(الصفحة 123)
موضعهما كما سيأتي بل الظاهر انه في هذه الصورة لا يتمكن من الحجو لا يكون مستطيعا في هذه السنة و اللازم ملاحظة الاستطاعة بالاضافة الى السنة الآتية و على ما ذكرنا لا يبقى للاحكام الاخرى المذكورة في المتن للمغمى عليه و نحوه مجال اصلا.
الفرع الثاني:
ما اذا كان ترك الاحرام في الميقات لاجل النسيان او الجهل و قد ورد فيهما روايات امّا ما ورد في خصوص النسيان فروايتان:
احديهما: صحيحة الحلبي قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي ان يحرم حتى دخل الحرم قال: قال ابي: يخرج الى ميقات اهل ارضه فان خشى ان يفوته الحج احرم من مكانه، فان استطماع ان يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم(1).
ثانيتهما: صحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال سئلته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر و هو بعرفات ما حاله؟ قال يقول اللهم على كتابك و سنّة نبيّك، فقد تمّ احرامه فان جهل ان يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع الى بلده ان كان قضي مناسكه كلّها فقد تمّ حجّه(2). و امّا ما ورد في خصوص الجاهل فهى صحيحة معاوية بن عمار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فارسلت اليهم فسئلتهم فقالوا: ما ندري اعليك احرام ام لا و انت حائض فتركوها حتى دخلت
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 1.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 8.
(الصفحة 124)
الحرم فقال (عليه السلام) ان كان عليها مهلة فترجع الى الوقت فلتحرم منه، فان لم يكن عليها وقت «مهلة» فلترجع الى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها.(1) و فيما رواه الشيخ: بقدر ما لا يفوتها الحج فتحرم.
و مقتضاها لزوم الرجوع الى الميقات مع الامكان و المهلّة و مع عدمه لزوم الرجوع الى ما قدرت عليه نحو الميقات مع رعاية عدم فوت الحجّ.
لكن في مقابلها روايات ثلاثة:
احديها: ما رواه الحميري في قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن على بن جعفر عن اخيه (عليه السلام) قال سئلته عن رجل ترك الاحرام حتّى انتهى الى الحرم فاحرم قبل ان يدخله قال: ان كان فعل ذلك جاهلا فليبن مكانه ليقضي (فليبين مكانه و ليقض) فان ذلك يجزيه ان شاء الله، و ان رجع الى الميقات الذي يحرم منه اهل بلده فانه افضل.(2) و هى تدل على عدم لزوم العود الى الميقات و لو مع التمكن منه و لكنها ضعيفة بعبد الله بن الحسن.
ثانيتها: رواية سورة بن كليب قال: قلت لابي جعفر (عليه السلام) خرجت معنا امرأة من اهلنا فجهلت الاحرام فلم تحرم حتى دخلنا مكّة و نسينا ان نأمرها بذلك قال: فمروها فلتحرم من مكانها من مكة او من المسجد(3). و لم يقع التصريح بوثاقة سورة بل روي الكشي عن نفسه انه سئل رجل عن الدليل لامامة الصادق (عليه السلام) فبيّن له و اطلاقها يشمل صورة التمكن من العود الى الميقات و لكنّه محمول على صورة عدم التمكن خصوصا في تلك الازمنة سيّما بالاضافة الى مرئةواحدة.
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 4.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 10.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 5.
(الصفحة 125)
ثالثتها: رواية ابي الصباح الكناني قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل جهل ان يحرم حتى دخل الحرم كيف يصنع؟ قال: يخرج من الحرم ثمّ يهلّ بالحجّ.(1) و اطلاقها ايضا محمول على صورة عدم التمكن كما انّ مثلها يصلح لتقييداطلاق ما يدل على جواز الاحرام من الحرم و ان استطاع ان يخرج من الحرم و يوجب اختصاصه بصورة عدم الاستطاعة. و امّا ما ورد في الناسي و الجاهل معا فصحيحة عبد الله بن سنان قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل مرّ على الوقت الذي يحرم الناس منه فنسي او جهل فلم يحرم حتى اتى مكّة فخاف ان رجع الى الوقت ان يفوته الحج فقال: يخرج من الحرم و يحرم و يجزيه ذلك(2). و ربما يقال بدلالة صحيحة اخرى للحلبي على حكم الناسي و الجاهل بل العامد ايضا قال: سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم فقال: يرجع الى ميقات اهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم فان خشي ان يفوته الحج فليحرم من مكانه فان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج(3). و لكنك عرفت اتحادها مع صحيحته الاولى و عدم كونهما روايتين و عليه فلم يعلم كون مورد السؤال هو خصوص الناسى او مطلق التارك فلا تكون الرواية حجة فيما عدا الناسى مع انك عرفت ايضا ان الترك المغيّى بغاية مثل دخول الحرم لا يشمل ما تحقق عن عمد. هذه هى مجموع الروايات الواردة في هذا الفرع و المستفاد ممّا اعتبر منها بعد تقييد المطلق منها انه لا شبهة في لزوم العود الى الميقات مع التمكن و ان دخل الحرم كما هو مقتضي اطلاق ادلة المواقيت ايضا كما انه
- 1 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 33.
