(الصفحة 211)كتاب
الايمان والنذور
(الصفحة 212)
(الصفحة 213)
كتاب
الأيمان والنذور
القول في اليمين
ويطلق عليها الحلف والقسم ، وهي ثلاثة أقسام :الأوّل:
 مايقع تأكيداًوتحقيقاً للإخبار بوقوع شيء ماضياً أوحالاأو استقبالاً.الثاني:
 يمين المناشدة ـ وهي ما يُقرن به الطلب والسؤال ـ يقصد بها حثّ المسؤول على إنجاح المقصود ، كقول السائل : «أسألك بالله أن تفعل كذا» .الثالث:
 يمين العقد ، وهي ما يقع تأكيداً وتحقيقاً لما بنى عليه والتزم به من إيقاع أمر أو تركه في الآتي ، كقوله : «والله لأصومنّ» أو « . . . لأتركنّ شرب الدخّان» مثلاً . لا إشكال في أنّه لا ينعقد القسم الأوّل ، ولا يترتّب عليه شيء سوى الإثم فيما كان كاذباً في إخباره عن عمد . وكذا لا ينعقد القسم الثاني ، ولا يترتّب عليه شيء من إثم أو كفّارة ; لا على الحالف في إحلافه ، ولا على المحلوف عليه في حنثه وعدم إنجاح مسؤوله . وأمّا القسم الثالث ، فهو الذي ينعقد عند اجتماع الشرائط الآتية ، ويجب برّه والوفاء به ، ويحرم حنثه ، ويترتّب على حنثه الكفّارة1 .
1 ـ قال الله تعالى في كفّارة اليمين : 
{ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}(1) وهل المراد 
- (1)  سورة المائدة : 5 / 89 .
بالقيد الاحترازي ، فتدلّ الآية على مغايرة اليمين والحلف ولو بالعموم والخصوص المطلق ، أو أنّ المراد بالقيد التوضيحي وذكره كالعطف التفسيري ، ولعلّ وجهه عدم كون اليمين فعلاً ، بل إنّما هي اسم بخلاف الحلف الذي يكون مصدراً ، والظاهر هو الثاني .
وكيف كان ، فوجه التسمية في القسم الأوّل واضح ، وأمّا القسم الثاني ، فقد وقع التعبير عنه بالمناشدة في قول الحسين (عليه السلام) مخاطباً للعدوّ المحارب : أنشدكم الله كذا وكذا(1) ، وأمّا القسم الثالث ، فوجه التسمية بيمين العقد فيه أنّه القسم على تحقّق العهد على الفعل أو الترك ، كالمثالين المذكورين في المتن .
لا شبهة في أنّه لا ينعقد القسم الأوّل ، بل لا معنى لانعقاده ، ولا يترتّب عليه شيء سوى الإثم لو كان كاذباً في إخباره ، ولو كان الإخبار بالإضافة إلى الحال والاستقبال وكان متعلّق الحلف أمراً في اختياره ، فإنّه لا يجب عليه إيجاد ذلك الأمر تحقيقاً لليمين الواقعة وإن كان هذا الفرض يرجع إلى القسم الثالث كما لا يخفى ، وهذا القسم هي يمين العقد للتأكيد على تحقيق ما التزم به وتعهّد عليه من فعل أو ترك ، وهذا هو المبحوث عنه في كتاب اليمين وينعقد عند اجتماع الشرائط الآتية ، ويجب شرعاً العمل على طبقه ويترتّب على حنثه الكفّارة المذكورة في القرآن(2) .
لكنّ الجمع بين وجوب البرّ وحرمة الحنث كما في المتن ممّا ليس ينبغي ، ضرورة أنّه ليس هناك حكمان شرعيّان بحيث إذا لم يعمل على طبق النذر تتحقّق منه مخالفتان للحكم التكليفي الذي هو الوجوب والحرمة ، وهذا نظير ما ذكرناه في علم 
- (1)  الأمالي للشيخ الصدوق : 222 ـ 223 قطعة من ح239 ، وعنه بحار الأنوار : 4 / 318ـ 319 قطعة من ح1 .
- (2)  سورة المائدة : 5 / 89 .
مسألة : لا تنعقد اليمين إلاّ باللفظ أو ما يقوم مقامه كإشارة الأخرس ، ولا تنعقد بالكتابة على الأقوى ، والظاهر أنّه لا يعتبر فيها العربيّة خصوصاً في متعلّقاتها1 .
مسألة : لا تنعقد اليمين إلاّ إذا كان المقسم به هو الله جلّ شأنه ، إمّا بذكر اسمه العلميّ المختصّ به كلفظ الجلالة ، ويلحق به ما لا يطلق على غيره ، كالرحمان ، أو بذكر الأوصاف والأفعال المختصّة به التي لا يشاركه فيها غيره ، 
الاُصول من أنّ ما اشتهر من ثبوت حرمة الترك في مورد وجوب شيء وثبوت الوجوب في مورد حرمة شيء ليس بتمام ; لأنّ من خالف التكليف الوجوبي ولم يأت بالواجب لم يخالف إلاّ تكليفاً واحداً ، ومن خالف التكليف التحريمي فكذلك ، إلاّ مع إيجاد المنهيّ عنه مكرّراً ، والثابت في المقام هو وجوب الوفاء باليمين كالنذر ، ويؤيّده عدم تعدّد الكفّارة بوجه .
1 ـ أمّا انعقادها باللفظ أو ما يقوم مقامه كإشارة الأخرس غير القادر على التلفّظ بوجه فمّما لا شبهة فيه ; لأنّه ليس شيء أظهر منه في الدلالة على اليمين . وأمّا عدم الانعقاد بالكتابة فلعدم الدليل عليه ، وليست اليمين كالوصيّة التي يتعارف فيها الكتابة ، وقد عرفت أنّ  في بعض الروايات دلالة عليه في الوصيّة(1) ، ومنها ما يدلّ على استحباب أن تكون وصيّة الرجل تحت رأسه عند المنام(2) .
واستظهر في المتن عدم اعتبار العربيّة في متعلّقاتها ، خصوصاً مع ملاحظة أنّ غير العارف باللغة العربية لا يقدر على ذلك ، كالعارف باللغة الفارسيّة فقط .