الأولاد على تقدير تحقّق الإعطاء.
إلى غير ذلك من الإشكالات التي يوجب الالتزام بها فقهاً جديداً.
وهذه الإشكالات ناشئة عن كون العلّة معمّمة ومخصّصة، فلا يجوز القولبكون «لا ضرر ولا ضرار» مرتبطاً بالشفعة وعلّة لثبوتها.
أضف إلى ذلك: أنّ الضرر الناشئ عن الشركة الثانية يندفع بجواز الفسخوالردّ إلى الشركة الاُولى، فلِمَ يجوز له تملّك حصّة الشريك؟
وبعبارة اُخرى: إنّ لحقّ الشفعة مرحلتين:
أ ـ تزلزل البيع بجواز فسخه من قبل الشريك، مع قطع النظر برجوع المبيعبعد الفسخ إلى البائع أو إلى الشريك الفاسخ.
ب ـ رجوع المبيع بالفسخ إلى الشريك الفاسخ.
والذي يرتبط بـ «لا ضرر ولا ضرار» هو المرحلة الاُولى، لا الثانية، لأنّالضرر المتوجّه من الشركة الثانية إلى الشريك الأوّل يندفع بمجرّد تزلزلالبيع، بجعل الخيار له وإن رجع المبيع إلى البائع وتحقّقت الشركة الاُولى، فلمجال لكون قوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار» علّة لجواز إرجاع الشريك الأوّلالمبيع إلى نفسه الذي به قوام حقّ الشفعة.
كلام شيخ الشريعة الاصفهاني رحمهالله في المسألة
ولقد أصرَّ العلاّمة شيخ الشريعة الاصفهاني قدسسره بأنّ الحديثين(1) لم يكونحال صدورهما عن النبيّ صلىاللهعليهوآله مذيّلين بحديث «الضرر» وأنّ الجمع بينهما وبينهوقع من الراوي بعد صدور كلّ في وقت خاصّ به.
وعمدة ما استدلّ به لهذه الدعوى هو أنّه يظهر بعد التروّي والتأمّل التامّ في
- (1) أي ما ورد من طريق عقبة بن خالد في قضيّة «الشفعة» وقضيّة «عدم منع فضل الماء». م ح ـ ى.
ج5
الروايات أنّ الحديث الجامع لأقضية رسول اللّه صلىاللهعليهوآله في مواضع مختلفة ومواردمتشتّتة كان معروفاً بين الفريقين، أمّا من طرقنا فبرواية عقبة بن خالد عنالصادق عليهالسلام ، وأمّا من طرق أهل السنّة فبرواية عبادة بن صامت.
ثمّ روى قضايا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله عن مسند أحمد برواية عبادة، وبرواياتنا عنأبي عبداللّه عليهالسلام ثمّ قال:
قد عرفت بما نقلنا مطابقة ما روي من طرقنا لما روي من طرق القوم منرواية عبادة من غير زيادة ونقيصة، بل بعين تلك الألفاظ غالباً، إلاّ الحديثينالأخيرين المرويّين عندنا بزيادة قوله: «لا ضرر ولا ضرار»، وتلك المطابقةبين الفقرات ممّا يؤكّد الوثوق بأنّ الأخيرين أيضاً كانا مطابقين لما رواه عبادة،من عدم التذييل بحديث «الضرر».
وقال أيضاً: والذي أعتقده أنّها كانت مجتمعة في رواية عقبة بن خالد عنأبي عبداللّه عليهالسلام كما في رواية عبادة بن صامت، إلاّ أنّ أئمّة الحديث فرّقوها علىالأبواب(1).
هذا حاصل كلام العلاّمة شيخ الشريعة الاصفهاني رحمهالله .
والمحقّق النائيني رحمهالله أيّده في كون أقضية رسول اللّه صلىاللهعليهوآله مجتمعة في رواية عقبةبن خالد وفرّقها أئمّة الحديث على أبواب الفقه بأنّ سند الروايات المتعدّدةالمنقولة عن عقبة بن خالد واحد، وهو «محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين،عن محمّد بن عبداللّه بن هلال، عن عقبة بن خالد» فبملاحظة وحدة السنديحصل لنا الوثوق بأنّ كلّها كانت رواية واحدة، وأنّ أئمّة الحديث فرّقوهووضعوا كلّ قضاء في بابه المناسب له(2).
- (1) قاعدة «لا ضرر» ـ لشيخ الشريعة الاصفهاني ـ : 19.
- (2) منية الطالب في حاشية المكاسب 2: 194.
(صفحه398)
نقد كلام شيخ الشريعة من قبل الإمام الخميني«مدّ ظلّه»
واستشكل عليه سيّدنا الاُستاذ الأعظم الإمام«مدّ ظلّه» بقوله:
أقول: إنّه قدسسره قد نقل من قضايا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله من طرق القوم برواية«عبادة» عشرين قضيّة تقريباً، ونقل من طرقنا برواية عقبة بن خالد ستّأو سبع، اثنتان منهما قضيّة الشفعة وعدم منع فضول الماء، وقد تفحّصت فيالأخبار الحاكية لقضايا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله من طرقنا، فوجدت أنّ غالبها غيرمنقولة برواية عقبة بن خالد، وهو أيضاً غير متفرّد غالباً فيما نقله، فكيف يمكنمع ذلك دعوى الوثوق بأنّ قضاياه كانت مجتمعة في رواية عقبة بن خالد،ففرّقوها أئمّة الحديث على الأبواب، فمن راجع الأخبار الحاكية لقضايا رسولاللّه ورأى أنّ عقبة بن خالد لم ينقل إلاّ نادراً من قضاياه ولم يكن في نقل تلكالنوادر متفرّداً غالباً، يطمئنّ بخلاف ما ادّعى ذلك المتبحّر، فلو كان لنا مجالواسع لروينا الروايات المتضمّنة لقضايا رسول اللّه حتّى تجد صدق ما ادّعيناه.
هذا مع أنّه بناءً على أن يكون التجزية على الأبواب من فعل أئمّة الحديثلا معنى لتكرار «لا ضرر» في ذيل قضيّتين، فإنّ عقبة بن خالد لم يذكر حينئذٍتلك القضيّة إلاّ مرّة واحدة.
وأمّا ما قيل في تأييد قوله بأنّ سند الكليني إلى «عقبة» في جميع القضايالمنقولة منه واحد ففي غاية السقوط، لأنّ الطريق إلى أرباب الكتب والاُصولمن أصحاب الجوامع قد يكون واحداً وقد يكون متعدّداً، فوحدة طريقهم إلىكتب الرواة لا تدلّ على اجتماع رواياتهم كما هو واضح، فحينئذٍ بقي الروايتانالمذيّلتان بحديث «لا ضرر» في قالب الإشكال(1).