(الصفحة 53)مسألة : لو وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد انصرف إلى فقراء المسلمين ، بل الظاهر أنّه لو كان الواقف شيعيّاً انصرف إلى فقراء الشيعة ، ولو وقف كافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته ، فاليهود إلى اليهود ، والنصارى إلى النصارى ، وهكذا ، بل الظاهر أنّه لو كان الواقف مخالفاً انصرف إلى فقراء أهل السنّة . نعم ، الظاهر أنّه لا يختصّ بمن يوافقه في المذهب ، فلا انصراف لو وقف الحنفي إلى الحنفي ، والشافعي إلى الشافعي ، وهكذا1 .
مسألة : لو كان أفراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في أفراد محصورة معدودة ـ كما لو وقف على فقراء محلّة أو قرية صغيرة ـ توزّع منافع الوقف على الجميع ، وإن كانوا غير محصورين لم يجب الاستيعاب ، لكن لا يترك الاحتياط بمراعاة الاستيعاب العرفي مع كثرة المنفعة ، فتوزّع على جماعة
حرمته وفساده . نعم ، هذا كلّه بالإضافة إلى وقف المسلم ، وأمّا وقف الكافر فقد عرفت أنّه يصحّ منه ما لا منع فيه على مذهبه .
1 ـ لو كان الواقف مسلماً والموقوف عليه الفقراء ، أو فقراء البلد ، ينصرف إلى خصوص فقراء المسلمين عموماً ، أو بلده . ولو كان الواقف شيعيّاً انصرف إلى خصوص فقراء الشيعة المتّحدين مع الواقف في المذهب ، ولأجله لو كان الواقف كافراً انصرف إلى فقراء نحلته ، فاليهود إلى اليهود ، والنصارى إلى النصارى وهكذا ، كما أنّه لو كان الواقف مسلماً غير شيعيّ انصرف إلى فقراء السنّة ، ولكن الظاهر أنّه لا يختصّ بمن يوافقه في المذهب من المذاهب الأربعة ; لجواز الأخذ بكلّ واحد منها عندهم ، ولذا لا يختصّ فيما إذا كان الواقف شيعيّاً بمن يكون متّحداً معه في مرجع التقليد ، وهذا ظاهر .
(الصفحة 54)معتدّ بها بحسب مقدار المنفعة1 .
مسألة : لو وقف على فقراء قبيلة ـ كبني فلان ـ وكانوا متفرّقين لم يقتصر على الحاضرين ، بل يجب تتبّع الغائبين وحفظ حصّتهم للإيصال إليهم ، ولو صعب إحصاؤهم يجب الاستقصاء بمقدار الإمكان وعدم الحرج على الأحوط . نعم ، لو كان عدد فقراء القبيلة غير محصور ، كبني هاشم جاز الاقتصار على الحاضرين ، كما أنّ الوقف لو كان على الجهة جاز اختصاص الحاضرين به ، ولا يجب الاستقصاء2 .
1 ـ لو كان أفراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في أفراد محصورة معدودة ـ كفقراء محلّة أو قرية صغيرة ـ توزّع منافع الوقف على الجميع ; اقتضاءً لكون الجميع موقوفاً عليه من ناحية ، وإمكان التوزيع من ناحية اُخرى . وإن لم تكن منحصرة في أفراد محصورة معدودة ، كفقراء الشيعة أو المسلمين لا يجب الاستيعاب ; لعدم إمكانه أوّلاً ، وظهور كون المراد في مثل ذلك بيان المصرف لا التوزيع ، ولكن نهى عن ترك الاحتياط بمراعاة الاستيعاب العرفي بالمقدار الممكن مع كثرة المنفعة ، فتوزّع مع ملاحظة الجهتين .
2 ـ لو وقف على فقراء قبيلة كبني فلان ، فتارةً يكون عددهم محصوراً ، واُخرى غير محصور .
ففي الصورة الاُولى : يجب الاستقصاء ; سواء كانوا جميعاً حاضرين أو متفرّقين ، غاية الأمر أنّه في الفرض الثاني يجب تتبّع الغائبين وحفظ حصّتهم للإيصال إليهم ، ولو صعب إحصاؤهم يجب الاستقصاء بمقدار الإمكان وعدم الحرج على الأحوط اللزومي ، لكن يحتمل أن يكون تفرّقهم مع علم الواقف به
(الصفحة 55)مسألة : لو وقف على المسلمين كان لمن أقرّ بالشهادتين إذا كان الواقف ممّن يرى أنّ غير أهل مذهبه أيضاً من المسلمين ، ولو وقف الإماميّ على المؤمنين اختصّ بالإثني عشرية ، وكذا لو وقف على الشيعة1 .
مسألة : لو وقف في سبيل الله يصرف في كلّ ما يكون وصلة إلى
قرينة على الاختصاص بالحاضرين أو بيان المصرف .
وفي الصورة الثانية : كبني هاشم جاز الاقتصار على الحاضرين ، كما أنّه لو كان الوقف على الجهة جاز اختصاص الحاضرين به ، ولا يجب الاستقصاء بوجه ; لما ذكر من وجود القرينة على بيان المصرف وعدم لزوم الاستقصاء مع عدم إمكانه نوعاً .
