(الصفحة 247)مسألة : لو نذر صوم كلّ خميس مثلاً فصادف بعضها أحد العيدين أو أحد العوارض المبيحة للإفطار; من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر ، أفطر ويجب عليه القضاء على الأقوى في غير العيدين والسفر ، وعلى الأحوط
يمكن انعقاده بالإضافة إليهما ، وكذا يفطر في الأيّام التي عرض فيها ما لا يجوز معه الصيام من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر ; لجواز الإفطار ، بل حرمة الصيام مع أحد هذه الاُمور في شهر رمضان ، لكن الدليل على القضاء هنا هو كونه مقتضى القاعدة في جميع الموارد .
إلاّ أن يقال بأنّ مقتضى ما ذكر في العيدين من عدم وجوب القضاء عدم الوجوب بالنسبة إلى الحيض والنفاس اللذين يعلم باتّفاقهما نوعاً . نعم ، بالإضافة إلى السفر والمرض اللذين يمكن عدم اتّفاقهما بالمرّة ينعقد النذر بالنسبة إليهما ، فيجب القضاء ، فالظاهر وجوب القضاء مطلقاً .
هذا ، مضافاً إلى دلالة بعض الروايات عليه ، مثل : موثّقة إسحاق بن عمّار ، عن عبدالله بن ميمون ، عن عبدالله بن جندب قال : سأل عبّاد بن ميمون وأنا حاضر عن رجل جعل على نفسه نذراً صوماً وأراد الخروج إلى مكّة ، فقال عبدالله بن جندب : سمعت من رواه عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه سئل عن رجل جعل على نفسه نذراً صوماً ، فحضرته نيّة في زيارة أبي عبدالله (عليه السلام)؟ قال : يخرج ولا يصوم في الطريق ، فإذا رجع قضى ذلك(1) . وبعض الروايات الاُخر .
وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في وجوب القضاء .
- (1) الكافي : 7 / 457 ح16 ، تهذيب الأحكام : 8 / 306 ح1139 ، وعنهما الوسائل : 23/313 ، كتاب النذر والعهد ب13 ح1 .
(الصفحة 248)فيهما وإن لا يخلو من قوّة بالنسبة إلى العيدين1 .
مسألة : لونذر صوم يوم معيّن فأفطره عمداً يجب قضاؤه مع الكفّارة2 .
1 ـ لو نذر صوم يوم كلّ خميس مثلاً فصادف بعضها أحد العيدين ، أو أحد العوارض التي لا يجوز معه الصيام ـ كالمرض ، والحيض ، والنفاس ، والسفر ـ يجب عليه الإفطار في الجميع ، وفصّل في المتن بين الاُمور المذكورة ، فحكم بوجوب القضاء في غير العيدين والسفر على الأقوى ، وعلى الأحوط فيهما وإن نفى الخلوّ عن القوّة بالإضافة إلى العيدين .
والظاهر أنّ الوجه في الوجوب في موارده هو ما عرفت من كونه مقتضى القاعدة الدالّة على وجوب قضاء ما فات من الصلاة والصيام ، والوجه في الاحتياط في السفر هو مثل الرواية المتقدّمة . غاية الأمر أنّ ضعفها بالإرسال ، وغيره مانع عن الفتوى على طبقها ، وأمّا نفي الخلوّ عن القوّة في العيدين فلأجل عدم إمكان الالتزام بالانحلال واستثنائهما عن متعلّق النذر ; لأنّ المنذور هو الصوم كلّ خميس ، فمع المصادفة مع أحد العيدين وإن كان لا يجوز الصيام فيه ، إلاّ أنّه لا وجه لعدم وجوب القضاء كما عرفت .
2 ـ لو نذر صوم يوم معيّن فأفطره عمداً يجب فيه القضاء والكفّارة ، كالإفطار في شهر رمضان مع وجوب الصوم عليه فيه . غاية الأمر أنّ الكفّارة هنا كفّارة الحنث، وهناك كفّارة الإفطار في شهر رمضان عامداً ، وإن كان لا فرق بين الكفّارتين من حيث المقدار ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى(1) .
(الصفحة 249)مسألة : لو نذر صوم يوم معيّن جاز له السفر وإن كان غير ضروريّ ، ويفطر ثمّ يقضيه ولا كفّارة عليه1 .
مسألة : لو نذر زيارة أحد الأئمّة (عليهم السلام) أو بعض الصالحين لزم ، ويكفي الحضور والسلام على المزور ، والظاهر عدم وجوب غسل الزيارة وصلاتها مع عدم ذكرهما فيه ، وإن عيّن إماماً لم يجزئ غيره وإن كانت زيارته أفضل ، كما أنّه لو عجز عن زيارة من عيّنه لم يجب زيارة غيره بدلاً عنه ، وإن عيّن للزيارة زماناً تعيّن ، فلو تركها في وقتها عامداً حنث وتجب الكفّارة ، والأقوى عدم وجوب القضاء2 .
1 ـ كما أنّه يجوز له السفر في شهر رمضان وإن كان الصوم واجباً عليه فيه ، كذلك يجوز له السفر في يوم نذر صومه بنحو التعيّن وإن كان السفر غير ضروري في المقامين ، وكذا يكون مثل السفر في رمضان في وجوب القضاء وعدم ثبوت الكفّارة عليه ، ويحتمل الفرق بين ما إذا كان السفر ضروريّاً ، فلا تجب فيه الكفّارة ، وبين ما إذا لم يكن كذلك ، فتجب ، إلاّ أنّ عدم وجوب الكفّارة في شهر رمضان في كلتا الصورتين دليل على عدم الوجوب هنا أيضاً ، كما لا يخفى .
