(الصفحة 251)مسألة : ليس لمن نذر الحجّ أو الزيارة ماشياً أن يركب البحر ، أو يسلك طريقاً يحتاج إلى ركوب السفينة ونحوها ، ولو لأجل العبور من الشطّ ونحوه . ولو انحصر الطريق في البحر ، فإن كان كذلك من أوّل الأمر لم ينعقد ، إلاّ إذا كان مراده فيما يمكن المشي ، فيجب في سائر الطريق . وإن طرأ ذلك بعد النذر ، فإن كان مطلقاً وتوقّع المكنة من طريق البرّ والمشي منه فيما بعد انتظر ، وإن كان معنيّاً وطرأ ذلك في الوقت ، أو مطلقاً ولم يتمكّن مطلقاً ، سقط عنه ولا شيء عليه1 .
عمداً تحقّق الحنث ووجوب كفّارته ، وقد قوّى في المتن عدم وجوب القضاء ; لأنّ المنذور هو الحجّ ماشياً في الوقت المعيّن ، والمفروض أنّه مع فوته لا يكاد تحقّق القدرة عليه ثانياً ، ولا دليل على وجوب القضاء في مثل الحجّ . غاية الأمر لزوم الإعادة في موارد الإفساد بعنوان الجزاء والعقوبة لا القضاء ، وقد ذكر في الذيل . وكذلك الحال لو ركب في بعض الطريق ومشى في بعضه .
1 ـ لا يجوز لمن نذر الحجّ أو الزيارة ماشياً أن يركب البحر أو يسلك طريقاً يحتاج إلى ركوب السفينة ونحوها كالعبور من الشطّ . ولو انحصر الطريق في البحر ، فإن كان كذلك من أوّل الأمر لم ينعقد النذر مطلقاً ، سواء كان عالماً بذلك أو جاهلاً ، إلاّ إذا كان مراده المشي في بعض الطريق الذي يمكن المشي فيه . وإن طرأ الانحصار بعد تحقّق النذر في حال العدم ، فإن كان النذر مطلقاً وتوقّع المكنة من طريق البرّ والمشي معه يجب عليه الانتظار إلى وقتها ، وإن كان معيّناً وطرأ ذلك في الوقت أو مطلقاً ولم يتحقّق التمكّن ولم يتوقّع أصلاً ، سقط عنه لزوم المشي ولا كفّارة عليه بعد عدم إمكان تحقّق المنذور ، كما هو ظاهر .
(الصفحة 252)مسألة : لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون بعض فالأحوط لو لم يكن الأقوى أن يمشي مقدار ما يستطيع ويركب في البعض ، والأحوط الأولى سياق بدنة في نذر الحجّ ، ولو اضطرّ إلى ركوب السفينة فالأحوط أن يقوم فيها بقدر الإمكان1 .
1 ـ لو طرأ لمن نذر المشي في الحجّ العجز عنه في بعض الطريق دون بعض ، فقد احتاط وجوباً لو لم يكن الأقوى أن يمشي مقدار ما يستطيع ويركب في البعض ; لأنّ الظاهر تحقّق الانحلال ورجوع النذر إلى المشي في كلّ بعض ، مضافاً إلى قاعدة الميسور وإن كان في صحّتها إشكال مذكور في محلّه .
وقد وردت في هذا المجال روايات :
منها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)أنّه قال : أيّما رجل نذر نذراً أن يمشي إلى بيت الله الحرام ، ثمّ عجز عن أن يمشي فليركب ، وليسق بدنة إذا عرف الله منه الجهد(1) . والظاهر أنّ مورد السؤال هو العجز عن المشي مطلقاً ، لا العجز عن البعض دون البعض ، ولكن هذا لا ينافي الاحتياط الاستحبابي في المقام .
نعم ، في رواية رفاعة وحفص ـ بالإضافة إلى تبعيض المشي ـ قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله حافياً؟ قال : فليمش ، فإذا تعب فليركب(2) . وظاهر الجواب جواز الركوب ولو مع القدرة على المشي من دون أن يكون حافياً ، ولأجله ربما يستشكل فيه بأنّه مع القدرة على المشي ولو من دون أن يكون حافياً كيف ينتقل إلى الركوب .
