(الصفحة 67)مسألة : لو كان للعين الموقوفة منافع متجددّة وثمرات متنوّعة ، يملك الموقوف عليهم جميعها مع إطلاق الوقف ، ففي الشاة الموقوفة يملكون صوفها المتجدّدة ولبنها ونتاجها وغيرها ، وفي الشجر والنخل ثمرهما ومنفعة الاستظلال بهما ، والسعف والأغصان والأوراق اليابسة ، بل وغيرها ممّا قطعت للإصلاح ، وكذا فروخهما وغير ذلك ، وهل يجوز في الوقف التخصيص ببعض المنافع حتّى يكون للموقوف عليهم بعض المنافع دون بعض؟ الأقوى ذلك1 .
الثالث : ما إذا كانت المحتملات متباينة وكان الاحتمال بين اُمور غير محصورة ، فإن كان بين عناوين غير محصورة ، أو أشخاص كذلك ، كما إذا علم أنّه وقف على ذرّية أحد أفراد المملكة الفلانيّة ، ولا طريق إلى معرفته كما هو المفروض ، فإنّه لا مجال حينئذ للقرعة بعد كون العناوين أو الأشخاص غير محصورة وتكون المنافع حينئذ بحكم مجهول المالك ، فيتصدّق بها عنه بإذن الحاكم على الأحوط الجاري في التصدّق في جميع موارد مجهول المالك ، لكنّ الأولى أن لا يخرج التصدّق عن المحتملات مع كونها مورداً له ، كذرّية أحد أفراد تلك المملكة بشرط كونه فقيراً واجداً لشرائط التصدّق به .
وإن كان مردّداً بين جهات غير محصورة ، كالمثال المذكور في المتن ، فاللازم صرف المنافع في أحد وجوه البرّ مع اعتبار عدم الخروج عن مورد جميع المحتملات ; لأنّه لا يكون طريق لتأمين نظر الواقف أقرب من هذا الطريق ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لو كان الوقف مطلقاً وكان للعين الموقوفة منافع متجدّدة وثمرات متنوّعة عرضاً أو طولاً يملك الموقوف عليهم جميعها ; لعدم التخصيص ببعض دون بعض ،
(الصفحة 68)مسألة : لو وقف على مصلحة فبطل رسمها ، كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت ولم يمكن تعميرها ، أو لم تحتج إلى مصرف ; لانقطاع من يصلّي في المسجد ، والطلبة ، والمارّة ، ولم يرج العود ، صرف الوقف في وجوه البرّ ، والأحوط صرفه في مصلحة اُخرى من جنس تلك المصلحة ، ومع التعذّر يراعى الأقرب فالأقرب منها1 .مسألة : إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجديّة ، فتجري عليه أحكامها إلاّ في بعض الفروض . وكذا لو خربت القرية التي هو فيها بقي المسجد على صفة المسجديّة2 .
كالأمثلة المذكورة في المتن ، وهل يجوز في الوقف التخصيص ببعض المنافع مع تعدّدها وتكثّرها حتّى يكون للموقوف عليهم خصوص ذلك البعض دون الآخر؟ قد قوّى في المتن ذلك ، نظراً إلى ما مرّ مراراً من أنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ، ولم يدلّ دليل على عدم إمكان التفكيك ، كما أنّه يجوز وقف دار باستثناء بعض بيوتها كما لا يخفى . نعم ، لو استثنى المنفعة العقلائيّة المقصودة ـ نوعاًـ الوحيدة ، كاستثناء ثمرة الشجرة في وقفها ، لا يبعد أن يقال بعدم الجواز ; لأنّ الجمع بين وقفها وبين استثناء ثمرتها لعلّه غير ممكن .
1 ـ لو وقف على مصلحة فبطل رسمها كالأمثلة المذكورة في المتن ، فمع الخراب وعدم إمكان التعمير ، أو عدم الاحتياج إلى مصرف ، صرف الوقف في وجوه البرّ ، ومقتضى الاحتياط الصرف في مصلحة اُخرى من جنس تلك المصلحة ، ومع التعذّر أو التعدّد يراعى الأقرب منها فالأقرب ، والوجه فيه واضح .
2 ـ إذا خرب المسجد لأجل الزلزلة ونحوها لم تخرج عرصته من المسجديّة ،
(الصفحة 69)مسألة : لو وقف داراً على أولاده أو على المحتاجين منهم ، فإن أطلق فهو وقف منفعة ، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خاناً ونحوها يملكون منافعها ، فلهم استنماؤها ، فيقسّمون بينهم ما حصل منها ـ بإجارة وغيرها ـ على حسب ما قرّره الواقف من الكمّية والكيفيّة ، وإن لم يقرّر كيفيّة في القسمة يقسّمونه بينهم بالسّوية . وإن وقفها عليهم لسكناهم فهو وقف انتفاع ، ويتعيّن لهم ذلك ، وليس لهم إجارتها ، وحينئذ إن كفت لسكنى الجميع فلهم أن يسكنوها ، وليس لبعضهم أن يستقلّ به ويمنع غيره . وإن وقع بينهم تشاح في اختيار الحجر ، فإن جعل الواقف متولّياً يكون له النظر في تعيين المسكن للساكن ، كان نظره وتعيينه هو المتّبع ، ومع عدمه كانت القرعة هي المرجع ، ولو سكن بعضهم ولم يسكنها بعض فليس له مطالبة الساكن باُجرة حصّته إن لم يكن مانعاً عنه ، بل هو لم يسكن باختياره أو لمانع خارجي . وإن لم تكف لسكنى الجميع ، فإن تسالموا على المهاياة أو غيرها فهو ، وإلاّ كان المتّبع نظر المتولّي من قبل الواقف لتعيين
فتجري عليه أحكامها إلاّ في بعض الفروض ; وهو ما إذا وقع في وسط الشارع مثلاً فخرب لأجل الضرورة ، أو من قبل الحكومة الجائرة ، فإنّه في هذا الفرض يخرج عن عنوان المسجديّة بنظر العرف ، ولا تجري على عرصته أحكام المسجديّة من حرمة لبث الجنب فيها ، وكذا غيرها ، ففي الحقيقة لا يكون في مثل هذا الفرض عنوان المسجديّة باقياً حتّى تجري عليه أحكامها ويصرف الوقف فيه .
