(الصفحة 126)مسألة : تحلّ صدقة الهاشمي لمثله ولغيره مطلقاً ، حتّى الزكاة المفروضة والفطرة . وأمّا صدقة غير الهاشمي للهاشمي فتحلّ في المندوبة ، وتحرم في الزكاة المفروضة والفطرة ، وأمّا غيرهما من المفروضات كالمظالم والكفّارات ونحوهما فالظاهر أنّها كالمندوبة ، وإن كان الأحوط عدم إعطائهم لها وتنزّههم عنها1 .
فيها ، لما دلّ على أنّه لا يرجع فيما كان لله ، مضافاً إلى أنّ مقتضى الاستصحاب أيضاً ذلك ، ولا فرق في ذلك بين الصدقة على ذي رحم ، أو الصدقة على الأجنبيّ ، وإن كان عدم جواز الرجوع في الهبة الخالية عن قصد القربة إنّما هو في الصورة الاُولى، وإن كان هنا بعض الاُمور الاُخرى دخيلاً في اللزوم وموجباً لثبوته ، كالهبة المعوّضة على ما عرفت في كتاب الهبة (1) .
1 ـ لا إشكال في أنّها تحلّ صدقة الهاشمي ـ مندوبةً كانت أو مفروضة ، زكاةً كانت أو فطرةً أو مظلمةً أو كفّارةً ـ لمثله من الهاشمي ولغيره ، فإنّه لا محدودية من هذه الجهة إذا كان المتصدّق هاشميّاً .
كما أنّه لا إشكال في أنّه لا تحلّ صدقة غير الهاشمي للهاشمي في الزكاة المفروضة والفطرة ، على ما تقدّم في البابين ، وأمّا غيرهما من المفروضات كالمظالم والكفّارات فقد استظهر في المتن أنّها كالمندوبة وإن احتاط بعدم إعطائهم لها وتنزّههم عنها ، والوجه في الجواز عدم الدليل على عدمه في غير الزكاة والفطرة ، وفي الاحتياط شباهتهما بهما ، خصوصاً مع ملاحظة ما ورد في الخمس من تخصيص الله تعالى
- (1) أي في تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الهبة مسألة 8 ، الفرع الرابع .
(الصفحة 127)مسألة : يعتبر في المتصدِّق البلوغ ، والعقل ، وعدم الحجر لفلس أو سفه ، فلا تصحّ صدقة الصبيّ حتّى من بلغ عشراً1 .
مسألة : لا يعتبر في المتصدَّق عليه في الصدقة المندوبة الفقر ولا الإيمان ولا الإسلام ، فتجوز على الغنيّ وعلى الذمّي ، والمخالف وإن كانا أجنبيّين . نعم ، لا تجوز على الناصب ولا على الحربي وإن كانا قريبين2 .
سهم السادات بهم تجليلاً لهم وتكريماً لشأنهم(1) ، كما لا يخفى .
1 ـ يعتبر في المتصدّق البلوغ والعقل ، كما في سائر العقود المرتبطة ، وكذا الاختيار في مقابل الإكراه ، ولم يعلم الوجه في ترك التعرّض له ، فإنّه لا إشكال في البطلان في صورة الإكراه وعدم الاختيار ، وكذا يعتبر عدم الحجر لفلس أو سفه ، لما تقدّم في كتاب الحجر من أنّه لا يجوز لهما التصرّفات الماليّة مطلقاً (2) ، وأمّا الصبيّ البالغ عشراً فالظاهر أنّه لا تصحّ صدقته مطلقاً وإن قلنا بصحّة وصيّته في هذه الصورة ; لعدم الملازمة وبطلان القياس .
2 ـ لا يعتبر في المتصدَّق عليه في الصدقة المندوبة الفقر ، ولا الإيمان ولا الإسلام ، فتجوز على الغنيّ وعلى الذمّي والمخالف . نعم ، قد عرفت في باب الزكاة أنّه إذا استبصر من أعطى زكاته الواجبة للمخالف يجب عليه الأداء ثانياً ، معلّلاً بأنّه وضعها في غير موضعها ، ولا فرق في الصدقة المندوبة من هذه الجهة بين ما إذا كان المتصدّق عليه رحماً أو أجنبيّاً .