- (1) التهذيب : 8 / 315 ح1171 ، وعنه الوسائل : 23 / 322 ، كتاب النذر والعهد ب20 ح1 .
- (2) الكافي : 7 / 458 ح19 ، الاستبصار : 4 / 50 ح172 ، تهذيب الأحكام : 8 / 304 ح1130 ، الفقيه : 2 /246 ح1181 ، وعنها الوسائل : 23 / 307 ، كتاب النذر والعهد ب8 ح2 .
(الصفحة 253)مسألة : لو نذر التصدّق بعين شخصيّة تعيّنت ، ولا يجزئ مثلها أو قيمتها مع وجودها . ومع التلف ، فإن كان لا بإتلاف منه انحلّ النذر ولا شيء عليه ، وإن كان بإتلاف منه ضمنها بالمثل أو القيمة على الأحوط ، فيتصدّق بالبدل ، ويكفّر أيضاً على الأقوى إن كان الإتلاف اختياريّاً عمدياً 1 .
ولو اضطرّ إلى ركوب السفينة فقد احتاط في المتن وجوباً أن يقوم فيها بقدر الإمكان ، ولعلّه لأجل أنّ المشي مركّب من القيام وحركة الرجلين بالكيفيّة المخصوصة ، فمع العجز عن الحركة يبقى وجوب القيام على حاله ولو على نحو الاحتياط الوجوبي .
ويدلّ عليه موثّقة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) أنّ علياً (عليه السلام)سُئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمرّ في المعبر؟ قال : فليقم في المعبر قائماً حتّى يجوز(1) . لكن جماعة من الفقهاء أفتوا بالاستحباب(2) ، خلافاً لظاهر الشرائع(3)وبعض آخر(4) ، ولا يجوز ترك الاحتياط كما في المتن .
1 ـ لو نذر التصدّق بعين شخصيّة يجب التصدّق بها ما دامت موجودة ، ولا يجزئ مثلها أو قيمتها في هذا الحال ، ومع التلف ففيه فرضان :
- (1) الكافي : 7 / 455 ح6 ، الفقيه : 3 / 235 ح113 ، تهذيب الأحكام : 5 / 478 ح1693 ، الاستبصار : 4/50 ح171 ، وعنها الوسائل : 11 / 92 ، كتاب الحجّ أبواب وجوبه وشرائطه ب37 ح1 .
- (2) المعتبر : 2 / 763 ، منتهى المطلب : 2 / 875 ط ق ، تحرير الأحكام : 2 / 106 ، مقصد 14 بحث 19 ، تذكرة الفقهاء : 7 / 103 ، الدروس الشرعيّة : 2 / 319 ، الروضة البهيّة : 2 / 182 ، مسالك الأفهام : 11/330 ، مدارك الأحكام : 7 / 103 ـ 104 .
- (3) شرائع الإسلام: 1 / 231.
- (4) المبسوط : 1 / 303 ، التنقيح الرائع : 1 / 422 ـ 423 ، الحدائق الناضرة : 14 /227 ، رياض المسائل : 6/77 .
(الصفحة 254)مسألة : لو نذر الصدقة على شخص معيّن لزم ولا يملك المنذور له الإبراء منه ، فلا يسقط عن الناذر بإبرائه ، ولا يلزم على المنذور له القبول ، فإن
امتنع عنه لا يبعد عدم انحلال النذر ، إلاّ إذا امتنع في تمام الوقت المضروب له في الموقّت ، ومطلقاً في غيره ، فلو رجع عن امتناعه في الموقّت قبل خروج وقته وفي غيره يجب التصدّق عليه . نعم ، لو كان نذره الصدقة بعين معيّنة فامتنع عن قبولها جاز له إتلافها ، ولا ضمان عليه لو رجع ولا كفّارة . ولو مات الناذر قبل أن يفي بالنذر يخرج من أصل تركته ، وكذا كلّ نذر تعلّق بالمال كسائر الواجبات الماليّة . ولو مات المنذور له قبل أن يتصدّق عليه قام وارثه مقامه على احتمال مطابق للاحتياط ، سيّما إذا كان متعلّق النذر إعطاء شيء معيّن فمات قبل قبضه1 .
