(الصفحة 160)
كان المنوي هو المعدول عنه فالمفروض جواز العدول الى المعدول اليه و ان كان المنوي هو المعدول اليه فلا يقدح العدول لانه على تقدير كونه غيره كما لا يخفى.
و كان المناسب ان يتعرض في المتن لهذا الفرض بعد التعرض لصورة صحة كلا الاحرامين لا قبله و كيف كان فلا اشكال في هذا الفرض و امّا فرض عدم جواز العدول ففيه صور متعددة لا بد من التعرض لها ليظهر ان حكمها البطلان كماافاده السيد (قدس سره) او التخيير كما افيد في مثل الشرايع او لزوم رعاية الامتثال العلمي الاجمالي اعني الاحتياط او الاحتمالي او التفصيل فنقول:
الصورة الاولى: ما اذا دار امره بين العمرة المفردة و عمرة التمتع بناء على عدم جواز العدول و اللازم فيه الجمع بين الخصوصيات الزائدة الموجودة في العمرة المفردة كطواف النساء حيث يكون واجبا فيها دون عمرة التمتع و قد تقدم البحث فيه مفصّلا و بين التكاليف الزائدة المتحققة في عمرة التمتع كعدم الخروج من مكّة للعلم الاجمالي اما بوجوب طواف النساء و امّا بحرمة الخروج من مكّة و هو يتمكن من الجمع بين الامرين و رعاية الامتثال العلمي الاجمالي و بعد الاتيان بالعمرة يأتي بالحج.
بل يمكن ان يقال بعدم لزوم الاتيان بطواف النساء في العمرة بل يكفي الاتيان به في الحج بنية مردّدة بين الحج و العمرة المفردة و لا يقدح الفصل بعد عدم لزوم المبادرة الى طواف النساء في العمرة المفردة.
و قد انقدح انه في هذه الصورة لا مجال لتجديد النية بمعني بطلان الاحرامو لا للتخيير بل مقتضي العلم الاجمالي و القاعدة فيه الموجبة للاحتياط الامتثال بالكيفية المذكورة.
الصورة الثانية: ما اذا دار الامر بين العمرة المفردة و بين حجّ الافراد و في هذه الصورة ايضا يمكن له الاحتياط بان يأتي باعمال الحجّ اوّلا من الوقوفين و رمى
(الصفحة 161)
جمرة العقبة يوم النحر ثم يرجع الى مكة فيأتي بالطواف و السعى بالنيّة المرددة ثم يرجع الى منى فيقصّر كذلك فان كان احرامه للعمرة المفردة فقد اتي بجميع اعمالها سوى طواف النساء المشترك بينها و بين الحج فيأتي به بعد الرجوع الى مكة و ان كان احرامه لحج الافراد فالمفروض الاتيان به بجميع مناسكه و اعماله غاية الامر لزوم الاتيان بعمرة مفردة بعده ايضا.
و يمكن الاحتياط في هذه الصورة بالاتيان بالطواف و السعى قبل الوقوفين رجاء و عليه فيقصّر في منى قبل الرجوع الى مكة لهما لان المفروض وقوع التقصير بعدهما.
و في هذه الصورة ايضا لا مجال للتجديد و لا للتخيير بعد كون الامتثال العلمي الاجمالي بمكان من الامكان على ما عرفت.
الصورة الثالثة: ما اذا دار امر احرامه بين حجّ الافراد و عمرة التمتع التي لا بد فيها من التقصير قبل الحج ليحلّ به ثم يحرم للحجّ و في هذه الصورة يكون التقصير من موارد دوران الامر بين المحذورين الذي يكون مجري اصالة التخيير عقلا و ذلك لانه لو كان احرامه لعمرة التمتع يجب عليه التقصير قبل الوقوفين ليتحقق به التحلل من احرام العمرة ثم يحرم للحج و لو كان احرامه لحج الافراد يجب عليه تأخير التقصير الى بعد الوقوفين لانه من مناسك منى و يحرم عليه قبلهما فالامر فيه دائر بين الوجوب و الحرمة و ـ ح ـ يصح الحكم بالتخيير الذي يدل عليه مثل عبارة الشرايع فيتخير بين الحج و العمرة و مرجعه الى الامتثال الاحتمالى الذي لا محيص عنه بعد عدم امكان الامتثال العلمى التفصيلي و لا الاجمالي.
