(الصفحة 139)مسألة : للوصيّة التملكيّة أركان ثلاثة : الموصي ، والموصى به ، والموصى له ، وقوام العهديّة بأمرين : الموصي ، والموصى به . نعم ، إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذها تقوم حينئذ باُمور ثلاثة : هما ، والموصى إليه ; وهو الذي يطلق عليه الوصيّ1 .
مسألة : لا إشكال في أنّ الوصيّة العهدية لا تحتاج إلى قبول . نعم ، لو عيّن وصيّاً لتنفيذها لابدّ من قبوله ، لكن في وصايته لا في أصل الوصية . وأمّا الوصيّة التمليكيّة ، فإن كانت تمليكاً للنوع كالوصية للفقراء والسادة ، فهي كالعهديّة لا يعتبر فيها القبول ، وإن كانت تمليكاً للشخص فالمشهور على أنّه يعتبر فيها القبول من الموصى له ، والظاهر أنّ تحقّق الوصيّة وترتّب أحكامها من حرمة التبديل ونحوها لا يتوقّف على القبول ، لكن تملّك الموصى له متوقّف عليه ، فلا يتملّك قهراً ، فالوصية من الإيقاعات ، لكنّها جزء سبب للملكيّة في الفرض2 .
وعلى الاستدلال بالثانية ـ مضافاً إلى ضعف سندها بكلا طريقيها ـ بأنّ مفادها الحجّية على الأولاد بعد أن كان السؤال عن الحجّية لمطلق الوارث ، ومفهوم الجواب عدم الحجّية لغير الولد .
1 ـ قوام الوصيّة التملكيّة باُمور ثلاثة : الموصي ، والموصى به ، والموصى له ، ولكن الوصيّة العهديّة تتقوّم بأمرين : الموصي ، والموصى به . نعم ، لو عيّن الموصي شخصاً خاصّاً لتفيذها وارثاً كان أو غيرها يضاف إليهما أمر ثالث ; وهو الموصى إليه الذي يطلق عليه الوصيّ .
2 ـ قد نفى الإشكال عن أنّ الوصيّة العهديّة لا تحتاج إلى قبول ; لأنّ مرجعها إلى
(الصفحة 140)
الإيصاء بإتيان عمل بعد موته . نعم ، لو عيّن وصيّاً لتنفيذها لابدّ من قبوله ، لكن القبول معتبر في اتّصافه بكونه وصيّاً وصيرورته كذلك ، لا في أصل صحّة الوصيّة . وأمّا الوصيّة التمليكيّة فقد فصّل فيها في المتن بين ما إذا كانت تمليكاً للنوع ، كالفقراء فلا يعتبر فيها القبول . وإن كانت تمليكاً للشخص، فالمشهور(1) على أنّه يعتبر فيها القبول من الموصى له ، واستظهر فيه أنّ تحقّق الوصيّة فيها أيضاً لا يتوقّف على القبول ، لكن تملّك الموصى له متوقّف عليه ، ولكنّا ذكرنا في التعليقة على العروة أنّ حصول الملكيّة للموصى له يتوقّف على عدم الردّ ، بحيث يكون الردّ مانعاً; لظهور الإجماع(2) ، ولولاه لم يتوقّف عليه أيضاً .
وما أفاده سيّدنا العلاّمة الاستاذ (قدس سره) دليلاً على اعتبار القبول; من أنّ أدلّة الوصيّة غايتها الدلالة على نفوذ عهد الإنسان عند موته فيما كان قبله تحت سلطانه ، وأنّ سلطنته عليه باقية إذا عهد فيه بأمر ، وأمّا كون سلطانه عند موته على ما لم يكن سلطاناً عليه قبل ذلك كما هو قضيّة الملك القهري ، فلا تدلّ عليه(3) ، يمكن المناقشة فيه بمنع كون أدلّة الوصيّة غايتها الدلالة على مجرّد ذلك .
كيف؟ والمحذور لا يندفع بمجرّد اعتبار القبول بعد مغايرتها مع سائر العقود في حصول الموت بين الإيجاب والقبول . وتحقّق الفصل الطويل وغيرهما ، وكون الملك القهري خلاف الارتكاز العرفي غير ثابت ، فالظاهر أنّه مع عدم قيام الإجماع لم يكن يتوقّف حصول الملكيّة على شيء ولم يمنع عنها شيء كما عرفت(4) ، ومقتضى
- (1) العروة الوثقى: 2 / 762 كتاب الوصيّة مسألة 3899.
- (2) غنية النزوع : 306 ، رياض المسائل : 9 / 429 .
- (3) الحواشي على العروة الوثقى للسيّد البروجردي : 187 .
- (4) الحواشي على العروة الوثقى : 2 / 762، حاشية مسألة 3899 .
(الصفحة 141)مسألة : يكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا قولاً أو فعلاً ، كأخذ الموصى به والتصرّف فيه بقصد القبول1 .
مسألة : لا فرق بين وقوع القبول في حياة الموصي أو بعد موته ، كما لا فرق في الواقع بعد الموت بين أن يكون متّصلاً به ، أو متأخّراً عنه مدّة2 .
مسألة : لو ردّ بعضاً وقبل بعضاً صحّ فيما قبله وبطل فيما ردّه على الأقوى ، إلاّ إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع3 .
