(الصفحة 136)
خصوص الموجودين; لعدم انحصار الموقوف عليهم بذلك ، بل المتصدّي له الموجودون ووليّ البطون اللاّحقة ، وإن شئت قلت : إنّ المتصدّي له هو المتولّي فيهما إن كانت دائرة توليته شاملة للتقسيم أيضاً كما لا يخفى .
(الصفحة 137)
كتاب المزارعة
(الصفحة 138)
(الصفحة 139)
[مسائل المزارعة]
وهي المعاملة على أن تزرع الأرض بحصّة من حاصلها; وهي عقد يحتاج إلى إيجاب من صاحب الأرض; وهو كلّ لفظ أفاد إنشاء هذا المعنى ، كقوله : «زارعتك» أو «سلّمت إليك الأرض مدّة كذا على أن تزرعها على كذا» وأمثال ذلك ، وقبول من الزارع بلفظ أفاد ذلك كسائر العقود . والظاهر كفاية القبول الفعلي بعد الإيجاب القولي; بأن يتسلّم الأرض بهذا القصد . ولا يعتبر في عقدها العربيّة ، فيقع بكلّ لغة . ولا يبعد جريان المعاطاة فيها بعد تعيين ما يلزم تعيينه1.
1 ـ والوجه في التعبير بالمفاعلة هو الوجه المتقدّم في باب المضاربة(1) من دون فرق ، وهي المعاملة على أن تزرع الأرض بحصّة من حاصلها ، ففي الحقيقة تكون شبيه المضاربة في أنّ الإمكان المالي من أحد والعمل من آخر ، وهنا تكون الأرض من صاحبها ، والزرع من الطرف الآخر في مقابل حصّة من حاصلها ، وخلاصة المجموع أنّ نظر الشارع إلى أن لا تبقى الأرض بلا ثمر وأثر ، ولا يكون عمل العامل معطّلاً وبلا فائدة ، فدخالة المزارعة في تحقّق شعبة من اقتصاد المجتمع الإسلامي الذي قيل في حقّه: من لا معاش له لا معاد له ، ويترتّب على عدم انتظامه مفاسد
(الصفحة 140)مسألة 1 : يعتبر فيها زائداً على ما اعتبر في المتعاقدين; من البلوغ والعقل والقصد والاختيار والرشد ، وعدم الحجر لفلس إن كان تصرّفه ماليّاً دون غيره ، كالزارع إذا كان منه العمل فقط ، اُمور :
أحدها : جعل الحاصل مشاعاً بينهما ، فلو جعل الكلّ لأحدهما ، أو بعضه الخاصّ ـ كالّذي يحصل متقدّماً ، أو الّذي يحصل من القطعة الفلانية ـ لأحدهما
كثيرة نراها بالوجدان ، بل لعلّها في هذه الأزمنة تكون أزيد من السابق بكثير ، كدخالة المضاربة في ذلك ، وقد عرفت في ذلك الباب(1) أنّ الاقتصاد الإسلامي في نظر الشارع بمرحلة الأمر بإيتاء الزكاة بعد الأمر بإقامة الصلاة في أكثر موارد الكتاب مشعراً بذلك .
وكيف كان ، فالمزارعة عقد يحتاج إلى إيجاب من صاحب الأرض التي هي الأساس في هذا الباب; وهو كلّ لفظ دلّ على هذا المعنى مقروناً بقصد الإنشاء كما في سائر المعاملات ، كقوله : «زارعتك» أو «سلّمت إليك الأرض مدّة كذا على كذا» وأمثال ذلك من التعبيرات ، وقبول من الزارع كما في باب المضاربة ، وهل يعتبر في القبول موافقته للإيجاب ، أو يجوز أن يكون الإيجاب قوليّاً والقبول فعليّاً؟ الظاهر هو الثاني ; لعدم الدليل على لزوم المطابقة بوجه ، كما أنّه لا يعتبر في عقدها العربية ، بل يكفي كلّ لغة تدلّ عليه .
والسرّ فيه: ـ مضافاً إلى أنّه لا دليل على اعتبار العربيّة ـ ما ذكرناه من الوجه في المشروعيّة فيها وفي المضاربة ، ونفى البُعد في المتن عن جريان المعاطاة فيها بعد تعيين ما يلزم تعيينه من مقدار الأرض ، ومدّة الزراعة ونوعها ، ومقدار حصّة الزارع وغير ذلك ، والوجه فيه: أنّه لا ينحصر الإنشاء بالإيجاب والقبول الفعلي إلاّ فيما دلّ الدليل عليه مثل النكاح ، ولم يقم في المقام دليل على ذلك كما لا يخفى .