(الصفحة 208)مسألة : لو أقرّ الوارث بأصل الوصيّة كان كالأجنبي ، فليس له إنكار وصاية من يدّعيها ، ولا يسمع منه كغيره . نعم ، لو كانت الوصيّة متعلّقة بالقصّر أو العناوين العامّة كالفقراء ، أو وجوه القرب كالمساجد والمشاهد ، أو الميّت نفسه ، كاستئجار العبادات والزيارات له ونحو ذلك ، كان لكلّ من يعلم كذب مدّعي الوصاية ـ خصوصاً إذا رأى منه الخيانة ـ الإنكار عليه والترافع معه عند الحاكم من باب الحسبة ، لكنّ الوارث والأجنبي في ذلك سيّان ، إلاّ فيما تعلّقت باُمور الميّت ، فإنّه لا يبعد أولويّة الوارث من غيره ، واختصاص حقّ الدعوى به مقدّماً على غيره1 .
المشار إليها آنفاً أنّها تكفي في ثبوت ربع حصّة الوصيّة في الورثة ، وإن كانت وارثة يكون مقتضى قاعدة الإقرار الثبوت بالنسبة إلى جميع حصّتها ، كما لا يخفى .
1 ـ لو أقرّ الوارث بأصل ثبوت الوصيّة وتحقّقها من الميّت قبل موته من دون أن يقرّ بالخصوصيّات كمّاً أو كيفاً أو غيرهما ، يكون الوارث في هذه الجهة كالأجنبي ، ويترتّب عليه أنّه ليس له إنكار وصاية من يدّعيها ، ولا يسمع منه هذا الإنكار كغيره ، إلاّ أن يدّعي العلم بعدمها وإن كان الوصيّ الواقعي مجهولاً له ، فإنّه في هذه الصورة له الإنكار ، وتسمع دعواه .
وقد استدرك في المتن من أصل المسألة ما لو كانت الوصيّة متعلّقة بالقصّر أو العناوين العامّة ، كالفقراء ، أو وجوه القرب كالمساجد والمشاهد ، أو الميّت نفسه كاستئجار العبادات والزيارات له ونحو ذلك ، فإنّه في هذه الصور يكون لكلّ من يعلم كذب مدّعي الوصاية خصوصاً إذا رأى منه الخيانة الإنكار عليه والترافع معه عند الحاكم من باب الحسبة ، من دون فرق بين الوارث ، كما ذكرناه ،
(الصفحة 209)مسألة : قد مرّ في كتاب الحجر أنّ الوصيّة نافذة في الثلث ، وفي الزائد يتوقّف على إمضاء الوارث ، والمنجّزات نافذة في الأصل حتّى من المريض في مرض موته ، وحتّى المجّانيّة والمحاباتيّة على الأقوى1 .
وبين الأجنبيّ .
ومنه يعلم أنّ ما ذكر في كتاب القضاء(1) من أنّه من شرائط سماع الدعوى أن يكون لها نفع بالإضافة إلى المدّعي ، ولذا لا يسمع مثلاً ادّعاء زيد أنّ عمراً مديون لبكر مع كون كليهما أجنبيّين عنه لا يرتبطان به أصلاً ، وجه عدم المنافاة أنّ النفع العائد إلى المدّعي ربما لا يكون نفعاً دنيوياً ، بل نفعاً اُخرويّاً من جهة الحسبة والمساعدة مع العناوين المذكورة في المتن حتّى الميّت نفسه ، وإن نفى البُعد في الأخير عن أولوية الوارث من غيره ، وكون اختصاص الدعوى وحقّها به مقدّماً على غيره ، ولعلّه لشدّة الارتباط والاتّصال بينهما وكثرة محبّة الوارث بالنسبة إلى الميّت وإرادته لأن يصل الأجر والثواب إليه ، ويؤيّده أنّ المتصدّي لتجهيزاته هو الولد الذكر الأكبر الذي عليه قضاء ما فات عن أبيه قطعاً ، وعن اُمّه احتمالاً ، كما هو المبحوث عنه في محلّه من كتاب الصلاة .
1 ـ قد تقدّم في كتاب الحجر الذي عدّ المرض من أسبابه أنّ الوصيّة المشروعة نافذة في الثلث مطلقاً ، سواء كانت مطابقة لرأي الورثة أم لم تكن كذلك . نعم ، في الزائد يتوقّف على إمضاء الوارث بحسب الوحدة والتعدّد ، فإن كان واحداً وأمضى الجميع لابدّ من الأخذ بتمام الوصيّة ، وإن كان متعدّداً فالزائد بلحاظ حقّ كلّ يتوقّف على الإجازة ، ويمكن التبعيض في الإجازة وعدمها ، وأمّا المنجّزات
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء : 79 ـ 80 .
(الصفحة 210)مسألة : لو جمع في مرض الموت بين عطيّة منجّزة ومعلّقة على الموت ، فإن وفى الثلث بهما لا إشكال في نفوذهما في تمام ما تعلّقتا به ، وإن لم يفِ بهما يبدأ بالمنجّزة ، فتخرج من الأصل ، وتخرج المعلّقة من ثلث ما بقي مع عدم إذن الورثة1 .
فلاإشكال في نفوذها مطلقاً إذا لم تكن من المريض في مرض موته ، وإذا كانت منه فقد قوّينا خروجها من الأصل حتّى في التبرّعية والمجّانيّة التي هي مورد البحث ، فراجع ذلك الكتاب(1) .
1 ـ لو وقع منه الجمع في مرض الموت بين عطيّة منجّزة ومعلّقة على الموت، فإن وفى الثلث بهما لا إشكال في نفوذهما في جميع ما تعلّقتا به ، سواء قلنا بأنّ المنجّزات من الأصل أو من الثلث ; لأنّ المفروض وفاء الثلث بكليهما وعدم ثبوت الزيادة على الثلث، وإن فرض عدم وفاءالثلث بكليهما فاللازم الابتداء بالمنجّزة وإخراجها من الأصل ; لأنّ المختار فيها كذلك ، وتخرج المعلّقة من ثلث ما بقي مع عدم إذن الورثة ، لما عرفت(2) في كلا الأمرين من أنّ الملاك في الثلث هو الثلث حال الموت ، لا حال الوصيّة ، وأنّ الوصية بالزيادة على الثلث المذكور لا تكون باطلة من رأس بالإضافة إلى الزيادة ، بل متوقّفة على إجازة الورثة ، وقد مرّ التفصيل في هذا المجال في كتابي الحجر(3) والوصيّة(4) ، فراجع . هذا تمام الكلام في شرح كتاب الوصيّة .
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحجر ، القول في المرض .
- (2) في ص163ـ 164، ويلاحظ تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحجر ، القول في المرض ، مسألة 4.
- (3) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحجر ، القول في المرض، مسألة 5 .
- (4) في ص158 ـ 159 .
(الصفحة 211)كتاب
الايمان والنذور
(الصفحة 212)