(الصفحة 100)مسألة : لو عيّن الواقف للمتولّي شيئاً من المنافع تعيّن ، وكان ذلك اُجرة عمله ، ليس له أزيد منه وإن كان أقلّ من اُجرة مثله ، ولو لم يعيّن شيئاً فالأقرب أنّ له اُجرة المثل1 .
مسألة : ليس للمتولّي تفويض التولية إلى غيره ـ حتّى مع عجزه عن التصدّي ـ إلاّ إذا جعل الواقف له ذلك عند جعله متولّياً . نعم ، يجوز له التوكيل في بعض ما كان تصدّيه وظيفته إن لم يشترط عليه المباشرة2 .
مسألة : يجوز للواقف أن يجعل ناظراً على المتولّي ، فإن أحرز أنّ المقصود مجرّد اطّلاعه على أعماله لأجل الاستيثاق فهو مستقلّ في تصرّفاته ، ولا يعتبر إذن الناظر في صحّتها ونفوذها ، وإنّما اللازم عليه اطّلاعه ، وإن كان
1 ـ لا إشكال في أنّه لو عيّن الواقف للمتولّي شيئاً من المنافع; سواء كان بمقدار اُجرة المثل أو أقلّ أو أكثر تعيّن(1) ، وكان ذلك اُجرة عمله ، عملاً بقاعدة السلطنة وقبول التولية بهذه الكيفيّة ، ولو لم يعيّن شيئاً فحيث إنّ عمل المسلم مع الأمر به محترم فالأقرب كما في المتن ثبوت اُجرة المثل .
2 ـ ليس للمتولّي بعد قبول التولية تفويضها إلى غيره مطلقاً ، حتّى مع العجز عن التصدّي ; لعدم ارتباطه بالوقف من هذه الجهة . نعم ، له مع حفظ التولية توكيل الغير في بعض ما كان من وظيفته التصدّي له في صورة عدم اشتراط المباشرة عليه ، وإلاّ فيصير في صورة العجز كالوقف بلا متولٍّ .
- (1) مسالك الأفهام : 5 / 325 ـ 326 ، الحدائق الناضرة : 22 / 186 ، رياض المسائل : 9/309 ، الشرح الصغير : 2/242 .
(الصفحة 101)المقصود إعمال نظره وتصويبه لم يجز له التصرّف إلاّ بإذنه وتصويبه ، ولو لم يحرز مراده فاللازم مراعاة الأمرين1 .
مسألة : لو لم يعيّن الواقف متولّياً أصلاً ، ففي الأوقاف العامّة يكون الحاكم أو المنصوب من قبله متولّياً على الأقوى . وكذا في الخاصّة فيما يرجع إلى مصلحة الوقف ومراعاة البطون ; من تعميره ، وحفظ الاُصول ، وإجارته للبطون اللاحقة . وأمّا بالنسبة إلى تنميته وإصلاحاته الجزئيّة المتوقّف عليها حصول النماء الفعلي ـ كتنقية أنهاره وكريه وحرثه وجمع حاصله وتقسيمه وأمثال ذلك ـ فأمرها راجع إلى الموقوف عليهم الموجودين2 .
1 ـ يجوز للواقف أن يجعل ناظراً على المتولّي ، والناظر على نوعين :
الأوّل : الناظر الذي يعبّر عنه بالناظر الاستطلاعي ; وهو ما كان المقصود مجرّد اطّلاعه على أعمال المتولّي لأجل الاستيثاق ، وفي هذا النوع يكون المتولّي مستقلاًّ في تصرّفاته ، ولا يعتبر إذن الناظر في صحّتها ونفوذها ، بل اللازم على المتولّي اطّلاعه وإعلامه بتصرّفه .
الثاني : الناظر الذي يعبّر عنه بالناظر الاستصوابي ، وهو ما كان المقصود إعمال نظره وتصويبه لعمل المتولّي ، وفي هذا النوع لا يجوز له التصرّف مستقلاًّ حتّى مع اطّلاعه ، بل لابدّ من إذنه وتصويبه .
ولو لم يحرز مراد الواقف من جهة جعل الناظر ، وأنّه هل على النحو الأوّل أو الثاني ؟ فاللازم مراعاة الأمرين من الاطّلاع والإذن .
2 ـ إذا لم يعيّن الواقف متولّياً في صيغة الوقف ، فهل التولية لنفسه(1) ، أو
- (1) تذكرة الفقهاء : 2 / 441 .
(الصفحة 102)
للموقوف عليهم(1) ، أو للحاكم(2) ، أو يفصّل بين الوقف الخاصّ ، فللموقوف عليهم ، وبين الوقف العامّ فللحاكم؟(3) أقوال . وربما تبنى المسألة كما في الملحقات على أنّ العين الموقوفة تبقى على ملك الواقف ، أو تنتقل إلى الموقوف عليهم ، أو إلى الله مطلقاً ، أو يفصل بين الخاصّ فتنتقل إليهم ، والعامّ فإليه تعالى(4) ، فعلى القول بالبقاء تكون التولية للواقف ، وعلى القول بالانتقال إلى الموقوف عليهم مطلقاً أو في الخاصّ فلهم(5) ، وعلى القول بكونه لله فللحاكم(6) ،(7) .
