(الصفحة 89)
روايته عن الحلبي الذي يكون اطلاقه منصرفا الى عبيد الله بعيدة غير معهودة في الاخبار ثم قال في آخر كلامه المحكى: «و بالجملة فالاحتمالات قائمة على وجه ينافي الحكم بالصحة و اعلاها كون الرّاوى على بن ابي حمزة فيتضح ضعف الخبر».
و اجيب عن المناقشة بان الظاهر ان ذكر «عليّ» في السند اشتباه و المصرح به في النسخة الجديدة من التهذيب و الاستبصار «الحلبي» فقط فالاشتباه انما وقع من النّساخ.
و بان الظاهر ان المراد من حمّاد هو حمّاد بن عثمان الذي يروي عن الحلبي كثيرا و ما ذكره المنتقى من ان الحسين بن سعيد لا يروي عنه فهو غير تام فانه قد روى عنه في بعض الموارد و ان كان قليلا.
و يمكن ان يكون المراد به هو حمّاد بن عيسى و عليه فالمراد من الحلبي هوعمران الحلبي لا عبيد الله و دعوى كون المراد من اطلاقه هو الثاني ممنوعة اذ قد يطلق و يراد به عمران.
مع انه لو سلم ان الراوى هو علىّ فلم يقم دليل على ان المراد به هو على بن ابي حمزة فيمكن ان يكون المراد به بل الظاهر انّه هو على بن يقطين او علىّ بن المغيرة ثم قال المجيب: لا ينبغى الريب في صحة السند.
اقول: و يؤيد ما ذكره المجيب ما افاده سيدنا الاستاذ العلامة البروجردى (قدس سره) في كتاب تنقيح اسانيد التهذيب من ان الحسين بن سعيد قد روي عن حماد بن عثمان في كتاب التهذيب ثلاث روايات و ان كانت روايته عن حماد بن عيسى كثيرة جدّا تزيد عن مأتين.
مع ان حمّاد بن كليهما واقعان في الطبقة الخامسة و الحسين من الطبقة السابعة فان لم يمكن له النقل عن ابن عثمان لم يمكن له النقل عن ابن عيسى ايضا و قد
(الصفحة 90)
حقق في محلّه امكان النقل و ان كان الطبقة السادسة واسطة بين الطبقتين.
هذا و لكن التحقيق ان المراد من حمّاد هو حماد بن عيسى و الراوي هو علي بن ابي حمزة البطائني و ذلك لانه مضافا الى وحدة متنها مع متن رواية علي بن ابي حمزة المتقدمة و ان كان بينهما اختلاف يسير ذكر صاحب الوسائل بعد نقل رواية على بن ابي حمزة باسناد الشيخ عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن اسماعيل عن صفوان عنه قال: «و باسناده ـ يعنى الشيخ ـ عن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى عن على بن ابى حمزة مثله» و ظاهره كون الرواية بعينها قد رواها علىّ المذكور و قد روى عنه حماد بن عيسى و قد روي عنه الحسين بن سعيد فيدل ذلك على ان الشيخ رواها في التهذيب بالسند المذكور في موضعين غاية الامر انه اقتصر في احد النقلين على اجمال السند و التعبير ب حمّاد فقط و علىّ كذلك و فصل في النقل الاخر بالتصريح بابن عيسى و بابن ابي حمزة و عليه فكمايظهر المراد من السند و يرتفع الاجمال و لا يبقى للمناقشة و الجواب عنها مجال اصلا يظهر عدم كونها رواية اخرى غير رواية علي بن ابي حمزة المتقدمة بل الظاهر اتحادها معها و عدم التعدّد بوجه و المفروض ضعف سندها و ما في ذيل الوسائل المطبوعة الجديدة من ان الشيخ (قدس سره) روى هذه الرواية عن على بن ابي حمزة و هو عن ابي الحسن (عليه السلام) و عليه فلا تتحد مع رواية الحلبي بوجه لانها مروية عن ابيعبد الله (عليه السلام) فلا مجال للاتحاد يبعّده مضافا الى انه لو كان كذلك لكان اللازم على صاحب الوسائل الاشارة اليه بل جعلها بصورة رواية مستقلة لوضوح تعدد الرواية باعتبار تعدد الامام المروىّ عنه و المسئول عنه مع ان ظاهرها مجرد الاختلاف في السند ليس الاّ انّ علي بن ابي حمزة مع سؤاله عن الصادق (عليه السلام) هذه المسئلة و ضبطها و نقلها على من يروي عنه من الرّواة و هو صفوان في الرواية لا يبقى وجه لسؤاله نفس هذه المسئلة من الامام المتأخر و نقلها
(الصفحة 91)
على حمّاد بن عيسى كما لا يخفى اذ لا موجب لتكرار السؤال فكما انه لا وجه للتكرار عن امام واحد لا وجه له بالاضافة الى الامامين او ازيد و عليه فالظاهر كما في الوسائل من كون الرواية مروية عن الصادق (عليه السلام).
ثم انه لو كانت الشهرة الفتوائية المحققة بين القدماء من الفقهاء موجودة لكانت جابرة للضعف على ما هو مقتضى التحقيق و لكن الظاهر عدم ثبوتها و ان الشهرة بين المتأخرين و لكن حيث ان رواية ابي بصير موثقة و ان كان الراوي عنه سماعة و هو واقفى و المختار حجّية خبر الثقة و ان لم يكن اماميّا عدلا، فاللازم الحكم على طبقها و الفتوى على وفقها.
