(الصفحة 300)مسألة : يعتبر في الكسوة في الكفّارة أن يكون ما يعدّ لباساً عرفاً ; من غير فرق بين الجديد وغيره ما لم يكن منخرقاً ، أو منسحقاً وبالياً بحيث ينخرق بالاستعمال، فلا يكتفى بالعمامة والقلنسوة والحزام والخفّ والجورب ، والأحوط عدم الاكتفاء بثوب واحد ، خصوصاً بمثل السراويل أو القميص القصير ، فلا يكون أقلّ من قميص مع سراويل وإن كان الأقوى جواز الاكتفاء به ، والأحوط أن يكون ممّا يواري عورته . ويعتبر فيها العدد كالإطعام ، فلو كرّر على واحد ـ بأن كساه عشر مرّات ـ لم تحسب إلاّ واحدة ، ولا فرق في المكسوّ بين الصغير والكبير ، والذكر والاُنثى .
نعم ، في الاكتفاء بكسوة الصغير في أوائل عمره ـ كابن شهر أو شهرين ـ إشكال ، فلا يترك الاحتياط . والظاهر اعتبار كونه مخيطاً فيما كان المتعارف فيه المخيطيّة دون ما لا يحتاج إلى الخياطة ، فلو سلّم إليه الثوب غير مخيط في الفرض لم يجزئ . نعم ، الظاهر أنّه لا بأس بأن يدفع اُجرة الخياطة معه ليخيطه ويلبسه ، ولا يجزئ إعطاء لباس الرجال للنساء وبالعكس ، ولا إعطاء لباس الصغير للكبير ، ولا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتّان أو غيرها ، وفي الاجتزاء بالحرير المحض للرجال إشكال ، إلاّ إذا جاز لهم اللبس لضرورة أو غيرها ، ولو تعذّر تمام العدد كسا الموجود وانتظر الباقي . والأحوط
ثمّ إنّ في جواز إعطاء غير الهاشمي الكفّارة إلى الهاشميّ قولان ، نفى خلوّ الجواز عن الرجحان ، والظاهر أنّ منشأه أنّه لا دليل على عدم الجواز ، ولا يجوز القياس بباب الزكاة ; لأنّه قياس محض . نعم ، لا ينبغي الإشكال في أنّ الأحوط الاقتصار على موضع الضرورة .
(الصفحة 301)التكرار على الموجود ، فإذا وجد الباقي كساه1 .
1 ـ يعتبر في الكسوة في الكفّارة أن يكون ممّا يعدّ لباساً عرفاً ، وليس المراد باللباس معناه الأعمّ الصادق على مثل لبس العمامة والقلنسوة ، بل على مثل الخاتم الذي يستعمل فيه اللبس في لغة العرب ، فيقال : لبس الخاتم ـ فضلاً عن مثل العمامة والجورب ممّا يعدّ لباساً ويستعمل فيه كلمة اللبس ، فيقال : لبس العمّامة والجورب ـ بل على النعل أيضاً ، بل المراد به معناه الخاصّ العرفي ، من دون فرق بين الجديد وغيره ما لم يكن منخرقاً ، أو منسحقاً بحيث ينخرق بالاستعمال لكثرته أو لجهة اُخرى ، هذا بالنظر إلى الكيفيّة .
وأمّا بالنظر إلى الكمّية ، فاحتاط استحباباً عدم الاكتفاء بثوب واحد ، خصوصاً بمثل السراويل ، سيّما إذا كان قصيراً ، أو القميص القصير المتداول بين الأعاجم ، فلا يكون أقلّ من قميص مع سراويل وإن قوّى جواز الاكتفاء به ، لكنّه احتاط أن يكون ممّا يواري عورته ، وقد وردت في هذا الباب طائفة من الروايات :
منها : صحيحة محمّد بن قيس قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) في حديث : كفّارة اليمين ـ إلى أن قال : ـ قلنا : فمن وجد الكسوة؟ قال : ثوب يواري عورته(1) . والظاهر أنّ المراد العورتان ، لا العورة الواحدة .