- 2 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 2.
- 3 ـ وسائل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 7.
(الصفحة 126)
لا شبهة في صحة الاحرام من الحرم بل من مكة بل من المسجد اذا لم يستطع ان يخرج من الحرم الى خارجه و امّا الرجوع نحو الميقات بالمقدار الممكن مع عدم التمكن من العود الى نفسه فقد دل على لزومه صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة الواردة في الحائض الجاهلة الداخلة في الحرم و قد ذكر بعض الاعلام ـ قدّس سرّه ـ ان التعدى عنها الى غيرها من ذوى الاعذار و الناسي و الجاهل قياس لا نقول به فيختص بالطامث الجاهلة.
مع ان الظاهر بمقتضي الغاء الخصوصية عدم كونه قياسا بل يمكن دعوى الاولوية فان المرئة سيما اذا كان جهلها مستندا الى الحيض و الطمث اذا وجب عليها الرجوع نحو الميقات و الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن فغيرها بطريق اولىو عليه فدعوى اختصاصها بالحائض الجاهلة مشكلة جدّا.
و لكن اشدّ اشكالا منها التصرف في المطلقات الواردة في خصوص الناسي او الناسي و الجاهل معا الظاهرة في انه ان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج فان حملها على خصوص من يكون قادرا على الخروج من الحرم فقط و لا يكون قادرا في خارج الحرم على العود الى جانب الميقات و لو بمقدار قليل في كمال البعدلاقتضائه الحمل على الفرد النادر جدّا لندرة الفرض المزبور و حمل المطلق على المقيد لم يقم عليه دليل مطلقا بل الملاك هى الاقوائية في الظهور و من الظّاهر ان التصرف في هذه المطلقات و تقييدها بالصّورة المزبورة ليس باولى من جعل المطلقات قرينة على التصرف في الصحيحة المزبورة و حملها على الاستحباب حتى بالاضافة الى موردها و هو الحائض الجاهلة و لعلّ هذا هو الوجه لما يستفاد من المتن من عدم وجوب العود الى جانب الميقات عند عدم التمكن من العود اليه كما يظهرمن تشبيه الناسي و الجاهل بمن كان له عذر عن انشاء اصل الاحرام كالمغمى عليه.
(الصفحة 127)
و بالجملة ملاحظة الروايات و الجمع بينها من هذه الجهة يمكن باحد وجوه ثلاثة:
الوجه الاوّل: ما افاده بعض الاعلام (قدس سره) من تخصيص الصحيحة بموردهاو التفصيل بين الحائض الجاهلة و بين غيرها من الناسى و الجاهل بالحكم بوجوب الرجوع و العود الى جانب الميقات بالمقدار الممكن في الاول دون الثاني.
الوجه الثاني: جعل الصحيحة بعد الغاء الخصوصية عن موردها مقيدة للاطلاقات الدالة على انه ان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج الظاهرة في الاكتفاء بمجرد الخروج و ان كان قادرا على العود الى جانب الميقات و حملها على خصوص غير القادر و لعلّ هذا هو المراد من الوجه الذي قال في المسالك: في وجوب العود الى ما امكن من الطريق وجه، و ان استدل له بقاعدة الميسور ايضا لكنها ممنوعة جدّا لانه لم ينهض دليل على لزوم كون من مرّ على الميقات محرما في جميع المسافة من جهة المكان و الزمان بل الدليل انما دلّ على لزوم الاحرام من الميقات و توقف الخروج من الاحرام على الحج او العمرة و من المعلوم ارتفاع اللزوم بسبب الجهل او النسيان فلا مجال للتمسك بهذه القاعدة في المقام.
الوجه الثالث: جعل المطلقات بعد ظهورها في الاطلاق ظهورا قويّا بحيث يكون تقييدها بعيدا جدّا قرينة على التصرف في الصحيحة و حمل الامر بالرجوع بالمقدار الممكن على الاستحباب كما عرفت انه مستند المتن ظاهرا و هذا الوجه اظهر الوجوه الثلاثة. ثمّ ان ظاهر ما ورد من الروايات في الجاهل و ان كان هو الجاهل بالحكم الاّ ان الظاهر كما في المتن عدم الاختصاص به بل الشمول للجاهل بالموضوع ايضا لعدم الفرق و الظاهر كما قيل كون الحكم اجماعيّاايضا.