(الصفحة 364)
و قد رواها الشيخ بطريقين احدهما صحيح و الاخر ضعيف باعتبار اشتماله على عليّ بن ابي حمزة البطائني الكذاب المعروف فهي قرينة على عدم مدخلية الامناء في حرمة المس بشهوة و ان المناط نفس هذا العنوان. ثم انّ الظاهر بملاحظة روايات الباب انه لا دليل على حرمة مسّ المرئة الاجنبية بالحرمة الاحراميّة لورود الروايات في مسّ امرأته او حملها او ضمّها او وضع اليد عليها و قول السائل في صحيحة الحلبي المتقدمة في مسئلة التقبيل المحرم يضع يده بشهوة و ان كان ظاهره مطلقا الاّ ان قوله في الصدر سئلته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرئته قرينة على ان مورد هذا السؤال ايضا ذلك و مسّ المرئة الاجنبية و ان كان محرّما في غير حال الاحرام الاّ ان الكلام في حرمته من حيث الاحرام و هنا محرمات كثيرة بل كبيرة لا ارتباط لها بالاحرام كالغيبة و شرب الخمر و مثلها كما ان الظاهر انه لا دليل على حرمة مسّ المرئة زوجها في حال الاحرام لورود الروايات في مسّ الرجل زوجته و لا دليل على التّسوية بينهما و قيام الدليل عليها في الجماع و التقبيل على ما عرفت لا يستلزم التساوي في المسّ و مثله مما اختص مورد دليله بعمل الرجل بالنسبة الى زوجته.
الجهة الرابعة:
في حرمة النظر و فيها اقوال ثلاثة الحرمة مطلقا من دون فرق بين الشهوة و عدمها، و عدم الحرمة كذلك و التفصيل كما في المتن و قد صرّح به غير واحد منهم المحقق (قدس سره) في الشرايع و ان قيل ـ كما في الجواهر ـ خلا كتب الشيخ و الاكثر عن تحريمه مطلقا اى التعرض لتحريمه و حكى القول الاوّل عن بعض و الثاني عن الصدوق و الميل اليه عن كشف اللثام.
و ربما استدل على التفصيل بوجوه اشار اليها في الجواهر:
(الصفحة 365)
منها: نصوص الدعاء عند التهيوء للاحرام المشتملة على تحريم الاستمتاع عليه بالنساء مثل صحيحة معاوية بن عمار(1) المشتملة على قوله: احرم لك شعري و بشري و لحمي و دمي و عظامي و مخّي و عصبي من النساء و الثياب و الطيب.
و قد اعتمد على هذا الوجه بعض الاعلام (قدس سره) و استند اليه في حرمة تقبيل الزوجة عن شهوة نظرا الى ان المستفاد من هذه الكلمات حرمة مطلق الاستمتاع بجميع اعضائه و عدم اختصاصها بالعضو الخاص فجميع ما يستمتع به حرام لا خصوص الجماع ببعض الاعضاء و لكن يرد على هذا الوجه ان مثل هذه الرواية ليس في مقام البيان من هذه الجهة بل في مقام بيان بعض المحرمات بنحو الاجمال من ناحية و بيان كون دائرة الاحرام اوسع من الاعضاء و الجوارح الظاهرة من ناحية اخرى و يؤيد بل يدل على ما ذكرنا مضافا الى ظهورها في نفسها في ذلك ذكر الثياب عطفا على النساء مع ان المحرم منها خصوص الثياب المخيطة لا جميع الاعمال المتعلّقة بها مثل بيعها و شرائها و تنظيفها بل خصوص لبسها و لعمري ان هذا من الوضوح بمكان.
و منها: فحوى ما دلّ من النصوص على حرمة المسّ و الحمل اذا كان بشهوة لا بدونها.
و يرد عليه انه ان اراد الاستدلال لعدم الحرمة في صورة النظر لا بشهوة فلا مانع منه و لكنه بعض المدّعى، و ان اراد الاستدلال على الحرمة في صورة النظر فمن الواضح منع الفحوى لو كان المراد بها الاولوية و كذا لو كان المراد بها الغاءالخصوصيّة لانه لا مجال له ايضا نعم لو ثبت حرمة النظر بشهوة من دليل لامكن استفادة حرمة مطلق الالتذاذ من النساء سواء كان بالجماع او بالتقبيل او
- 1 ـ وسائل ابواب الاحرام الباب السادس عشر ح ـ 1.
(الصفحة 366)
باللمس او بالنظر او بغيرها و امّا مع عدم قيام الدّليل على حرمة النظر كذلك فالاستفادة المذكورة ممنوعة جدّا و لو بالاضافة الى خصوص النظر.
و منها: صحيحة مسمع ابي سيار المتقدمة المشتملة على قوله (عليه السلام) و من نظر الى امرأته نظر شهوة فامنى فعليه جزور، و من مسّ امرأته او لازمها من غير شهوة فلا شيء عليه(1). و لكن حيث ان موردها النظر بشهوة المتعقب للامناء بدون عطف الامذاء عليه حتى يصير العطف قرينة على عدم مدخلية الامناء فلا مجال للاستدلال به على حرمة النظر بشهوة مطلقا و لو لم يكن متعقّبا للامناء الاّ ان يقال بعدم الفصل بينهما في اصل الحرمة.
