(الصفحة 406)
الافتراق الى ان يبلغ الهدى محلّه كما لا يخفى.
و منها: انه بناء على ثبوت المغايرة بين الطائفتين كما ادّعاه (قدس سره) ما الدليل على انّه اذا جامع في حج التمتّع بعد الخروج من مكّة كما اذا جامع بعد طيّ فرسخ منها يكون المرجع هي الطائفة الاولى التي جعلت الغاية فيها قضاء المناسك حتى يكون تفسيره بما لا بد من الاتيان به قبل الرجوع الى محل الجماع امرا لا بد من استظهاره فلم لا يكون المرجع هي الطائفة الثالثة الظاهرة في ذلك من دون حاجة الى التفسير اصلا.
و الانصاف وجود الاضطراب في كلامه و ان كان مثل هذه الاضطرابات ينسب الى المقرّر نوعا على خلاف ما هو الواقع و الله العالم.
و قد انقدح لك مما ذكرنا لزوم التفصيل في غاية الافتراق بين ما اذا كان الجماع قبل منى سواء كان في طريق مكة اليها او في مكة او قبلها كما في غير حج القران و بين ما اذا كان في منى او بعدها لمن يريد الحركة منها الى عرفات و منهاالى المشعر من دون فرق بين انواع الحجّ.
و امّا ما افاده صاحب الجواهر (قدس سره) في عبارته المتقدمة من ثبوت الاجماع على كون الغاية في حج القضاء هو قضاء المناسك فقط لا ازيد فيرد عليه ـ مضافا الى انّه من المستبعد جدّا ثبوت الاجماع و انعقاده على ذلك ـ انّ الظاهر كون الاجماع في مثل هذه المسئلة التي وردت فيها الروايات المتكثرة لا اصالة له بل هو مستند اليهاو الى ما استفادوا منها فلا مجال للاتكال عليه في مقابل تلك الروايات خصوصا مع تعميم معقده بالنسبة الى الحج الاوّل و الحكم بان الغاية فيه هو قضاء المناسك لا ازيد لكون المفهوم من النصوص اتّحاد الغاية فيهما فالظاهر ان الحكم في المسئلة هو التفصيل المتقدم المستفاد من الجمع بين الرّوايات من دون فرق بين العامين.
الجهة السّابعة: هل اللاّزم في مورد كون الغاية هي قضاء المناسك و الرجوع الى
(الصفحة 407)
محلّ الخطيئة ان يرجع من الطريق الذي يكون فيه محلّها حتى تتحقق غاية الافتراق بالبلوغ اليه او انه لا يجب عليه ان يكون رجوعه من تلك الطريق و عليه فلا بد ان تكون الغاية غير ذلك كما انّه في الحج من قابل، لا شبهة في انّه اذا كان من الطريق التي سلكها في الحج الاوّل و وقعت فيها المواقعة يجب ان يفترقا بمجرد البلوغ الى محلّ الخطيئة و استمراره الى قضاء المناسك و العود اليه على تقدير لزوم العود في الفرض الاول لكن البحث في انّه هل يجب سلوك تلك الطريق او يجوز له السلوك من طريق آخر فلا يلزم فيه الافتراق اصلا فنقول:
امّا الفرض الاوّل: فمقتضى صحيحة الحلبي و موثقة محمد بن مسلم المتقدمتين عدم اللزوم و ان الغاية في هذه الصورة هو قضاء المناسك او نفر الناس و قد عرفت اتّحاد المراد منهما لاشتمال الثانية بعد جعل الغاية قضاء المناسك و العود الى المكان الّذي اصابا فيه ما اصابا على قوله: فقلت ارأيت ان ارادا ان يرجعا في غيرذلك الطريق قال: فليجتمعا اذا قضيا المناسك(1). و اشتمال الاولى بعد جعل الغاية نفر الناس و الرجوع الى ذلك المحلّ على قوله: قلت ارأيت ان اخذا في غير ذلك الطريق الى ارض اخرى يجتمعان؟ قال: نعم(2). فانّ المراد من الجواب في كلتيهماهو جواز الرجوع من غير ذلك الطريق و تحقق الغاية بمجرّد قضاء المناسك.
و امّا الفرض الثاني: فالتعبير الوارد في صحيحة زرارة المتقدمة التي هي العمدة في لزوم التفريق في الحج الثاني بعد الحكم بلزوم الحج عليهما من قابل في صورة كونهما عالمين قوله (عليه السلام) فاذا بلغا المكان الذي احدثا فيه فرّق بينهما حتى يقضيا نسكهما و يرجعا الى المكان الذي اصابا فيه ما اصابا(3). و من الظاهر انه لا دلالة له على
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 15.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 14.
- 3 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 9.
(الصفحة 408)
لزوم سلوك تلك الطريق حتى يتحقق البلوغ اليه بل مدلولها انه على تقديرالسلوك و البلوغ الى ذلك المكان لا بد من التفريق و مثلها صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة المشتملة على قوله: فاذا انتهى الى المكان الذي وقع بها فرّق محملاهما فلم يجتمعا في خباء واحد الاّ ان يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدى محلّه(1). فانّ ظاهرها ايضا لزوم التفريق في العام القابل اذا انتهى الى ذلك المكان لا لزوم الانتهاء اليه ايضا لعدم وجوب تحصيل شرط الوجوب في القضية الشرطية.
