(الصفحة 65)مسألة : لو علم وقفيّة شيء ولم يعلم مصرفه ولو من جهة نسيانه ، فإن كانت المحتملات متصادقة غير متباينة يصرف في المتيقّن ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على الفقراء أو الفقهاء ، فيقتصر على مورد تصادق العنوانين . وإن كانت
عنوان الوقف ، والظاهر أنّه لا إشكال في ذلك .
الثانية : ما إذا اشترط الإدخال أو الإخراج في ضمن عقد الوقف ، وفي هذه الصورة يقع الكلام أوّلاً : في فساد هذا الشرط وعدمه ، واُخرى : في كونه موجباً لبطلان عقد الوقف وعدمه ، أمّا من الجهة الاُولى : فقد نفى البُعد عن عدم الجواز مطلقاً، لا إدخالاً ولا إخراجاً ، ولعلّه لأجل كونه منافياً لمقتضى عقد الوقف الذي هو مشاركة الجميع وعدم مشاركة غيرهم . نعم ، لا مانع من إدخال البعض أو إخراجه في نفس عقد الوقف ; لأنّ مرجعه إلى تضييق دائرة الموقوف عليه أو توسعتهم ، وأمّا الإدخال أو الإخراج بعد التماميّة كما هو المفروض فلا ، وأمّا من الجهة الثانية : فقد حكم ببطلان أصل الوقف على إشكال ، ولعلّه لأجل ما ذكر من المنافاة ، وإن كان فساد الشرط لا يستلزم فساد العقد مطلقاً .
وقد أفاد في ذيل هذه الصورة أنّه يكون مثل ذلك في بطلان الشرط وبطلان أصل العقد على إشكال ما لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم إلى من سيوجد ، وفي الحقيقة مرجع ذلك إلى شرط الإدخال والإخراج ، فتأمّل .
وأمّا لو وقف على جماعة إلى أن يوجد من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد فقد حكم بصحّته ونفى الإشكال فيه ، والظاهر أنّ مراده من هذا الفرض كون الجماعة الموجودين موقوفاً عليهم إلى زمان وجود من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد ، وإن كانت الجماعة الموجودون حال الوقف باقية بأجمعهم أو ببعض ، وإلاّ فلا فرق بينه ، وبين مسألة البطون المتقدّمة ، كما لا يخفى .
(الصفحة 66)متباينة ، فإن كان الاحتمال بين اُمور محصورة ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على المسجد الفلاني أو المشهد الفلاني ، أو فقراء هذا البلد أو ذاك ، يقرع ويعمل بها . وإن كان بين اُمور غير محصورة ، فإن كان بين عناوين وأشخاص غير محصورة ; كما علم أنّه وقف على ذرّيّة أحد أفراد المملكة الفلانية ، ولا طريق إلى معرفته ، كانت منافعه بحكم مجهول المالك ، فيتصدّق بها بإذن الحاكم على الأحوط ، والأولى أن لا يخرج التصدّق عن المحتملات مع كونها مورداً له . وإن كان مردّداً بين الجهات غير المحصورة ، كما علم أنّه وقف على جهة من الجهات ولم يعلم أنّها مسجد ، أو مشهد ، أو قنطرة ، أو تعزية سيِّد الشهداء (عليه السلام) ، أو إعانة الزوّار ، وهكذا ، تصرف المنافع في وجوه البرّ بشرط عدم الخروج عن مورد المحتملات1 .
1 ـ لو علم وقفيّة شيء إجمالاً ولم يعلم مصرفه ولو من جهة نسيانه ففيها فروض :
الأوّل : ما إذا كانت المحتملات قابلة للتصادق لأجل عدم تباينها وإمكان اجتماعها ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على الفقراء أو الفقهاء ، وفي هذا الفرض يقتصر على مورد تصادق العنوانين ، كالفقيه الفقير على ما في المثال ; لكونه الموقوف عليه متيقّناً ، وهذا واضح .
الثاني : ما إذا كانت متباينة وكان الاحتمال بين الاُمور المحصورة ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على المسجد الفلاني ، أو المشهد الفلاني ، أو فقراء هذا البلد أو ذاك البلد ، ففي المتن يقرع ويعمل بها ، والوجه فيه أنّه مثل تردّد مال بين زيد وعمرو في لزوم الرجوع إلى القرعة ، خصوصاً في الحقوق الماليّة ; لئلاّ يضيع حقّ واحد ، ولا مجال لقاعدة العدل والإنصاف .
(الصفحة 67)مسألة : لو كان للعين الموقوفة منافع متجددّة وثمرات متنوّعة ، يملك الموقوف عليهم جميعها مع إطلاق الوقف ، ففي الشاة الموقوفة يملكون صوفها المتجدّدة ولبنها ونتاجها وغيرها ، وفي الشجر والنخل ثمرهما ومنفعة الاستظلال بهما ، والسعف والأغصان والأوراق اليابسة ، بل وغيرها ممّا قطعت للإصلاح ، وكذا فروخهما وغير ذلك ، وهل يجوز في الوقف التخصيص ببعض المنافع حتّى يكون للموقوف عليهم بعض المنافع دون بعض؟ الأقوى ذلك1 .
الثالث : ما إذا كانت المحتملات متباينة وكان الاحتمال بين اُمور غير محصورة ، فإن كان بين عناوين غير محصورة ، أو أشخاص كذلك ، كما إذا علم أنّه وقف على ذرّية أحد أفراد المملكة الفلانيّة ، ولا طريق إلى معرفته كما هو المفروض ، فإنّه لا مجال حينئذ للقرعة بعد كون العناوين أو الأشخاص غير محصورة وتكون المنافع حينئذ بحكم مجهول المالك ، فيتصدّق بها عنه بإذن الحاكم على الأحوط الجاري في التصدّق في جميع موارد مجهول المالك ، لكنّ الأولى أن لا يخرج التصدّق عن المحتملات مع كونها مورداً له ، كذرّية أحد أفراد تلك المملكة بشرط كونه فقيراً واجداً لشرائط التصدّق به .