والأقوى كما في المتن أنّ التولّي في الأوقاف العامّة الكذائيّة للحاكم ، لا للواقف ولا للموقوف عليه ، أمّا الواقف ، فلخروج الأمر من يده وصيرورته كالأجنبيّ ، ولذا قلنا بعدم جواز جعل التولية بعد تماميّة الوقف ، وأمّا الموقوف عليه ، فلأنّ الظاهر تعلّق حقّ البطون اللاحقة به أيضاً ، فليس للموجودين امتياز ، فلا محيص إلاّ عن ثبوت التولية للحاكم الذي يراعي مصلحة جميع البطون ، أو المنصوب من قبله، ولأجل ماذكرنا لابدّ من الالتزام بثبوت التولية للحاكم ، أو المنصوب من قبله في الأوقاف الخاصّة; كالوقف على الذرّية بالنسبة إلى ما يرجع إلى مصلحة الوقف ومراعاة البطون مطلقاً ; من التعمير وحفظ الاُصول وإجارته للبطون اللاحقة .
- (1) الكافي في الفقه : 324 ، مختصر النافع : 256 ، إرشاد الأذهان : 1 / 452 ، تبصرة المتعلّمين : 126 ، كنز الفوائد : 2 / 131 .
- (2) تذكرة الفقهاء : 2 / 441 ، كنز الفوائد في حلّ مشكلات القواعد : 2 / 137 .
- (3، 4) اللمعة الدمشقيّة : 57 ، الروضة البهيّة : 3 / 177 .
- (5) شرائع الإسلام : 2 / 214 ، قواعد الأحكام : 2 / 390 .
- (6) المبسوط : 3 / 301 ، تحرير الأحكام : 3 / 314 ، حاشية شرائع الإسلام : 521 ، مسالك الافهام : 5 /324 ، جامع المقاصد : 9 / 34 ـ 35 و64 ، الشرح الصغير : 2 / 241 .
- (7) ملحقات العروة الوثقى : 2 / 227 مسألة 2 .
(الصفحة 103)مسألة : في الأوقاف التي توليتها للحاكم ومنصوبه مع فقدهما وعدم الوصول إليهما توليتها لعدول المؤمنين1 .
مسألة : لا فرق فيما كان أمره راجعاً إلى الحاكم بين ما إذا لم يعيّن الواقف متولّياً ، وبين ما إذا عيّن ولم يكن أهلاً لها ، أو خرج عن الأهليّة ، فإذا جعل للعادل من أولاده ولم يكن بينهم عادل ، أو كان ففسق ، كان كأن لم ينصب متولّياً2 .
وأمّا بالإضافة إلى تنميته والإصلاحات الجزئية التي يتوقّف عليها حصول النماء الفعلي الذي ينتفع به البطن الموجود فالأمر راجع إلى الموجودين من الموقوف عليهم ، من غير فرق بين القول بالملكية وعدمها بعد ثبوت الملكيّة للمنفعة ، أو الانتفاع كما عرفت .
1 ـ لا شبهة في أنّ الأوقاف التي يكون المتولّي لها هو الحاكم ، أو المنصوب من قبله تصل النوبة مع فقدهما وعدم إمكان الوصول إليهما عرفاً إلى عدول المؤمنين ، كما في سائر الموارد .
2 ـ لا فرق فيما كان أمره راجعاً إلى الحاكم بين ما إذا لم يعيّن الواقف متولّياً أصلاً ، كما في الأوقاف العامّة ، أو الخاصّة بلحاظ بعض اُمورها ، وبين ما إذا عيّن ولم يكن أهلاً لها ، أو خرج عن الأهليّة ، كما إذا جعل للعادل من أولاده ولم يكن بينهم عادل ، أو كان ففسق ، فالحكم مثل ما إذا لم يعيّن متولّياً أصلاً ، وهل اللازم على الحاكم في هذه الصورة إذا أراد أن ينصب متولّياً هو نصب عادل لذلك ; لاعتبار الواقف العدالة وإن لم تكن معتبرة في نفسها في المتولّي كما عرفت(1) ، أو يجوز له
(الصفحة 104)مسألة : لو جعل التولية لعدلين من أولاده مثلاً ولم يكن فيهم إلاّ عدل واحد ضمّ الحاكم إليه عدلاً آخر ، وأمّا لو لم يكن فيهم عدل أصلاً فهل اللازم عليه نصب عدلين ، أو يكفي نصب واحد أمين؟ أحوطهما الأوّل ، وأقواهما الثاني1 .
مسألة : لو احتاج الوقف إلى التعمير ولم يكن ما يصرف فيه ، يجوز
نصب غير العادل إن كان أميناً موثوقاً به؟ يظهر من المسألة التالية أنّ الأحوط عند الماتن الأوّل وإن كان الأقوى الثاني ، نظراً إلى عدم اعتبار العدالة وكفاية الأمانة والوثاقة .
1 ـ قد وقع التعرّض في هذه المسألة لفرعين :
الأوّل : ما لو جعل الواقف التولية لعدلين من أولاده مثلاً ولم يوجد فيهم إلاّ عدل واحد ضمّ الحاكم إليه واحداً آخر عادلاً ، وظاهر المتن اعتبار العدالة في هذه الصورة ; لأنّ غرض الواقف تعلّق بتولية عدلين ، فلابدّ من أن يكون الآخر الذي ضمّه الحاكم متّصفاً بذلك .
الثاني : الفرع السابق مع عدم وجود عدل في الأولاد أصلاً ، وعليه فهل اللازم على الحاكم نصب عدلين ; لتعلّق غرض الواقف بذلك ، أو يكفي نصب واحد أمين كما في صورة عدم التعيين؟ قد جعل الأحوط الثاني والأقوى الأوّل ، ويمكن أن يورد عليه بأنّه ما الفرق بين الفرعين من حيث الحكم ; بأنّ الذي يضمّ الحاكم إلى المتولّي في الفرع الأوّل لابدّ أن يكون عادلاً ، وقد قوّى في هذا الفرع الاكتفاء بواحد أمين مع تعيين الواقف شخصين عادلين ، كما هو المفروض ، فلا ينبغي ترك الاحتياط بوجه .