(الصفحة 342)مسألة : الظاهر أنّه يلحق بآلة الاصطياد كلّ ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان وزوال امتناعه ولو بحفر حفيرة في طريقه ليقع فيها فوقع ، أو باتّخاذ أرض وإجراء الماء عليها لتصير موحلة فيتوحّل فيها فتوحل ، أو فتح باب شيء ضيّق وإلقاء الحبوب فيه ليدخل فيه العصافير فأغلق عليها وزال امتناعها . وأمّا لو فتح باب البيت لذلك فدخلت فيه مع بقائها على امتناعها في البيت ، فالظاهر عدم تملّكه به مع إغلاق الباب ، كما أنّه لو عشّش الطير في داره لم يملكه بمجرّده ، وكذا لو توحّل حيوان في أرضه الموحلة ما لم يجعلها كذلك لأجل الاصطياد ، فلو أخذه شخص بعد ذلك ملكه وإن عصى لو دخل داره أو أرضه بغير إذنه1 .
الشخص ، كما إذا سقط الحيوان من شاهق فانكسر بعض أعضائه فصار غير ممتنع ، فأخذه إنسان بقصد التملّك .
1 ـ الظاهر أنّه يلحق بآلة الاصطياد في حصول الملكيّة مع قصد التملّك كلّ ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان وزوال وصف الامتناع عنه بالفعل ، كالأمثلة المذكورة في المتن ، التي منها فتح باب شيء ضيّق ، وإلقاء الحبوب فيه ليدخل فيه العصافير فأغلق عليها وزال امتناعها .
وأمّا لو فتح باب البيت لذلك فدخلت فيه مع بقائها على صفة الامتناع والفرار ، فاستظهر في المتن عدم حصول الملكيّة له بمجرّد ذلك ولو أغلق الباب ; لأنّ إغلاق الباب يوجب أن تكون دائرة امتناعه أضيق ، وأمّا أصل الوصف فهو بعد باق بحاله . نعم ، إذا أخذ واحداً أو أزيد يصير مالكاً بالأخذ لا بسبب إغلاق الباب ، كما أنّه لو جعل داره عشّاً للطير كالعصفور ونحوه لا يتحقّق بمجرّد ذلك الملكيّة ما لم
(الصفحة 343)مسألة : لو سعى خلف حيوان حتّى أعياه ووقف عن العدو لم يملكه ما لم يأخذه ، فلو أخذه غيره قبل أن يأخذه ملكه1 .
مسألة : لو وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد ولم تمسكه الشبكة لضعفها وقوّته فانفلت منها لم يملكه ناصبها ، وكذا إن أخذ الشبكة وانفلت بها من دون أن يزول عنه الامتناع ، فإن صاده غيره ملكه وردّ الشبكة إلى صاحبها . نعم ، لو أمسكته الشبكة وأثبتته ثمّ انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجيّة لم
يتحقّق الأخذ الموجب له ، كما عرفت .
كما أنّه لو وحّل أرضه لا لأجل الاصطياد ، بل لغرض آخر مترتّب عليه ، كالتهيّؤ للزراعة ونحوه لا يصير مالكاً للحيوان المتوحّل فيها ، بل يتوقّف تملّكه له على الأخذ بهذا القصد ، ومع عدمه يجوز لشخص آخر الأخذ والتملّك وإن كان عاصياً بدخول أرضه أو داره بغير الإذن ; لأنّه لا ملازمة بين الحرمة وعدم الملكيّة بوجه كما هو غير خفيّ .
ودعوى أنّ النهي يقتضي الفساد مدفوعة ، مضافاً إلى منع الكبرى بمنع الصغرى ; لأنّ متعلّق النهي هو التصرّف في ملك الغير ، والملكيّة متوقّفة على تحقّق الأخذ بهذا القصد ، فلا ارتباط لأحد الأمرين بالآخر ، فتدبّر .
1 ـ إذا سعى خلف حيوان ممتنع بمقدار صار موجباً لوقفه عن العدو وزال امتناعه لا يصير بمجرّد ذلك مالكاً له ما لم يتحقّق الأخذ الذي هو أحد الاُمور الثلاثة المملّكة المتقدّمة ، وفي هذه الصورة التي زال عنه الامتناع ولم يأخذه الساعي خلفه إذا أخذه غيره يكون أخذه موجباً لحصول الملكيّة له ، فيصير هو المالك دون الساعي .
(الصفحة 344)يخرج بذلك عن ملكه ، كما لو أمسكه بيده ثمّ انفلت منها ، وكذا لو مشى بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع ، فإنّه لناصبها ، فلو أخذه غيره يجب أن يردّه إليه1 .
مسألة : لو رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع ، فدخل داراً فأخذه صاحبها ملكه بأخذه لا بدخول الدار ، كما أنّه لو رماه ولم يثبته فرماه شخص
1 ـ إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد ، ولكن الشبكة لم تقدر على إمساكه لضعفها وقوّة الحيوان ، ولأجله انفلت منها ، لا يكون مجرّد الوقوع بهذه الكيفيّة موجباً لصيرورته ملكاً لناصبها ; لأنّ المفروض عدم قدرة الشبكة على الإمساك والانفلات منها ، فصار الحيوان كالأوّل ، وكذا إن أخذ الحيوان الشبكة وانفلت معها من دون أن يزول عنه الامتناع ، وفي هذه الصورة إن صاده غيره يكون الصائد مالكاً له ، غاية الأمر أنّه يجب عليه ردّ الشبكة إلى صاحبها الأوّل ، وقد استدرك في المتن صوراً ثلاثاً :
الأُولى : ما لو أمسكته الشبكة وأثبتته ثمّ انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجيّة ، كما إذا غيّر إنسان وضع الشبكة بحيث صار موجباً لإمكان الانفلات .
