(الصفحة 55)مسألة : لو وقف على المسلمين كان لمن أقرّ بالشهادتين إذا كان الواقف ممّن يرى أنّ غير أهل مذهبه أيضاً من المسلمين ، ولو وقف الإماميّ على المؤمنين اختصّ بالإثني عشرية ، وكذا لو وقف على الشيعة1 .
مسألة : لو وقف في سبيل الله يصرف في كلّ ما يكون وصلة إلى
قرينة على الاختصاص بالحاضرين أو بيان المصرف .
وفي الصورة الثانية : كبني هاشم جاز الاقتصار على الحاضرين ، كما أنّه لو كان الوقف على الجهة جاز اختصاص الحاضرين به ، ولا يجب الاستقصاء بوجه ; لما ذكر من وجود القرينة على بيان المصرف وعدم لزوم الاستقصاء مع عدم إمكانه نوعاً .
1 ـ لو وقف شيئاً على المسلمين وعنوانهم يكون المراد من الموقوف عليهم كلّ من أقرّ بالشهادتين : الشهادة بالوحدانية ، والشهادة بالرسالة ، من دون فرق بين فرق المسلمين واختلاف مذاهبهم ، إلاّ إذا كان الواقف ممّن لا يرى غير أهل مذهبه أيضاً من المسلمين ، كما نراه مع الأسف الشديد بالإضافة إلى الفرقة الضالّة المضلّة الوهابيّة بالنسبة إلى الشيعة ، سيّما الإماميّة منهم ، فلم يمض إلاّ سنين متعدّدة من خطبة خطيب الجمعة في الروضة النبوية ، حيث دعا أن يعود الشيعة إلى الإسلام من الكفر والضلالة ، غفلةً منه عن معنى الكفر ، والجمود على ما انتقل إليه من رؤساء الوهابيّة وأركانهم الخبيثة ، والحكم في بقيّة فروع المسألة واضح وإن كانت الشيعة أعمّ من الإماميّة ; لشمولها لكلّ من شايع عليّاً ولو كان كيسانيّاً أو زيديّاً أو فطحيّاً أو واقفيّاً ، إلاّ أنّ الظاهر الانصراف إلى الإمامية الإثنى عشرية .
(الصفحة 56)الثواب ، وكذلك لو وقف في وجوه البرّ1 .
مسألة : لو وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف ، ولو وقف على الأقرب فالأقرب كان ترتيبيّاً على كيفيّة طبقات الإرث2 .
مسألة : لو وقف على أولاده اشترك الذكر والاُنثى والخنثى ، ويقسّم بينهم على السواء ، ولو وقف على أولاد أولاده عمّ أولاد البنين والبنات ، ذكورهم وإناثهم بالسّوية3 .
1 ـ لو وقف في سبيل الله فاللازم صرف منافع العين الموقوفة في كلّ ما يكون مترتّباً عليه الثواب وموجباً لثبوت الأجر في الآخرة ، وكذلك لو وقف في وجوه البرّ ، ولا يختصّ بالجهاد خصوصاً الثاني .
2 ـ لو وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع في تشخيص ذلك هو العرف ، ولا تنحصر الأرحام بالرحم الذي تجب صلته أو يحرم قطعه ، على ما هو المقرّر في محلّ هذا البحث ، ولو وقف على عنوان الأقرب فالأقرب كان ترتيبيّاً على كيفيّة طبقات الإرث ، عملاً بقوله تعالى :
{وَأُوْلُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض}(1) ومن الواضح حينئذ اشتراك أولاد الابن مع أولاد البنت في صورة عدمهما .
3 ـ لو وقف على أولاده من غير تخصيص لأحدهم بخصوصيّة زائدة اشترك الجميع فيه بالسويّة ، من غير فرق بين الذكر والاُنثى والخنثى ، ولو وقف على أولاد أولاده عمّ أولاد البنين والبنات ، ولا وجه لما يقال :
- (1) سورة الأنفال : 8 / 75 .
(الصفحة 57)مسألة : لو قال : «وقفت على ذرّيّتي» عمّ البنين والبنات وأولادهم بلا واسطة ومعها ، ذكوراً وإناثاً ، وتشارك الطبقات اللاحقة مع السابقة ، ويكون على الرؤوس بالسويّة ، وكذا لو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» فإنّ الظاهر منهما التعميم لجميع الطبقات أيضاً . نعم ، لو قال : «وقفت على أولادي ثمّ على الفقراء» أو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي ، ثمّ على الفقراء» ، فلا يبعد أن يختصّ بالبطن الأوّل في الأوّل ، وبالبطنين في الثاني ، خصوصاً في الصورة الاُولى1 .
- بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
-
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد(1)
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد(1)
فإنّ الحسن والحسين (عليهما السلام) إبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي زيارة جميع الأئمّة (عليهم السلام)مخاطباً لهم بـ «السلام عليك ياابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) » .
