(الصفحة 110)مسألة : لو ظهر في تركة الميّت ورقة بخطّه أنّ ملكه الفلاني وقف ، وأنّه وقع القبض والإقباض ، لم يحكم بوقفيّته بمجرّده ما لم يحصل العلم أو الاطمئنان به ; لاحتمال أنّه كتب ليجعله وقفاً ، كما يتّفق ذلك كثيراً1 .
مسألة : إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكويّة ـ كالأنعام الثلاثة ـ لم يجب على الموقوف عليهم زكاتها وإن بلغت حصّة كلّ منهم النصاب . وأمّا لو كانت نماؤها منها ـ كالعنب والتمر ـ ففي الوقف الخاصّ وجبت الزكاة على كلّ من بلغت حصّته النصاب من الموقوف عليهم ; لأنّها ملك طلق لهم ، بخلاف الوقف العامّ ، حتّى مثل الوقف على الفقراء ; لعدم كونه ملكاً لواحد منهم إلاّ بعد قبضه . نعم ، لو اُعطي الفقير مثلاً حصّة من الحاصل على الشجر قبل وقت تعلّق الزكاة بتفصيل مرّ في كتاب الزكاة وجبت عليه لو بلغت النصاب2 .
1 ـ لو ظهر في تركة الميّت ورقة بخطّه أنّ ملكه الفلاني وقف ، وأنّه وقع القبض والإقباض ولم يعلم أو يطمئنّ بكونه حكاية عن إنشاء الوقف ووقوع القبض قبل الكتابة ، لا يكون هذا من الاُمور المثبتة لذلك ; للاحتمال المذكور في المتن ، وأنّه كان بصدد الوقف بعد ذلك ، وكذلك يجري احتمال الكذب باعتبار كون الخطّ المكتوب شبيهاً بخطّ الواقف ، وبالجملة : مجرّد الكتابة لا يوجب ثبوت الوقف إلاّ في صورة العلم أو الاطمئنان بالحكاية عن الوقف والقبض .
2 ـ إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكويّة ـ كالأنعام الثلاثة ـ لا يجب على الموقوف عليهم زكاتها وإن بلغت حصّة كلّ منهم النصاب ; لعدم كونهم مالكين للأعيان وإن كانوا موقوفاً عليهم ، ضرورة أنّ من تجب عليه الزكاة هو
(الصفحة 111)مسألة : الوقف المتداول بين بعض الطوائف ـ يعمدون إلى نعجة أو بقرة، ويتكلّمون بألفاظ متعارفة بينهم، ويكون المقصود أن تبقى وتذبح أولادها الذكور وتبقى الإناث وهكذا ـ الظاهر بطلانه ; لعدم تحقّق شرائط صحّته1 .
المالك للأعيان المتعلّقة ، والوقف يوجب ثبوت الملكيّة بالإضافة إلى المنفعة أو الانتفاع ، كما عرفت(1) .
وأمّا لو كانت نماء الأعيان من الاُمور المتعلّقة للزكاة ـ كالعنب والتمر ـ فقد فصّل في المتن بين الوقف الخاصّ ، وأنّه تجب الزكاة على كلّ من بلغت حصّته النصاب من الموقوف عليهم ، مستدلاًّ له في المتن بأنّ النماء ملك طلق لهم ، بخلاف الوقف العامّ حتّى مثل الوقف على الفقراء ، مستدلاًّ له فيه أيضاً بعدم كونه ملكاً لواحد منهم إلاّ بعد قبضه ، ومن الظاهر أنّه بعد القبض لا يتعلّق به الزكاة ، كما لو فرض اشتراء غير الفقير العنب أو التمر وإن كانا أزيد من النصاب بمراتب .
نعم ، استثنى صورة ما لو أعطى الفقير حصّته من الحاصل على الشجر قبل تعلّق الزكاة وفرض بلوغها حدّ النصاب ، وقد مرّ التفصيل في كتاب الزكاة وإن لم يساعدني التوفيق لشرحه إلى الآن ، ومن الله المسألة لذلك .