وفي رواية معمر بن عمر (عثمان خ ل) قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عمّن وجب عليه الكسوة في كفّارة اليمين؟ قال: هو ثوب يواري به عورته(2) ،ومثلهما روايات اُخرى
- (1) تقدّمت في ص290 .
- (2) الكافي : 7 / 453 ح6 ، نوادر ابن عيسى : 61 ح123 ، تهذيب الأحكام : 8 / 295 ح1094 ، الاستبصار : 4/51 ح177، وعنها الوسائل: 22/384، كتاب الإيلاء والكفّارات، أبواب الكفّارات ب15 ح1، وفي البحار : 104/ 243 ح153 ومستدرك الوسائل : 15 / 420 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب12 ح3 .
(الصفحة 302)
في إسناد بعضها ضعف بالإرسال(1) ، هذا بالإضافة إلى أصل الكسوة من جهة الكيفيّة والكمّية .
وأمّا بالنظر إلى العدد ، فيعتبر فيه ما يعتبر في الإطعام من عشرة أفراد ، فلو كرّر علىواحد ـ بأن كساه عشرمرّات ـ لم تحسب إلاّ واحدة.نعم، قدعرفت(2)في الإطعام أنّه مع تعذّر العددمطلقاً في البلد وغيره يكفي الإطعام مرّات تبلغ العددالمعتبر، واللازم هنا أيضاً ذلك مقيّداً بصورة التعذّر ، كما في الرواية الدالّة على هذا الأمر ممّا مرّ(3) .
وأمّا بالنظر إلى المكسوّ ، فلا فرق بين الصغير والكبير ، والذكر والاُنثى . نعم ، لو كان الصغير في أوائل ولادته; مثل من مضى من عمره شهر أو شهران أو مثلهما يشكل الاكتفاء بكسوته ، لانسياق غيره من الآية(4) والأدلّة الاُخرى ، فلا يترك الاحتياط كما في المتن .
ثمّ إنّ اللباس قد يكون المتعارف فيه المخيطيّة ، وقد لا يكون المتعارف فيه ذلك ، ففي الأوّل لابدّ من تسليم الثوب إليه مع هذا الوصف ، وإن سلّمه بدونه ـ كما لعلّه الأحسن; لاختلاف الأشخاص من هذه الجهة طولاً وقصراً ، سميناً أو غيره ـ فلابدّ من دفع اُجرة الخياطة معه ليخيطه ويلبسه على نحو لباس شخصه المتعارف .
ثمّ إنّه لا يجزئ إعطاء لباس الرجال للنساء وبالعكس ، والمراد هي الألبسة المختصّة بهما عرفاً ، لا الألبسة المشتركة ; لأنّ المتبادر هو اللباس المناسب للمكسوّ ، لا لباس آخر . نعم ، لا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتّان أو غيرها
- (1) وسائل الشيعة : 22 / 385 كتاب الإيلاء والكفّارات، أبواب الكفّارات، ب15 ح3 و 4، ومستدرك الوسائل : 15 / 419ـ 420 ب12 ح1 ، 4 و5 .
- (2، 3) في ص296 ـ 297.
- (4) أي الآية 89 من سورة المائدة .
(الصفحة 303)مسألة : لا تجزئ القيمة في الكفّارة لا في الإطعام ولا في الكسوة ، بل لابدّ في الإطعام من بذل الطعام إشباعاً أو تمليكاً ، وكذا في الكسوة لابدّ من إعطائها . نعم ، لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحقّ إذا كان ثقة ، ويوكّله في أن يشتري بها طعاماً فيأكله أو يتملّكه ، أو كسوة ليلبسها1 .
