(الصفحة 302)
في إسناد بعضها ضعف بالإرسال(1) ، هذا بالإضافة إلى أصل الكسوة من جهة الكيفيّة والكمّية .
وأمّا بالنظر إلى العدد ، فيعتبر فيه ما يعتبر في الإطعام من عشرة أفراد ، فلو كرّر علىواحد ـ بأن كساه عشرمرّات ـ لم تحسب إلاّ واحدة.نعم، قدعرفت(2)في الإطعام أنّه مع تعذّر العددمطلقاً في البلد وغيره يكفي الإطعام مرّات تبلغ العددالمعتبر، واللازم هنا أيضاً ذلك مقيّداً بصورة التعذّر ، كما في الرواية الدالّة على هذا الأمر ممّا مرّ(3) .
وأمّا بالنظر إلى المكسوّ ، فلا فرق بين الصغير والكبير ، والذكر والاُنثى . نعم ، لو كان الصغير في أوائل ولادته; مثل من مضى من عمره شهر أو شهران أو مثلهما يشكل الاكتفاء بكسوته ، لانسياق غيره من الآية(4) والأدلّة الاُخرى ، فلا يترك الاحتياط كما في المتن .
ثمّ إنّ اللباس قد يكون المتعارف فيه المخيطيّة ، وقد لا يكون المتعارف فيه ذلك ، ففي الأوّل لابدّ من تسليم الثوب إليه مع هذا الوصف ، وإن سلّمه بدونه ـ كما لعلّه الأحسن; لاختلاف الأشخاص من هذه الجهة طولاً وقصراً ، سميناً أو غيره ـ فلابدّ من دفع اُجرة الخياطة معه ليخيطه ويلبسه على نحو لباس شخصه المتعارف .
ثمّ إنّه لا يجزئ إعطاء لباس الرجال للنساء وبالعكس ، والمراد هي الألبسة المختصّة بهما عرفاً ، لا الألبسة المشتركة ; لأنّ المتبادر هو اللباس المناسب للمكسوّ ، لا لباس آخر . نعم ، لا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتّان أو غيرها
- (1) وسائل الشيعة : 22 / 385 كتاب الإيلاء والكفّارات، أبواب الكفّارات، ب15 ح3 و 4، ومستدرك الوسائل : 15 / 419ـ 420 ب12 ح1 ، 4 و5 .
- (2، 3) في ص296 ـ 297.
- (4) أي الآية 89 من سورة المائدة .
(الصفحة 303)مسألة : لا تجزئ القيمة في الكفّارة لا في الإطعام ولا في الكسوة ، بل لابدّ في الإطعام من بذل الطعام إشباعاً أو تمليكاً ، وكذا في الكسوة لابدّ من إعطائها . نعم ، لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحقّ إذا كان ثقة ، ويوكّله في أن يشتري بها طعاماً فيأكله أو يتملّكه ، أو كسوة ليلبسها1 .
مسألة : إذا وجبت عليه كفّارة مخيّرة لم يجزئ أن يكفّر بجنسين ; بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين في كفّارة شهر رمضان مثلاً ، أو يطعم خمسة ويكسو خمسة مثلاً في كفّارة اليمين . نعم ، لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد منها ، كما لو أطعم بعض العدد طعاماً خاصّاً ، وبعضه غيره ، أو كسا بعضهم ثوباً من جنس وبعضهم من آخر ، بل يجوز في الإطعام أن يشبع بعضاً
من الموادّ . نعم ، استشكل في الإجزاء بالحرير المحض للرجال ; لأنّه حرام عليهم ، والمتبادر اللباس غير المحرّم ، إلاّ في صورة الجواز لمثل الضرورة .
ثمّ إنّه لو تعذّر العدد التامّ كسا الموجود وانتظر الباقي ، ومقتضى الاحتياط التكرار على الموجود ، فإذا وجد الباقي كساه ، لكن عرفت أنّ المستفاد من رواية الإطعام الواردة في هذا المجال غير ذلك ، إلاّ أن يقال بالفرق بين الإطعام وبين الكسوة ، وهو غير ظاهر .
1 ـ عدم إجزاء القيمة في الكفّارة لا في الإطعام ولا في الكسوة إنّما هو لأجل عدم كون القيمة عبارة عن الكفّارة ; لعدم كونها إطعاماً ولا كسوة ، بل قيمة كلّ واحد ، فلابدّ في الإطعام من بذل الطعام إشباعاً أو تمليكاً ، وفي الكسوة من بذل نفسها . نعم ، إذا كان المستحقّ ثقة مأموناً لا مانع من أن يوكّله من عليه الكفّارة في أن يشتري بها طعاماً ثمّ يأكل الطعام أو يتملّكه ، وكذا في الكسوة ليلبسها .
(الصفحة 304)ويسلّم إلى بعض كما مرّ1 .
