(الصفحة 62)مسألة : لو وقف على المشتغلين في النجف مثلاً من أهل بلد كطهران ، أو غيره ، اختصّ بمن هاجر من بلده إليه للاشتغال ، ولا يشمل من جعله وطناً له معرضاً عن بلده1 .
بالمتوطّنين فيه ، أعمّ ممّن كان ذلك المشهد وطنه الأصلي ، أو اتّخذه وطناً وكان وطناً مستجّداً له ، كالمجاورين الذين لا يكون أصلهم من ذلك المشهد ، ولا يشمل عنوان الموقوف عليه الزوّار والمتردّدين .
نعم ، هل يدور الحكم مدار التوطّن الذي تكون الصلاة معه تامّة; وهي الإقامة بقصد التوطّن الدائمي بعنوان وطنه الجديد ، أو بعنوان أحد الوطنين بالإضافة إلى ذي وطنين ، أو الإقامة بمقدار كثير يصدق معه التوطّن كالإقامة ثلاثين سنة ، أو أنّ الحكم لا يدور مدار ذلك ، بل يعمّ من كان قاصداً للإقامة في مدّة التحصيل التي لا تزيد على عشر سنوات نوعاً؟ الظاهر هو الأوّل ، فإنّ بعض المشتغلين في النجف لأجل التحصيل في الحوزة العلمية لا يصدق عليه أهل النجف ولو كانت إقامته أزيد من عشر سنوات ، وليس المقام مثل ما ذكر في الحجّ من أنّ الإقامة سنتين يوجب انقلاب الفريضة من حجّ التمتّع إلى القران والإفراد .
1 ـ لو وقف على خصوص المشتغلين في النجف مثلاً بالعلوم الحوزويّة من أهل محلّ خاصّ وبلد مخصوص كطهران ، أو غيره ، تختصّ منافع العين الموقوفة بمن هاجر من ذلك البلد إلى النجف لخصوص الاشتغال ، ولا تعمّ كلّ من جعل النجف وطناً له معرضاً عن بلده وإن لم يكن ذلك للاشتغال بالعلوم الحوزويّة ، بل لأجل اختيار المجاورة لقبر سيِّد الموحِّدين أمير المؤمنين عليه وعلى أولاده أفضل صلوات المصلّين ; لفرض عدم الاشتغال بتلك العلوم مثلاً .
(الصفحة 63)مسألة : لو وقف على مسجد فمع الإطلاق صرفت منافعه في تعميره وضوئه وفرشه وخادمه ، ولو زاد شيء يعطى لإمامه1 .مسألة : لو وقف على مشهد يصرف في تعميره وضوئه وخدّامه المواظبين لبعض الأشغال اللازمة المتعلّقة به2 .
1 ـ لو وقف على مسجد ، فمع الإطلاق وعدم ذكر جهة خاصّة يصرف منافعه في تعميره لو احتاج إلى التعمير وضوئه وفرشه وخادمه ، وفي المتن : ولو زاد شيء يعطى لإمامه ; لأنّه أيضاً من شؤون المسجد وإن لم يكن في عرض سائر الشؤون ; لأنّ ارتباطه بها أكثر من غيره . نعم ، في صورة الزيادة يكون الإيتاء إلى الإمام كالصرف في شؤون المسجد .
2 ـ لو وقف على مشهد ، فمع الإطلاق كذلك وعدم ذكر جهة خاصّة يصرف في تعميره و ضوئه والخدمة المواظبين لبعض الأشغال اللازمة المتعلّقة به ، كتنظيفه وإخراج النفايات منه .
نعم ، في هذه الأزمنة في مسألة النذر على المشاهد لو كان المنذور أصحاب تلك المشاهد ، كأمير المؤمنين والحسين (عليهما السلام) يجوز له دفع المنذور إلى الفقراء من الطلبة وغيرهم بنيّة التصدّق عنهم ووصول الثواب إليهم (عليهم السلام) ولو كان المنذور نفس تلك المشاهد ، فالظاهر بملاحظة أنّه لا يصرف في تعمير المشهد وغيره من قبل المتصدّين لحفظ تلك البقاع المقدّسة ، بل يستفاد منها للاُمور غير المرتبطة بالمشاهد ممّا يرون مصلحة لأنفسهم ، فالظاهر أيضاً جواز الدفع إلى الفقراء المذكورين بنيّة الإمام الذي صاحب المشهد ، أو ابنه (عليه السلام) كأبي الفضل العبّاس ، وعدم جواز صرفه في مشهد آخر كما لا يخفى ، بل يتعيّن ذلك ; لعدم إمكان طريق للوصول إليه غير ذلك .
(الصفحة 64)مسألة : لو وقف على سيّد الشهداء (عليه السلام) يصرف في إقامة تعزيته; من اُجرة القارئ وما يتعارف صرفه في المجلس للمستمعين وغيرهم1 .مسألة : لا إشكال في أنّه بعد تماميّة الوقف ليس للواقف التغيير في الموقوف عليه بإخراج بعض من كان داخلاً ، أو إدخال من كان خارجاً إذا لم يشترط ذلك في ضمن عقد الوقف ، وهل يصحّ ذلك إذا شرطه؟ لا يبعد عدم الجواز مطلقاً ، لا إدخالاً ولا إخراجاً ، فلو شرط ذلك بطل شرطه ، بل الوقف على إشكال ، ومثل ذلك لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم إلى من سيوجد . نعم ، لو وقف على جماعة إلى أن يوجد من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد صحّ بلا إشكال2 .