ما ذكرنا عدم اعتبار القبول وأنّ الردّ مانع ، وعليه فالوصيّة من الإيقاعات وتكون تمام السبب المملّك بشرط عدم الردّ .
1 ـ بناءً على اعتبار القبول في بعض موارد الوصيّة التمليكيّة كما عرفت منّا الإشكال في ذلك يكفي في القبول كلّ ما دلّ على الرضا قولاً أو فعلاً ، كأخذ الموصى له الموصى به والتصرّف فيه بقصد القبول وبعنوان المالكيّة ، ولا يعتبر في القبول اللفظ ، فضلاً عن لفظ خاصّ ; لعدم الدليل على ذلك .
2 ـ لا فرق بين وقوع القبول في حياة الموصي أو بعد موته ، من دون فرق في الأوّل بين صورة الاتّصال بالوصيّة أو الانفصال عنها ، كما أنّه لا فرق في الثاني بين صورتي الاتّصال والتأخّر ، بشرط أن لا تكون المدّة كثيرة مانعة عن لحاظ الارتباط بينه وبين الإيجاب ، وهذه الاُمور تؤيّد ما ذكرنا في الحاشية من عدم اعتبار القبول أصلاً(1) ، كما لا يخفى .
3 ـ لو ردّ الموصى له بعض الموصى به وقبل بعضاً ففي المتن صحّ فيما قبله وبطل
- (1) العروة الوثقى: 2 / 762، كتاب الوصيّة، حاشية مسألة 3899.
(الصفحة 142)مسألة : لو مات الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه ردّ أو قبول قام ورثته مقامه في الردّ والقبول ، فيملكون الموصى به بقبولهم كمورّثهم لو لم يرجع الموصي عن وصيّته1 .
مسألة : الظاهر أنّ الوارث يتلقّى المال من الموصي ابتداءً ، لا أنّه ينتقل إلى الموصى له أوّلاً ، ثمّ إلى وارثه وإن كانت القسمة بين الورثة مع التعدّد على حسب قسمة المواريث ، فعلى هذا لا يخرج من الموصى به ديون الموصى له ، ولا تنفذ فيه وصاياه2 .
فيما ردّه على الأقوى ، من دون فرق بين شرطيّة القبول أو مانعيّة الردّ ، لفرض تحقّق كليهما . غاية الأمر بالنسبة إلى الأبعاض ، واستثنى فيه صورة ما إذا أوصى بالمجموع من حيث المجموع ، كما إذا أوصى له بخاتم أو مثله ، ففي هذه الصورة يكون التبعيض مبطلاً ، من دون فرق أيضاً بين شرطيّة القبول أو مانعيّة الردّ ; لما عرفت من تحقّق كلا الأمرين ، اللّهمَّ إلاّ أن يقال : إنّ القدر المتيقّن من الردّ المتّصف بالمانعيّة إجماعاً هو ردّ المجموع لا البعض ، وحينئذ لا يؤثّر ردّ البعض أصلاً ، بل الوصيّة نافذة بالإضافة إلى المجموع وإن لم يتحقّق القبول بالنسبة إليه ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لو تحقّق موت الموصى له في حياة الموصي أو بعد موته قبل أن يصدر منه ردّ أو قبول قام ورثته مقامه في الردّ والقبول ; لأنّ حقّ ذلك ينتقل إلى ورثته ; لأنّه من جملة ما تركه ، فلو فرض عدم رجوع الموصي عن وصيّته يملك ورثة الموصى له الموصى به بقبولهم كمورّثهم .
2 ـ هل وارث الموصى له يتلقّى المال ابتداءً من الموصى له بعد انتقال المال إليه أوّلاً والقسمة بين الورثة مع التعدّد على حسب قسمة المواريث ، أو أنّه يتلقّى المال
(الصفحة 143)مسألة : إذا قبل بعض الورثة وردّ بعضهم صحّت الوصية فيمن قبل ، وبطلت فيمن ردّ بالنسبة1 .
من الموصي من دون واسطة؟
وتظهر الثمرة في ديون الموصى له ونفوذ وصاياه ، فعلى الأوّل تخرج من مال الموصى له ; لتقدّمها على الإرث دون الثاني ; لعدم ارتباط الوصيّة بالموصى له حينئذ ، قد استظهر في المتن الثاني ، والوجه فيه أنّه لم ينتقل إلى الموصى له بعد فوته في حياة الموصي قبل أن يصدر منه ردّ أو قبول ، والذي انتقل إلى الورثة إنّما هو مجرّد حقّ القبول ، فاللازم الالتزام بأنّ ورثة الموصى له يتلقّون المال من الموصي ابتداءً في صورة القبول وعدم رجوع الموصي عن وصيّته ، ويترتّب عليه ما ذكر .
1 ـ لو اختلف ورثة الموصى له في الردّ والقبول فتحقّق الأوّل من بعض والثاني من البعض الآخر ، فهو كما إذا قبل الموصى له البعض دون الآخر ، كما تقدّم في المسألة الثامنة ، وعليه فتصحّ الوصيّة في المقام فيمن قبل ، وتبطل فيمن ردّ بالنسبة ، كما في تلك المسألة بالنظر إلى الأبعاض ، فتدبّر جيّداً .