2 ـ لو نذر زيارة قبر أحد الأئمّة (عليهم السلام) أو بعض الصالحين من العلماء والعبّاد لزم ، ويكفي الحضور والسلام على المزور ولو مرّة ، بل لايبعد الاكتفاء بمجرّد الحضور كذلك ، خصوصاً في غير الأئمّة (عليهم السلام) ، والظاهر عدم وجوب غسل الزيارة وصلاتها مع كون متعلّق النذر مجرّد الزيارة ولم يذكرا فيه ، وإن عيّن إماماً مخصوصاً لم يكف في الوفاء بالنذر زيارة غيره وإن كانت أفضل ، كما أنّه لا يجب التبديل في صورة العجز عن زيارة من نذر زيارته ، ولو عيّن زماناً مخصوصاً تعيّن ، فلو تركها فيه
(الصفحة 250)مسألة : لو نذر أن يحجّ أو يزور الحسين (عليه السلام) ماشياً ، انعقد مع القدرة وعدم الضرر ، فلو حجّ أو زار راكباً مع القدرة على المشي ، فإن كان النذر مطلقاً ولم يعيّن الوقت أعاد ماشياً ، وإن عيّن وقتاً وفات عمداً حنث وعليه الكفّارة ، والأقوى عدم وجوب القضاء ، وكذلك الحال لو ركب في بعض الطريق ومشى في بعضه1 .
عامداً يتحقّق الحنث ووجوب الكفّارة ، وقوّى في المتن عدم وجوب القضاء ، والظاهر أنّ وجهه عدم معهوديّة القضاء في مثل هذه الاُمور ، بل غاية الأمر وجوب الوفاء بالنذر فيها أيضاً .
1 ـ لو نذر أن يحجّ ماشياً أو يزور الحسين (عليه السلام) كذلك ، فالمعتبر في الانعقاد القدرة ـ وهو واضح ـ وعدم الضرر ، والظاهر أنّ المراد بالضرر هو الحرج الذي يكون مقتضى قاعدة نفيه عدم مجعوليّة الحكم الشرعي معه مطلقاً ولو كان حكماً وضعيّاً ، وعدم المجعولية إنّما هو على سبيل العزيمة لا الرخصة كما حقّقناه في البحث عن القاعدة . وأمّا الضرر ، فقد ذكرنا مراراً تبعاً للاستاد المحقّق الماتن (قدس سره) أنّ قاعدة نفي الضرر لا تكون قاعدة فقهيّة واقعة في مقابل أدلّة الأحكام بالعناوين الأوّلية كما هو المعروف ، بل حكم حكومي صادر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) من مقام حكومته وإمارته .
نعم ، قد يلحظ الضرر بالإضافة إلى بعض الأحكام ، كاشتراء ماء الوضوء مع كونه ضروريّاً على ما قرّر في بحث الوضوء ، لكن الظاهر أنّ المراد به هو الحرج لا الضرر في مثل باب الوضوء .
وكيف كان ، فمع انعقاد النذر المذكور لو حجّ أو زار راكباً ، فإن كان النذر مطلقاً ولم يعيّن الوقت تجب عليه الإعادة ماشياً وفاءً بالنذر ، وإن عيّن وقتاً ولم يف بالنذر
(الصفحة 251)مسألة : ليس لمن نذر الحجّ أو الزيارة ماشياً أن يركب البحر ، أو يسلك طريقاً يحتاج إلى ركوب السفينة ونحوها ، ولو لأجل العبور من الشطّ ونحوه . ولو انحصر الطريق في البحر ، فإن كان كذلك من أوّل الأمر لم ينعقد ، إلاّ إذا كان مراده فيما يمكن المشي ، فيجب في سائر الطريق . وإن طرأ ذلك بعد النذر ، فإن كان مطلقاً وتوقّع المكنة من طريق البرّ والمشي منه فيما بعد انتظر ، وإن كان معنيّاً وطرأ ذلك في الوقت ، أو مطلقاً ولم يتمكّن مطلقاً ، سقط عنه ولا شيء عليه1 .
عمداً تحقّق الحنث ووجوب كفّارته ، وقد قوّى في المتن عدم وجوب القضاء ; لأنّ المنذور هو الحجّ ماشياً في الوقت المعيّن ، والمفروض أنّه مع فوته لا يكاد تحقّق القدرة عليه ثانياً ، ولا دليل على وجوب القضاء في مثل الحجّ . غاية الأمر لزوم الإعادة في موارد الإفساد بعنوان الجزاء والعقوبة لا القضاء ، وقد ذكر في الذيل . وكذلك الحال لو ركب في بعض الطريق ومشى في بعضه .
1 ـ لا يجوز لمن نذر الحجّ أو الزيارة ماشياً أن يركب البحر أو يسلك طريقاً يحتاج إلى ركوب السفينة ونحوها كالعبور من الشطّ . ولو انحصر الطريق في البحر ، فإن كان كذلك من أوّل الأمر لم ينعقد النذر مطلقاً ، سواء كان عالماً بذلك أو جاهلاً ، إلاّ إذا كان مراده المشي في بعض الطريق الذي يمكن المشي فيه . وإن طرأ الانحصار بعد تحقّق النذر في حال العدم ، فإن كان النذر مطلقاً وتوقّع المكنة من طريق البرّ والمشي معه يجب عليه الانتظار إلى وقتها ، وإن كان معيّناً وطرأ ذلك في الوقت أو مطلقاً ولم يتحقّق التمكّن ولم يتوقّع أصلاً ، سقط عنه لزوم المشي ولا كفّارة عليه بعد عدم إمكان تحقّق المنذور ، كما هو ظاهر .