و منها: و هو العمدة صدر صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة ايضا و هو قوله:
سئلته ـ يعنى ابا عبد الله (عليه السلام) عن محرم نظر الى امرأته فامنى او امذى و هومحرم قال لا شيء عليه و لكن ليغتسل و يستغفر ربّه الحديث(2). بتقريب ان عطف الامذاء على الامناء شاهد على عدم مدخليّة الامناء بوجه لعدم ترتب اثر على الامذاء و عليه فاللازم ان يقال انّهما كاشفان عن كون النظر بشهوة لعدم تحقّقهما بدونها نعم يبقى الاشكال في الحكم بوجوب الاغتسال الشامل لصورة خروج المذي ايضا مع انه لا يكون المذي موجبا للاغتسال و يمكن حمله على الاعمّ من الوجوب و الاستحباب و كيف كان فالحكم بوجوب الاستغفار الكاشف عن ثبوت الذنب و المعصية دليل على حرمة النظر بشهوة سواء ترتب عليه خروج المنيّ ام لم يترتب و ما افاده بعض الاعلام (قدس سره) من انه يظهر من
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السابع عشر ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السابع عشر ح ـ 3.
(الصفحة 367)
استعمال الاستغفار في القرآن و الروايات و الادعية الماثورة عن الأئمة (عليه السلام) عدم اعتبار ارتكاب الذنب في الاستغفار بل يصحّ الاستغفار في كل مورد فيه حزازة و مرجوحيّة و ان لم تبلغ مرتبة الذنب و المعصية و لو بالاضافة الى صدور ذلك من الانبياء و الأئمة (عليه السلام) فانهم ربما يرون الاشتغال بالمباحات و الامور الدنيوية منقصةو يعدونه خطيئة و قد ورد الاستغفار في كثير من الآيات الكريمة في موارد لا يمكن فيها ارتكاب المعصية كقوله تعالى مخاطبا لنبيّه (صلى الله عليه وآله) فسبّح بحمد ربك و استغفره انه كان توّابا...
فيرد عليه ان استعمال الاستغفار في الكتاب و السنة في موارد عدم امكان ارتكاب المعصية لوجود القرينة لا يدلّ على كونه كذلك مطلقا مع كون ظاهر عنوانه الكشف عن الذنب و المعصية.
و يؤيّده بل يدل عليه كون الاستغفار كفارة لبعض محرّمات الاحرام و عليه فلا مجال لرفع اليد عن ظاهر الرواية في ثبوت الحرمة و كون الكفارة هي الاستغفا1ر و هو بضميمة وجوب الاغتسال استدراك بالاضافة الى قوله (عليه السلام) لا شيء عليهو مرجعه الى انه لا شيء عليه سوى الاغتسال و الاستغفار.
و قد استدل للقول بالجواز مطلقا بموثقة اسحاق بن عمّار عن ابي عبد الله (عليه السلام) في محرم نظر الى امرأته بشهوة فامنى قال ليس عليه شيء(1). و تقريب الاستدلال بها ان عدم ثبوت شيء عليه مع وقوع الامناء عقيب النظر بشهوة يدل على عدم ثبوت شيء عليه مع عدم الامناء بطريق اولى فالاولوية في جانب النفي متحقّقة و ان لم يكن لها مجال في صورة الاثبات كما هو ظاهر و ذكر صاحب الوسائل بعد نقل الرّواية انّ الشيخ حملها على السهو دون العمد و قد وصفها
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب السابع عشر ح ـ 7.
(الصفحة 368)
صاحب الجواهر (قدس سره) بانّها قاصرة عن معارضة غيره من وجوه ثم ذكر ان نفي الشيء عليه لا يدل على نفي الحرمة.
و استبعد بعض الاعلام (قدس سره) حمل الشيخ (قدس سره) بان الظاهر ان السؤال عن المحرم بما هو محرم و ملتفت الى احرامه لا ذات المحرم و شخصه كما انه اورد على صاحب الجواهر بانّا لا نعرف الوجوه التي كانت في نظره الشريف.
و يدفع الاستبعاد مضافا الى منع الظهور الذي افاده، انه يمكن ان يكون مرادالشيخ هو نسيان حرمة النظر الى الزوجة بشهوة فتدبر لا نسيان اصل الاحرام.
كما انّه اورد بعض الاعاظم (قدس سره) على صاحب الجواهر بان قوله (عليه السلام): لا شيءعليه يفيد العموم لدلالة النكرة الواقعة في حيّز النفي على العموم و عليه فهو يدل على نفي الحكم التكليفي و الوصفي معا و نفي احدهما بقرينة في مقام لا دلالة له على عدم العموم في مورد آخر.
اقول: انّه حيث يكون المفروض في مورد الرّواية وقوع النظر الكذائي خارجاو محطّ نظر الرواية انّما هو بيان الوظيفة بعد الوقوع لا يبقى مجال لحمل قوله (عليه السلام) لا شيء عليه، على العموم المشتمل على الحرمة التكليفية ضرورة ان الحرام بعدارتكابه لا تبقى حرمته بالاضافة الى المحرّم الذي ارتكبه نعم لو كان مورد الرواية عبارة عن المحرم الذي يريد ان ينظر كذلك لكان مقتضي العموم نفي الحكم التكليفي ايضا لكن موردها فرض الوقوع و التحقق فلا موقع للعموم ـ ح ـ نعم يمكن ان يقال ان مقتضي العموم نفي وجوب التوبة عليه بعده ايضا و عليه فبناء على القول بوجوب التوبة عقيب ارتكاب المعصية يكون نفي الوجوب كاشفا عن عدم تحققها فيستكشف عدم ثبوت الحرمة لكن ظاهر كلام بعض الاعاظم استفادة نفي الحرمة بلا واسطة لا معها كما لا يخفى هذا و لكن الجواب عن صاحب