- (1) وسائل الشيعة : 9 / 509 ـ 518 ، كتاب الخمس ، أبواب قسمة الخمس ب 1 .
- (2) أي في كتاب الحجر ، القول في السفه . والقول في الفلس مسألة 3 .
(الصفحة 128)مسألة : الصدقة سرّاً أفضل ، فقد ورد : «أنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ ، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وتدفع سبعين باباً من البلاء»(1) . نعم ، لو اتّهم بترك المواساة فأراد دفع التهمة عن نفسه ، أو قصد اقتداء غيره به لا بأس بالإجهار بها ، ولم يتأكّد إخفاؤها ، هذا في المندوبة ، وأمّا الواجبة فالأفضل إظهارها مطلقاً1 .
مسألة : تستحبّ المساعدة والتوسّط في إيصال الصدقة ، فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله) في خطبة له : «ومن تصدّق بصدقة عن رجل إلى مسكين كان له مثل أجره ، ولو تداولها أربعون ألف إنسان ثمّ وصلت إلى المسكين كان لهم أجر كامل ، وما عند الله خيرٌ وأبقى للذين اتّقوا وأحسنوا لو كنتم تعلمون»(2)2 .
مسألة : يكره كراهة شديدة أن يتملّك من الفقير ما تصدّق به بشراء أو
والظاهر عدم الجواز على الناصب ، كما يظهر من بعض الأخبار (3) ، وظاهر المحكيّ عن الوسائل الفتوى(4) به ، كما أنّ الظاهر عدم الجواز على الكافر الحربي الذي يكون همّه المحاربة مع الإسلام ، ولأجله يجوز أخذ ماله والتصرّف فيه . نعم ، تجوز الصدقة على مجهول الحال بلا إشكال .
1 ، 2 ـ الوجه في هاتين المسألتين واضح لا يحتاج إلى البيان والتكرار .
- (1) مجمع البيان : 2 / 198 ، وعنه الوسائل : 9 / 396 ، كتاب الزكاة ، أبواب الصدقة ب13 ح10 .
- (2) عقاب الأعمال : 342 ، وعنه الوسائل : 9 / 426 ، كتاب الزكاة ، أبواب الصدقة ب26 ح3 .
- (3) الكافي : 4 / 13 ح 1 ، التهذيب : 4 / 53 ح 141 و ص 107 ح 306 ، المقنعة : 263 و عنها الوسائل : 9 / 414 ، كتاب الزكاة ، أبواب الصدقة ، ب 21 ، ح 2 و 3 .
- (4) وسائل الشيعة : 9 / 413 ، كتاب الزكاة ، أبواب الصدقة ، ب 21 .
(الصفحة 129)اتّهاب أو بسبب آخر ، بل قيل بحرمته . نعم ، لا بأس بأن يرجع إليه بالميراث1 .
مسألة : يكره ردّ السائل ولو ظنّ غناه ، بل يعطى ولو شيئاً يسيراً2 .
مسألة : يكره كراهة شديدة السؤال من غير احتياج ، بل مع الحاجة أيضاً ، بل قيل بحرمة الأوّل ، ولا ينبغي ترك الاحتياط ، وقد ورد فيه الإزعاج الأكيد ، ففي الخبر : «من سأل الناس وعنده قوت ثلاثة أيّام لقى الله يوم القيامة وليس على وجهه لحم»(1)3 .
1 ـ 3 ـ الوجه في هذه المسائل واضح لا يحتاج إلى البيان والتكرار .
- (1) عقاب الأعمال : 325 ح1 ، وعنه الوسائل : 9 / 437 ، كتاب الزكاة، أبواب الصدقة ب31 ح5 ، وفيهما : يوم يلقاه، بدل يوم القيامة .
(الصفحة 130)