الصفحة 91)
كتاب الشركة
(الصفحة 92)
(الصفحة 93)
[مسائل الشركة]
وهي كون شيء واحد لاثنين أو أزيد ، وهي إمّا في عين أو دين أو منفعة أو حقّ . وسببها قد يكون إرثاً وقد يكون عقداً ناقلاً ، كما إذا اشترى اثنان معاً مالاً ، أو استأجرا عيناً ، أو صولحا عن حقّ . ولها سببان آخران يختصّان بالشركة في الأعيان :
أحدهما : الحيازة ، كما إذا اقتلع اثنان معاً شجرة مباحة ، أو اغترفا ماءً مباحاً بآنية واحدة دفعة .
وثانيهما : الامتزاج ، كما إذا امتزج ماء أو خلّ من شخص بماء أو خلّ من شخص آخر; سواء وقع قهراً أو عمداً واختياراً . ولها سبب آخر; وهو تشريك أحدهما الآخر في ماله ويسمّى بالتشريك ، وهو غير الشركة العقديّة بوجه1.
1 ـ الشركة قد تكون عقديّة ، وقد تعرّض لها في بعض المسائل الآتية ، وقد تكون غير عقديّة حاصلة بالإرث أو بالعقد الناقل ، كما إذا اشترى اثنان معاً مالاً ، أو باعا المبيع المشترك بينهما من شخص واحد ، أو استأجرا معاً عيناً كالدار ونحوها ، أو صولحا عن حقّ متعلّق بهما بنحو الشركة ، ويظهر من المتن أنّ لها سببين آخرين يختصّان بالشركة في الأعيان ولا يجريان في غيرها كالدَّين والمنفعة :
أحدهما : الحيازة ، كما إذا اقتلع اثنان معاً شجرة مباحة ، أو اغترفا ماءً مباحاً