(الصفحة 394)وأمّا المكروهة ، فمنها : أن يسلخ جلده قبل خروج الروح ، وقيل بالحرمة وإن لم تحرم به الذبيحة ، وهو أحوط .
ومنها : أن يقلب السكّين ويدخلها تحت الحلقوم ويقطع إلى فوق .
ومنها : أن يذبح حيوان وحيوان آخر مجانس له ينظر إليه ، وأمّا غيره ففيها تأمّل ، وإن لا تخلو من وجه .
ومنها : أن يذبح ليلاً ، وبالنهار قبل الزوال يوم الجمعة إلاّ مع الضرورة .
ومنها : أن يذبح بيده ما ربّاه من النعم . وأمّا إبانة الرأس قبل خروج الروح منه فالأحوط تركها ، بل الحرمة لا تخلو من وجه . نعم ، لا تحرم الذبيحة بفعلها على الأقوى . هذا مع التعمّد . وأمّا مع الغفلة أو سبق السكِّين فلا حرمة ولا كراهة ـ لا في الأكل ولا في الإبانة ـ بلا إشكال ، والأحوط ترك أن تنخع الذبيحة بمعنى إصابة السكِّين إلى نخاعها وهو الخيط الأبيض وسط القفار الممتدّ من
التي لا يعلم مستندها تكون الدائرة أوسع ، ففي رواية حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله (عليه السلام)قوله : وإن كان شيء من الغنم فأمسك صوفه أو شعره ، ولا تمسكنّ يداً ولا رجلاً ، فأمّا البقرة فاعقلها وأطلق الذنب ، وأمّا البعير فشدّ أخفافه إلى إباطه وأطلق رجليه ، وإن أفلتك شيء من الطير وأنت تريد ذبحه أو ندّ عليك فارمه بسهمك ، فإذا هو سقط فذكّه بمنزلة الصيد(1) ، والأخبار في هذا الباب عمدتها مذكورة في باب الذبح الذي هو من أحكام منى يوم النحر ، فراجع .
- (1) الكافي : 6 / 229 ح4 ، تهذيب الأحكام : 9 / 55 ح227 ، وعنهما الوسائل : 24 / 11 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب3 ذح2 .
(الصفحة 395)الرقبة إلى عجز الذنب1 .
1 ـ البحث في أصل المكروهات لا يكون حائزاً للأهمّية بعد إلغاء الخصوصية من قاعدة التسامح في أدلّة السنن ، أو لرجوع المكروهات إلى المستحبّات ، على خلاف ما هو التحقيق من وجوب ترك كلّ حرام ، وحرمة ترك كلّ واجب ، ومثلهما بالإضافة إلى المستحبّات والمكروهات ، لما ذكرنا في محلّه من عدم ثبوت حكمين في مورد حكم واحد ، أعمّ من الأمر أو النهي ، لكن في المسألة اُمور ينبغي التعرّض لها :
منها : أن يذبح حيوان وحيوان آخر مجانس له ينظر إليه ، ففي رواية غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : لا تذبح الشاة عند الشاة ولا الجزور عند الجزور وهو ينظر إليه(1) . والمورد وإن كان المماثل ، إلاّ أنّ التعبير بأنّه ينظر إليه لعلّه أعمّ .
ومنها : إبانة الرأس قبل خروج الروح منه ، فقد احتاط تركها ، بل قد قوّى الحرمة التكليفيّة في صورة التعمّد وإن نفى الحرمة الوضعيّة ، فقد وردت فيها صحيحة الفضيل بن يسار قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل ذبح فتسبقه السكّين فتقطع الرأس؟ فقال : ذكاة وحيّة لا بأس بأكله(2) . فإنّه يظهر منها ثبوت الحرمة التكليفيّة مع عدم سبق السكّين ، ولا محالة مع عدم الغفلة أيضاً .
ومنها : نخع الذبيحة ، فقد وردت فيه صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام)
- (1) الكافي : 6 / 229 ح7 ، تهذيب الأحكام : 9 / 56 ح232 وص80 ح341 ، وعنهما الوسائل : 24 / 16 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب16 ح1 .
- (2) الكافي : 6 / 230 ح1 ، الفقيه : 3 / 208 ح959 ، تهذيب الأحكام : 9 / 55 ح229 ، وعنها الوسائل : 24 / 17 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب9 ح1 .
(الصفحة 396)مسألة : لو خرج جنين أو أُخرج من بطن اُمّه ، فمع حياة الاُمّ أو موتها بدون التذكية لم يحلّ أكله ، إلاّ إذا كان حيّاً ووقعت عليه التذكية ، وكذا إن خرج أو اُخرج حيّاً من بطن اُمّه المذكّاة ، فإنّه لا يحلّ إلاّ بالتذكية ، فلو لم يذكّ لم يحلّ وإن كان عدمها من جهة عدم اتّساع الزمان لها على الأقوى ، وأمّا لو خرج أو اُخرج ميّتاً من بطن اُمّه المذكّاة حلّ أكله ، وكانت تذكيته بتذكية اُمّه ، لكن بشرط كونه تامّ الخلقة ، وقد أشعر أو أوبر وإلاّ فميتة ، ولا فرق في حلّيته مع الشرط المزبور بين ما لم تلجه الروح ، وبين ما ولجته ومات في بطن اُمّه على الأقوى1 .
قال : سألته عن الذبيحة؟ فقال : استقبل بذبيحتك القبلة ، ولا تنخعها حتّى تموت ، ولا تأكل من ذبيحة لم تذبح من مذبحها(1) ، ومثلها رواية الحلبي(2) .