فان اختار العمرة يطوف و يسعى ثم يقصر ثم يذهب الى الموقفين و يأتي باعمال حجّ التمتع رجاء و بعد الفراغ من ذلك كله يخرج من الاحرام جزما فانه لو كان الواجب عليه هى عمرة التمتع فالمفروض انه لم يخلّ بشىء مما يعتبر فيها من
(الصفحة 162)
اعمالها و من الحجّ المترتب عليها و لو كان الواجب هو حجّ الافراد فالمفروض انه ايضا اتى بجميع ما اعتبر فيه من الاعمال و لم يقع فيه خلل سوى التقصير قبل الوقوفين الذي لا يترتب عليه في صورة الذكر و العمد الاّ استحقاق العقوبة و ثبوت الكفارة من دون ان يكون قادحا في صحة الحج بوجه و المفروض هنا وقوعه متصفابالجواز الذي حكم به العقل.
و ان اختار الحج فيأتي باعماله و يقصّر في محلّه فتتحقّق الموافقة الاحتمالية التي لا محيص عنها.
ثم انه ذكر بعض الاعلام (قدس سره) بعد الحكم بجواز التقصير في هذه الصورة لدوران امره بين الوجوب و الحرمة ان مقتضى التأمل وجوب التقصير لانه اذا جاز بحكم التخيير وجب لوجوب اتمام العمرة و الحج على ما يدل عليه قوله تعالى:
و اتموا الحج و العمرة لله لانه مع جواز التقصير يتمكن من الاتمام ثم قال: «و قدذكرنا نظير ذلك في كتاب التيمم في مسئلة ما لو كان عنده ماء و تراب و علم بغصبية احدهما فقد ذكر الماتن انه من فاقد الطهورين و لا يجوز له الوضوء و لاالتيمم و لكن قلنا هناك بوجوب الوضوء عليه ـ ح ـ لانه من دوران الامر بين المحذورين في كل من التيمم و الوضوء و يحكم بالتخيير و بجواز ارتكاب احد الطرفين فاذا جاز الوضوء وجب لانه واجد للماء فلم ينتقل الامر الى التيمم».
اقول: لو سلم ما افاده في كتاب التيمم فلا نسلم ما في المقام.
امّا اوّلا: فلما عرفت في بعض المباحث السّابقة من ان مفاد الآية المذكورة ليس هو وجوب الاتمام بعد الشروع بل الاتمام فيها بمعني الاداء و الاتيان كما «في الاقامة و الايتاء» في الصلوة و الزكوة و قد نقلناه عن بعض المحققين من المفسرين مضافا الى انه في نفس الآية بلحاظ ذيلها قرينة على عدم كون النظر الى الاتمام بعد الشروع بل الى اصل الاداء.
(الصفحة 163)مسألة 5 ـ لو نوى كحجّ فلان فان علم ان حجّه لما ذا صحّ و الاّ فالا وجه البطلان1.
و امّا ثانيا: فلانه على تقدير كون المراد بالاتمام هو الاتمام بعد الشروع لكن مفاد الاية هو لزوم اتمام ما شرع فيه و المفروض انّه وقع منسيّا عنه و يكون مردّدا بين حج الافراد و بين عمرة التمتع فما ذا يدل في هذا الحال على لزوم التقصيرو وجوبه بل امره دائر كما عرفت بين الوجوب و الحرمة و هذا بخلاف مسئلة الماء و التراب فانّ ما يوجب الوضوء و تعينه هو الجواز الحاكم به العقل و كونه واجدا للماء فوجدانه له بضميمة جواز التوضي به يوجب ان لا تصل النوبة الى التيمم بوجه و امّا المقام فلا يكون فيه ما يقتضي تعيّنه الظاهر في لزوم الاتيان به بعنوان عمرة التمتع نعم لو كان مراده هو اللزوم سواء اختار حج الافراد او عمرة التمتع فهذا لا يحتاج الى الاستدلال بالاية بل هو مقتضي العلم الاجمالي بضميمة عدم جواز رفع اليد عن الحج او العمرة بعد الشروع فيهما كما هو المسلّم بينهم ظاهرافتدبّر.
