فالأجزاء ليست مأموراً بها أصلاً حتّى نقول: الواجب مردّد بين الأقلّوالأكثر، بل الواجب هو الصلاة فقط، ولكن نشكّ في أنّ أجزائها هل هيتسعة مثلاً أو عشرة، والعقل يحكم بقبح العقاب بلا بيان بالنسبة إلى الجزءالعاشر المشكوك فيه.
ومع ذلك لا تكون حقيقة الصلاة المأمور بها للذاكر غير حقيقة الصلاة المأموربها للناسي.
الثاني: أنّه لو كان الأقلّ والأكثر من قبيل المتباينين للزم الاحتياط بإتيانصلاتين: إحداهما: مركّبة من الأجزاء حتّى الجزء المشكوك فيه، ثانيتهما:مركّبة منها سواه، لا بإتيان الأكثر فقط.
هل المقام من قبيل الدوران بين الماهيّة اللابشرط وبشرط لا؟
الإشكال الثاني(1): أنّ وجوب الأقلّ مردّد بين المتباينين، إذ لو كان متعلّقالتكليف هو الأقلّ لكان من قبيل الماهيّة اللابشرط عن الزيادة، ولو كان هوالأكثر لكان من قبيل الماهيّة بشرط انضمامها إلى الزيادة، ولا ريب في مباينةالماهيّة بشرط الشيء للماهيّة اللابشرط، لأنّ كلاًّ منهما قسيم للآخر.
فوجوب الأقلّ إنّما يكون مردّداً بين المتباينين باعتبار اختلاف سنخيالوجوب الملحوظ لا بشرط أو بشرط شيء.
أقول: هذا المستشكل ـ كما تلاحظ كلامه ـ يقول بتباين الأقلّ المجرّدعن الزيادة مع الأقلّ المنضمّ إليها، ثمّ بتباين الوجوب المتعلّق بالأقلّ علىتقدير كونه مأموراً به فقط مع الوجوب المتعلّق به على تقدير كونه مأموراً بهبانضمام الزيادة المشكوكة، لكنّا نكتفي بالجواب عن الأوّل، لوضوح فسادالقول بتغاير الوجوبين، فنقول:
يرد عليه أوّلاً: الجواب الثاني عن الإشكال الأوّل، وهو أنّه يجب على هذالمستشكل القول بوجوب إتيان صلاتين: إحداهما: هي الأكثر، والاُخرى: هي
- (1) نسب هذا الإشكال إلى المحقّق صاحب الحاشية المفصّلة على المعالم أخي صاحب الفصول، لكن مفي الحاشية غير هذا الإشكال، وسيجيء البحث عنه، لكن هذا أيضاً منسوب إليه، وهذا الإشكال يتّحد معالأوّل مآلاً، وهو أنّ الدوران بين الأقلّ والأكثر يرجع إلى الدوران بين المتباينين. منه مدّ ظلّه.
ج5
الأقلّ، كما في المتباينين.
وثانياً: أنّ القول بكون الأقلّ ماهيّة بشرط شيء على تقدير كونالمشكوك جزءً للمأمور به، لا يستقيم، لأنّ البحث في جزئيّة المشكوك،لا في شرطيّته، وعلى تقدير كونه جزءً لا فرق بينه وبين الأجزاء المعلومة،فكما أنّه لا يصحّ التعبير عن الجزء المعلوم بالشرط لا يصحّ عن الجزءالمشكوك أيضاً، لأنّ الأجزاء كلّها في مرتبة واحدة، والعلم والشكّ لا يغيّرانالواقع.
وثالثاً: أنّ الماهيّة اللابشرط على قسمين: الماهيّة اللابشرط المقسمي،والماهيّة اللابشرط القسمي.
والماهيّة اللابشرط المقسمي: هي أن يكون الملحوظ نفس الماهيّة بما هيهي، من دون أن يلاحظ معها شيء آخر أصلاً، حتّى عدم لحاظ شيء آخر،وهذه على ثلاثة أقسام:
أ ـ الماهيّة بشرط الشيء، ب ـ الماهيّة بشرط لا، ج ـ الماهيّة اللابشرطالقسمي، وهي التي تكون ملحوظة بانضمام عدم لحاظ شيء آخر معها بنحويكون عدم لحاظ شيء آخر معها قيداً لها وملحوظاً معها.
فإن أراد المستشكل من الماهيّة اللابشرط، الماهيّة اللابشرط القسمي،سلّمنا وجود التباين بينها وبين الماهيّة بشرط الشيء، لكون كلّ منهما قسيمللآخر، ولكنّه لم يرد هذا المعنى من الماهيّة اللابشرط، بدليل قوله بتحقّقالاحتياط بإتيان الأكثر فقط ولا يجب على المكلّف إتيان صلاتين، فمراده منالماهيّة اللابشرط هي الماهيّة اللابشرط المقسمي، ولا تباين بينها وبين الماهيّةبشرط الشيء، كما هو واضح.
فالحاصل: أنّ الأقلّ متيقّن والزيادة مشكوك فيها، فيجب الإتيان بالأقلّ