(الصفحة 372)مسألة : يجب التتابع في الذبح; بأن يستوفي قطع الأعضاء قبل زهوق الروح ، فلو قطع بعضها وأرسل الذبيحة حتّى انتهت إلى الموت ثمّ قطع الباقي حرمت ، بل لا يترك الاحياط بأن لا يفصل بينها بما يخرج عن المتعارف المعتاد ، ولا يعدّ معه عملاً واحداً عرفاً ، بل يعدّ عملين وإن استوفى التمام قبل خروج الروح منها1 .
مسألة : لو قطع رقبة الذبيحة من القفا وبقيت أعضاء الذباحة ، فإن بقيت لها الحياة ـ المستكشفة بالحركة ولو يسيرة ـ بعد الذبح وقطع الأوداج
إفادة الحرمة لقرائن دالّة على ذلك ، لكن مقتضى الاحتياط الاستحبابي ترك هذا النحو أيضاً .
1 ـ الوجه في وجوب التتابع في الذبح ولزوم استيفاء قطع الأعضاء الأربعة قبل زهوق الروح أنّ المستفاد من الأدلّة أنّ زهاق الروح لابدّ وأن يكون مستنداً إلى قطع الأوداج الأربعة بتمامها ، بحيث كان قطع كلّ عضو علّة ناقصة لتحقّق الزهوق ، وعليه لو قطع بعض تلك الأعضاء وأرسل الذبيحة حتّى انتهت إلى الموت ثمّ قطع الباقي ولم يكن له أثر في الزهوق أصلاً حرمت ، بل في المتن النهي عن ترك الاحتياط بأن لا يفصل بينها بما يخرج عن المتعارف ، بحيث يعدّ عملين وإن كان استيفاء التمام قبل خروج الروح منها ; لأنّ المنساق من الأدلّة والمنصرف منها كون الذبح الذي هو السبب في زهوق الروح عملاً واحداً وفعلاً فارداً ، لا أعمالاً متعدّدة أو عملين كذلك ، فالنهي عن ترك الاحتياط المذكور في محلّه ، كما أنّ مقتضى الاحتياط صدور العمل الواحد من شخص واحد لا من شخصين أو أزيد ، ولعلّه سيجيء الكلام فيه .
(الصفحة 373)حلّت ، وإن كان لها حركة ولو يسيرة قبل الذبح ذبحت ، فإن خرج مع ذلك الدم المعتدل حلّت ، وإلاّ فإن لم تتحرّك حتّى يسيراً قبل الذبح حرُمت ، وإن تحرّكت قبله ولم يخرج الدم المعتدل فمحلّ إشكال1 .
1 ـ قال المحقّق في الشرائع : إذا قُطِعت رقبة الذبيحة ، وبقيت أعضاء الذباحة ، فإن كانت حياتها مستقرّة ذبحت وحلّت بالذبح ، وإلاّ كانت ميتة ، ومعنى المستقرّة ، التي يمكن أن يعيش مثلها اليوم والأيّام. وكذا لو عقرها السبع . ولو كانت الحياة غير مستقرّة; وهي التي يقضى بموتها عاجلاً، لم تحلّ بالذباحة; لأنّ حركتها كحركة المذبوح(1).
أقول : لا إشكال في أنّه إذا قطعت رقبة الذبيحة من القفا مثلاً ، كما مثّل به في الجواهر(2) وبقيت أعضاء الذباحة ، ففيه تفصيل بين صورة بقاء الحياة في الجملة وعدم البقاء ، فيحلّ بالذبح وقطع الأوداج الأربعة في الصورة الاُولى دون الثانية .
إنّما الإشكال والكلام في اعتبار مقدار الحياة ، وقد عرفت اعتبار الحياة المستقرّة وتفسيرها في كلام المحقّق ، ووافقه العلاّمة في محكيّ التحرير والقواعد والإرشاد(3)، واستظهر صاحب الجواهر من أكثر القدماء وجملة من المتأخِّرين حتّى المحقّق في النافع(4) ، وصريح بعضهم الاكتفاء في حلّ الذبيحة بالحركة وحدها ، أو مع خروج الدم المعتدل جمعاً أو تخييراً ، من غير اعتبار
- (1) شرائع الإسلام : 3 / 207 ، المسألة الثالثة .
- (2) جواهر الكلام : 36 / 141 .
- (3) تحرير الأحكام الشرعية : 4 / 611 ، قواعد الأحكام : 3 / 322 ، إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان : 2/108 .
- (4) المختصر النافع : 358 .
(الصفحة 374)
استقرار الحياة بالمعنى المزبور(1) .
وفي المتن الاستشكال مع التحرّك وعدم خروج الدم المعتدل ، والحكم بالحلّية مع الحركة ولو يسيراً وخروج الدم المعتدل . وقد حكي عن المبسوط أنّه مع اشتراطه لاستقرار الحياة ذكر أنّه قال أصحابنا : إنّ أقلّ ما يلحق معه الذكاة أن يجده تطرف عينه ، أو تركض رجله ، أو يحرّك ذنبه ، فإنّه إذا وجده كذلك ولم يذكّه لم يحلّ أكله(2) ، بل عنه : روى أصحابنا : أنّ أقلّ ما يلحق معه الذكاة أن تجد ذنبه يتحرّك ، أو رجله تركض ، محتجّاً بذلك على تحريم الصيد إذا أدركه وهو مستقرّ الحياة ولم يتّسع الزمان لذبحه ، قال : وهذا أكثر من ذلك(3) .