1 ـ لا شبهة في صحة احرامه في مفروض المسئلة لو علم ان فلانا بما ذا احرم من حج او عمرة و في الاوّل يكون حجّه تمتعا او قرانا او افرادا و في الثاني يكون عمرة التمتع او عمرة مفردة و في الجواهر نفي الخلاف و الاشكال لوجود المقتضي من النية و التعيين و عدم المانع.
كما انه لا شبهة ظاهرا في بطلان احرامه لو لم يحرم فلان اصلا لعدم تحقق احرام منه حتى ينوي مثله نعم لو كان منويه ما يكون متعلقا لنيّة فلان على تقدير ارادة العمل بمعني انه ينوي ما ينويه على تقدير تعلّق ارادته بالاحرام و يكون المنوي معلوما لا مجال للبطلان في هذه الصورة و في الجواهر: «و لو بان ان فلانا لم يحرم انعقد مطلقا و كان مخيرا بين الحج و العمرة كما عن الشيخ و الفاضل التصريح به» و فيه ما لا يخفى انّما الكلام فيما لو نوى كاحرام فلان و لكنّه لا يعلم بما ذا احرم
(الصفحة 164)
و فيه فرضان:
الفرض الاوّل:
ما اذا كان احرام الغير و ان كان غير متعين عنده حال الاحرام و لكن ينكشف له بعد الاحرام بالسؤال منه او بطريق آخر و البحث في هذا الفرض تارة من جهة القاعدة و اخرى من جهة النص الوارد فيه.
امّا من الجهة الاولى: فالظاهر انه لا مانع من الصّحة لان المفروض انه قد نوى ماهو المتعين واقعا و هو ما نواه الغير حال الاحرام غاية الامر عدم تعيّنه حال الاحرام و لا دليل على اعتبار ازيد من التعيين الاجمالي خصوصا مع ملاحظة تبدل الاجمال و الابهام الى الانكشاف كما هو المفروض فهو مثل ما اذا نوى ما هو وظيفته الشرعية التي هي عبارة عن حج التمتع ـ مثلا ـ من دون ان يكون عالما بعنوان التمتع و بكون عمرته متقدمة على حجّه و مرتبطة به كما يشاهد في كثير من العوام بل مع التلفظ بهذه العناوين لا يعرف معناها الاّ اجمالا و بالجملة لا دليل على بطلان هذاالنحو من الاحرام المشتمل على التعيين الاجمالي و امّا من الجهة الثانية فقد استدل الشيخ (قدس سره) كما في محكى الدروس بما روي عن علي (عليه السلام) انه قال اهلالا كاهلال النبي (صلى الله عليه وآله) يشير بذلك الى ما ورد في الروايات المتعددة الحاكية لحجة الوداع التيوقع تشريع حج التمتع فيها حيث نزل جبرئيل عليه (صلى الله عليه وآله) و هو بمروة فامره ان يامر من لم يسق هديا ان يحلّ و انه لا ينبغي لسائق الهدي ان يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه من انه قدم على (عليه السلام) من اليمن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) و هو بمكة فدخل على فاطمة (عليها السلام) و هى قد احلّت فوجد ريحا طيبة و وجد عليها ثيابا مصبوغة فقال: ما هذا يا فاطمة فقالت امرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج علىّ الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستفتيا فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) انى قد رأيت فاطمة قد احلّت عليها
|