وقد ذكرنا في كتاب الخمس أنّه لا إشكال في ذلك وإن كانت سيادة الحسنين (عليهما السلام)إنّما هي لأجل أبيهما المكرّم علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ; لأنّ السيادة تتوقّف على الانتساب بالأب ولا تعمّ الانتساب بالاُمّ ، فإنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السلام)وكذا محمّد بن الحنفيّة كانا سيّدين ولم يكونا إبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكذا العبّاس عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ويوجد في زماننا هذا بعض السادات العبّاسيّين ، وكان بعضهم من أعاظم العلماء(2).
1 ـ لو قال : «وقفت على ذرّيتي» أو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» واقتصر على ذلك ، فإنّ الظاهر التعميم لجميع الطبقات في عرض واحد ،
- (1) خزانة الأدب : 1 / 444 ، شرح شواهد المغني : 2 / 848 .
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الخمس : 254 ـ 257 .
(الصفحة 58)مسألة : لو قال : «وقفت على أولادي نسلاً بعد نسل وبطناً بعد بطن» ، فالظاهر المتبادر منه عرفاً أنّه وقف ترتيب، فلا يشارك الولد أباه، ولا ابن الأخ عمّه1 .
مسألة : لو علم من الخارج وقفيّة شيء على الذرّية، ولم يعلم أنّه وقف تشريك أو ترتيب ، فالظاهر فيما عدا قسمة الطبقة الاُولى الرجوع إلى القرعة2 .
من دون فرق بين الذكور والإناث ، وكذا من دون فرق بين صورة ثبوت الواسطة أو عدمها ، ويكون على الرؤوس بالسويّة ، وهذا بخلاف ما لو لم يقتصر على ذلك ، بل قال مثلاً : «وقفت على أولادي ، ثمّ على الفقراء» أو قال : «وقفت على أولادي ، وأولاد أولادي ، ثمّ على الفقراء» فقد نفى البُعد في المتن عن الاختصاص بخصوص البطن الأوّل في الأوّل ، وبخصوص البطنين في الثاني ; لأنّه على تقدير كون المراد الأعمّ لم يكن مجال لذكر الفقراء بعد تسلسل البطون نوعاً .
1 ـ لو قال : «وقفت على أولادي نسلاً بعد نسل وبطناً بعد بطن» كما هو الشائع في الأوقاف الخاصّة المرتبطة بالأولاد ، فقد استظهر في المتن مستنداً إلى التبادر عند العرف أنّه وقف ترتيب ، أي لا يشارك أولاد الأولاد مع الأولاد بلا واسطة ، بل يختصّ في الدرجة الاُولى بهم ، من دون فرق بين الذكور والإناث ، وما دام يكون واحد منهم موجوداً لا تصل النوبة إلى الطبقة اللاّحقة ، وعليه فلا يشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّه ; لاختلاف الطبقتين كما لا يخفى .
2 ـ لو كان شيء معلوم الوقفيّة على الذرّية إجمالاً ، ولم يعلم أنّه وقف تشريك أو ترتيب ، فلا إشكال في استحقاق الطبقة الاُولى قسمتها الخاصّة به على
(الصفحة 59)مسألة : لو قال : «وقفت على أولادي الذكور نسلاً بعد نسل» يختصّ بالذكور من الذكور في جميع الطبقات ، ولا يشمل الذكور من الإناث1 .
مسألة : لو كان الوقف ترتّبيّاً كانت الكيفيّة تابعة لجعل الواقف ، فتارة جعل الترتيب بين الطبقة السابقة واللاحقة ، ويراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف ، فلا يشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّه وعمّته ، ولا ابن الاُخت خاله وخالته . واُخرى جعل الترتيب بين خصوص الآباء من كلّ طبقة وأبنائهم ، فإذا كانت إخوة ولبعضهم أولاد لم يكن للأولاد شيء ما دام حياة الآباء ، فإذا توفّي الآباء شارك الأولاد أعمامهم ، وله أن يجعل الترتيب على أيّ نحو شاء ويتّبع2 .
كلا التقديرين ، واللازم الرجوع فيما عداها إلى القرعة التي هي لكلّ أمر مشكل(1) ، خصوصاً في الحقوق الماليّة على تقدير عدم اختصاص القرعة بها ، والتحقيق في محلّه الذي هو البحث عن القواعد الفقهية .
1 ـ لو قال : «وقفت على أولادي الذكور نسلاً بعد نسل» ففي المتن يختصّ بالذكور من الذكور في جميع الطبقات ، أمّا الاختصاص بالذكور للتصريح به في صيغة الوقف . وأمّا عدم الشمول للذكور من الإناث ، فلأنّ الظاهر من قوله : «نسلاً بعد نسل» هو أن تكون القرابة بالذكوريّة ، ومع وساطتها فلا يشمل الذكور من الإناث . نعم ، لو لم يكن الموقوف عليه مقيّداً بالذكور لكان اللازم الالتزام بشركة البنات أوّلاً ، وعدم اختصاص الواسطة بخصوص المذكّر ثانياً ، كما لا يخفى .
2 ـ مقتضى كون الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ـ كما في الرواية
- (1) روضة المتّقين : 6 / 215 ، الخلاف : 6 / 399 مسألة 24 ، تذكرة الفقهاء : 3 / 271 ، العناوين : 1/351 .