وإن كان مردّداً بين جهات غير محصورة ، كالمثال المذكور في المتن ، فاللازم صرف المنافع في أحد وجوه البرّ مع اعتبار عدم الخروج عن مورد جميع المحتملات ; لأنّه لا يكون طريق لتأمين نظر الواقف أقرب من هذا الطريق ، فتدبّر جيّداً .
1 ـ لو كان الوقف مطلقاً وكان للعين الموقوفة منافع متجدّدة وثمرات متنوّعة عرضاً أو طولاً يملك الموقوف عليهم جميعها ; لعدم التخصيص ببعض دون بعض ،
(الصفحة 68)مسألة : لو وقف على مصلحة فبطل رسمها ، كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت ولم يمكن تعميرها ، أو لم تحتج إلى مصرف ; لانقطاع من يصلّي في المسجد ، والطلبة ، والمارّة ، ولم يرج العود ، صرف الوقف في وجوه البرّ ، والأحوط صرفه في مصلحة اُخرى من جنس تلك المصلحة ، ومع التعذّر يراعى الأقرب فالأقرب منها1 .مسألة : إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجديّة ، فتجري عليه أحكامها إلاّ في بعض الفروض . وكذا لو خربت القرية التي هو فيها بقي المسجد على صفة المسجديّة2 .
كالأمثلة المذكورة في المتن ، وهل يجوز في الوقف التخصيص ببعض المنافع مع تعدّدها وتكثّرها حتّى يكون للموقوف عليهم خصوص ذلك البعض دون الآخر؟ قد قوّى في المتن ذلك ، نظراً إلى ما مرّ مراراً من أنّ الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ، ولم يدلّ دليل على عدم إمكان التفكيك ، كما أنّه يجوز وقف دار باستثناء بعض بيوتها كما لا يخفى . نعم ، لو استثنى المنفعة العقلائيّة المقصودة ـ نوعاًـ الوحيدة ، كاستثناء ثمرة الشجرة في وقفها ، لا يبعد أن يقال بعدم الجواز ; لأنّ الجمع بين وقفها وبين استثناء ثمرتها لعلّه غير ممكن .
1 ـ لو وقف على مصلحة فبطل رسمها كالأمثلة المذكورة في المتن ، فمع الخراب وعدم إمكان التعمير ، أو عدم الاحتياج إلى مصرف ، صرف الوقف في وجوه البرّ ، ومقتضى الاحتياط الصرف في مصلحة اُخرى من جنس تلك المصلحة ، ومع التعذّر أو التعدّد يراعى الأقرب منها فالأقرب ، والوجه فيه واضح .
2 ـ إذا خرب المسجد لأجل الزلزلة ونحوها لم تخرج عرصته من المسجديّة ،
(الصفحة 69)مسألة : لو وقف داراً على أولاده أو على المحتاجين منهم ، فإن أطلق فهو وقف منفعة ، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خاناً ونحوها يملكون منافعها ، فلهم استنماؤها ، فيقسّمون بينهم ما حصل منها ـ بإجارة وغيرها ـ على حسب ما قرّره الواقف من الكمّية والكيفيّة ، وإن لم يقرّر كيفيّة في القسمة يقسّمونه بينهم بالسّوية . وإن وقفها عليهم لسكناهم فهو وقف انتفاع ، ويتعيّن لهم ذلك ، وليس لهم إجارتها ، وحينئذ إن كفت لسكنى الجميع فلهم أن يسكنوها ، وليس لبعضهم أن يستقلّ به ويمنع غيره . وإن وقع بينهم تشاح في اختيار الحجر ، فإن جعل الواقف متولّياً يكون له النظر في تعيين المسكن للساكن ، كان نظره وتعيينه هو المتّبع ، ومع عدمه كانت القرعة هي المرجع ، ولو سكن بعضهم ولم يسكنها بعض فليس له مطالبة الساكن باُجرة حصّته إن لم يكن مانعاً عنه ، بل هو لم يسكن باختياره أو لمانع خارجي . وإن لم تكف لسكنى الجميع ، فإن تسالموا على المهاياة أو غيرها فهو ، وإلاّ كان المتّبع نظر المتولّي من قبل الواقف لتعيين
فتجري عليه أحكامها إلاّ في بعض الفروض ; وهو ما إذا وقع في وسط الشارع مثلاً فخرب لأجل الضرورة ، أو من قبل الحكومة الجائرة ، فإنّه في هذا الفرض يخرج عن عنوان المسجديّة بنظر العرف ، ولا تجري على عرصته أحكام المسجديّة من حرمة لبث الجنب فيها ، وكذا غيرها ، ففي الحقيقة لا يكون في مثل هذا الفرض عنوان المسجديّة باقياً حتّى تجري عليه أحكامها ويصرف الوقف فيه .
نعم ، إذا خرب المسجد لأجل الزلزلة ونحوها ، أو خربت القرية التي هو فيها ، فالعرصة وإن كانت باقية على عنوان المسجديّة ، إلاّ أنّه مع عدم إمكان التعمير ، أو عدم الاحتياج إلى المصرف ، يصرف الوقف في وجوه البرّ كما عرفته ، وقد ذكرنا مقتضى الاحتياط في المسألة السابقة، فراجع .
|