1 ـ لو وقف على سيّد الشهداء (عليه السلام) يصرف في إقامة تعزيته من اُجرة المبلِّغ والمدّاح وما يتعارف صرفه في المجلس للمستمعين وغيرهم ، ومن هذا القبيل ما هو الشائع من الإطعام بعد تماميّة مجلس العزاء ، وهذا بخلاف النذر على الإمام (عليه السلام) ، حيث إنّك عرفت أنّه يجوز أن يتصدّق به عنه لفقراء الشيعة ، ولا يتعيّن عليه صرفه فيما يتعلّق بمشهده (عليه السلام) .
2 ـ في هذه المسألة صورتان :
الاُولى : ما إذا كان الوقف مطلقاً لم يشترط في ضمنه إدخال بعض الأفراد في الموقوف عليهم ، أو إخراج بعض عنه ، وأراد بعد تماميّة الوقف الإدخال أو الإخراج ، والحكم في هذه الصورة أنّه لا يجوز ذلك ; لأنّه يخرج الموقوف بتماميّة الوقف عن اختيار الواقف ولو جعل نفسه متولّياً ، فإنّ شأن المتولّي إجراء الوقف كما هو والنظارة في مصالحه ومفاسده والتقسيم بين الموقوف عليهم ، لا التغيير في
(الصفحة 65)مسألة : لو علم وقفيّة شيء ولم يعلم مصرفه ولو من جهة نسيانه ، فإن كانت المحتملات متصادقة غير متباينة يصرف في المتيقّن ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على الفقراء أو الفقهاء ، فيقتصر على مورد تصادق العنوانين . وإن كانت
عنوان الوقف ، والظاهر أنّه لا إشكال في ذلك .
الثانية : ما إذا اشترط الإدخال أو الإخراج في ضمن عقد الوقف ، وفي هذه الصورة يقع الكلام أوّلاً : في فساد هذا الشرط وعدمه ، واُخرى : في كونه موجباً لبطلان عقد الوقف وعدمه ، أمّا من الجهة الاُولى : فقد نفى البُعد عن عدم الجواز مطلقاً، لا إدخالاً ولا إخراجاً ، ولعلّه لأجل كونه منافياً لمقتضى عقد الوقف الذي هو مشاركة الجميع وعدم مشاركة غيرهم . نعم ، لا مانع من إدخال البعض أو إخراجه في نفس عقد الوقف ; لأنّ مرجعه إلى تضييق دائرة الموقوف عليه أو توسعتهم ، وأمّا الإدخال أو الإخراج بعد التماميّة كما هو المفروض فلا ، وأمّا من الجهة الثانية : فقد حكم ببطلان أصل الوقف على إشكال ، ولعلّه لأجل ما ذكر من المنافاة ، وإن كان فساد الشرط لا يستلزم فساد العقد مطلقاً .
وقد أفاد في ذيل هذه الصورة أنّه يكون مثل ذلك في بطلان الشرط وبطلان أصل العقد على إشكال ما لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم إلى من سيوجد ، وفي الحقيقة مرجع ذلك إلى شرط الإدخال والإخراج ، فتأمّل .
وأمّا لو وقف على جماعة إلى أن يوجد من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد فقد حكم بصحّته ونفى الإشكال فيه ، والظاهر أنّ مراده من هذا الفرض كون الجماعة الموجودين موقوفاً عليهم إلى زمان وجود من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد ، وإن كانت الجماعة الموجودون حال الوقف باقية بأجمعهم أو ببعض ، وإلاّ فلا فرق بينه ، وبين مسألة البطون المتقدّمة ، كما لا يخفى .
(الصفحة 66)متباينة ، فإن كان الاحتمال بين اُمور محصورة ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على المسجد الفلاني أو المشهد الفلاني ، أو فقراء هذا البلد أو ذاك ، يقرع ويعمل بها . وإن كان بين اُمور غير محصورة ، فإن كان بين عناوين وأشخاص غير محصورة ; كما علم أنّه وقف على ذرّيّة أحد أفراد المملكة الفلانية ، ولا طريق إلى معرفته ، كانت منافعه بحكم مجهول المالك ، فيتصدّق بها بإذن الحاكم على الأحوط ، والأولى أن لا يخرج التصدّق عن المحتملات مع كونها مورداً له . وإن كان مردّداً بين الجهات غير المحصورة ، كما علم أنّه وقف على جهة من الجهات ولم يعلم أنّها مسجد ، أو مشهد ، أو قنطرة ، أو تعزية سيِّد الشهداء (عليه السلام) ، أو إعانة الزوّار ، وهكذا ، تصرف المنافع في وجوه البرّ بشرط عدم الخروج عن مورد المحتملات1 .
1 ـ لو علم وقفيّة شيء إجمالاً ولم يعلم مصرفه ولو من جهة نسيانه ففيها فروض :
الأوّل : ما إذا كانت المحتملات قابلة للتصادق لأجل عدم تباينها وإمكان اجتماعها ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على الفقراء أو الفقهاء ، وفي هذا الفرض يقتصر على مورد تصادق العنوانين ، كالفقيه الفقير على ما في المثال ; لكونه الموقوف عليه متيقّناً ، وهذا واضح .
الثاني : ما إذا كانت متباينة وكان الاحتمال بين الاُمور المحصورة ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على المسجد الفلاني ، أو المشهد الفلاني ، أو فقراء هذا البلد أو ذاك البلد ، ففي المتن يقرع ويعمل بها ، والوجه فيه أنّه مثل تردّد مال بين زيد وعمرو في لزوم الرجوع إلى القرعة ، خصوصاً في الحقوق الماليّة ; لئلاّ يضيع حقّ واحد ، ولا مجال لقاعدة العدل والإنصاف .
|