1 ـ في هذه المسألة صور :
الاُولى : ما لو خرج جنين أو اُخرج من بطن اُمّه ، فمع اتّصاف الاُمّ بالحياة أو موتها بدون التذكية لم يحلّ أكل الجنين ، إلاّ إذا كان حيّاً ووقعت عليه التذكية ، ويشمله إطلاق مثل صحيحة محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال : ولا تأكل ذبيحة لم تذبح من مذبحها(3) .
الثانية : المفروض مع صيرورة اُمّه مذكّاة ، فإنّ تذكية الاُمّ لا تؤثّر في صيرورة
- (1) الكافي : 6 / 229 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح220 ، وعنهما الوسائل : 24 / 15 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب6 ح1 .
- (2) الكافي : 6 / 229 ح6 ، تهذيب الأحكام : 9 / 55 ح228 ، وعنهما الوسائل : 24 / 16 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب6 ح2 .
- (3) الكافي : 6 / 229 ح5 ، تهذيب الأحكام : 9 / 53 ح220 ، وعنهما الوسائل : 24 / 12 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب4 ح1 .
(الصفحة 397)
الجنين حلالاً مع فرض حياته بعد الخروج أو الإخراج ، لدلالة مثل الصحيحة المتقدّمة عليه ، ولا فرق مع وصف الحياة في حال الخروج أو الإخراج في أنّ الحرمة مع عدم التذكية لأجل اتّساع الزمان لها والمساهلة في ذلك ، أو لأجل عدم الاتّساع ، وقياسه ببعض مصاديق الصيد المتقدّمة غير صحيح .
الثالثة : ما لو خرج أو اُخرج ميّتاً من بطن اُمّه التي وقعت التذكية عليه ، وفي هذه الصورة يحلّ أكل الجنين ، وكانت تذكيته بتذكية اُمّه ، لكن بشرط كونه تامّ الخلقة ، وقد أشعر أو أوبر ، وإلاّ فميتة ، ويدلّ على ذلك روايات متعدّدة :
منها : رواية سماعة قال : سألته عن الشاة يذبحها وفي بطنها ولد وقد أشعر؟ قال : ذكاته ذكاة اُمّه(1) .
ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أحدهما (عليهما السلام) عن قول الله عزّوجلّ :
{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الاَْنْعَامِ}(2)؟ قال : الجنين في بطن اُمّه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة اُمّه ، فذلك الذي عنى الله عزّوجلّ(3) .
ومنها : صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : إذا ذبحت الذبيحة فوجدت في بطنها ولداً تامّاً فكُلْ ، وإن لم يكن تامّاً فلا تأكل(4) .
ومنها : رواية مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال في الجنين : إذا أشعر
- (1) الكافي : 6 / 235 ح4 ، وعنه الوسائل : 24 / 33 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح2 .
- (2) سورة المائدة : 5 /1 .
- (3) الكافي : 6 / 234 ح1 ، الفقيه : 3 / 209 ح966 ، تهذيب الأحكام : 9 / 58 ح244 ، وعنها الوسائل : 24 / 33 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح3 .
- (4) الكافي : 6 / 234 ح2 ، تهذيب الأحكام : 9 / 58 ح242 ، وعنهما الوسائل : 24 / 34 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح4 .
(الصفحة 398)مسألة : لو كان الجنين حيّاً حال إيقاع الذبح أو النحر على اُمّه ، ومات بعده قبل أن يشقّ بطنها ويستخرج منها حلّ على الأقوى لو بادر على شقّ بطنها ولم يدرك حياته ، بل ولو لم يبادر ولم يؤخّر زائداً على القدر المتعارف في شقّ بطون الذبائح بعد الذبح ، وإن كان الأحوط المبادرة وعدم التأخير حتّى بالقدر المتعارف ، ولو أخّر زائداً على المتعارف ومات قبل أن يشقّ البطن فالأحوط الاجتناب عنه1 .
فكُلْ ، وإلاّ فلا تأكل ; يعني إذا لم يشعر(1) .
ومنها : غير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال ، ومقتضى الجمع بينها أنّ الملاك في حصول الذكاة للجنين في هذا الفرض هي التماميّة المتحقّقة بأن يشعر أو يوبر ، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بين ولوج الروح وعدمه ، كما قوّاه في المتن .
1 ـ هذه هي الصورة الرابعة بعد الصور الثلاثة المتقدّمة في المسألة السابقة ; وهي عبارة عن أن يكون الجنين حيّاً حال إيقاع الذبح أو النحر على اُمّه ومات بعده قبل أن يشقّ بطنها ويستخرج منها .
وقد فصّل فيها في المتن بين ما إذا بادر على شقّ بطنها ولم يدرك حياته بالحكم بالحلّية فيها ، بل مع عدم المبادرة ، غاية الأمر عدم التأخير في شقّ البطن زائداً على القدر المتعارف في شقوق البطون بعد الذبح أو النحر وإن احتاط استحباباً بالاختصاص بالفرض الأوّل ، وبين ما إذا أخّر الشقّ زائداً على القدر المتعارف ، فتحقّق الموت قبل أن يشقّ البطن ، فاحتاط وجوباً بالاجتناب عنه .
- (1) الكافي : 6 / 235 ح5 ، قرب الإسناد : 76 ح247 ، وعنهما الوسائل : 24 / 34 ، كتاب الصيد والذبائح ، أبواب الذبائح ب18 ح5 .