(الصفحة 74)فالثاني كالوقف على الجهات العامّة دون الأوّل ، أو بين الوقف الخاصّ ، فيملك الموقوف عليه ملكاً غير طلق ، والوقف العامّ فكالوقف على الجهات؟ وجوه ، لا يبعد أن يكون اعتبار الوقف في جميع أقسامه إيقاف العين لدرّ المنفعة على الموقوف عليه ، فلا تصير العين ملكاً لهم ، وتخرج عن ملك الواقف إلاّ في بعض صور المنقطع الآخر كما مرّ1 .
المجاز والمسامحة .
1 ـ لا ينبغي الارتياب في أنّ الوقف بعد صحّته وتماميّته يوجب بالإضافة إلى المالك الواقف زوال ملكه عن العين الموقوفة ، إلاّ في منقطع الآخر الذي مرّ الإشكال في بعض أقسامه(1) .
وأمّا الوقف على الجهات العامّة كالأمثلة المذكورة في المتن ، وكذا أوقافها كأوقاف المساجد والمشاهد وأشباه ذلك فلا يملكها أحد ، بل هو فكّ الملك وتسبيل المنافع على جهات خاصّة معيّنة .
وأمّا الوقف الخاصّ ، كالوقف على الأولاد ، والوقف على العناوين العامّة ، كالفقراء والعلماء ، فهل يكون كالوقف على الجهات العامّة لا يملك الرقبة أحد؟ فيه وجوه واحتمالات :
الأوّل : عدم ملك أحد من مصاديق ذلك العنوان للرقبة ، من دون فرق بين ما إذا كان وقف منفعة; بأن كان الغرض من الوقف كون المنافع ملكاً للموقوف عليه ، فيجوز لهم الاستيفاء بأنفسهم ، أو بالإجارة ، أو ببيع الثمرة ، أو وقف انتفاع ، كما إذا وقف الدار لسكنى ذرّيته ، أو الخان لسكنى الفقراء ، وقد عرفت أنّ الفرق بين
(الصفحة 75)مسألة : لا يجوز تغيير الوقف وإبطال رسمه وإزالة عنوانه ولو إلى عنوان آخر ، كجعل الدار خاناً أو دكّاناً أو بالعكس . نعم ، لو كان الوقف وقف منفعة وصار بعنوانه الفعلي مسلوب المنفعة أو قليلها في الغاية ، لا يبعد جواز تبديله إلى عنوان آخر ذي منفعة ، كما إذا صار البستان من جهة انقطاع الماء عنه
وقف المنفعة ووقف الانتفاع هو الفرق بين الإجارة والعارية(1) .
الثاني : ملكيّة الموقوف عليهم للرقبة ملكاً غير طلق لا يجوز لهم البيع والصلح والهبة وأمثال ذلك ، من دون فرق بين وقف المنفعة ووقف الانتفاع .
الثالث : التفصيل بين وقف المنفعة ووقف الانتفاع ، فالثاني كالوقف على الجهات العامّة كالمساجد والقناطر ومثلهما ، دون الأوّل ، فإنّه يصير ملكاً للموقوف عليهم ملكاً غير طلق في الأوّل دون الثاني ، بل هو كالوقف على الجهات العامّة .
الرابع : التفصيل بين الوقف الخاص كالوقف على الأولاد ، فيصير الموقوف عليهم مالكاً للرقبة ملكاً غير طلق ، وبين الوقف العامّ ، فهو كالوقف على الجهات العامّة لا يملكها أحد .
وقد نفى البعد في المتن من أن يكون اعتبار الوقف في جميع فروضه وأقسامه جعل العين راكدة محبّسة لدرّ المنافع على الموقوف عليهم ، فلا تصير العين ملكاً لهم ، وتخرج عن ملك الواقف إلاّ في بعض صور المنقطع الآخر ، وقد مرّ . وهو الأنسب بحقيقة الوقف وتعريفه على ما تقدّم في أوّل الكتاب .
(الصفحة 76)أو لعارض آخر لم ينتفع به ، بخلاف ما إذا جعل داراً أو خاناً1 .
مسألة : لو خرب الوقف وانهدم وزال عنوانه ، كالبستان انقلعت أو يبست أشجاره ، والدار تهدّمت حيطانها وعفت آثارها ، فإن أمكن تعميره وإعادة عنوانه ولو بصرف حاصله الحاصل بالإجارة ونحوها لزم وتعيّن على الأحوط ، وإلاّ ففي خروج العرصة عن الوقفيّة وعدمه ، فيُستنمى منها بوجه آخر ـ ولو بزرع ونحوه ـ وجهان بل قولان ، أقواهما الثاني ، والأحوط أن تجعل وقفاً ويجعل مصرفه وكيفيّاته على حسب الوقف الأوّل2 .
1 ـ لا يجوز تغيير الوقف وإبطال رسمه وإزالة عنوانه ولو بالتبديل إلى عنوان آخر وإن كان أكثر منفعة وأزيد استفادة ، كجعل الدار خاناً أو دكّاناً أو بالعكس . نعم ، لو كان الوقف وقف منفعة وصار بعنوانه الفعلي مسلوب المنفعة أو قليلها في الغاية ، فقد نفى البُعد عن جواز تبديله إلى عنوان آخر له منفعة معتدّ بها ، كالمثال المذكور في المتن الواقع نظيره في بلدة قم بالنسبة إلى كثير من الأراضي الزراعية ، أو البساتين الموقوفة لكريمة أهل البيت بنت موسى بن جعفر (عليهم السلام) ، حيث إنّها لصيرورتها قليلة المنفعة أو لانقطاع الماء عنها لوقوعها في أواسط البلد قد غيّر عنوانها بجعلها دوراً ودكاكين مثلاً .
