(الصفحة 333)مسألة : لا يعتبر في حلّية الصيد بالآلة الجماديّة وحدة الصائد ، ولا وحدة الآلة ، فلو رمى شخص بالسهم وطعن آخر بالرمح وسمّيا معاً فقتلا صيداً حلّ إذا اجتمع الشرائط فيهما ، بل إذا أرسل أحد كلبه إلى صيد ، ورماه آخر بسهم فقتل بهما حلّ1 .
بشرط أن تكون البندقة محدّدة نافذة ، ومرجعه إلى أنّ البندق على قسمين :
الأوّل : ما كان معمولاً في السابق وفي زمن صدور الروايات الناهية ، وهو ما لم تكن محدّدة نافذة بسبب حدّتها ، ولعلّه هو الذي يعبّر عنه في الفارسية به (تفنگ ساچمه اى) وكان أثره الخرق لا النفوذ .
الثاني : ما هو المتعارف في هذه الأزمنة ممّا تكون محدّدة نافذة ; وهو الذي يعبّر عنه في الفارسية به (فشنگ) والظاهر أنّ الروايات لا تكون ناظرة إلى هذا القسم ; لعدم كونه متعارفاً في زمن صدورها ، بل عدم وجودها فيه ، والشاهد عليه عطفه على الحجر ، أو عطف الحجر عليه ، حيث يدلاّن على أنّ المراد بالبندق ما يكون مثل الحجر في تأثير ثقالته ، لا في النفوذ بالحدّة ، كما هو غير خفي ، وكيف كان ، لا دليل على عدم تأثيره في حلّية الصيد المقتول به .
1 ـ كما أنّك عرفت في الآلة الحيوانية عدم اعتبار وحدة الصائد ولا وحدة الآلة والكلب(1) ، كذلك لا يعتبر الأمران هنا أيضاً ، من دون فرق بين ما إذا كانت الآلة الجمادية من نوع واحد أو من نوعين ، كما إذا رمى شخص بالسهم ، وطعن آخر بالرمح ، بل إذا كان القتل مسبّباً عن الآلة الجماديّة والحيوانية معاً ; كما إذا أرسل أحد كلبه إلى صيد ورماه آخر بسهم ، فقتل بسبب الأمرين معاً يكون حلالاً ، لعدم
(الصفحة 334)مسألة : يشترط في الصيد بالآلة الجماديّة جميع ما اشترط في الصيد بالآلة الحيوانيّة ، فيشترط كون الصائد مسلماً ، والتسمية عند استعمال الآلة ، وأن يكون استعمالها للاصطياد ، فلو رمى إلى هدف ، أو إلى عدوّ ، أو إلى خنزير ، فأصاب غزالاً فقتله لم يحلّ وإن سمّى عند الرمي لغرض من الأغراض . وكذا لو أفلت من يده فأصابه فقتله . وأن لا يدركه حيّاً زماناً اتّسع للذح ، فلو أدركه كذلك لم يحلّ إلاّ بالذبح ، والكلام في وجوب المسارعة وعدمه كما مرّ . وأن يستقلّ الآلة المحلّلة في قتل الصيد ، فلو شاركها فيه غيرها لم يحلّ ، فلو سقط بعد إصابة السهم من الجبل ، أو وقع في الماء واستند موته إليهما ـ بل وإن لم يعلم استقلال السهم في إماتته ـ لم يحلّ . وكذا لو رماه شخصان فقتلاه وفقدت الشرائط في أحدهما1 .
الدليل على اعتبار كون القتل مسبّباً عن إحدى الآلتين منحصرة .
ويدلّ على بعض المطلوب رواية عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)قال : سألته عن ضبي أو حمار وحش أو طير صرعه رجل ، ثمّ رماه غيره بعدما صرعه؟ فقال : كل(1) ما لم يتغيّب إذا سمّى ورماه(2) .
1 ـ يشترط في الصيد بالآلة الجماديّة جميع ما اشترط في الصيد بالآلة الحيوانيّة; من كون الصائد مسلماً ، والتسمية عند استعمال الآلة ; لما عرفت(3) من كون ذلك
- (1) في القرب والمسائل والبحار والوسائل 25 : كله .
- (2) قرب الإسناد : 278 ح1105 ، وعنه الوسائل : 23 / 380 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب27 ح2 وبحار الأنوار : 65 / 273 ح2 ، وفي الوسائل : 25 / 51 ، كتاب الأطعمة والأشربة ، أبواب الأطعمة المباحة ب19 ح5 عن مسائل عليّ بن جعفر باختلاف .
- (3) في ص321 .
(الصفحة 335)
بمنزلة الذبح الذي يشترط جميع ذلك في الذابح .
ومن جملة الشرائط أن يكون استعمال الآلة بقصد الاصطياد ، فلو رمى إلى هدف ، أو إلى عدوّ ، أو إلى خنزير فأصاب غزالاً فقتله لم يحلّ وإن فرضت التسمية عند الرمي لغرض من الأغراض ، مثل الاستعانة بالله لإذهاب عدوّه مثلاً ، وكذا لو لم يقصد الرمي ، بل أفلت من يده فأصابه فقتله .
وأن لا يدركه حيّاً زماناً قابلاً لوقوع الذبح الشرعي فيه ، وإلاّ فالواجب الذبح ، وقد مرّ الملاك في الإدراك حيّاً وعدمه(1) .