الثانية : ما لو تحقّق الأخذ باليد الذي هو أحد الاُمور الثلاثة المتقدّمة ، ثمّ عرض له الانفلات بعدما صار ملكاً للآخذ الممسك .
الثالثة : ما لو ذهب بالشبكة ، ولكن على وجه لا يعود امتناعه السابق ، بل لا يكون له قدرة عليه ، فإنّه حينئذ يكون ملكاً للناصب للشبكة ، ولو أخذه غيره يجب أن يردّ الحيوان مع الشبكة إلى صاحبها الذي صار مالكاً له ، كما هو غير خفيّ .
(الصفحة 345)آخر فأثبته فهو للثاني1 .
مسألة : لو أطلق الصائد صيده ، فإن لم يقصد الإعراض عنه لم يخرج عن ملكه ولا يملكه غيره باصطياده ، وإن قصد الإعراض وزوال ملكه عنه فالظاهر أنّه يصير كالمباح ، جاز اصطياده لغيره ويملكه ، وليس للأوّل الرجوع إليه بعد تملّكه على الأقوى2 .
1 ـ لو رماه فأثّر في جرحه لكن لا بحيث يزول معه الامتناع ، بل كان باقياً مع عروض الجرح أيضاً ، فدخل مع هذا الوصف داراً لا يملكه صاحب الدار بمجرّد الدخول فيها ، بل تحتاج الملكيّة إلى الأخذ الذي هو من الأسباب المملّكة كما عرفت (1) ، فإن أخذه ملكه ، وإلاّ فلا ، وكذلك لو رماه فأثّر في جرحه لكن لم يؤثّر في إثباته ، لكن رماه شخص آخر فأزال عنه الامتناع فهو للثاني دون الأوّل ، والوجه فيه واضح بعد ملاحظة ما عرفت .
2 ـ لو أطلق الصائد صيده بعد صيرورته ملكاً له ففيه صورتان :
الاُولى : ما لم يقصد الإعراض عنه وإن كان أطلقه ، وفي هذه الصورة لا يخرج الصيد عن ملكه لصيرورته ملكاً للصائد ولم يتحقّق الإعراض الموجب لزوال الملكيّة ، وعليه لو اصطاده غيره بالإطلاق كذلك لا يملكه ; لأنّ الشيء الواحد لا يكون قابلاً لأن يكون له مالكان بتمامه .
الثانية : ما إذا قصد الإعراض وزوال ملكه عنه فالظاهر أنّه يصير كالمباح ، فيجوز للغير اصطياده وتملّكه ، كما أنّ الأمر كذلك في حيازة المباحات الموجبة
(الصفحة 346)مسألة : إنّما يملك غير الطير بالاصطياد إذا لم يعلم كونه ملكاً للغير ولو من جهة آثار اليد التي هي أمارة على الملك فيه ، كما إذا كان طوق في عنقه ، أو قرط في اُذنه ، أو شدّ حبل في أحد قوائمه ، ولو علم ذلك لم يملكه الصائد ، بل يردّ إلى صاحبه إن عرفه ، وإن لم يعرفه يكون بحكم اللقطة . وأمّا الطير ، فإن كان مقصوص الجناحين كان بحكم ما علم أنّ له مالكاً ، فيردّ إلى صاحبه إن عرف ، وإن لم يعرف كان لقطة . وأمّا إن ملك جناحيه يتملّك بالاصطياد ، إلاّ إذا كان له مالك معلوم ، فيجب ردّه إليه ، والأحوط فيما إذا علم أنّ له مالكاً ـ ولو من جهة وجود آثار اليد فيه ـ ولم يعرفه أن يعامل معه معاملة اللقطة كغير الطير1 .
لصيرورتها ملكاً له بالحيازة ، لكنّه إذا أعرض عنه وقصد زوال ملكه يصير كالأوّل ، فيجوز للغير الحيازة .
وليعلم أنّه بعد اصطياد الغير له في المقام ، وحيازة الغير في سائر المباحات الموجبين لصيرورته ملكاً للصائد الثاني أو المحيز كذلك لا يجوز للأوّل الرجوع ، خصوصاً بعد كون مقتضى الاستصحاب بقاء زوال الملكيّة وعدم تأثير الرجوع في عودها ، كما هو ظاهر .
1 ـ قد تعرّض في المسألة لحكم موردين :
الأوّل : الحيوان الذي يملك بالاصطياد غير الطير ، وقد حكم في المتن بأنّ ملكيّته بالاصطياد إنّما هي فيما لم يعلم كونه ملكاً للغير; إمّا بالعلم الوجداني الذي يلحق به الاطمئنان العقلائي ، وإمّا من جهة آثار اليد التي هي أمارة شرعاً وعرفاً على ثبوت الملك فيه لأحد قبله ، كما في الأمثلة المذكورة فيه . وأمّا في هذه الصورة