1 ـ من الوقف الباطل ما هو المتداول بين بعض الطوائف ـ يعمدون إلى نعجة أو بقرة ثمّ يتكلّمون بألفاظ متعارفة بينهم ، ويكون المقصود بقاءها وحصول النتاج لها ، وتذبح الذكور من أولادها وتبقى الإناث وهكذا ، وجه البطلان الخلوّ من صيغة الوقف وإنشائه المعتبرة عند الشارع ، والفرق بين أولاد الذكور والإناث وبقاء الإناث بهذه الكيفيّة وبعض الاُمور الاُخر غير الخفيّ .
(الصفحة 112)
(الصفحة 113)
خاتمة : تشتمل على أمرين :
أحدهما : في الحبس وما يلحق به . ثانيهما : في الصدقة
القول في الحبس وأخواته
مسألة : يجوز للشخص أن يحبس ملكه على كلّ ما يصحّ الوقف عليه; بأن تصرف منافعه فيما عيّنه على ما عيّنه ، فلو حبسه على سبيل من سُبل الخير ومحالّ العبادات ; مثل الكعبة المعظّمة والمساجد والمشاهد المشرّفة ، فإن كان مطلقاً أو صرّح بالدوام فلا رجوع بعد قبضه ، ولا يعود إلى ملك المالك ولا يورّث ، وإن كان إلى مدّة لا رجوع إلى انقضائها ، وبعده يرجع إلى المالك أو وارثه . ولو حبسه على شخص ، فإن عيّن مدّة ، أو مدّة حياته لزم الحبس في تلك المدّة ، ولو مات الحابس قبل انقضائها يبقى على حاله إلى أن تنقضي ، وإن أطلق ولم يعيّن وقتاً لزم ما دام حياة الحابس ، فإن مات كان ميراثاً . وهكذا الحال لو حبس على عنوان عامّ كالفقراء ، فإن حدّده بوقت لزم إلى انقضائه ، وإن لم يوقّت لزم ما دام حياة الحابس1 .
1 ـ قد مرّ في عبارة المحقّق الخراساني (قدس سره) في تعريفه للوقف(1) ما يرجع إلى أنّ الوقف هو حبس خاصّ ، وهو المطلق منه ، المقابل للحبس الخاصّ لا مطلقه
(الصفحة 114)
الشامل لهما ، والتفاوت إنّما يكون بالمرتبة ، كالتفاوت بين الإيجاب والاستحباب ، وكيف كان ، فلا فرق بينهما فيما إذا كان الحبس مطلقاً أو صرّح فيه بالدوام ، خصوصاً مع أنّ تحبيس الأصل مأخوذ في تعريف الوقف كما تقدّم (1) ، والتأبيد غير معتبر في الوقف كما مرّ (2); لأنّ مرجعه إلى إيقاف الملك لا الإخراج عن الملك .
نعم ، لازم التأبيد في موارده الخروج عن الملك ، كما أنّه قد وقع هنا في المتن التصريح بأنّه في صورة الإطلاق ، أو بيان الدوام لا يعود إلى ملك المالك ولا يورّث ، وإن نظرت إلى ما ذكرنا في الوقف المنقطع الآخر(3) من الرجوع إلى المالك، أو ورثته في بعض الفروض، يشكل الأمر من هذه الحيثيّة أيضاً ، خصوصاً مع عدم اعتبار قصد القربة في الوقف كالحبس على ما مرّ (4) .
فالظاهر حينئذ أن يقال : إنّ الوقف نوع من الحبس لا أنّه أمر آخر ، والنوع المشهور منه ما إذا كان إلى مدّة معيّنة ولا رجوع إلى انقضائها ، وبعده يرجع إلى المالك أو ورثته ولو مات الحابس قبل انقضائها إلى أن تنقضي .
نعم ، يمكن الفرق بينهما في صورة الإطلاق وعدم تعيين الوقت ، فإنّه لا يبعد أن يقال بانصراف الوقف إلى المؤبّد ، وأمّا الحبس فهو لازم ما دام حياة الحابس ، فإن مات كان ميراثاً ، من دون فرق بين الحبس على شخص خاصّ أو عنوان عامّ كالفقراء مثلاً ، فإنّه في كلا الفرضين إن حدّده بوقت لزم إلى انقضائه ، وإن لم يوقّت لزم ما دام حياة الحابس ، فافهم وتأمّل جيّداً .
- (1) في ص 10.
- (2، 3) في ص 27 ـ 29.
- (4) في ص 16 .