أقول : ومن البعيد جدّاً الحكم باختلاف الصيد والحيوان المذبوح في ذلك .
ثمّ إنّ القائلين باعتبار الحياة المستقرّة قد اختلفت عباراتهم في تفسيرها ، ففي عبارة الشرائع ما عرفت ، وفي بعض الكلمات مثل ذلك ، مع أنّها في نفسها مجملة ، فإنّ الجمع بين أن يعيش يوماً أو يومين ، بل ربما يعزى أقلّ من ذلك إلى المشهور(4) ، للاكتفاء بتعيّش نصف يوم ، وبين أن يكون عدم استقرار الحياة راجعاً إلى أن تكون حركته كحركة المذبوح ربما لا يلتئم ; لأنّ كون الحركة كحركة المذبوح لا تقتضي أن يكون مقابلها التعيّش ولو نصف يوم ، وقد عرفت(5) أنّ الرواية
- (1) كالأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : 11 / 122 والنراقي في مستند الشيعة : 15 / 418ـ 423 وغيرهما على ما في الجواهر : 36/142 .
- (2) المبسوط : 6 / 260 .
- (3) الخلاف : 6 / 14 مسألة 10 .
- (4) تلخيص الخلاف : 3 /219 مسألة 12 .
- (5) في ص324 ـ 325 .
(الصفحة 375)مسألة : لو أخطأ الذابح وذبح من فوق العقدة ولم يقطع الأعضاء الأربعة ، فإن لم تبق لها الحياة حرمت ، وإن بقيت يمكن أن يتدارك; بأن يتسارع إلى إيقاع الذبح من تحت وقطع الأعضاء وحلّت ، واستكشاف الحياة كما مرّ1 .
الواردة في الصيد دالّة على أنّه إن أدركه مع الأوصاف المذكورة واتّسع الزمان لذبحه فاللازم الذبح .
ثمّ الظاهر أنّ توصيف الحياة بالاستقرار لم يؤخذ في شيء من الأدلّة شرطاً لتحليل الذبح ، كما أنّ جعل الملاك هي الحركة ولو يسيرة مع خروج الدم المعتدل لا يوجد في شيء منها . نعم ، في رواية زيد الشحّام المتقدّمة(1) : إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس به ، والظاهر أنّ المراد من خروج الدم هو الدم المعتدل المتعارف ، وعليه فيمكن توجيه ما في المتن من أنّه مع اجتماع الحركة اليسيرة مع خروج الدم المعتدل يكون حلالاً ، وإن تحرّكت مع عدم خروج الدم المعتدل ففيه إشكال ، والوجه في الإشكال عدم جعل المدار على خروج الدم المتعارف في شيء من الأدلّة غير هذه الرواية .
ويبدو في النظر أن يقال : إنّ الملاك هي الأوصاف المتقدّمة المذكورة في الصيد ; لعدم الفرق بينه وبين الحيوان المذبوح بوجه .
1 ـ لو أخطأ الذابح وذبح من فوق العقدة المذكورة في بعض المسائل السابقة بناءً على لزوم عدم كون الذبح من فوق العقدة ولم يتحقّق قطع الأعضاء الأربعة ، فإن لم تبق له الحياة بالمعنى المتقدّم يصير الحيوان المذبوح بهذا النحو محرّماً ، وإن بقيت له الحياة بحيث يمكن التدارك; بأن يتسارع إلى إيقاع الذبح من تحت وقطع
(الصفحة 376)مسألة : لو أكل الذئب مثلا مذبح الحيوان وأدركه حيّاً ، فإن أكل تمام الأوداج الأربعة بتمامها; بحيث لم يبق شيء منها ولا منها شيء ، فهو غير قابل للتذكية وحرمت ، وكذا إن أكلها من فوق أو من تحت وبقي مقدار من الجميع معلّقة بالرأس أو متّصلة بالبدن على الأحوط ، فلا يحلّ بقطع ما بقي منها ، وكذلك لو أكل بعضها تماماً وأبقى بعضها كذلك ، كما إذا أكل الحلقوم بالتمام وأبقى الباقي كذلك ، فلو قطع الباقي مع الشرائط يشكل وقوع التذكية عليه ، فلا يترك الاحتياط1 .
الأعضاء حلّ الحيوان; لتحقّق التذكية الشرعيّة في حال الحياة المعتبرة على ما مرّ .
1 ـ في هذه المسألة فروض :
الأوّل : ما إذا أكل الذئب مثلاً تمام الأوداج الأربعة ; بحيث لم يبق شيء منها ولو واحداً ، ولا منها شيء ولو كان قليلاً ، فهو غير قابل للتذكية ، ويكون محرّماً بالكلّية ; لأنّ المفروض عدم استناد زهوق الروح إلاّ إلى الذئب فقط ، ولا يكون محلّ التذكية باقياً بوجه .
الثاني : ما إذا أكل الذئب الأوداج الأربعة لكن لا بتمامها ، بل بقي مقدار من الجميع متعلّقة بالرأس ، لكن المأكول منها فوق العقدة المذكورة التي ذكرنا لزوم عدم كون الذبح من فوقها ، فالحيوان حينئذ حرام أيضاً ; لما ذكرنا ، ولو فرض بقاء مقدار متّصلة بالبدن وكون محلّ أكل الذئب تحت العقدة ، فاحتاط وجوباً في المتن بعدم حلّية الحيوان بقطع ما بقي من الأوداج ولو فرض اتّصاله بالبدن وكون محلّ