(الصفحة 385)مسألة : لا يعتبر كيفيّة خاصّة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح ، فلا فرق بين أن يضعها على الجانب الأيمن ، كهيئة الميّت حال الدفن ، وأن يضعها على الأيسر1 .
مسألة : لا يعتبر في التسمية كيفيّة خاصّة ، وأن تكون في ضمن البسملة ، بل المدار صدق ذكر اسم الله عليها ، فيكفي أن يقول «بسم الله» ، أو «الله أكبر» أو «الحمد لله» أو «لا إله إلاّ الله» ونحوها . وفي الاكتفاء بلفظ «الله» ـ من دون أن يقرن بما يصير به كلاماً تامّاً دالاًّ على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد ـ إشكال . نعم ، التعدّي من لفظ «الله» إلى سائر أسمائه الحسنى كالرحمان والبارئ والخالق وغيرها من أسمائه الخاصّة غير بعيد ، لكن لا يترك الاحتياط فيه ، كما أنّ التعدّي إلى ما يرادف لفظ الجلالة في لغة اُخرى كلفظة «يزدان» في الفارسية وغيرها في غيرها لا يخلو من وجه وقوّة ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بمراعاة العربيّة2 .
1 ـ أمّا عدم اعتبار كيفيّة خاصّة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح ، فلأنّ مقتضى الدليل هو لزوم الاستقبال بالذبيحة إلى القبلة ، ولا فرق في ذلك بين الوضع على الجانب الأيمن ، كهيئة الميّت حال الدفن ، وبين الوضع على الجانب الأيسر ; لتحقّق الأمر المذكور في كلتا الحالتين .
2 ـ هل يعتبر في التسمية كيفيّة خاصّة ، وأن تكون في ضمن البسملة ، أم لا يعتبر ذلك ؟ بل المدار صدق ذكر اسم الله عليها . كما عرفت قوله تعالى :
{وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}(1)فيكفي الأمثلة المذكورة في المتن .
- (1) سورة الأنعام : 6 / 121 .
(الصفحة 386)مسألة : الأقوى عدم اعتبار استقرار الحياة في حلّية الذبيحة بالمعنى الذي فسّروه ، وهو أن لا تكون مشرفة على الموت; بحيث لا يمكن أن يعيش مثلها اليوم أو نصف اليوم ، كالمشقوق بطنه ، والمخرج حشوته ، والمذبوح من قفاه الباقية أوداجه ، والساقط من شاهق ونحوها ، بل المعتبر أصل الحياة ولو كانت عند إشراف الخروج ، فإن علم ذلك فهو ، وإلاّ يكون الكاشف عنها الحركة بعد الذبح ولو كانت يسيرة كما تقدّم1 .
وفي صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألته عن رجل ذبح فسبّح أو كبّر أو هلّل أو حمد الله؟ قال : هذا كلّه من أسماء الله لا بأس به(1) .
وقد استشكل في المتن في الاكتفاء بلفظ «الله» من دون أن يقرن بما يصير به كلاماً تامّاً دالاًّ على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد ، وإن حكي عن البعض الاجتزاء به(2) ، لكنّ العرف يخالفه ; لأنّه يجتمع مع إثبات نقص له تعالى ، مثل عدم كونه واجب الوجود ، وهذا بخلاف الاُمور المذكورة في الرواية ، كما أنّها تدلّ في مقام التعليل على كفاية مطلق أسمائه تعالى المختصّة به ، كالرحمان والبارئ ، لكن مقتضى الاحتياط الاستحبابي العدم ، كما أنّ التعدّي إلى ما يرادف لفظ الجلالة من سائر اللغات كالفارسية وغيرها نفى خلوّه عن الوجه ، واحتاط استحباباً بالترك ، والوجه في ذلك اختلاف اللغات في الأسماء المختصّة به تعالى ، ولا دليل على كون التسمية في الذبح كالصلاة ونحوها من حيث اعتبار العربيّة وعدم الاجتزاء بغيرها.
1 ـ قد مرّ كلام المحقّق في الشرائع في اعتبار الحياة المستقرّة ، وفي تفسيرها
- (1) الكافي : 6 / 234 ح5 ، الفقيه : 3 / 211 ح978 ، تهذيب الأحكام : 9 / 59 ح249 ، وعنها الوسائل : 24 / 31 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب1 ح1 .
- (2) مسالك الأفهام : 11 / 476 ، مجمع الفائدة والبرهان : 11 / 119 .
(الصفحة 387)مسألة : لا يشترط في حلّية الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حيّاً أن يكون خروج روحها بذلك الذبح ، فلو وقع عليها الذبح الشرعي ثمّ وقعت في نار
بالتعيّش يوماً أو يومين ، وفي بعض الكلمات بل ولعلّه المشهور : ولو نصف يوم ، وتفسير الحركة غير المستقرّة بأن تكون الحركة كحركة المذبوح(1) ، وقد عرفت أنّ الكلام قد يكون في مقام الثبوت ، وقد يكون في مقام الإثبات(2) . أمّا بحسب مقام الثبوت ، فلا دليل على اعتبار استقرار الحياة بوجه ولو نصف يوم ، فيقع الذبح على الموارد المذكورة في المتن مع بقاء الحياة ولو كانت عند إشراف الخروج .