مسألة : إذا وجبت عليه كفّارة مخيّرة لم يجزئ أن يكفّر بجنسين ; بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين في كفّارة شهر رمضان مثلاً ، أو يطعم خمسة ويكسو خمسة مثلاً في كفّارة اليمين . نعم ، لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد منها ، كما لو أطعم بعض العدد طعاماً خاصّاً ، وبعضه غيره ، أو كسا بعضهم ثوباً من جنس وبعضهم من آخر ، بل يجوز في الإطعام أن يشبع بعضاً
من الموادّ . نعم ، استشكل في الإجزاء بالحرير المحض للرجال ; لأنّه حرام عليهم ، والمتبادر اللباس غير المحرّم ، إلاّ في صورة الجواز لمثل الضرورة .
ثمّ إنّه لو تعذّر العدد التامّ كسا الموجود وانتظر الباقي ، ومقتضى الاحتياط التكرار على الموجود ، فإذا وجد الباقي كساه ، لكن عرفت أنّ المستفاد من رواية الإطعام الواردة في هذا المجال غير ذلك ، إلاّ أن يقال بالفرق بين الإطعام وبين الكسوة ، وهو غير ظاهر .
1 ـ عدم إجزاء القيمة في الكفّارة لا في الإطعام ولا في الكسوة إنّما هو لأجل عدم كون القيمة عبارة عن الكفّارة ; لعدم كونها إطعاماً ولا كسوة ، بل قيمة كلّ واحد ، فلابدّ في الإطعام من بذل الطعام إشباعاً أو تمليكاً ، وفي الكسوة من بذل نفسها . نعم ، إذا كان المستحقّ ثقة مأموناً لا مانع من أن يوكّله من عليه الكفّارة في أن يشتري بها طعاماً ثمّ يأكل الطعام أو يتملّكه ، وكذا في الكسوة ليلبسها .
(الصفحة 304)ويسلّم إلى بعض كما مرّ1 .
مسألة : لا بدل للعتق في الكفّارة ; مخيّرة كانت أو مرتّبة ، أو كفّارة الجمع ، فيسقط بالتعذّر . وأمّا صيام شهرين متتابعين والإطعام لو تعذّرا ، ففي كفّارة شهر رمضان مع تعذّر جميع الخصال يتصدّق بما يطيق ، ومع عدم التمكّن يستغفر الله ، ويكفي مرّة ، والأحوط في هذه الصورة التكفير إن تمكّن بعد
1 ـ إذا وجبت عليه كفّارة مخيّرة لم يجزئ أن يكفّر بجنسين ; بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين في كفّارة شهر رمضان مثلاً ، أو المثال الآخر المذكور في المتن ; لأنّ التكفير بجنسين يوجب عدم تحقّق شيء من العنوانين الواجبين بنحو الواجب التخييري ، فإنّه في المثال الذي ذكرنا لا يصدق عنوان شهرين متتابعين ، ولا عنوان إطعام ستّين مسكيناً ، وكذا في المثال الآخر الذي هي كفّارة اليمين لا يصدق عنوان إطعام عشرة مساكين ، ولا عنوان كسوتهم ، وهما المأمور بهما في الآية الشريفة(1) بنحو التخيير . نعم ، لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد من الكفّارة ، كما لو أطعم بعض المساكين طعاماً والبعض الآخر غير ذلك الطعام ، أو كسا بعضهم ثوباً من جنس والبعض الآخر من الجنس الآخر ، بل حيث إنّك عرفت(2) أنّه إذا أراد الإطعام يكون مخيّراً بين الإشباع والتسليم ـ على ما تقدّم ـ يجوز له الاقتصار على إشباع البعض والتسليم إلى الآخر ، لعدم كون الإشباع والتسليم جنسين من الكفّارة الواجبة ولو على سبيل التخيير ، بل كلاهما من جنس واحد ، وهو الإطعام
- (1) أي في الآية 89 من سورة المائدة .
- (2) في ص290ـ 291 .