(الصفحة 130)
(الصفحة 131)كتاب
الوصية
(الصفحة 132)
(الصفحة 133)
كتاب الوصيّة
وهي : إمّا تمليكيّة; كأن يوصي بشيء من تركته لزيد ، ويلحق بها الإيصاء بالتسليط على حقّ ، وإمّا عهديّة; كأن يوصي بما يتعلّق بتجهيزه أو باستئجار الحجّ أو الصلاة أو نحوهما له ، وإمّا فكّية تتعلّق بفكّ ملك; كالإيصاء بالتحرير1 .
1 ـ قد استعملت هذه اللفظة بعنوانها في الآيات والروايات الكثيرة ، سيّما في الآيات الواردة في الإرث المذيّلة بقوله تعالى :
{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّة يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْن}(1) وقد ذكرنا في التعليقة على العروة الظاهرة في احتمال كونها مصدراً ما يرجع إلى أنّه لم يذكر الوصية مصدراً للثلاثي ، بل المصدر له هو الوَصْي ـ بفتح الواو وسكون الصاد ـ فيتعيّن أن يكون اسم مصدر من الرباعي ، ويبقى حينئذ اختلاف الثلاثي والرباعي في المعنى ، حيث إنّ الأوّل بمعنى الوصل ، والثاني بمعنى العهد .
ودعوى أنّهما مادّتان متبائنتان ليس بينهما أيّ نوع من الاشتقاق كما في بعض الشروح(2) ، مندفعة بما ذكره الزمخشري في أساس البلاغة من قوله : واصَى البلدُ ،
- (1) سورة النساء : 4 / 11، وفي الآية 12: يوصَى .
- (2) مستمسك العروة : 14 / 534 .
(الصفحة 134)
البلدَ : واصله(1) ، فإنّها ظاهرة في مجيء الرباعي أيضاً بمعنى الوصل ، فلا محيص من أن يقال : إنّ العهد أيضاً نوع من الوصل ; لتقوّمه بالطرفين وتحقّق اتّصال في البين(2) .
وهي على ثلاثة أقسام :
الأوّل : الوصيّة التمليكيّة ، كأن يوصي بشيء من تركته لشخص خاصّ كزيد أو عمرو مثلاً ، ومعنى كونها تمليكيّة صيرورة الشخص الموصى له مالكاً لذلك الشيء بنفس هذه الوصيّة ، غاية الأمر بعد موت الموصي ، لا أنّه يوصي بتمليكه وجعله بعد الموت ملكاً له ، كما لا يخفى .
وفي المتن : «ويلحق بها الإيصاء بالتسليط على حقّ» بالمعنى الذي ذكرنا في الوصيّة التمليكيّة ، لا الوصيّة بالتسليط التي يجري فيها احتمال المخالفة ، وتوقّف ثبوت الحقّ على تسليط الورثة ، مع أنّ الظاهر تحقّقه بمجرّد موت الموصي .
الثاني : الوصيّة العهديّة ، التي مرجعها إلى أن يعهد الموصي أمراً ممّا يتعلّق بتجهيزه أو الدفن في مكان خاصّ ، أو باستئجار الحجّ ، أو الصلاة والصوم ونحوها له ، ولعلّ هذا القسم هو الغالب من أقسام الوصيّة . نعم ، قد ذكرنا هناك(3) أنّه إن كان المراد بالعهد هو العهد المتعلّق بخصوص العمل ـ سواء كان راجعاً إلى الغير أو إلى نفسه ـ فجعل الوصية الراجعة إلى التسليط على الحقّ ، أو فكّ الملك من أقسام الوصيّة العهديّة ـ كما في العروة ـ غير ظاهر ، وإن كان المراد به هو العهد بالمعنى الأعمّ ممّايتعلّق بالعمل; وهوالذي يعبّرعنه في الفارسيّة بـ «سفارش» فجعل التمليكيّة
- (1) أساس البلاغة : 501 .
- (2) الحواشي على العروة الوثقى : 2 / 761 كتاب الوصيّة، فصل
- (3) أي في الحاشية على العروة الوثقى .