ثم ان هذه الرّواية كما عرفت في مقام الجمع بين الروايات يختص موردها بما اذا كان الجماع واقعا بعد منى في طريقها الى عرفات او في نفس عرفات او في طريقها الى المشعر او في نفس المشعر و عليه ففي الحج الثاني يمكن البلوغ الى محل الخطيئة فيلزم الافتراق الى بلوغ الهدي محله و يمكن ان لا يبلغ اليه كما اذا ذهب في الفرض الاول من طريق آخر الى عرفات نعم على تقدير الوقوع في نفس الموقفين يتحقق البلوغ لا محالة كما لا يخفى لكن مرّ الاشكال في اصل الرواية من جهة استظهار كونها هي الرواية الاخرى لمعاوية بن عمار المشتملة على لزوم التفريق في الحج الاوّل فقط.
الامر الثالث: ظاهر جملة من النصوص المتقدمة و كذا ظاهر من اقتصر من الفقهاء مثل الشرايع و المتن على خصوص البدنة انه لا بدل لها مع العجز عنها فيسقط لزومها و قد حكى التصريح بذلك عن ابن حمزة و سلار و انه لا بدل لها الاّفي صيد النعامة و انّما عليه الاستغفار و العزم على الاداء لو تمكن.
و المحكي عن الشيخ في الخلاف انّ من وجب عليه دم في افساد الحج فلم يجد فعليه بقرة فان لم يجد فسبع شياة على الترتيب، فان لم يجد فقيمة البدنة دراهم او
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 12.
(الصفحة 409)
ثمنها يتصدق به فان لم يجد صام عن كلّ مدّ يوما و قال دليلنا اجماع الفرقةو اخبارهم و طريقة الاحتياط.
و اورد عليه بانّ الاجماع مخدوش بخلوّ الكلمات عنه بل تصريح ابن حمزةو سلاّر بالعدم و اخبار الفرقة لم يعثر عليها الاّ ما ورد في كفارة الصيد و يرد عليه ايضا اضطراب العبارة فان الدم الواجب يشمل غير البدنة و ليس في الكلام ذكرالمدّ حتى يصوم عن كلّ مدّ يوما. و عن الفقيه و ابن ادريس وجوب سبع شياة عند عدم وجدان البدنة.
هذا و لكن في المقام روايات واردة في هذه الجهة:
منها: صحيحة علي بن جعفر المتقدمة المشتملة على تفسير الرفث بجماع النّساءحيث انّ فيها: فمن رفث فعليه بدنة ينحرها فان لم يجد فشاة(1).
و منها: ما رواه الصدوق باسناده عن ابي بصير انه سئل الصادق (عليه السلام) عن رجل واقع امرأته و هو محرم قال عليه جزور كوماء فقال: لا يقدر فقال ينبغي لاصحابه ان يجمعوا له و لا يفسدوا حجّه(2). و هذه الرواية ايضا شاهدة على ما تقدم من عدم كون المراد بافساد الرفث هو بطلان الحجّ لانّ مفادها ان عدم نحر البدنة يوجب فساد الحج مع انه من الواضح عدم كونه كذلك بل الفساد على تقديره انّما يكون مستندا الى الجماع لا ترك النحر فالمراد بالفساد هو النقصان و انحطاط درجة الحج و مرتبته و عليه فالظاهر انّ المراد بقوله: ينبغي هو الاستحبابو الرواية ـ ح ـ لا تكون مخالفة للرواية المتقدمة لعدم التنافي بين مفادهما بوجه كما لا يخفى هذا و المراد من الكوماء السمينة كما ورد في بعض الروايات توصيف الجزور بها.
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 16.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الثالث ح ـ 13.
(الصفحة 410)
و منها: ما رواه الكليني بعد رواية على بن ابي حمزة المتقدمة حيث قال: و في رواية اخرى: فان لم يقدر على بدنة فاطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدّ فان لم يقدر فصيام ثمانية عشر يوما، و عليها ايضا كمثله ان لم يكن استكرهها(1).
قال صاحب الوسائل بعد نقلها عن الكليني كذلك: و رواه الشيخ مرسلا ايضا.
و هذه الرواية بلحاظ الارسال لا مجال للاتكال عليها فاللازم الاخذ بمفادصحيحة علي بن جعفر المتقدمة و لم تثبت شهرة على خلافها هذا تمام الكلام في الصورتين الاولتين من المسئلة.
الصورة الثالثة:
ما اذا جامع بعد الوقوف بالمشعر قبل تجاوز النصف من طواف النّساءو المذكور في المتن تبعا للشرايع صحة الحج و ثبوت الكفارة عليه و في الجواهر: بلا خلاف اجده في الاوّل ـ يعني قبل الشروع في طواف النساء ـ بل الاجماع بقسميه عليه فهنا امران:
احدهما: ثبوت الكفارة و يدلّ عليه مضافا الى الاطلاقات الواردة الدالة على ثبوت الكفارة في مطلق الجماع في احرام الحجّ و قد تقدمت جملة منها بل اكثرها مثل صحيحة معاوية بن عمّار قال سئلت ابا عبد الله (عليه السلام) عن متمتّعوقع على اهله و لم يزر قال ينحر جزورا و قد خشيت ان يكون قد ثلم حجّه ان كان عالما، و ان كان جاهلا فلا شيء عليه، و سئلته عن رجل وقع على امرأته قبل ان يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينة، و ان كان جاهلا فليس عليه شيء الحديث(2)
- 1 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب الرابع ح ـ 3.
- 2 ـ وسائل ابواب كفارات الاستمتاع الباب التاسع ح ـ 1.