(الصفحة 307)مسألة : الظاهر أنّ وجوب الكفّارات موسّع ، فلا تجب المبادرة إليها ، ويجوز التأخير ما لم يؤدّ إلى حدّ التهاون1 .
مسألة : يجوز التوكيل في إخراج الكفّارات الماليّة وأدائها ، ويتولّى الوكيل النيّة إن كان وكيلاً في إخراجها ، وإن كان وكيلاً في الإيصال إلى الفقير ينوي الموكّل حين دفع الوكيل إلى الفقير ، ويكفي أن يكون من نيّته أنّ ما يدفع وكيله إلى الفقير كفّارة ، ولا يلزم العلم بوقت الأداء تفصيلاً . وأمّا الكفّارات البدنيّة فلا يجزئ فيها التوكيل ، ولا تجوز فيها النيابة على الأقوى إلاّ عن الميّت2 .
1 ـ وجوب الكفّارات موسّع ، فلا تجب المبادرة إليها ; لعدم الدليل على الفوريّة ، ويجوز التأخير غير المؤدّي إلى حدّ التهاون .
2 ـ الكفّارات على قسمين :
الأوّل : الكفّارات الماليّة الشاملة للعتق أيضاً ، ويجوز التوكيل في إخراجها وأدائها . غاية الأمر أنّ الوكيل إن كان وكيلاً في الإخراج ، كما إذا كان وكيلاً مطلقاً له ولأجله ، حكم الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) بثبوت خيار المجلس له(1) ، نظراً إلى أنّه بيّع ، وإن كان المالك غيره يتولّى الوكيل النيّة . وأمّا إذا كان وكيلاً في مجرّد الإيصال إلى الفقير والدفع إليه فالمتولّي للنية الموكّل ، غاية الأمر أنّه لا يلزم أن يكون وقته معلوماً له تفصيلاً ، كما هو كذلك نوعاً ، بل يكفي أن ينوي أنّ ما يدفع وكيله إلى الفقير كفّارة .
- (1) كتاب المكاسب ، تراث الشيخ الأعظم : 5 / 30 ـ 31 .
(الصفحة 308)مسألة : الكفّارات الماليّة بحكم الديون ، فلو مات من وجبت عليه تخرج من أصل المال . وأمّا البدنيّة ، فلا يجب على الورثة أداؤها ، ولا إخراجها من التركة ما لم يوص بها الميّت ، فتخرج من ثلثه . نعم ، في وجوبها على الوليّ ـ وهو الولد الأكبر ـ احتمال قويّ فيما إذا تعيّن على الميّت الصيام ، وأمّا لو تعيّن عليه غيره ـ بأن كانت مرتّبة وتعيّن عليه الإطعام ـ فلا يجب على الوليّ . ولو كانت مخيّرة وكان متمكِّناً من الصيام والإطعام ، فلو أمكن الإخراج من التركة تخرج منها ، وإلاّ فالأحوط على الوليّ الصيام لو تلفت التركة أو أبى الورثة عن الإطعام1 .
الثاني : الكفّارات البدنيّة كالصيام مثلاً ، والظاهر عدم جريان الوكالة والنيابة فيها ; لأنّ النيابة مطلقاً على خلاف القاعدة لا يرجع إليها إلاّ في موارد ثبوت الدليل ، ولذا لا مانع من النيابة عن الميّت في هذا القسم ، وقد فصّلنا الكلام في ذلك في بحث نيابة الحجّ التي هي الأصل في مسألة النيابة(1) ، فراجع .
1 ـ الكفّارات الماليّة بحكم الديون ، فلو مات من وجبت عليه تخرج من أصل المال كالزكاة والخمس ، وليس الفارق بينهما وبينها هو ثبوت احتمال الإشاعة فيهما دونها ; لأنّ الحكم لا يكون مستنداً إلى ثبوت الإشاعة ، بل يجري في الديون التي ليست فيها تلك أصلاً ، فالكفّارات الماليّة تشترك مع جميع ذلك في الإخراج من الأصل .
وأمّا البدنيّة ، فإن لم يوص بها الميّت وصيّة غير زائدة على الثلث فلا يجب على الورثة الأداء والإخراج من التركة . نعم ، في صورة الوصيّة الموصوفة بما ذكر يجب
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحجّ : 2 / 13 ـ 14 .
(الصفحة 309)
على الورثة من باب لزوم العمل بالوصيّة .
نعم ، فيما إذا تعيّن على الميّت الصيام ولم يتحقّق منه زمن حياته فقد احتمل في المتن قويّاً وجوبها على الولد الأكبر ، الذي يجب عليه قضاء ما فات عن الميّت من الصلاة والصيام ; لعدم الفرق بعد فرض الوجوب بنحو التعيّن .
وأمّا مع عدم التعيّن وتعيّن غيره من الكفّارات الماليّة ، كما إذا كانت مرتّبة وتعيّن عليه الإطعام ولم يكن له تركة فرضاً ، فلا يجب على الوليّ الإخراج من ماله . نعم ، في الواجبات التي يجب عليه قضاؤها يجوز له الاستئجار لها ، ولا يلزم عليه المباشرة .
وأمّا الكفّارات المخيّرة كالصيام والإطعام ، فقد فصّل فيها في المتن بين ما إذا كان متمكِّناً من الإطعام والصيام وأمكن الإخراج من التركة ، فاللازم الإخراج منها ; لعدم الفرق بينها وبين الكفّارات الماليّة المحضة ، وإلاّ فاحتاط وجوباً بأن يصوم الوليّ لو تلفت التركة ، أو أبى الورثة عن الإطعام . وأولى منهما ما لو لم تكن له تركة أصلاً ، إذ حينئذ يصير كالكفّارات البدنيّة المحضة ، فتدبّر جيّداً .
هذا تمام الكلام بحمد الله في كتاب الكفّارات .
(الصفحة 310)
(الصفحة 311)كتاب
الصيد والذباحة