نعم ، إذا خرب المسجد لأجل الزلزلة ونحوها ، أو خربت القرية التي هو فيها ، فالعرصة وإن كانت باقية على عنوان المسجديّة ، إلاّ أنّه مع عدم إمكان التعمير ، أو عدم الاحتياج إلى المصرف ، يصرف الوقف في وجوه البرّ كما عرفته ، وقد ذكرنا مقتضى الاحتياط في المسألة السابقة، فراجع .
(الصفحة 70)الساكن ، ومع فقده فالمرجع القرعة ، فمن خرج اسمه يسكن ، وليس لمن لم يسكن مطالبته باُجرة حصّته1 .
1 ـ لو وقف داراً على مطلق أولاده أو خصوص المحتاجين منهم ، فتارة: يطلق الوقف ، واُخرى : يوقفها لسكناهم ، فالفرض الأوّل : وقف منفعة ، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خاناً أو نحوها ، ولازمه أن يصير الموقوف عليه مالكاً للمنفعة ، ولهم استنماؤها ، فيقسّمون بينهم ما حصل منها بإجارة وغيرها على حسب ما قرّره الواقف من الكيفيّة والكمّية ، ومع عدم التقرير يقسّمونها بينهم بالسّوية ، وهذا نظير ما إذا ملك المنفعة جماعة بإجارة ولم يشترط عليهم الاستفادة بالمباشرة ، فإنّه يجوز لهم الإجارة وتقسيم مال الإجارة بنسبة الملكيّة للمنفعة .
والفرض الثاني : وقف انتفاع لا يجوز للموقوف عليه الإجارة ; لعدم الملكية للمنفعة ، بل غاية الأمر جواز الاستفادة منها ، فالفرق بين الفرضين هو الفرق بين الإجارة والعارية ، وحينئذ إن كانت الدار كافية لسكنى الجميع فلهم أن يسكنوها ، وليس لبعضهم أن يستقلّ به ويمنع غيره ، وإن وقع بينهم تنازع في اختيار بيوت الدار ، كما إذا أراد أحد السكونة في البيت الشرقي دون الغربي ، وأراد الآخر أيضاً ذلك ، فإن كانت للدار الموقوفة متولّياً من قبل الواقف فنظره هو المتّبع في التعيين ، وإن لم تكن كذلك فالمتّبع هي القرعة الواردة في تزاحم الحقوق .
ولو سكن بعضهم في هذا الفرض في الدار ، ولم يسكنها بعض آخر مع صلاحيتها لسكنى الجميع كما هو المفروض ، فإن كانت العلّة لعدم سكونة البعض غير الساكن هو منع الساكن عنه ، فعليه اُجرة حصّة غير الساكن ، وإن كانت العلّة أمراً آخر لا ارتباط له بالساكن فليس عليه اُجرة حصّته .
وإن لم تكف الدار لسكنى الجميع ، والمفروض عدم جواز الإجارة ; لعدم ملكية
(الصفحة 71)مسألة : الثمر الموجود حال الوقف على النخل والشجر لا يكون للموقوف عليهم ، بل هو باق على ملك الواقف ، وكذلك الحمل الموجود حال وقف الحامل . نعم ، في الصوف على الشاة واللبن في ضرعها إشكال ، فلا يترك الاحتياط1 .
الموقوف عليهم للمنفعة، بل الغاية ملك الانتفاع وهوغيرممكن بالإضافة إلى الجميع في عرض واحد ، فالمتّبع مع عدم التسالم هو نظر المتولّي أو الرجوع إلى القرعة ، كما عرفت ، فمن خرج اسمه يسكن ، وليس للآخر مطالبة اُجرة حصّته ، لما مرّ .
1 ـ الغرض من هذه المسألة بيان الفرق بين الثمر الموجود حال الوقف على النخل والشجر والحمل الموجود حال وقف الحامل ، وبين الثمرة والحمل المتجدّدين بعد الوقف ، وأنّ الثاني للموقوف عليهم دون الأوّل .
أمّا الثاني : فواضح ; لأنّه الغرض من الوقف والمقصود من الإيقاف .
وأمّا الأوّل : فالظاهر أنّ الوجه فيه الانصراف وكونه تبعاً للعين الموقوفة في البقاء على ملك الواقف ، ولا يبعد أن يقال بالفرق بين الثمرة والحمل في أوائل تحقّقهما وبينهما في غيرها ، بالبقاء على ملك الواقف في الثاني دون الأوّل ; لأنّ التبعيّة محفوظة في الأوّل دون الثاني .
نعم ، في المتن استشكل في الصوف على الشاة واللبن في الضرع ، ثمّ نهى عن ترك الاحتياط ، والوجه في الاستشكال أنّ الصوف واللبن ليسا كالثمرة والحمل ، بل هما تابعان ، خصوصاً الأوّل ، كما أنّ الوجه في النهي عن ترك الاحتياط الذي يتحقّق لا محالة بالتصالح هو الدوران بين الواقف والموقوف عليه ، ولا مجال في مثله للقرعة بعد كون الشبهة بالإضافة إلى الحكم الشرعي لا الموضوع الخارجي .
|