الجهة الثانية: في انه لا شبهة في ان نهوض الرواية المعتبرة على حكم يقتضى لزوم الاخذ به و ان كان على خلاف القاعدة نعم لو كانت على خلاف حكم العقل لكان اللازم التصرف فيها و حملها على ما لا يخالف حكم العقل بوجه كماانه يوجب التصرف في ظاهر الكتاب و عليه فينبغي البحث في المقام في هذه الجهة و ان الدليل الدال على صحة نذر الاحرام قبل الميقات موقعه ما ذا؟ فنقول:
انّ هنا ثلاثة انواع من الدليل.
النوع الاوّل: الدليل الدالّ باطلاقه على عدم صحة الاحرام قبل الميقات في حال النذر ايضا مثل ما في صحيحة الحلبي المتقدمة: لا ينبغي لحاج و لا معتمر ان يحرم قبلها و لا بعدها فان مقتضى اطلاقه عدم الصحة في حال النذر بحيث لو لم يكن ما يدل على صحته فيه لقلنا بعدم الصحة نظرا الى الاطلاق.
النوع الثاني: ما يدل على اعتبار الرجحان في متعلق النذر و انه مع عدمه لا يكاد ينعقد و لا يجب الوفاء به.
النوع الثالث: ما دلّ على صحة نذر الاحرام قبل الميقات مثل موثقة ابي بصيرالمتقدمة.
(الصفحة 92)
و الجمع بينها يمكن بوجهين:
احدهما: جعل الدليل الثالث مقيّدا لاطلاق الدليل الاوّل و الحكم بانه في مورد النذر لا يقتضي الدليل الاوّل البطلان و لازمه ان يقال بثبوت الرجحان في الاحرام قبل الميقات غاية الامر ابتلائه بوجود مانع يرتفع بالنذر.
ثانيهما: حفظ الاطلاق في الدليل الاول و الحكم بعدم ثبوت الرجحان في الاحرام قبل الميقات بوجه و ـ ح ـ ان قلنا بان المراد من الدليل الثاني هو اعتبار الرجحان في نفس المتعلق مع قطع النظر عن تعلق النذر بحيث كان المعتبر هوثبوت الرجحان في المتعلق في نفسه و في جميع الحالات كصلوة الليل ـ مثلا ـ فاللازم ان يقال بان الدليل الثالث يكون بمنزلة المخصّص بالاضافة الى الدليل الثاني و يكون مقتضى الجمع عدم اعتبار الرجحان في الاحرام قبل الميقات اذا تعلق النذر به.
و ان قلنا بان المراد منه هو اعتبار الرجحان و لو كان جائيا من قبل النذر و ناشيا من تعلّقه فربما يقال ـ كما قال به صاحب المستمسك (قدس سره) بالاستحالة نظرا الى ان صحة النذر مشروطة بمشروعية المنذور فلو كانت مشروعيته مشروطة بالنذر لزم الدور.
و الجواب عنه ان المشروط بمشروعية المنذور و رجحان المتعلق انّما هي صحة النذر لا مطلق الصحة بل الصحة المطلقة و من جميع الجهات بمعنى انّ النذر الصحيح من سائر الجهات اذا أريد وقوعه صحيحا من جميع الجهات فاللازم اشتماله على رجحان المتعلق كاشتراط صحة الصلوة بالطهارة ـ مثلا ـ و امّا مايتوقف عليه الرجحان فليس هى الصحة المطلقة بل الصحة مع قطع النظر عن رجحان المتعلق بمعنى انّ النذر اذا كان صحيحا من سائر الجهات ينشأ منه رجحان المتعلق و يترتب عليه الرجحان فالاختلاف متحقق و الدور غير واقع.
(الصفحة 93)
فانقدح انه لا يلزم من الالتزام بصحة النذر المذكور محذور اصلا.
الجهة الثالثة: في ان مفاد دليل الصّحة هو كون المحلّ الذى تعلق النذربالاحرام منه بمنزلة الميقات و ان الاحرام منه يكون كالاحرام من الميقات يترتب عليه آثاره فشروع الحج او العمرة انما يتحقق بنفس ذلك الاحرام و عليه فلا يجب بعد تحقق الاحرام منه، المرور على الميقات او محاذيه كما انه لا يجب تجديد الاحرام اذا مرّ على احدهما و ان كان الاحوط المرور عليه و تجديد الاحرام منه خروجا من خلاف من عرفت.
الجهة الرّابعة: في انه لا شبهة في انّ القدر المتيقن من مورد المشروعية و الجواز، مااذا كان المنذور الاحرام من مكان معين كالكوفة و خراسان على ما ورد في الروايات فانه و ان لم يكن للعنوانين خصوصية على ما هو المتفاهم عند العرف بل يكون الحكم شاملا لجميع الامكنة المعيّنة الاّ ان خصوصية المكان المعين لا دليل على الغائها بعد كون الحكم على خلاف القاعدة للزوم الاقتصار في التقييد او التخصيص على القدر المتيقن فيما اذا تردد بين الاقل و الاكثر فالقدر المتيقن هو المكان المعين و عليه فلو نذر الاحرام قبل الميقات من دون تعيين مكان خاص فالظاهر انه لا دليل على مشروعيته و صحته.
و امّا لو نذر الاحرام من الكوفة او البصرة بنحو الترديد الذى مرجعه الى التخيير بينهما فقد نفى البعد فى المتن عن الصحة و ان احتاط بالخلاف و لكن الظاهر انه لا فرق بينه و بين نذر الاحرام قبل الميقات بنحو الاجمال و الابهام لعدم شمول دليل المشروعية له ايضا و لم يعلم وجه الفرق بين الصّورتين بعد خروج كلتيهما عن مورد الدليل.
الجهة الخامسة: في ان مقتضى اطلاق السؤال و ترك الاستفصال في الجواب انه لا فرق بين كون الاحرام الذى تعلق النذر بانشائه من مكان قبل الميقات احرام
|