مسألة : لا بدل للعتق في الكفّارة ; مخيّرة كانت أو مرتّبة ، أو كفّارة الجمع ، فيسقط بالتعذّر . وأمّا صيام شهرين متتابعين والإطعام لو تعذّرا ، ففي كفّارة شهر رمضان مع تعذّر جميع الخصال يتصدّق بما يطيق ، ومع عدم التمكّن يستغفر الله ، ويكفي مرّة ، والأحوط في هذه الصورة التكفير إن تمكّن بعد
1 ـ إذا وجبت عليه كفّارة مخيّرة لم يجزئ أن يكفّر بجنسين ; بأن يصوم شهراً ويطعم ثلاثين في كفّارة شهر رمضان مثلاً ، أو المثال الآخر المذكور في المتن ; لأنّ التكفير بجنسين يوجب عدم تحقّق شيء من العنوانين الواجبين بنحو الواجب التخييري ، فإنّه في المثال الذي ذكرنا لا يصدق عنوان شهرين متتابعين ، ولا عنوان إطعام ستّين مسكيناً ، وكذا في المثال الآخر الذي هي كفّارة اليمين لا يصدق عنوان إطعام عشرة مساكين ، ولا عنوان كسوتهم ، وهما المأمور بهما في الآية الشريفة(1) بنحو التخيير . نعم ، لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد من الكفّارة ، كما لو أطعم بعض المساكين طعاماً والبعض الآخر غير ذلك الطعام ، أو كسا بعضهم ثوباً من جنس والبعض الآخر من الجنس الآخر ، بل حيث إنّك عرفت(2) أنّه إذا أراد الإطعام يكون مخيّراً بين الإشباع والتسليم ـ على ما تقدّم ـ يجوز له الاقتصار على إشباع البعض والتسليم إلى الآخر ، لعدم كون الإشباع والتسليم جنسين من الكفّارة الواجبة ولو على سبيل التخيير ، بل كلاهما من جنس واحد ، وهو الإطعام
- (1) أي في الآية 89 من سورة المائدة .
- (2) في ص290ـ 291 .
(الصفحة 305)ذلك ، وفي غيرها مع تعذّرها صام ثمانية عشر يوماً على الأقوى في الظهار ; وعلى الأحوط في غيره ، والأحوط التتابع فيها ، وإن عجز عن ذلك أيضاً صام ما استطاع ، أو تصدّق بما وجد على الأحوط في شقّي التخيير ، ومع العجز عنهما بالمرّة استغفر الله تعالى ولو مرّة1 .
على ما عرفت تفصيل الكلام فيه(1) ، فراجع .
1 ـ قد عرفت في أوّل كتاب الكفّارات أنّه متعذّر نوعاً في هذه الأزمنة ، سيّما في بلادنا(2) ، فاعلم أنّ لازم التعذّر سقوط التكليف به ، ولم يجعل له بدل ، لا في الكفّارة المخيّرة ، ولا في الكفّارة المرتّبة ، ولا في كفّارة الجمع ، غاية الأمر أنّه في الاُولى يتعيّن عدله أو أحد عدليه ، وفي الكفّارة المرتّبة ينتقل إلى الرتبة المتأخّرة ، وفي الثالثة يسقط بالمرّة .
وأمّا التفصيل الذي ذكره بالإضافة إلى الصيام والإطعام لو تعذّرا ، فنقول : أمّا بالإضافة إلى الظهار فقد ورد فيه رواية أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل ظاهر من امرأته فلم يجد ما يعتق ، ولا ما يتصدّق ، ولا يقوى على الصيام؟ قال : يصوم ثمانية عشر يوماً لكلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام(3) .
وأمّا بالإضافة إلى مطلق الكفّارة ، فقد ورد فيه أيضاً رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : كلّ من عجز عن الكفّارة التي تجب عليه من صوم ، أو عتق ، أو
- (1) في ص290 ـ 291.
- (2) في ص277 .
- (3) تهذيب الأحكام : 8 / 23 ح74 ، وعنه الوسائل : 22 / 372 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب8 ح1 .
(الصفحة 306)
صدقة في يمين ، أو نذر ، أو قتل ، أو غير ذلك ممّا يجب على صاحبه فيه الكفّارة ، فالاستغفار له كفّارة ما خلا يمين الظهار، فإنّه إذا لم يجد مايكفّر به حرم (حرمتخل) عليه أن يجامعها ، وفرّق بينهما إلاّ أن ترضى المرأة أن يكون معها ولا يجامعها(1) .
وفي مرسلة داود بن فرقد ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال : إنّ الاستغفار توبة وكفّارة لكلّ من لم يجد السبيل إلى شيء من الكفّارة(2) .
وظاهر الإطلاق كفاية الاستغفار ولو مرّة واحدة ، وموردهما صورة العجز عن الكفّارة مطلقاً وعدم وجدان السبيل إلى شيء منها .
بقي هنا أمران :
أحدهما : الاحتياط الاستحبابي في كفّارة شهر رمضان مع تعذّر جميع الخصال والاستغفار مكانه ; بأن يكفّر بعد ذلك إذا تمكّن ، والوجه فيه ما هو المذكور في كتاب الصوم .
ثانيهما : أنّه يمكن إلغاء الخصوصيّة من الدليل الوارد في الظهار ، والحكم بأنّ الصيام ثمانية عشر يوماً لا يختصّ بكفّارة الظهار ، بل يجري في كلّ مورد يكون صيام ستّين ثابتاً ، فإنّه مع العجز عنه يصوم تلك المدّة المذكورة ، لكن الحكم مبنيّ على الاحتياط ; لعدم وضوح إلغاء الخصوصية . وأمّا التتابع الذي حكم باحتياطه بالنسبة إلى صوم المدّة المذكورة ، فمضافاً إلى كونه مقتضى الاحتياط بنفسه ، يمكن أن يقال بدلالة الرواية أيضاً على ذلك عرفاً ، كما هو غير خفيّ .
- (1) الكافي : 7 / 461 ح5 ، تهذيب الأحكام : 8 / 16 ح50 وص320 ح1189 ، الاستبصار : 4/56 ح195 ، وعنها الوسائل : 22 / 367 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب6 ح1 .
- (2) تهذيب الأحكام : 8 / 320 ح1188 ، وعنه الوسائل : 22 / 368 ، كتاب الإيلاء والكفّارات ، أبواب الكفّارات ب6 ح3 .