2 ـ لو خرب الوقف بسبب الزلزلة مثلاً وانهدم وزال عنوانه ، كالبستان انقلعت أو يبست أشجاره،والدارتهدّمت حيطانهاوعفت آثارها، فتارةً يمكن تعميره وإعادة عنوانه ولو بصرف حاصله الذي حصل بالإجارة ونحوها ، واُخرى لا يمكن ذلك .
ففي الصورة الاُولى : لزم وتعيّن على الأحوط ; لأنّ اللازم حفظها مع الإمكان ، وإلاّ يلزم الخروج عن الوقف مع التخريب ولو عمداً وإن كان مخالفة للحكم
(الصفحة 77)مسألة : إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى تعمير وترميم وإصلاح لبقائها والاستنماء منها ، فإن عيّن الواقف لها ما يصرف فيها فهو ، وإلاّ يصرف فيها من نمائها على الأحوط مقدّماً على حقّ الموقوف عليهم ، والأحوط لهم الرضا بذلك ، ولو توقّف بقاؤها على بيع بعضها جاز1 .
التكليفي ، ومستلزمة لمنع شرعي ، مع أنّ الواضح خلافه .
وفي الصورة الثانية : ففي خروج العرصة عن الوقفية وعدمه فيُستنمى منها بوجه آخر ولو بزرع ونحوها ، فيه وجهان بل قولان ، وقد قوّى في المتن الثاني ، ولعلّه لأجل عدم تحقّق ما يوجب خروج العرصة عن الوقفية ; لأنّ دخولها لم يكن تابعاً لسائر الاُمور المعتبرة في الموقوفة ، فإذا وقف داراً فكأنّه وقف العرصة والحيطان والبيوت ، فمع انهدام ما عدا العنوان الأوّل لا يستلزمه خروجه عن الوقفيّة إلاّ في مثل ما إذا صار جزءاً لشارع أو زقاق بحيث لا يكون عند العرف شيئاً مستقلاًّ ، كما في ما عرفت من خراب المسجد(1) ، لكن مقتضى الاحتياط في غير مورد الاستثناء أن تجعل العرصة وقفاً ثانياً ، وتجعل مصرفه وكيفيّاته على حسب الوقف الأوّل .
1 ـ إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى تعمير وترميم وإصلاح لبقائها والاستنماء منها ، بحيث لو لم تعمّر ينتفى الاستنماء أو تقلّ ، فمع عدم تعيين الواقف ما يصرف في هذا المجال يصرف فيه من نمائها على الأحوط ، كما في المتن ، والسرّ فيه مدخليّة ذلك في بقاء العين وتسبيل المنفعة المقصودة العقلائية ، لكن الاحتياط في رضا الورثة بذلك ، ووجه الحكم الأخير واضح .
(الصفحة 78)مسألة : الأوقاف على الجهات العامّة التي مرّ(1) أنّها لا يملكها أحد كالمساجد والمشاهد والمدارس والمقابر والقناطر ونحوها ، لا يجوز بيعها بلا إشكال في مثل الأوّلين ، وعلى الأحوط في غيره وإن آل إلى ما آل ، حتّى عند خرابها واندراسها بحيث لا يرجى الانتفاع بها في الجهة المقصودة أصلاً ، بل تبقى على حالها ، هذا بالنسبة إلى أعيانها ، وأمّا ما يتعلّق بها من الآلات والفرش وثياب الضرائح وأشباه ذلك ، فما دام يمكن الانتفاع بها باقية على حالها لا يجوز بيعها ، وإن أمكن الانتفاع بها في المحلّ الذي اُعدّت له بغير ذلك الانتفاع الذي أعدّت له بقيت على حالها أيضاً ، فالفرش المتعلّقة بمسجد أو مشهد إذا أمكن الافتراش بها في ذلك المحلّ بقيت على حالها فيه ، ولو فرض استغناؤه عن الافتراش بالمرّة ، لكن يحتاج إلى ستر يقي أهله من الحرّ أو البرد مثلاً تجعل ستراً لذلك المحلّ ، ولو فرض استغناء المحلّ عنها بالمرّة ، بحيث لا يترتّب على إمساكها وإبقائها فيه إلاّ الضياع والضرر والتلف ، تجعل في محلّ آخر مماثل له; بأن تجعل ما للمسجد لمسجد آخر ، وما للمشهد لمشهد آخر ، فإن لم يكن المماثل أو استغنى عنها بالمرّة جعلت في المصالح العامّة .
هذاإذا أمكن الانتفاع بها باقيةً على حالها، وأمّالوفرض أنّه لا يمكن الانتفاع بهاإلاّ ببيعها ـ وكانت بحيث لوبقيت على حالهاضاعتوتلفت ـ بيعتوصرف ثمنها في ذلك المحلّ إن احتاج إليه، وإلاّ ففي المماثل، ثمّ المصالح حسب ما مرّ(2)1 .
1 ـ الحكم في هذه المسألة إجمالاً ظاهر ، ولكن ينبغي التنبيه على بعض الاُمور :
- (1) في مسألة 67 .
- (2) في مسألة 62 .