أحدهما : أن يكون التلف لا بإتلاف منه ، وقد حكم فيه في المتن بانحلال النذر وأنّه لا شيء عليه ، وظاهره عدم وجوب التصدّق بالمثل أو القيمة المأخوذين من المتلف ، نظراً إلى قاعدة الإتلاف التي موردها إتلاف مال الغير . نعم ، لا ينبغي الارتياب في عدم ترتّب كفّارة عليه ; لعدم كون الإتلاف من فعله .
ثانيهما : أن يكون التلف بإتلاف منه ، فحكمه على الأحوط من حيث الضمان حكم إتلاف مال الغير ; لأنّه قد نذر التصدّق بشخصه ، ولذا يجري فيه احتمال عدم جواز بيعه ، فيتصدّق بالبدل مثلاً أو قيمةً ، والأقوى وجوب الكفّارة عليه إن كان الإتلاف عن إرادة وقصد ; لصدق حنث النذر به ، وهو موجب للكفّارة .
1 ـ لو نذر التصدّق بشيء على شخص معيّن يجب الوفاء بهذا النذر ، وهنا حكمان :
(الصفحة 255)
أحدهما : أنّ المنذور له كما أنّه لا يملك ذلك الشيء بمجرّد النذر ، كذلك لا يملك إبراء الناذر منه ; لعدم الدليل على تأثير الإبراء هنا وإن كان قد يتعلّق بأمر محتمل ، كالأمر اليقيني ، كالإبراء من الدين القطعي أو الاحتمالي ، وكذلك الإبراء من كثير من الحقوق .
ثانيهما : أنّ الواجب على الناذر إنّما هو التصدّق ، وأمّا المنذور له فلا يجب عليه القبول ، بل له الامتناع عنه ، وحينئذ إذا كان الامتناع في تمام الوقت المضروب له في الموقّت ومطلقاً في غيره فمقتضى الاستثناء انحلال النذر ، وفي غيره نفى البُعد عن عدم الانحلال ، وفرّع عليه أنّه لو رجع عن امتناعه قبل خروج وقته ، وكذا في غير الموقّت يجب الوفاء بالنذر ; لأنّ المفروض عدم الانحلال .
ولو كان نذره الصدقة متعلّقاً بعين معيّنة وامتنع المنذور له عن قبولها فلا إشكال في أنّه يجوز للناذر الانتفاع بها ; لأنّه لا مجال لتوهّم عدم الجواز المستلزم لفوات المنافع ، وفي المتن جاز له إتلافها ، ولا ضمان عليه لو رجع ولا كفّارة . أمّا جواز الإتلاف ، فلعدم كونه إتلافاً لمال الغير ، ضرورة أنّ منذور التصدّق به لا يخرج عن ملك الناذر بمجرّد النذر ، وهذا من دون فرق بين ما إذا كان الإتلاف حقيقيّاً أو بناقل شرعيّ ، وما ذكرناه من الاحتمال الراجع إلى عدم جواز بيعه في شرح المسألة المتقدّمة فإنّما هو في صورة عدم الامتناع ، وأمّا معه فالظاهر جواز إتلافه مطلقاً ، ومنه يظهر الفرق بين المسألتين في الضمان وعدمه ، وفي ثبوت الكفّارة وعدمها ، فتدبّر .
ولو مات الناذر قبل أن يفي بالنذر يخرج من أصل تركته مع القبول وعدم الامتناع ، وكذا كلّ نذر تعلّق بالمال كسائر الواجبات الماليّة التي تخرج من الأصل مع اشتراكها في عدم الخروج عن الملكيّة ، بناءً على عدم الإشاعة وإن كان على