1 ـ لو وقف شيئاً على المسلمين وعنوانهم يكون المراد من الموقوف عليهم كلّ من أقرّ بالشهادتين : الشهادة بالوحدانية ، والشهادة بالرسالة ، من دون فرق بين فرق المسلمين واختلاف مذاهبهم ، إلاّ إذا كان الواقف ممّن لا يرى غير أهل مذهبه أيضاً من المسلمين ، كما نراه مع الأسف الشديد بالإضافة إلى الفرقة الضالّة المضلّة الوهابيّة بالنسبة إلى الشيعة ، سيّما الإماميّة منهم ، فلم يمض إلاّ سنين متعدّدة من خطبة خطيب الجمعة في الروضة النبوية ، حيث دعا أن يعود الشيعة إلى الإسلام من الكفر والضلالة ، غفلةً منه عن معنى الكفر ، والجمود على ما انتقل إليه من رؤساء الوهابيّة وأركانهم الخبيثة ، والحكم في بقيّة فروع المسألة واضح وإن كانت الشيعة أعمّ من الإماميّة ; لشمولها لكلّ من شايع عليّاً ولو كان كيسانيّاً أو زيديّاً أو فطحيّاً أو واقفيّاً ، إلاّ أنّ الظاهر الانصراف إلى الإمامية الإثنى عشرية .
(الصفحة 56)الثواب ، وكذلك لو وقف في وجوه البرّ1 .
مسألة : لو وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف ، ولو وقف على الأقرب فالأقرب كان ترتيبيّاً على كيفيّة طبقات الإرث2 .
مسألة : لو وقف على أولاده اشترك الذكر والاُنثى والخنثى ، ويقسّم بينهم على السواء ، ولو وقف على أولاد أولاده عمّ أولاد البنين والبنات ، ذكورهم وإناثهم بالسّوية3 .
1 ـ لو وقف في سبيل الله فاللازم صرف منافع العين الموقوفة في كلّ ما يكون مترتّباً عليه الثواب وموجباً لثبوت الأجر في الآخرة ، وكذلك لو وقف في وجوه البرّ ، ولا يختصّ بالجهاد خصوصاً الثاني .
2 ـ لو وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع في تشخيص ذلك هو العرف ، ولا تنحصر الأرحام بالرحم الذي تجب صلته أو يحرم قطعه ، على ما هو المقرّر في محلّ هذا البحث ، ولو وقف على عنوان الأقرب فالأقرب كان ترتيبيّاً على كيفيّة طبقات الإرث ، عملاً بقوله تعالى :
{وَأُوْلُوا الاَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض}(1) ومن الواضح حينئذ اشتراك أولاد الابن مع أولاد البنت في صورة عدمهما .
3 ـ لو وقف على أولاده من غير تخصيص لأحدهم بخصوصيّة زائدة اشترك الجميع فيه بالسويّة ، من غير فرق بين الذكر والاُنثى والخنثى ، ولو وقف على أولاد أولاده عمّ أولاد البنين والبنات ، ولا وجه لما يقال :
- (1) سورة الأنفال : 8 / 75 .
(الصفحة 57)مسألة : لو قال : «وقفت على ذرّيّتي» عمّ البنين والبنات وأولادهم بلا واسطة ومعها ، ذكوراً وإناثاً ، وتشارك الطبقات اللاحقة مع السابقة ، ويكون على الرؤوس بالسويّة ، وكذا لو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» فإنّ الظاهر منهما التعميم لجميع الطبقات أيضاً . نعم ، لو قال : «وقفت على أولادي ثمّ على الفقراء» أو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي ، ثمّ على الفقراء» ، فلا يبعد أن يختصّ بالبطن الأوّل في الأوّل ، وبالبطنين في الثاني ، خصوصاً في الصورة الاُولى1 .
- بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
-
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد(1)
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد(1)
فإنّ الحسن والحسين (عليهما السلام) إبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي زيارة جميع الأئمّة (عليهم السلام)مخاطباً لهم بـ «السلام عليك ياابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) » .
وقد ذكرنا في كتاب الخمس أنّه لا إشكال في ذلك وإن كانت سيادة الحسنين (عليهما السلام)إنّما هي لأجل أبيهما المكرّم علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ; لأنّ السيادة تتوقّف على الانتساب بالأب ولا تعمّ الانتساب بالاُمّ ، فإنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السلام)وكذا محمّد بن الحنفيّة كانا سيّدين ولم يكونا إبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكذا العبّاس عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ويوجد في زماننا هذا بعض السادات العبّاسيّين ، وكان بعضهم من أعاظم العلماء(2).
1 ـ لو قال : «وقفت على ذرّيتي» أو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» واقتصر على ذلك ، فإنّ الظاهر التعميم لجميع الطبقات في عرض واحد ،
- (1) خزانة الأدب : 1 / 444 ، شرح شواهد المغني : 2 / 848 .
- (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الخمس : 254 ـ 257 .