وكذا من جملة الشرائط استقلال الآلة المحلّلة في قتل الصيد ، كاستقلال الكلب المعلّم فيه ولو لم يكن واحداً ، فلو شارك الآلة المحلّلة غيرها في القتل لم تتحقّق الحلّية ، ومن ذلك ما لو سقط بعد إصابة السهم إليه من الجبل ، أو وقع في الماء وكان موته مستنداً إليهما ، وفي المتن : بل وإن لم يعلم استقلال السهم في إماتته لم يحلّ ، والوجه فيه لزوم إحراز الاستناد وجريان أصالة عدم التذكية مع الشكّ ، وكذا لو رماه شخصان فقتلاه وفقدت الشرائط في أحدهما ، مثل الإسلام وترك التسمية عمداً .
ويدلّ على بعض المقصود صحيحة حريز قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن الرمية يجدها صاحبها من الغد أيأكل منه؟ قال : إن علم أنّ رميته هي التي قتلته فليأكل ، وذلك إذا كان قد سمّى(2) .
ومضمرة سماعة قال : سألته عن رجل رمى حمار وحش أوظبياً فأصابه ، ثمّ
- (1) في ص324 ـ 325 .
- (2) الكافي : 6 / 210 ح3 ، الفقيه : 3 / 202 ح917 ، تهذيب الأحكام : 9 / 34 ح135 ، وعنهما الوسائل : 23 / 365 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب18 ح2 .
(الصفحة 336)مسألة : لا يشترط في إباحة الصيد إباحة الآلة ، فيحلّ الصيد بالكلب أو السهم المغصوبين وإن فعل حراماً وعليه الاُجرة ، ويملكه الصائد دون صاحب الآلة1 .
مسألة : الحيوان الذي يحلّ مقتوله بالكلب والآلة مع اجتماع الشرائط كلّ حيوان ممتنع مستوحش من طير أو غيره ; سواء كان كذلك بالأصل ،
كان في طلبه فوجده من الغد وسهمه فيه؟ فقال : إن علم أنّه أصابه وأنّ سهمه هو الذي قتله فليأكل منه ، وإلاّ فلا يأكل منه(1) .
ورواية محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : من جرح صيداً بسلاح وذكر اسم الله عليه ، ثمّ بقي ليلة أو ليلتين لم يأكل منه سبع ، وقد علم أنّ سلاحه هو الذي قتله فليأكل منه إن شاء ، الحديث(2) ، وروايات كثيرة اُخرى دالّة على هذا المضمون .
1 ـ لا يشترط في حلّية الصيد المقتول بالآلة الحيوانيّة أو الآلة الجماديّة إباحة الآلة أصلاً ، كما في باب الذبح ، فيحلّ الصيد بالكلب أو السهم المغصوبين وإن ارتكب حراماً ، لكنّه لا يرتبط بحلّية الصيد ، فالواجب عليه الاُجرة إن كان له اُجرة عند العقلاء ، ويملكه الصائد دون صاحب الآلة ، كما في قوله : الزرع للزارع ولو كان غاصباً ، بناءً على أن يكون المراد هو غصب الأرض للزراعة ، مع أنّ حلّية الآلة وعدمها لا دخل لها في الصيد المقتول بالآلة ، ولا ربط لها به أيّ ارتباط فرض .
- (1) الكافي : 6 / 210 ح4 ، تهذيب الأحكام : 9 / 34 ح136 ، وعنهما الوسائل : 23 / 366 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الصيد ب18 ح3 .
- (2) تقدّمت في ص330 .
(الصفحة 337)كالحمام والظبي والبقر الوحشي ، أو كان إنسيّاً فتوحّش ، أو استعصى ، كالبقر المستعصي والبعير كذلك ، وكذلك الصائل من البهائم ، كالجاموس الصائل ونحوه . وبالجملة : كلّ ما لا يجيء تحت اليد ولا يُقدر عليه غالباً إلاّ بالعلاج ، فلا تقع التذكية الصيديّة على الحيوان الأهليّ المستأنس ; سواء كان استئناسه أصليّاً ، كالدجاج والشاة والبعير والبقر ، أو عارضيّاً كالظبي والطير المستأنسين ، وكذا ولد الوحش قبل أن يقدر على العدو ، وفرخ الطير قبل نهوضه للطيران ، فلو رمى طائراً وفرخه الذي لم ينهض فقتلهما حلّ الطائر دون الفرخ1 .
1 ـ هنا ضابطتان لحلّية الصيد المقتول بالكلب والآلة وعدمها مضافاً إلى الشرائط المتقدّمة ، إحداهما في جانب الإثبات ، والاُخرى في جانب النفي .
أمّا الاُولى : فاللازم أن يكون الحيوان ممتنعاً مستوحشاً ; من دون فرق بين ما إذا كان كذلك بالأصل كالظبي الوحشي والبقر كذلك ، أو كان غير وحشيّ بالأصل فتوحّش أو استعصى ، كالبقر والبعير المستعصيين ، وكذلك الصائل من البهائم كالجاموس الصائل(1) .
وبالجملة : كلّ ما لا يجيء تحت اليد ولو بإعمال القوّة ، ولا يقدر عليه غالباً إلاّ بالعلاج والتوطئة .
وأمّا الثانية : ما إذا كان الحيوان مستأنساً ; سواء كان كذلك بالأصل ، كالحيوانات المذبوحة عادةً ، أو عارضياً ، كما إذا صار الطير أو الظبي مستأنسين ،
- (1) في مجمع البحرين : يقال : صال عليه; إذا استطال ، وصال عليه صولة . وعليه فالمراد : الجاموس المستطيل ونحوه .