(الصفحة 265)
بالعهد(1) ، معلّلاً في بعضها بأنّ العهد كان مسؤولاً(2) ـ الروايات الكثيرة الدالّة على وجوب الكفّارة بمخالفة العهد(3) الظاهرة في وجوب الوفاء بالعهد كالنذر واليمين .
وكيف كان ، فالظاهر عدم انعقاد العهد بمجرّد النيّة التي هي أمر نفساني ، بل يحتاج إلى الصيغة ; لكونه من الاُمور الإنشائية كالنذر واليمين ، وكما أنّ النذر قد يكون مطلقاً وقد يكون معلّقاً على شرط ، كذلك العهد على قسمين : المطلق والمعلّق ، غاية الأمر أنّه يعتبر في المعلّق عليه ما اعتبر فيه في النذر المشروط; من أنّه قد يكون من فعل الشخص ، وقد يكون من فعل غيره ، وقد يكون من فعل الله تعالى .
وأمّا ما عاهد عليه فالعهد بالإضافة إليه إنّما يكون مثل اليمين; في أنّه يعتبر فيه أن لا يكون مرجوحاً ديناً أو دنياً . نعم ، لا يعتبر فيه الرجحان فضلاً عن كونه طاعة ، فلو عاهد على فعل مباح لزم بشرط أن لا يكون تركه أرجح ، كما أنّه لو عاهد على ترك مباح لزم إذا لم يكن فعله أرجح ولو من جهة الدُّنيا .
وبالجملة : لا دليل على اعتبار الرجحان الشرعي فيما عاهد عليه ، بل اللازم عدم المرجوحيّة فيه فعلاً أو تركاً ولو من جهة الدُّنيا ; لأنّه لا مجال لوجوب الوفاء بالعهد الذي كان تركه أرجح ، ولو لم يكن كذلك حين العهد ثمّ طرأ عليه المرجوحيّة ينحلّ العهد ولا يبقى بحاله كما عرفت فيما تقدّم .
- (1) سورة البقرة : 2 / 40 ، سورة الأنعام : 6 / 152، سورة النحل : 16 / 91 .
- (2) سورة الإسراء : 17 / 34 .
- (3) تهذيب الأحكام : 309 ح1148 وص315 ح1170 ، الاستبصار : 4 / 54 ح187 وص55 ح189 ، نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : 173 ح454 ، وعنها الوسائل : 22 / 395 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ب24 ح1 و2 ، وج23/326ـ 327 ، كتاب النذر والعهد ب25 ح1 ، 2 و 4 ، وفي البحار : 104 / 244 ح161 .
(الصفحة 266)مسألة : مخالفة العهد بعد انعقاده توجب الكفّارة ، والأظهر أنّ كفّارتها كفّارة من أفطر يوماً من شهر رمضان1 .
1 ـ البحث في كفّارة مخالفة العهد إنّما هو كالبحث في كفّارة مخالفة النذر ، وستأتي كلتاهما في كتاب الكفّارات إن شاء الله تعالى ، هذا تمام الكلام في كتب الأيمان والنذور والعهود .
(الصفحة 267)
كتاب
الكفارات
(الصفحة 268)
(الصفحة 269)
كتاب الكفّارات
القول في أقسامها
وهي على أربعة أقسام : مرتّبة ، ومخيّرة ، وما اجتمع فيه الأمران ، وكفّارة الجمع .
أمّا المرتّبة; فهي ثلاث : كفّارة الظهار ، وكفّارة قتل الخطأ ، يجب فيهما العتق ، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين ، فإن عجز فإطعام ستّين مسكيناً ، وكفّارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، وهي إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز فصيام ثلاثة أيّام ، والأحوط كونها متتابعات .
وأمّا المخيّرة; فهي كفّارة من أفطر في شهر رمضان بأحد الأسباب الموجبة لها ، وكفّارة حنث النذر ، وكفّارة حنث العهد ، وكفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب ; وهي العتق ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو إطعام ستّين مسكيناً ، مخيّراً بينها على الأظهر .
وما اجتمع فيه الأمران : كفّارة حنث اليمين ، وكفّارة نتف المرأة شعرها وخدش وجهها في المصاب ، وشقّ الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته ، فيجب في جميع ذلك عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم مخيّراً …