نعم ، في صورة الشكّ يكون الكاشف عن تلك الحياة المعتبرة الحركة بعد الذبح ولو كانت يسيرة ، ويدلّ على أصل الحكم ما مرّ في باب الصيد من أنّه إذا أدركه وكانت الأوصاف الثلاثة المتقدّمة موجودة فيه يجب ذبحه لحلّية أكل لحمه(3) ، وقد عرفت منّا وقوع الخلط ظاهراً في كلمات الأصحاب بين مقام الثبوت ومقام الإثبات ، كما أنّه يرد على المتن أنّه لا وجه لتكرار المسألة مرّتين أو ثلاث مرّات ، خصوصاً مع اختلاف النظر فيها ولو على نحو الإشكال لا الفتوى .
فالإنصاف أنّ المعتبر في مقام الثبوت هو أصل الحياة ولو كانت عند إشراف الخروج ، والكاشف عنها هو الأوصاف الثلاثة المتقدّمة(4) ، فمع تطرّف العين وتركّض الرجل وتحرّك الذنب يعلم بعدم زهوق الروح ، ومع العلم بعدمه يصحّ ذبحه ويحلّ أكله ، فتأمّل جيّداً .
- (1) في ص373 ـ 375.
- (2) في ص384.
- (3، 4) في ص324 ـ 325.
(الصفحة 388)أو ماء أو سقطت من جبل ونحو ذلك فماتت بذلك حلّت على الأقوى1 .
مسألة : يختصّ الإبل من بين البهائم بكون تذكيتها بالنحر ، كما أنّ غيرها يختصّ بالذبح ، فلو ذبحت الإبل أو نحر غيرها كان ميتة . نعم ، لو بقيت له الحياة بعد ذلك أمكن التدارك ; بأن يذبح ما يجب ذبحه بعدما نحر ، أو ينحر ما يجب نحره بعدما ذبح ووقعت عليه التذكية2 .
1 ـ المعتبر في حلّية الذبيحة وقوع الذبح عليها المؤثّر في زهاق الروح ولو بالقوّة ، فلو سبقه إلى ذلك أمر آخر بعد وقوع الذبح الشرعي بحيث كان المؤثّر بالفعل في زهاق الروح سابقاً على المؤثّر بالقوّة الذي يكون هو الذبح ، فلا يستفاد من الأدلّة اعتبار عدمه ، فإذا ذبح فوق جبل وسقطت منه ونحو ذلك فماتت بالسقوط ونحوه فلا دليل على اعتبار عدمه بعد وقوع الذبح المؤثّر في ذلك بالقوّة عليه ، ولا ينطبق عليه عنوان المتردّية بعد كون المراد بها هو الساقط من غير ذبح أصلاً ، بحيث كان الموت مستنداً إلى السقوط مطلقاً ، واحتمال لزوم كون الذبح مؤثّراً قوّة وفعلاً يدفعه عدم الدليل ، بل ظهور الدليل في الخلاف .
وفي صحيحة زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال : وإن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار ، أو في الماء ، أو من فوق بيتك ، إذا كنت قد أجدت الذبح فكُل(1) .
2 ـ يختصّ الإبل من بين البهائم باختصاص تذكيتها بالنحر ، كما أنّ سائر البهائم
- (1) تهذيب الأحكام : 9 / 58 ح16 ، تفسير العياشي : 1 / 291 ح16 ، وعنهما الوسائل : 24 / 26 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب13 ح1 .
(الصفحة 389)مسألة : كيفيّة النحر ومحلّه أن يدخل سكّيناً أو رمحاً ونحوهما من الآلات الحادّة الحديديّة في لبّته ، وهي المحلّ المنخفض الواقع بين أصل العنق
وغيرها من الحيوانات القابلة للذبح يختصّ باختصاص تذكيتها المؤثّرة في الحلّية والطهارة أو الطهارة بالذبح ، فلو انعكس الأمر لا تصحّ ، ويدلّ عليه من الروايات صحيحة صفوان قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن ذبح البقر من المنحر؟ فقال : للبقر الذبح ، وما نحر فليس بذكي(1) .
ومرسلة الصدوق المعتبرة ، قال : قال الصادق (عليه السلام) : كلّ منحور مذبوح حرام ، وكلّ مذبوح منحور حرام(2) .
ورواية يونس بن يعقوب ، قال : قلت لأبي الحسن الأوّل (عليه السلام) : إنّ أهل مكّة لا يذبحون البقر ، إنّما ينحرون في لبّة البقر ، فما ترى في أكل لحمها؟ قال : فقال :
{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ، لا تأكل إلاّ ما ذبح(3) .
ثمّ إنّه لو انعكس الأمر; بأن ذبح ما كان اللازم نحره ، أو نحر ما كان اللازم ذبحه لا تحلّ بذلك ، بل هي ميتة إلاّ إذا عمل على طبق الوظيفة الأوّلية في حال بقاء الحياة المعتبر في التذكية المتقدّم سابقاً ، وقد تردّد في الحلّية المحقّق في الشرائع ، معلّلاً بأنّه لا استقرار للحياة بعد الذبح أو النحر(4) ، ولكن عرفت منع اعتبار الأمر المذكور(5) .
- (1) الكافي : 6 / 228 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح218 ، وعنهما الوسائل : 24 / 14 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب5 ح1 .
- (2) الفقيه : 3 / 210 ح968 ، وعنه الوسائل : 24 / 14 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب5 ح3 .
- (3) الكافي : 6 / 229 ح3 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح219 ، وعنهما الوسائل : 24 / 14 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب5 ح2 ، والآية في سورة البقرة: 2 / 71.
- (4) شرائع الإسلام : 3 / 205 .
- (5) في ص375 .